حلفاء إيران في العراق تعهدوا بإسقاطه.. هل يلقى الزرفي مصير علاوي؟

يوسف العلي | 5 years ago

12

طباعة

مشاركة

فجّر تكليف الرئيس العراقي برهم صالح، للنائب في البرلمان عدنان الزرفي بتشكيل حكومة انتقالية، غضبا واسعا بين القوى السياسية الشيعية الحليفة لإيران، وصلت إلى حد اتهام صالح والزرفي، بالتحرك ضمن دائرة "مؤامرة" تقودها الولايات المتحدة.

5 قوى شيعية قريبة من إيران تمتلك نحو 125 مقعدا في البرلمان من أصل 329، تعهدت بمنع منح الثقة لكابينة الزرفي الوزارية، وطالبت الرئيس بسحب ترشيحه، كونه يخالف الدستور وقفز على خيار الكتلة الأكثر عددا في البرلمان التي يحق لها ترشيح رئيس للحكومة، بحسب بيان لها.

وفي ظل رفض أغلب القوى الشيعية باستثناء كتلتي "سائرون" المدعومة من مقتدى الصدر، و"تحالف النصر" الذي ينتمي إليه، ويقوده رئيس الحكومة السابق حيدر العبادي، تدور تساؤلات حول إمكانية الزرفي من المضي قدما في إجراء حواراته مع الكتل السياسية السنية والكردية وحتى الشيعية لتشكيل حكومته.

دستورية التكليف

دخلت القوى الشيعية في سجال مع الرئاسة حول دستورية تكليف الزرفي من عدمه، ففي وقت أكدت فيه المحكمة الاتحادية دستورية التكليف طبقا للمادة 76 من الدستور، تمسكت الكتل الرافضة بتفسير لمجلس القضاء الأعلى كان قد طعن بصلاحية المحكمة الدستورية، وبالتالي إسقاط رأيها القانوني في الموضوع.

وفي حديث لـ"الاستقلال" قال مختار الموسوي النائب في البرلمان عن تحالف "البناء" الذي يضم معظم القوى الرافضة لترشيح الزرفي: "الرئيس برهم صالح عندما كلف الزرفي في 17 مارس/آذار 2020، كان لدية 5 أسماء مرشحة منهم: محمد السوداني وأسعد العيداني وهيثم الجبوري، لم يكن عليهم اعتراض كبير".

وأضاف الموسوي: "كان بالإمكان أن يحرج برهم صالح الأطراف الشيعية جميعا بهذه الأسماء، وألا يفرقهم كما حصل بترشيحه لعدنان الزرفي".

وبخصوص دستورية تكليف الزرفي، قال الموسوي: "رئيس الجمهورية ليس لديه صلاحية تكليف رئيس وزراء دون مشاورة الكتلة الأكبر (الشيعة)، فتحالف البناء سيلجأ إلى القانون للضغط على برهم صالح لسحب تكليف الزرفي لأنه كان مخالفا للقانون".

لكن أستاذ القانون الدستوري بجامعة بغداد، منعم خميس، رأى أن الكتل السياسية التي أعلنت رفضها لـ"طريقة برهم صالح في اختيار رئيس الوزراء، عدنان الزرفي"، ليس أمامها خيارات كبيرة.

وأكد خميس في تصريحات صحفية: أن "برهم صالح بصفته رئيسا للدولة، استوفى مقتضيات المادة 76 من الدستور، سواء مع محمد توفيق علاوي، أو مع عدنان الزرفي، وكلاهما تم تعيينهما بناء على مقترحات من الكتل".

وأشار إلى أنه في حالة رفض البرلمان منح الزرفي الثقة، سيكون برهم صالح مضطرا للمرور إلى المادة (81) لاختيار شخص بشكل مستقل عن الكتل، وإذا استمرت في رفضها، فسيحل البرلمان والدعوة إلى انتخابات عامة، كما توضح المادة 64 من الدستور.

ويمكن إجمال القوى الشيعية الرافضة للزرفي بكل من: تحالف "الفتح" (يمثل أغلب فصائل الحشد الشعبي) بقيادة هادي العامري، ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، كتلة العقد الوطني بقيادة فالح الفياض، تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم، والمجلس الأعلى العراقي برئاسة همام حمودي.

وعن دستورية تكليف عدنان الزرفي، الذي تعتبره هذه الكتل "غير دستوري"، قال أستاذ القانون الدستوري في جامعة بغداد: "هذا الطرح أختلف معه جملة وتفصيلا".

وأوضح قائلا: "وفقا لنص المادة 76 من الدستور، وصلاحيات المحكمة الاتحادية وفقا لنص المادة 93 ورأيها أيضا، كلها معطيات واضحة في مدى دستورية التكليف. أما مسألة التشكيك بمشروعية المحكمة فهذا لا يلغي منطقيا التفسير".

فرص نجاحه

وفي خطوة جديدة لاستبعاد الزرفي، قررت القوى الشيعية ترشيح 3 شخصيات أكاديمية بديلة عن رئيس الوزراء المكلف، لكنها لم تحصل على إجماع حتى الآن.

وقالت مواقع محلية: إن "القوى الشيعية رشحت 3 شخصيات أكاديمية بديلة عن الزرفي، وأرسلت الأسماء لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر من أجل التوافق على واحد منها. وفي حال فشل الاتفاق سيمضي الزرفي".

وذكرت أن الأسماء المطروحة هم: أحمد الغبان رئيس الجامعة التكنولوجية، ومنير السعدي رئيس جامعة العين (كربلاء) سابقا، ومحسن الظالمي رئيس جامعة الكوفة سابقا".

وحول فرص تمرير الزرفي في البرلمان، جزم المحلل السياسي وائل الركابي في حديث لـ"الاستقلال" بصعوبة تمرير حكومة الزرفي، "لأن ذلك سيفقد الشيعة حقهم بالمستقبل في اختيار رئيس الوزراء".

وأوضح الركابي أن الرئيس أراد من خلال ترشيح الزرفي أن يؤسس لمرحلة جديدة في الانتخابات التشريعية المقبلة، تفقد البيت الشيعي أحقيته في منصب رئيس الوزراء، وهذه الخطوة قد تهدد السلم الأهلي.

وتوقع المحلل السياسي أن يعتذر الزرفي عن تشكيل الحكومة كما فعل من قبله محمد توفيق علاوي، لأنه إذا لم يفعل ذلك فإنه سيسقط في البرلمان بسبب اتساع الكتل الرافضة، وربما تلتحق بهم القوى الكردية والسنية.

أما الكاتب الصحفي العراقي فلاح مشعل، فغرد على تويتر قائلا: "رئيس الحكومة المكلف عدنان الزرفي إذا استطاع أن يكسب السنة والأكراد وثلث الشيعة، فإنه يستطيع أن يُمرر حكومته بعكس ما فعل محمد توفيق علاوي".

وفي تغريدة أخرى، رأى مشعل أن "عدنان الزرفي شخصية شجاعة وحازمة ويتمتع بكاريزما قوية وهو المطلوب للعراق في هذه المرحلة. لماذا تنهمك بعض الشخصيات الشيعية بمعارضته برفضه؟".

أسباب الرفض

وانتهاء من تساؤل الكاتب، بخصوص الإصرار الشيعي على رفض الزرفي، يقول رئيس مركز "التفكير السياسي" الدكتور إحسان الشمري: "الفصائل المسلحة حليفة إيران تعتقد أنه شخصية أميركية، ولذلك هم قلقون من أن يمضي الزرفي باتجاه تقويض نفوذهم في عموم البلاد، وحصر سلاحهم".

وأضاف الشمري في تصريحات صحفية: أن "الفصائل الشيعية قلقة من أن يعيد الزرفي التوازن في العلاقات بين أميركا وإيران، وهذا يمثل خطرا كبيرا بالنسبة لهم، ولذلك تصاعدت أصواتهم بالرفض".

وأكد المحلل السياسي العراقي: أن مشكلة الزرفي تكمن "في القوى السياسية الشيعية، فهم يجدون فيه مصدر قلق، وبالتالي ستستمر هذه الاعتراضات، إلا في حال تقديمه ضمانات وفق شروطهم، وبما يتلاءم مع مصالحهم".

وفي السياق ذاته، كتب المحلل السياسي إياد عنبر على حسابه بفيسبوك قائلا: "تكليف عدنان الزرفي بتشكيل الحكومة، دلالته السياسية أكبر دليل على كسر منظومة الاحتكار السياسي لجيل كامل من الأحزاب".

وشدد عنبر على أن "الأهم من ذلك دائرة الاحتكار لم تكسر، إلا بفضل التظاهرات ودماء شهدائها ومواقف الصمود البطولية لشبابها".

وعرف الزرفي الذي يحمل الجنسية الأميركية بتأييده للاحتجاجات الشعبية وانتقاده الحاد لقتل المتظاهرين، وانتشار السلاح بين المليشيات المسلحة، ويعرّف الزرفي نفسه بأنه "وطني ديمقراطي يؤمن باستقلال العراق من كل التبعيات الأجنبية ويدعو إلى عراق موحد تلغى فيه الفوارق المذهبية والقومية ويقوم على أساس المواطنة".

ويقول عن نفسه أيضا: إنه "يُؤْمِن بتطوير الاقتصاد الوطني ورفاهية المواطن الاقتصادية، يؤمن بأن العراق بلد عربي إسلامي يلعب دورا مهما في استقرار وبناء المنطقة العربية والإسلامية ويكون نقطة توازن لحفظ مصالح المنطقة".

وعبر رسالة شديدة اللهجة، خاطب زعيم مليشيا "عصائب أهل الحق" الرئيس العراقي، قائلا: "ناقضت نفسك لأنك ستعرض السلم الأهلي للخطر والقوى المعترضة وجمهورها لن تسمح بتمرير مرشحك (عدنان الزرفي)".

وأضاف: "لقد خالفت مطالب المتظاهرين الذين يشترطون في المرشح ألا يكون شخصية حزبية ولا مجربة"، متوعدا رفض الزرفي بالقول: "تمرير مرشحك دونه خرط القتاد ولن تتسبب بفعلك هذا إلا بإضاعة الوقت".

ومنذ مطلع أكتوبر/ تشرين الأول 2019، يشهد العراق احتجاجات غير مسبوقة، تخللتها أعمال عنف خلفت أكثر من 600 قتيل وآلاف المصابين، وفق رئيس البلاد برهم صالح، ومنظمة العفو الدولية.

وأجبر الحراك الشعبي حكومة عادل عبدالمهدي، على تقديم استقالتها في ديسمبر/كانون الثاني 2019، ويُصر المتظاهرون على رحيل ومحاسبة كل النخبة السياسية المتهمة بالفساد وهدر أموال الدولة، والتي تحكم منذ إسقاط نظام صدام حسين في الغزو الأميركي للبلاد عام 2003.