"كتائب حزب الله".. تعرف على أخطر المليشيات الشيعية بالعراق

يوسف العلي | 5 years ago

12

طباعة

مشاركة

أشغلت "كتائب حزب الله" في العراق، الأوساط الشعبية والرسمية، بعد اتهامات وجهتها إلى رئيس الجمهورية برهم صالح ورئيس جهاز المخابرات مصطفى الكاظمي، بمساعدة واشنطن في اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس.

هذه ليست المرة الأولى التي تهاجم المليشيات الموالية لإيران، قادة الدولة العراقية، إذ هددت في وقت سابق بطرد برهم صالح إذا التقى نظيره الأميركي دونالد ترامب خلال مؤتمر "دافوس"، لكن اللافت في الموضوع أن "كتائب حزب الله" لم تخضع للمساءلة والمحاسبة القانونية.

وتعرضت الكتائب يوم ١٣ مارس/آذار ٢٠٢٠، إلى ضربة أمريكية استهدفت مقار ومنشآت تابعة لها في عدة مناطق بالعراق، ما أسفر عن مقتل ستة أشخاص من المليشيا.

"فصيل شبحي"

والتطور الجديد أيضا أن جهاز المخابرات العراقي أصدر بيانا شديد اللهجة وصف فيه "كتائب حزب الله" بأنها "خارجة عن القانون"، فضلا عن حديث مواقع محلية عن اعتقالات نفذها الجهاز بحق عناصر وقيادات من المليشيات الموالية لإيران.

الخبير في شؤون الجماعات المسلحة هشام الهاشمي علق على الموضوع في تغريدة عبر "تويتر" قائلا: "ما حدث ليلة أمس (4 مارس/ آذار ٢٠٢٠) عظيم. عشرات الآلاف من المغردين وحتى الإسلاميين منهم كانوا فرحين بأخبار غير مؤكدة تحدثت عن مداهمة وملاحقة عناصر اللادولة".

وأضاف: "الكل وقف مع بيان رئاسة هيئة الحشد الشعبي الذي أكد أنه ليس هناك متحدث عسكري باسم الهيئة، وكان بيانا شجاعا أرجع للناس ثقتها بقيادة المؤسسة".

حديث الهاشمي جاء عقب تغريدات صدرت من حساب المتحدث العسكري باسم "كتائب حزب الله" اتهم فيها رئيس جهاز المخابرات مصطفى الكاظمي بالعمالة لأميركا ومساعدتهم في قتل سليماني والمهندس في 3 يناير/ كانون الثاني ٢٠٢٠.

وفي تصريحات صحفية، قال الهاشمي: إن وصف دائرة معلومات مهمة (المخابرات) في البلد لـ"الكتائب" بأنهم خارجون عن القانون، سابقة تحدث لأول مرة في العراق منذ 2014، من قبل جهات رسمية عالية المستوى مثل المخابرات والحشد التي توجهت لإصدار بيانات صريحة ومباشرة باتجاه فصيل شبحي غير معروف عنه الكثير.

ولفت إلى أن "البيانات صدرت في وقت كانت لا تستطيع أهم مؤسسات الدولة من رئاسة الوزراء نزولا إلى أدنى جهة أن تتصادم مع هذا الفصيل، وحصلت الكثير من القضايا سابقا، منها: التهجم على رئيس الجمهورية، والتوعد بإحراق البلاد إذا كُلف الكاظمي برئاسة الحكومة، وهذا تهديد بالعنف الطائفي أو المسلح في العراق".

وتحدثت "كتائب حزب الله" في العراق عن تورط مسؤولين رفيعين في الدولة، في عملية اغتيال سليماني، والمهندس، واتهمت ببيان لها صدر في 4 مارس/آذار ٢٠٢٠، إحدى الرئاسات بالعراق بالتعاون مع رئيس المخابرات بالمساعدة في قتل الاثنين، مبدية استعدادها لتقديم الأدلة لرئيس الوزراء السابق، عادل عبد المهدي حصرا.

وقالت: "إن كان هناك شك في ضلوع الكاظمي بقتل قادة النصر، فالمعلومات المتوافرة لدى أحد قادة الأجهزة الأمنية، (وهو الذي تحدث في ٤مارس/آذار) تنفي ذلك الشك، وتؤكد أنه متورط بذلك، وأن تلك الجريمة التاريخية قد تمت بعلم إحدى الرئاسات الثلاث التي سهلت هذا العمل الجبان".

وكانت "كتائب حزب الله" قد دخلت في وقت سابق في اشتباك تصريحات مع وزير الدفاع الحالي نجاح الشمري بعد حديثه عن وجود "طرف ثالث" بقتل المتظاهرين، باستخدام بنادق للقنابل المسيلة للدموع تخرق الجمام، جرى استيرادها خارج سياقات الدولة.

في المقابل اتهمت "الكتائب" وزير الدفاع بالعمالة لأميركا، ونشرت مقطعا مصورا، ظهر فيه أحد قادة الاستخبارات الخاص بها مغطى الوجه يتحدث فيه عن سيرة حياة الشمري، وكيف وصل إلى المنصب بصفقة مالية بلغت 35 مليون دولار، ودوره مع الأميركان في "إيذاء" العراقيين.

ونشرت صحيفة "الاستقلال" تقريرا سابقا عن المليشيا ذاتها، بعدما بثت في يوليو/ تموز ٢٠١٩، تسجيلا صوتيا على قناة "الاتجاه" الفضائية التابعة لها، تزعم فيه تخابر قائد عمليات الأنبار اللواء الركن محمود الفلاحي، مع عنصر من المخابرات الأميركية "سي آي إيه". وتبين فيما بعد أنها مفبركة، بحسب تصريحات رئيس الحكومة عادل عبدالمهدي.

التأسيس والتسليح

تأسست "كتائب حزب الله" في أبريل/نيسان عام 2007، بمدينة العمارة جنوبي العراق، إذ تكونت من اتحاد عدد من الفصائل الشيعية المسلحة نشأ بعضها بعد الغزو الأميركي عام 2003.

وهذه الفصائل هي: "لواء أبو الفضل العباس، كتائب كربلاء، كتائب السجاد، كتائب زيد بن علي". وكان هدف هذه الفصائل المعلن هو محاربة المحتل الأميركي، رغم أن الأحزاب الشيعية العراقية هي من ساعدت القوات الأميركية في غزو العراق.

ترى "كتائب حزب الله" أن ولاية الفقيه هي الطريق الأمثل "لتحقيق حاكمية الإسلام في زمن الغيْبة" أي غيْبة المهدي، الإمام الثاني عشر وفقا لمذهب الإثنا عشرية الشيعي، بحسب موقعها الإلكتروني الرسمي.

وترتبط المليشيا العراقية بإيران بشكل مباشر، حيث ترى في تأسيس الجمهورية الإسلامية "إنجازا عظيما" وتعتبرها مرحلة أساسية للتمهيد لإقامة "دولة العدل الإلهي وصورة من صور حاكمية الإسلام وولاية الفقيه".

وعادة ما تصدر بيانات مؤيدة للسلطات الإيرانية ومعادية ومهددة للولايات المتحدة التي أدرجتها عام 2009 على قائمتها الدولية للإرهاب. لكن بعد انسحاب القوات الأميركية من العراق في نهاية عام 2011 أصبحت الكتائب تعلن ارتباطها بالمرشد الإيراني علي خامنئي والعمل على إقامة جمهورية إسلامية في العراق على غرار إيران.

تتألف "كتائب حزب الله" المنضوية في "الحشد الشعبي"، من نحو 7 آلاف عنصر، مقسمة إلى ثلاثة ألوية عسكرية منتشرة في مناطق مختلفة من العراق، وكل لواء يتكون من 2500 مقاتل، بحسب تقرير لصحفية "القدس العربي".

وتمتلك المليشيات العراقية قوة صاروخية ومدفعية يعمل ضمنها 300 عنصر، إضافة إلى دائرة استخبارات بـ230 عنصرا، ووحدة هندسة عسكرية قوامها 600 عنصر. ولدى الكتائب "وحدة تصنيع عسكري بـ120 عنصرا ووحدة طبابة 25 عنصرا إضافة إلى قسم إعلام يتكون من 15 عنصرا، كل هؤلاء يأخذون رواتب رسمية من هيئة الحشد الشعبي".

وتفيد المعلومات التي أوردها تقرير الصحيفة بأن "القوات المنتمية للكتائب خارج الحشد الشعبي عددهم أقل من 2700 يقاتل أغلبهم في سوريا مع قوات نظام بشار الأسد وحزب الله اللبناني".

وتتهم واشنطن "كتائب حزب الله" باستهداف قواعد عسكرية عراقية توجد فيها قوات أميركية وضربها بين الحين والآخر بالصواريخ ما دعا الولايات المتحدة إلى شن غارات على مقارها وتدميرها وقتل قياديين فيها.

أبرز القادة

عاش أبرز قادة "الكتائب" في إيران، خلال مدة حكم الرئيس الراحل صدام حسين، ويستخدمون أسماء وألقابا وهمية، إذ يعتبر قادتها الميدانيون غير معروفين كونهم مستهدفين من الطيران الأميركي، لذلك يكونون بعيدين عن الإعلام حفاظا على حياتهم.

ومن الأسماء المعروفة للإعلام، أبو مهدي المهندس واسمه الحقيقي جمال جعفر الإبراهيم، الذي قتل في غارة أميركية مع الجنرال الإيراني قاسم سليماني، كان في منصب الأمين العالم للكتائب، إضافة إلى منصبه نائبا لرئيس الحشد الشعبي.

وبرز مؤخرا "أبوفدك"، واسمه الحقيقي عبدالعزيز المحمداوي، الذي كان أول أمين عام للكتائب، ففي عام 2004 وشكل مجموعات خاصة لمقاتلة الأميركان كانت مرتبطة ماليا بمنظمة بدر بقيادة هادي العامري، لكنه عاد للعمل في عام 2006 مع أبو مهدي المهندس وارتبطت مجموعاته مع مكتب الجنرال سليماني.

وكذلك، أحمد الحميداوي، ويشغل منصب الأمين العام الحالي لـ"كتائب حزب الله" الذي أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في 26 فبراير/ شباط ٢٠١٩، إدراجه على قائمة "الإرهابيين الدوليين الخاصة"، لكنه شخصية مجهولة حتى الآن ولا توجد له صورة متداولة.

كما عرف مؤخرا "أبو علي العسكري" المتحدث العسكري باسم الكتائب، لكن مختصين في شؤون الجماعات المسلحة أكدوا أن اسمه الحقيقي حسين مؤنس، وهو عضو في مجلس شورى كتائب حزب الله، ويعمل مستشارا أمنيا وعسكريا، وكان معتقلا لدى القوات الأميركية في العراق عام 2008، ولمدة 3 سنوات.

كما يعرف للكتائب متحدثون باسمها، أبرزهم محمد محيي وهو عضو مجلس مكتب سياسي فيها، والآخر جعفر الحسيني ويظهر متحدثا رسميا باسم المليشيات التي تعتبر الأكثر تشددا في العراق.

أماكن انتشارها

تنتشر "كتائب حزب الله" في مناطق غرب العراق على الحدود مع سوريا، ومناطق جرف الصخر شمال محافظة بابل وجنوب بغداد، إذ كانوا قد سيطروا على هذه المناطق خلال العمليات العسكرية التي انطلقت لاستعادة المحافظات الغربية من سيطرة تنظيم الدولة.

وقال محمد أحد سكان محافظة بابل الذي فضل الحديث لـ"الاستقلال" باسم مستعار حفاظا على حياته: إن "كتائب حزب الله تبسط سيطرتها بشكل كامل على منطقة جرف الصخر ذات الغالبية السنية، بعد تهجير كامل سكانها".

وأوضح أن المليشيات هذه جرفت منذ السيطرة على المدينة عام 2014، جميع البساتين وجعلتها أرضا منبسطة، ولا يمكن لصاحب أي بستان معرفة مكان بستانه، مؤكدا في الوقت ذاته أن الاقتراب من المدينة أمر محرّم على الجميع حتى على السياسيين والمسؤولين في الدولة.

ولفت إلى أن "جرف الصخر- تتراوح مساحتها من 50 إلى 70 كم مربع-  أصبحت المعقل الأساس للكتائب، ويعتقد أن فيها سجونا سرية للمختطفين السنة من أيام المعارك التي جرت ضد تنظيم الدولة في مختلف المحافظات السنية".

وبحسب معلوماته، فإن "كتائب حزب الله" تستغل خيرات مدينة جرف الصخر، حيث أنها تحتوي على أكبر ثروات الأسماك النهرية، مشيرا إلى أنها تدير تجارة الأسماك هناك.

"اختطاف سُنة"

وتأكيدا لما أدلى به محمد، كانت قيادات سياسية قد أعلنت في وقت سابق أن كبار المسؤولين في الدولة العراقية لا يمكنهم الدخول إلى "جرف الصخر" ومنهم رئيس الوزراء الحالي عادل عبدالمهدي وسلفه حيدر العبادي، بسبب منعهم من المليشيات الموالية لإيران.

وخلال لقاء تلفزيوني في سبتمبر/أيلول 2019، تحدى النائب في البرلمان رعد الدهلكي، رئيس الحكومة عادل عبد المهدي من الذهاب إلى "جرف الصخر" وعقد مؤتمر صحفي فيها.

وقال: إن "عبدالمهدي ممنوع من دخول منطقة جرف الصخر، وأتحداه أن يدخل المنطقة الخضراء للدولة العميقة، وهو لا يستطيع أن يعقد مؤتمرا صحفيا بالقرب منها حتى، وليس دخولها".

وقبل ذلك كشف النائب العراقي أحمد المساري على شاشة الفضائيات، أنه التقى برئيس الحكومة السابق حيدر العبادي، في منزل رئيس البرلمان السابق سليم الجبوري، وكان مستشار الأمن الوطني فالح الفياض حاضرا إلى جانب قيادات أمنية أخرى.

وقال إنه تحدث عن مصير آلاف المغيّبين، لأن أهاليهم يريدون معرفة أماكنهم، وقال: "إذا كانوا مذنبين دعوا القانون يأخذ مجراه، وإذا غير ذلك أفرجوا عنهم".

وأضاف: "قالوا ليس لدينا أي خبر عنهم، ولا نعرف هم مسؤولية من؟". وتابع رئيس حزب "الحق" العراقي: "قلنا لهم إن هناك معلومات تفيد بأنهم في جرف الصخر، فهل تستطيعون الدخول إليها للبحث عنهم. الحكومة السابقة والحالية لا تسطيع الدخول إلى هذه المنطقة، لأنها في يد جهات خارج سيطرة الدولة".

وأوضح المساري، أن "فصائل تدّعي انتماءها للحشد الشعبي، موجودة وتسيطر على جرف الصخر، وهي خارج سيطرة الدولة. لهذا لا تستطيع الدولة الدخول إلى هذه المنطقة وتفقد المعتقلات، بل حاول وزير الداخلية الأسبق محمد الغبان الدخول واعتقل، وبعد تدخل الدولة كلها، أفرج عنه".

وفي 17 مارس/آذار الماضي، اتهم عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية محمد الكربولي، كتائب "حزب الله" العراقي، باختطاف 2900 مواطن سني من الأنبار وديالى وبابل، وذلك خلال العمليات العسكرية التي شارك الحشد الشعبي إلى جانب القوات الحكومية الرسمية فيها ضد تنظيم الدولة في تلك المناطق.

وقال الكربولي، في تصريح لوكالة "الأناضول": إن "الكتائب وراء عملية اختطاف المدنيين السنة، وعناصرها يسيطرون أيضا على ناحية جرف الصخر شمالي بابل ويمنعون عودة الأهالي لمنازلهم بعدما استحوذوا عليها بالقوة". وأشار إلى أن "هذا الفصيل هو نفسه الذي اختطف الصيادين القطريين في العراق وأطلق سراحهم في أبريل/نيسان 2017".