بدلا من الأردن.. لهذا ترغب إسرائيل بإدارة السعودية للمسجد الأقصى
تزايدت المخاوف الإسرائيلية مما تسميه "الدور التركي بالقدس" خلال الفترة الماضية، حيث عملت "تل أبيب" على وضع مخططات لعرقلة وجود أنقرة في المسجد الأقصى وشرق القدس المحتلة، فيما كشفت تقارير عن مباحثات سعودية إسرائيلية لتحجيم دور تركيا واستبداله بموطئ قدم للرياض.
وتناول الكاتب إسماعيل ياشا في مقالة نشرتها صحيفة ديرليش بوسطاسي التركية التقارير التي تحدثت عنها صحيفة "إسرائيل هيوم" -المقربة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو- والتي تطرقت إلى محادثات سرية أجريت بين إسرائيل والسعودية منذ ديسمبر/كانون الأول 2019، لمنح الرياض موطئ قدم في إدارة المسجد الأقصى المبارك.
وقال ياشا: إن صحيفة إسرائيل هيوم زعمت أن هناك محادثات سرية جرت بين تل أبيب والرياض تحت إشراف الولايات المتحدة بشأن إدارة المسجد الأقصى.
تسريبات إسرائيلية
وذكرت أيضا أنه خلال الاجتماعات الجارية منذ ديسمبر/كانون الأول، نوقشت مسألة حضور ممثلين عن المملكة في مجلس المؤسسات الإسلامية المسؤول عن المسجد الأقصى.
كما ذكرت الصحيفة أن كبير الدبلوماسيين السعوديين قال: إن المؤسسة الإسلامية الأردنية الأولى في هيكل المجلس يعارض بشدة أي تغيير في شرق القدس لكنه مؤخرا غير رأيه بشأن زيادة أنشطة تركيا الأقصى.
وتابع: أن "وصاية الأردن على المسجد الأقصى مبنية على القانون الدولي واتفاقية وادي عربة للسلام الموقعة مع إسرائيل عام 1994، ويتم تعيين أعضاء مجلس المؤسسات الإسلامية في القدس من قبل وزارة المؤسسات الأردنية".
الصحيفة أضافت أن هدف المحادثات الإسرائيلية السعودية بشأن دائرة الأوقاف في المسجد الأقصى المبارك هو أن يكون للسعودية دور المراقب للحيلولة دون المساس بمكانة الأردن.
ووفقا للصحيفة، اشترط الأردن أن تعمل السعودية على تحويل الأموال إلى الجمعيات الإسلامية في القدس، والضغط على تركيا لإبعاد الجمعيات التركية.
وأضافت أن إسرائيل والولايات المتحدة معنيتان بالدور السعودي من أجل تمرير خطة السلام الأميركية (المزعومة)، وضم أجزاء من الضفة الغربية إلى إسرائيل.
وفي الحقيقة ليست هذه المرة الأولى التي يتطرق فيها الإعلام الإسرائيلي لمثل هذه المواضيع.
ففي يونيو/حزيران عام 2108، نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية تقريرا، أكدت فيه أن دولا عربية على رأسها السعودية والسلطة الفلسطينية توجهت إلى السلطات الإسرائيلية بتحذير من الوجود التركي في منطقة شرقي القدس المحتلة.
الصحيفة التي تقصّت الموضوع، نقلت في حينه عن مصدر أمني إسرائيلي تأكيده على وصول مثل هذا التحذير، مشيرا بالوقت ذاته إلى أن "إسرائيل تتابع الموضوع عن كثب منذ عام وقبل وصول هذه التحذيرات".
وقد أشار المصدر الأمني الإسرائيلي آنذاك إلى أن ذروة الوجود التركي في القدس المحتلة كانت عام 2017. ليس ذلك فحسب بل زار القدس آلاف المواطنين الأتراك (في تلك الفترة).
أسباب وعوامل
ورأى الكاتب أن هناك عدة أسباب لمحاولة إسرائيل ضم السعودية إلى المجلس المسؤول عن المسجد الأقصى: السبب الأول، كما ذكرت هو الاستياء المتزايد من أنشطة تركيا في شرق القدس.
كذلك تريد إسرائيل تقليص عدد السكان الفلسطينيين في القدس، التي أعلنتها عاصمة لها، وتغيير وجه المدينة وبنيتها الديمغرافية.
ويقول الكاتب: إن "دعم المنظمات غير الحكومية التركية، وخاصة جمعية تراثنا، لشعب القدس يعطل لعبة إسرائيل التي تخطط لإجبار الفلسطينيين على الابتعاد عن المدينة".
لذلك، تحاول تل أبيب إقحام السعودية في المشهد المقدسي كل يوم بغية تقليص وتقنين النفوذ التركي المتزايد يوما بعد آخر.
كما أن محاولة السعودية الدخول في شراكة مع مجلس المؤسسات الإسلامية في القدس يتوافق أيضا مع المشروع المعروف باسم "صفقة القرن" (خطة أميركا المزعومة للسلام).
وثمة هدف آخر لإسرائيل وهو تعطيل دور الأردن في القضايا المتعلقة بالقدس وفلسطين عند الضرورة، بحيث أنه إذا فقدت عمان الوصاية على المسجد الأقصى، فستضعف يدها في المفاوضات مع المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين.
ويقول الكاتب: "ليس سرا أن هدف إسرائيل النهائي هو تدمير المسجد الأقصى وبناء ما يسمى بمعبد سليمان، بيد أن تل أبيب وهي قادمة صوب هذا الهدف تسعى لعرقلة تركيا التي تحول دون تحقيقه".
تريد إسرائيل تحقيق ذلك عبر التعاون مع السعودية وتصفية شخصيات صلدة مثل خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري وتلميع شخصيات سعودية مثل ربيع المدخلي الذي دائما ما يهاجم الثورات العربية ويصطف لجانب أنظمة تشابه النظام الراهن في الرياض وهو دور من الواضح أن المملكة تعده أولوية، يقول الكاتب.
ويضيف: "الفلسطينيون يدركون ما تريد إسرائيل أن تفعله في المسجد الأقصى من خلال المملكة العربية السعودية ولهم رأي يرفض هذه المحاولات".
وقال عزام الخطيب، مدير عام المسجد الأقصى: إن ادعاء الصحيفة الإسرائيلية بأن "الأردن وافق على تعيين ممثلين سعوديين في مجلس المؤسسات الإسلامية ليس صحيحا".
وتابع: "سواء أعطت عمان الضوء الأخضر لمثل هذه الخطوة أم لا، فمن المؤكد أن لدى إسرائيل خطة لتسليم إدارتها إلى المملكة العربية السعودية حتى تصل إلى هدفها النهائي".
وفي 4 يونيو/حزيران 2020، أكدت تركيا موقفها الداعم لدور الأردن في حماية الأماكن المقدسة في مدينة القدس المحتلة.
جاء ذلك في بيان للسفارة التركية لدى عمان؛ ردا على تقارير إعلامية إسرائيلية، تحدثت عن محاولات من بعض الدول لمنازعة الأردن في دوره بحماية المقدسات الإسلامية بالقدس.
وقالت السفارة: "نرى أن بعض التعليقات التي وردت في الإعلام في الآونة الأخيرة حول وصاية الأماكن المقدسة في مدينة القدس، ليست إلا إشاعة تهدف إلى تشتيت الأنظار عن الاستعدادات للضم (ضم أجزاء من الضفة الغربية إلى إسرائيل) الذي يتعارض مع القانون الدولي".
وتابعت: تدعم "تركيا بقوة دور عمان في حماية الأماكن المقدسة"، و"نؤمن بأن الأردن يقوم بتحمل مسؤوليته على أفضل وجه".