توقعات متشائمة.. كورونا قد يخلف آثارا مدمرة تستمر 10 سنوات

12

طباعة

مشاركة

يواصل فيروس كورونا التنقل بين دولة وأخرى، مخلفا الكثير من الآثار السلبية على مختلف مناحي الحياة وأهمها بلا شك القطاع الاقتصادي، حيث أن التوقعات بشأن النمو العالمي ليست جيدة سيما الاقتصادات الرائدة في العالم، بعضها ضمن الأكثر تأثرا بالوباء.

الكاتب إيردال تنانس كراغول قال في مقالة بصحيفة يني شفق التركية: إنه وفي الربع الأول من العام (2020)، شهدت الصين انكماشا اقتصاديا تاريخيا بنسبة 6.8 بالمئة لأول مرة منذ 28 عاما، حيث حدث آخر انكماش عام 1992.

 كما انكمش الاقتصاد الصيني بنسبة 9.8 بالمئة في الربع الأول من العام 2020 مقارنة بالربع الأخير من العام السابق. وقدر صندوق النقد الدولي نمو الاقتصاد الصيني بنسبة 1.2 بالمئة في عام 2020، في وقت كانت توقعات النمو قبل انتشار الفيروس بنسبة 6 بالمئة.

بطبيعة الحال، يقول الكاتب: "سنشهد معدلات نمو منخفضة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإيطاليا والعديد من البلدان الأخرى، التي أصبحت الآن مركزا للوباء، حيث شهدت بعض الدول نموا سلبيا في الربع الأول، ويتوقع أن "يتقلص النمو أيضا في الربع الثاني".

وعلى الرغم من أن التوقعات بشأن الربع الثالث متفائلة، إلا أن اللقاح ضد الوباء لم يتم تطويره بعد، ما ينذر بإمكانية ظهور كورونا مرة أخرى في الخريف، وهو ما قد يؤثر على الربعين الثالث والرابع.

وعليه، فهناك سيناريوهات مختلفة فيما يتعلق بمدى تأثير الوباء على الاقتصادات، وعدم اليقين والتوقعات لتغير الظروف الاقتصادية، والأهم من ذلك، يتساءل الكاتب: متى سيبدأ النمو الاقتصادي مرة أخرى، أي كيف سيحدث الانتعاش؟.

4 سيناريوهات

وفقا لسيناريو V، يتقلص الاقتصاد العالمي في الربعين الأول والثاني من عام 2020، وستقتصر الانكماشات في الاقتصاد العالمي على الربعين الأولين مع عودة الحياة لطبيعتها التي ستبدأ بعد الربع الثاني.

 ويتنبأ شكل "V" الأحدث بالتعافي السريع بعد الانكماش السريع. وهذا السيناريو هو الأقل تكلفة للاقتصاد العالمي.

 أما سيناريو U فيشير إلى أن الأضرار الناجمة عن الانكماش في الاقتصاد العالمي ستستمر لفترة أطول وسيحدث الانتعاش بشكل أبطأ. 

في هذا السيناريو، من المتوقع أن يكون تأثير الانكماش في الربعين الأول والثاني مع تأثير التفشي في الأرباع الأخرى. لذا، فإن احتمالية التعافي في الاقتصاد طويلة وبطيئة، الأمر الذي يجعل 2020 سنة خاسرة.

أما السيناريو W، فنتيجته أنه "بعد الانكماش في الاقتصاد في الربعين الأولين، سينخفض تأثير الوباء وسيدخل الاقتصاد العالمي عملية الانتعاش مع بدء خطوات التطبيع الجديدة".

ومع ذلك، إذا كان من المرجح أن يبدأ التفشي مرة أخرى، سيما وأن الوصول للقاح لم يتم بعد؛ فإن الانتكاس، خاصة في الربع الرابع، سيؤدي إلى تقلص الاقتصادات مرة أخرى كما هو الحال في الربعين الأولين. لذلك، فإن هذا السيناريو يشير إلى أنه ستكون هناك عملية وعرة في الاقتصادات مثل الحرف "W".

السيناريو "L" هو الأسوأ، وتم إنشاؤه على أساس افتراض أن النمو في الاقتصادات ينخفض بشدة ولا يحدث لفترة طويلة؛ ولكن بناء على الحالة الطبيعية التي بدأت وستتواصل بعد الفيروس يمكننا القول: إن هذا السيناريو لن يكون ممكنا.

ويتابع الكاتب: "على الرغم من أن الوباء لا يزال مستمرا، يمكننا أن نتوقع أنه مع العودة الطبيعية في بعض البلدان، سيكون هناك تحسن".

ومع الدعوة لاتخاذ خطوات للتطبيع الاقتصادي، يقول الكاتب: "لم يتم توضيح مسألة كم وكيف ستتعافى الاقتصاديات بسبب أوجه عدم اليقين الخطيرة مثل الاستهلاك والاستثمار والتصدير والسياحة والقيود بين البلدان".

والأهم من ذلك، أن السيطرة على الفيروس لا تعني أن هذا التفشي قد انتهى. لذلك، فترة عودة الحياة لطبيعتها لن تكون مثل فترة ما قبل الفيروس.

آراء تشاؤمية

لكن في المقابل، ثمة آراء أكثر تشاؤما تحدثت عنها صحيفة "duvar" (الجدار) نقلا عن الصحفي نوريل روبيني والملقب بعراف الأزمات والذي قال بأن الأزمة ستستمر مدة عشر سنوات موضحا ذلك في عشرة بنود.

وبيّن أن أزمة 1929 كان لا مناص منها وقد وصفت أيامها بفترة الكساد الكبير وكذا الأمر ينسحب على أزمة الفيروس الراهنة. وقد ذاع صيت روبيني في أيام أزمة 2008 وتحققت الكثير من تنبؤاته وقتها. 

وأشار روبيني الذي تنبأ بالأزمة الاقتصادية تلك بأنه كان هناك مشكلة في سداد قروض الإسكان في الولايات المتحدة قبل عامين من حدوث الأزمة عام 2008.

وأشار إلى وجود اتجاهات مقلقة ومحفوفة بالمخاطر في الاقتصاد العالمي قبل الوباء؛ ولفت إلى سيناريو حرف L، والذي يعني أزمة صعبة وطويلة الأجل، أمر محتمل للغاية. وفيما يلي تنبؤاته العشرة في هذه المسألة: 

1. ستؤدي أزمة الديون إلى الإفلاس: 

من المتوقع أن يزيد العجز من مخاطر أزمة الديون والإفلاس، كما أن التدابير المتخذة لمكافحة الوباء تزيد بالفعل من عجز الميزانية، بينما مستويات الدين العام مرتفعة وغير مستدامة في العديد من البلدان.

ويشير فقدان الدخل للعديد من الأشخاص والشركات إلى أن ديون القطاع الخاص ستصل أيضا في مستويات غير مستدامة، وهو ما يمكن أن يسبب إفلاسا جماعيا. لذلك، على عكس الانتعاش السريع بعد أزمة عام 2008، قد يحدث ركود طويل الأمد.

2. ستزيد نفقات الصحة في الخارج من الديون:

العامل الثاني هو القنبلة الديموغرافية في البلدان المتقدمة حيث يبين الوباء أنه ينبغي إنفاق المزيد على النظم الصحية. كما سيزيد تمويل النفقات الصحية من الديون، حيث أن السكان كبار السن في معظم البلدان المتقدمة هم الشريحة الأكبر. 

3. ستنخفض أسعار السلع وسيؤدي ذلك إلى زيادة الإفلاس: 

العامل الثالث هو زيادة خطر الانكماش (انخفاض في المستوى العام للأسعار). حيث يسبب تفشي الفيروس ركودا عميقا، فضلا عن انهيار الأسعار في السلع مثل النفط والمعادن الصناعية وهذا يمكن أن يسبب انكماشا في كل من المنتجات والأجور وهذا يزيد من مخاطر الديون والإفلاس. 

4. ستنهار قيم العملات وستكون بمثابة ركود: 

العامل الرابع هو الانخفاض في قيم العملات. في الوقت الذي تحاول فيه البنوك المركزية مكافحة الانكماش وتجنب مخاطر ارتفاع أسعار الفائدة، فإن السياسات النقدية ستذهب أبعد من الأشكال التقليدية. 

ستحتاج الحكومات إلى طباعة النقود على المدى القصير لسد الفجوة ومنع الاكتئاب. ومع ذلك، فإن العودة من العولمة وصدمة العرض الدائمة بسبب زيادة الحمائية ستجعل الركود التضخمي (مزيج من الركود وارتفاع التضخم) أمرا لا مفر منه.

5. ستؤدي الرقمنة إلى زيادة البطالة وتخفيض المعاشات:

الزيادة في الرقمنة ستعمق التدهور الاقتصادي، فبينما يفقد الملايين من الناس وظائفهم، ستنخفض الأجور ويزداد عدم المساواة في الدخل والثروة.

وستنجذب الاقتصادات المتقدمة لسلسلة توريدات إنتاجية من المناطق منخفضة التكلفة إلى المناطق مرتفعة التكلفة ومع ذلك، سيؤدي هذا إلى زيادة الأتمتة (التشغيل الآلي) وسيولد ضغطا هبوطيا على الأجور. وفي النتيجة من هذا كله ستزداد الشعبوية والقومية وكراهية الأجانب.

6. سيتم تشديد القيود من أجل الحماية: 

العامل السادس هو رفض العولمة. سوف يسرع الوباء اتجاهات التفكك ومن أكثر الدول التي ستصاب به الصين والولايات المتحدة.

وبعد تفشي المرض، سيتم تشديد القيود على تداول المنتجات والخدمات ورأس المال والعمالة والتكنولوجيا والبيانات والمعلومات.

7. ارتفاع عدد السكان: 

يستفيد القادة الشعبويون من الضعف الاقتصادي والبطالة الجماعية وزيادة التفاوت في معظم الحالات في بيئة من انعدام الأمن الاقتصادي المتزايد.

وسيزداد الميل إلى إظهار الأجانب كمسؤولين عن الأزمة وسيصبح العمال من ذوي الياقات الزرقاء والأقسام الكبيرة من الطبقة الوسطى أكثر استجابة للخطاب الشعبوي، ولا سيما القيود المفروضة على التجارة واللاجئين.

8.  الانفصال بين الولايات المتحدة والصين سيكون عنيفا:

سيزداد الفصل الجغرافي الإستراتيجي بين الولايات المتحدة والصين وسيتصاعد الاختلاف في سياسات التجارة والتكنولوجيا والاستثمار والمعلومات والسياسة النقدية بين البلدين.

9. إمكانية اندلاع اشتباكات عسكرية وسيبرانية:

سيؤدي الانفصال الدبلوماسي إلى حرب باردة جديدة بين الولايات المتحدة ومنافسيها وأبرزهم الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية ويزداد خطر الحرب السيبرانية وقد يتحول هذا إلى صراع عسكري.

 بما أن التكنولوجيا هي السلاح الرئيسي في السيطرة على الصناعات المستقبلية ومكافحة تفشي المرض، فإن شركات التكنولوجيا الخاصة في الولايات المتحدة ستصبح بشكل متزايد جزءا متزايدا من نظام الأمن القومي.

10. يمكن حل الأزمة بالكاد في 2030 أو السنوات التي بعدها: 

الخطر الأخير هو التدهور البيئي، الذي يمكن أن يتسبب في أضرار اقتصادية أكثر بكثير من الأزمة المالية. إن أزمة المناخ، مثل فاشيات الأمراض، هي كوارث سببها الناس ومن أهم عواملها ضعف معايير الصحة والنظافة، وتلف النظم الطبيعية يؤدي إلى هذه الكوارث. 

يمكن أن تتسبب هذه المخاطر العشر في عاصفة لا تشوبها شائبة قد تجر الاقتصاد العالمي إلى 10 سنوات يائسة ولكن في عام 2030، قد تقلل التكنولوجيا والقيادة السياسية الأكثر مهارة من هذه المشكلات أو تتمكن من حلها.