أشهرهم بطل "الاختيار".. فنانون تغنوا بجيش مصر وتهربوا من التجنيد

أحمد يحيى | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

وفق المادة 49 من القانون المصري رقم 127 لسنة 1980 "يعاقب كل متخلف عن مرحلة الفحص أو التجنيد متى تجاوز سنه الثلاثين عاما، بالحبس وغرامة لا تقل عن 3 آلاف جنيه ولا تزيد على 10 آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين".

ويعرف "التخلف عن التجنيد" بأنه "امتناع الفرد المطلوب لأداء الخدمة العسكرية الإلزامية، عن تقديم نفسه إلى منطقة التجنيد والتعبئة المختصة، فور طلبه وحتى إتمام سن الامتناع عن أدائها".

الطريف أن بعض الفنانين الذين تصدروا بطولة مسلسلات درامية تمجد في بطولات ونضال وتضحيات الجيش المصري، هم من المتخلفين أصلا عن أداء الواجب الوطني، وممن تهربوا من الخدمة العسكرية الإلزامية وفق القانون.

أبرز هؤلاء الفنانين، أمير كرارة، الذي جسد شخصية أحمد المنسي ضابط الجيش الذي قتل في سيناء، كرارة متهرب من أداء الخدمة العسكرية، التي يتغنى بمفاخرها، وبعض المطربين استمروا على نفس النسق، عندما قدموا الأغاني الوطنية، بينما تقاعسوا وتهربوا عمدا من أداء واجبهم الوطني.

هارب "الاختيار"

في 23 مايو/ آيار 2020، كتب المواطن المصري "مؤمن سلام"، تدوينة على فيسبوك، شاهدا على هروب الفنان أمير كرارة، بطل مسلسل الاختيار، من أداء الخدمة العسكرية قائلا: "الشهيد أمير كرارة هربان من الجيش وكان معايا في المحكمة العسكرية من 10 سنين واتحكم عليا وعليه".

مسلسل "الاختيار" الذي اعتبره نظام عبد الفتاح السيسي رمزا للوطنية، يروي قصة وفاة العقيد أحمد المنسي، وجسد فيه كرارة دور منسي، بأجر وصل إلى 11 مليون جنيه (نحو 700 ألف دولار) مرتفعا بخمسة ملايين عن أجره العام الماضي في الجزء الثالث من مسلسل "كلبش" الذي جسد فيه دور ضابط شرطة أيضا.

كرارة أثار جدلا وسخرية واسعة، عندما نشر عبر حسابه بفيسبوك، قائلا: "قسما بالله وبحق الأيام المفترجة دي اللي هقوله دا حصل بعد أذان الفجر.. نمت حلمت بـ (منسي) جالي لابس تيشرت السيل الزرقاء، والبنطلون البيچ الباجي وحاطط ايدو في جيبو وبيضحكلي بيقولي إيه الأخبار يا صاحبي، قلت له مبسوط يا منسي، ضحك وقالي مبسوط! دا أنا فرحي فوق النهار ده يا صاحبي". 

مصطفى قمر

لم يكن أمير كرارة هو الفنان الوحيد، الذي تهرب من التجنيد، بل سبقه مجموعة أخرى من رواد المجال الفني على مدى السنوات السابقة.

بعد الانقلاب العسكري في 3 يوليو/ تموز 2013، بأيام قليلة، غنى مصطفى قمر بعض الأغاني الوطنية تأييدا للانقلاب الذي قاده الجنرال عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع، على رئيسه المنتخب محمد مرسي. 

وفي 26 مارس/ آذار 2018، شارك قمر في الانتخابات الرئاسية، وأعلن أمام اللجان أن صوته سيذهب للسيسي، قائلا حينها: "أقل شيء أقدمه لبلدي المشاركة بصوتي في الانتخابات، وهذا واجب قومي". 

أما الواجب القومي الحقيقي بأداء المطرب للخدمة العسكرية، تبين أنه تهرب منه، وفي عام 2015، نشبت خلافات بين المطرب مصطفى قمر وشقيقته، مما جعلها تتقدم بمستند للجهات المختصة يفيد بتهربه من أداء الخدمة العسكرية.

وتبين للمحكمة أن قمر كان خارج البلاد خلال الفترة المطلوب فيها تجنيده، وأنه عندما عاد كان تخطى الثلاثين من عمره، وأغلقت القضية، ومن الحيل المشهورة للتهرب من الخدمة العسكرية، أن يظل الشاب خارج البلاد حتى يتخطى السن القانونية (30 سنة) ثم يعود ليدفع غرامة مالية، ويكون بذلك قد أسقط عن نفسه مهمة الانخراط في الجندية الإلزامية.

تامر حسني

في عام 2006، صدر حكم بالسجن عاما على المطرب تامر حسني، بعد اتهامه في قضية تزوير شهادة الجيش للتهرب من التجنيد، لكنه قضى في السجن العسكري 6 أشهر بسبب تخفيف العقوبة بعد قبول الالتماس الذي قدمه للمسؤولين لتخفيض العقوبة.

ويعد تامر حسني، من جيل الشباب، ومع اندلاع ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، تعرض تامر لاعتداء من قبل الثوار، عندما ذهب إلى ميدان التحرير محاولا إقناعهم بالعودة لبيوتهم، وظهر في مقطع مصور وهو يبكي في الميدان.

وفي 5 ديسمبر/ كانون الأول 2014، خلال حفل افتتاح أولمبياد ذوي الاحتياجات الخاصة بالقاهرة، وقف تامر حسني بعد أداء الفاصل الغنائي الخاص به، ليقدم تحية خاصة إلى السيسي.

وفي 4 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، شارك في احتفال عقد خصيصا لأبناء شهداء القوات المسلحة، في عيد الفطر، بحضور السيسي، وقدم فيه تامر حسني مجموعة من الأغاني، عن بطولات رجال الجيش، متناسيا تهربه من أداء الخدمة العسكرية.

"أوكا" و"أورتيجا"

ومن الذين تهربوا أيضا المطرب هيثم شاكر، وكان في نفس قضية تامر حسني عام 2006، بتهمة التزوير والتهرب من أداء الخدمة العسكرية، وحبس لمدة عام كامل. 

وفي أبريل/ نيسان 2017، اكتشفت سلطات مطار القاهرة الدولي، تهرب المطربين، محمد صلاح، الشهير بـ "أوكا"، وأحمد متولي الشهير بـ "أورتيجا"،  من الخدمة العسكرية، أثناء سفرهم إلى دبي، لاستخراجهم قيدا عائليا "مزورا".

ولم يتقدم "أوكا و أورتيجا" بأي مستند يفيد تأديتهما للخدمة العسكرية، ولم يحصلا على أي موقف رسمي خاص بهما سواء بالإعفاء أو التأجيل، لذلك تم اقتياد المطربين إلى النيابة العسكرية للتحقيق معهما بتهمة تزوير أوراق رسمية والهروب من الخدمة العسكرية، حتى أفرجت عنهما النيابة بعد حبس دام لمدة 40 يوما.

وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2017، ألقت مباحث قسم شرطة المعادي، القبض على المطرب رامي صبري، من محل مسكنه بمنطقة المعادي، عقب صدور قرار ضبط وإحضار له لتهربه من أداء الخدمة العسكرية، وتم تسليمه إلى الشرطة العسكرية.

أوكا وأورتيجا

انعدام التمييز

الصحفي المصري محمد مجدي قال: "هناك حالة من عدم التمييز بين الأعمال الدرامية، والواقع الحقيقي، فالممثل الذي يقوم بدور بطل من أبطال القوات المسلحة، أو رمز من رموز المجتمع، لا يعبر بالضرورة عن الحالة الوطنية، ولا يحق له أن يحتكر المصطلحات الوطنية، ليخدم بها الأجندة السياسية للنظام والحكومة، وكأنه هو الذي قام بالبطولات، ودفع الثمن من حياته ودمائه، بينما هو مجرد ممثل يتقاضى أجرا مرتفعا مقابل ما يقوم به".

وأضاف مجدي لـ"الاستقلال": "وبالتالي فإن فئة الفنانين والمطربين، وغيرهم مثل بقية فئات المجتمع، تسقط في أخطاء، مثل التهرب من أداء الخدمة العسكرية والضرائب، بالإضافة إلى المشكلات المالية والأخلاقية، والفساد القائم على المحسوبية، ومدى درجة القرب من السلطة، وهو ما حدث ورأيناه واقعا أثناء ثورة 25 يناير، عندما نزلوا إلى الميادين ينادي بعضهم بقتل الثوار وحرق الميدان، فهل كان هذا من الوطنية في شيء؟". 

وأردف: "الفن حاليا في مصر، مثله كمثل بقية الأدوات الإعلامية، ما هو إلا صوت للحاكم، ولا يعبر عن الشعب ومشكلاته الحقيقية، وهو أمر يحتاج إلى إصلاح، فقديما رأينا أفلاما مثل (ضد الحكومة - زوجة رجل مهم - أريد حلا) غيرت في واقع مرير كان يعيشه المواطن المصري، واستجيب لها، لدرجة أنها تسببت في تغيير بعض أحكام قوانين الأحوال الشخصية في مصر".

واختتم الصحفي المصري حديثه: "الأمر الأخطر في كل ذلك، أن يستخدم الفن، ولغة الفنانين حاليا في الانقسام المجتمعي، وتعزيز الفرقة بين المجتمع، واستعمال لغة التخوين والعمالة التي أصبحت دارجة لدرجات مخيفة، نحن نحتاج في هذه المرحلة إلى أصوات أكثر عقلانية، وفن يحمل رسالة لتطوير المجتمع وتنمية وعيه وثقافته".