سيطرة حفتر على منشآت النفط.. هل تدفع ليبيا إلى الاقتراض؟

12

طباعة

مشاركة

منذ أن سيطر اللواء المتقاعد خليفة حفتر على المنشآت النفطية في ليبيا وعمد إلى غلقها منتصف يناير/كانون الثاني 2020، تحول النفط، العمود الفقري للاقتصاد الليبي، إلى مركز للصراع بين الفرقاء.

وتسبب غلق المنشآت النفطية الرئيسة في كل من الهلال النفطي، وحقول شرارة والفيل في فزان (الجنوب الليبي) من قبل القوات الموالية لحفتر، بانهيار إنتاج الذهب الأسود في ليبيا بنسبة 90% في ظرف شهر واحد.

وخلّف ذلك عجزا في الميزانية الليبية قدره 1.5 مليار دولار (1.4 مليار يورو). ويعتبر ذلك ضربة قاصمة بالنسبة لبلد يمثل فيه النفط 65% من الناتج المحلي الإجمالي، ويوفر 95% من عائدات ضرائبه.

إقحام النفط

خليفة حفتر، الذي بدأ الهجوم على حكومة الوفاق الوطني الشرعية والمعترف بها دوليا، في طرابلس في أبريل/نيسان 2019، استخدم السلاح النفطي لإضعاف القاعدة المالية لخصمه، باعتبار أن معظم المنشآت النفطية الليبية تسيطر عليها الآن قوات حفتر.

وأدى إقحام حفتر ملف النفط في معركته ضد قوات الوفاق برئاسة فايز السراج، إلى انخفاض إنتاج الذهب الأسود بنسبة 90% في شهر واحد، بحسب صحيفة "لوموند" الفرنسية.

وهذا الانخفاض من شأنه أن يلقي بظلاله على السكان والاقتصاد في ليبيا على حد سواء، الأمر الذي وصفه رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط المهندس مصطفى صنع الله في حوار له مع صحيفة "لوموند افريك" بـ"الكارثة".

وأدان صنع الله "الممارسات غير القانونية التي تشكل كارثة ومأساة ذات عواقب مدمرة على ليبيا، داعيا المجتمع الدولي إلى عدم التسامح مع ذلك".

وقال في حوار مع "لوموند": إن إنتاج النفط فقد من 1.25 مليون برميل إلى 110 ألف برميل يوميا بسبب الإغلاق، وهو أمر مقلق للغاية. وبين أن هذا الحصار من شأنه أن يخلق وضعا كارثيا ويدمر الاقتصاد الليبي، خاصة وأن النفط والغاز يمثلان عموده الفقري؛ ويتم دفع أجور الليبيين وتزويد المستشفيات بالكهرباء بفضلهما. 

وتابع: أن "الوضع من الممكن أن يتدهور أكثر خلال الأسابيع والأشهر القادمة، فقد بلغ العجز الناتج عن هذا الحصار حوالي 1.5 مليار دولار في ثلاثة وثلاثين يوما، في الوقت الذي يستوجب على ليبيا زيادة وارداتها من المنتجات النفطية التي ارتفعت فاتورتها بنسبة 50%".

وأردف صنع الله: "صحيح أن لدينا احتياطات مالية لكنها ستنفد بسرعة، الأمر الذي سيدفعنا إلى الاقتراض، يا للعار".

فوضى التوزيع

وعن حديث حفتر بوجود عدم تساوي في توزيع عائدات النفط بين الغرب والشرق، قال صنع الله: "صحيح أن هناك شكوى بالتوزيع غير العادل خاصة في الشرق وسبق أن اعترفنا بذلك. ولا يمكننا الرد على هذا إلا بزيادة شفافية البنك المركزي، وهو ما دعوت إليه في عديد المرات".

لكن ذلك، وفق ما قال "لا يبرر إيقاف منشآت النفط لأنه سيؤدي إلى تدهور معاناة المواطنين الذين لديهم طاقة استيعاب محددة، كما أنه من المحتمل أن يكون لذلك عواقب وخيمة على سيادة القانون، مما يجعل البعض يميل إلى ارتكاب أعمال العنف والتطرف".

وبشأن تقييمه لرد المجتمع الدولي، قال: "لقد أصدرت بعض الدول تقارير تدين فيها ذلك وأنا ممتن لها لكن تأثريها على أرض الواقع كان ضئيلا". 

وتابع في السياق: "إذا كان المجتع الدولي يثمّن هذه الممارسات غير القانونية، فإن ما حدث في ليبيا من الممكن أن يتكرر في بلد آخر، وهو ما يعتبر سابقة خطيرة. لا يجب أن يصبح القطاع الطاقي ورقة مساومة، لأن ذلك سيضره على الصعيد العالمي". 

وحول سؤال عن مدى تأثير أزمة فيروس كورونا على النفط، قال: "لقد شهدت ليبيا انخفاضا هاما في إنتاجها بمقدار مليون برميل يوميا، بينما لا نجد أحدا يتفاعل بشكل جدي مع ذلك. أنا لا أعتبر أننا ضحايا لأزمة كورونا، لكن إذا شهد سعر النفط ارتفاعا، أعتقد أننا كنا سنرى ردود أفعال مختلفة".

وختم: "يجب على المجتمع الدولي أن يدرك أنه إذا كان يتسامح مع هذا النوع من الممارسات التي تنتهك القانون، فهو بذلك سيشجع الأطراف العنيفة ويزيح المعتدلين".