اضطهاد الإيجور.. هكذا تساهم الولايات المتحدة في إبادة قضيتهم
نشرت صحيفة "ستار" التركية، مقالا للكاتبة سيفيل إسماعيلوف، سلطت فيه الضوء على معاناة "الإيجور"، مشيرة إلى أنهم يصرخون منذ سنوات بدون صوت، في وقت تحاول فيها قوى عالمية وعلى رأسها واشنطن الاستفادة من المسألة لخدمة مصالحها بدون اكتراث لصلب المشكلة.
وعرجت الكاتبة في مقالها على تركستان الشرقية؛ المنطقة الرئيسية لتركستان، حيث وصفته بأنه "مجتمع نبيل يحافظ على قيمه وهويته الوطنية، ولكن ولسنوات عديدة، هبت رياح قوية ووحشية بين الصين وتركستان الإيجور".
المشكلة دينية
ونوهت إلى إنه ورغم أن الصين لا تضطهد جميع المسلمين وما بات يعرف بأقلية الإيجور، ولا سيما أن ما يرشح هناك من معلومات هي قليلة للغاية مع التنويه إلى أن أولئك الإيجور الذين تنازلوا عن هويتهم من تركستان والذين لم يتعارضوا مع الخط السياسي الديكتاتوري للصين، لم يمثلوا مشكلة للدولة.
وتابعت: "نعم، ليس من الصعب أن نفهم أن بنية الدولة الصينية لها منظور قاسي في حراكها السياسي، وزادها قسوة الخوف من القيم الإسلامية، وهنا يمكن التأكيد أن مسألة تقسيم العائلات عن طريق نقل مئات الآلاف من الأشخاص إلى معسكرات الاعتقال ليست كذبة ولا مبالغة، وهذا الأمر حقيقي تماما".
في المقابل ليس الجميع كذلك، حيث يواصل مئات الآلاف من الإيجور في الصين أسلوب حياتهم الطبيعي وتجارتهم وإنتاج الموسيقى والعيش دون مشاكل مع بكين، لكن المشكلة ليست هنا، وإنما المشكلة الحقيقية مع أولئك الذين يريدون أن يعيشوا بهويتهم الدينية.
ووثقت منظمة العفو الدولية باستفاضة الوضع في "شينجيانغ" طيلة سنوات عديدة ماضية وذكرت في تقريرها: "أنها أجرت مقابلات مع أكثر من 400 شخص خارج الصين، من الذين لا يزال أقاربهم مفقودين في شينجيانغ، وكذلك الأفراد الذين قالوا إنهم تعرضوا للتعذيب أثناء وجودهم في معسكرات الاحتجاز هناك. كما جمعنا أيضا صور الأقمار الصناعية للمعسكرات، وقمنا بتحليل الوثائق الصينية الرسمية التي توضح بالتفصيل برنامج الاحتجاز الجماعي".
وبررت الحكومة الصينية إجراءاتها المتشددة باعتبارها ضرورية لمنع "التطرف" الديني، وما تزعم أنه "أنشطة إرهابية". وقد تشدد موقفها من الأقليات العرقية في "شينجيانغ" منذ سلسلة من الأحداث العنيفة في العاصمة أورومتشي عام 2009، والاعتداءات بالسكين التي وقعت في محطة السكك الحديدية كونمينغ جنوب غرب الصين عام 2014.
غير أن العفو الدولية ردت بالقول: "من الصعب أن يبرر الاحتجاز التعسفي لمئات الآلاف من الناس. ففي الواقع، خلص خبراء الأمم المتحدة الشهر الماضي إلى أن سياسات الصين في شينجيانغ من المرجح أن تفاقم من أي خطر أمني".
تهوين الكارثة
ولفتت الكاتبة إلى أن بعض وسائل الإعلام، ومنها الروسية تريد أن تهون من الكارثة، بل وتضفي شيئا من البراءة والمعصومية تجاه معسكرات الاعتقال الصينية، لكنهم لن يستطيعوا إخفاء الحقائق.
وتطرقت بالحديث إلى "غوليزار" وهي فتاة تمكنت من النجاة من معسكرات الاعتقال الصينية، واصفة إياها بأنها كانت "بطلة" رئيسية في إحدى المقابلات التلفزيونية، حيث كانت تتلعثم وهي تتحدث عن موقفها، لكن سرعان ما تعود لتعديل تصريحاتها، تماما كما يفعل الطلبة في المدارس.
وأشارت الكاتبة إلى أن ما تفعله الحكومة الصينية هو تفريق الرجال عن عائلاتهم والأطفال عن أمهاتهم ومن ثم عملية غسيل دماغي لهم، في طريقة تغاير ما يسير عليه العالم أجمع اليوم، والسبب هو الإسلام، السبب هو أن هؤلاء الناس يريدون أن يعيشوا بهويتهم الإسلامية، لهذا السبب يريد بعض هؤلاء الناس الابتعاد عن المجتمع الملحد وبالتالي يواجهون مشاكل إزاء ذلك، ويقومون بالخروج من البلاد كلية سواء واحد من أفراد العائلة أو أكثر.
ونوهت إلى أنه يمكن فهم كيف تتصرف الصين بقسوة شديدة تجاه من ينتقد أو يتعرض لسياساتها في هذه المسألة عبر ردة فعلها من لاعب كرة القدم التركي مسعود أوزيل، حيث وأمام الدنيا الفسيحة كان لبكين ردود فعل مستنكرة، تجاهه وهو الذي كتب بالتركية "القرآن يتم إحراقه... المساجد يتم إغلاقها... المدارس الإسلامية يتم منعها... علماء الدين يقتلون واحدا تلو الآخر... الإخوة يتم إرسالهم إلى المعسكرات"، مضيفا "المسلمون صامتون. صوتهم ليس مسموعا"، وذلك على صورة خلفيتها مساحة زرقاء عليها الهلال والنجمة، وهو ما يعتبره الإيجور علما لـ "تركمنستان الشرقية".
وأثار تعليق مسعود أوزيل، على وسائل التواصل الاجتماعي حول الوضع السياسي في شينجيانغ، ردا غاضبا من جانب السلطات الصينية. ورفضت بكين اتهام لاعب كرة القدم في نادي أرسنال للصين بأنها تضطهد الأقلية ذات الأغلبية المسلمة من الإيجور باعتبارها "أخبارا كاذبة".
وفي هذه الأثناء، سحبت إحدى مباريات نادي أرسنال من جدول التلفاز الحكومي. وورد أن مشجعي كرة القدم الصينيين قاموا بحرق قمصان أرسنال احتجاجا على ما نشره اللاعب، في خطوة تصعيدية جديدة حذفت شركة صينية نجم أرسنال مسعود أوزيل من لعبة كرة قدم إلكترونية لنسخة الهواتف النقالة في البلاد بعد دعمه أقلية الإيجور المسلمة.
إبادة القضية
ورأت الكاتبة أن دعوة الصين للاعب التركي زيارة الصين ومراقبة معسكرات الإيجور عن قرب أمر غير منطقي البتة ولا يحل المشكلة من جذورها، وإذا كانت الصين تدعي حقا أن هذه كذبة، فعليها فتح الباب أمام المراقبين الدوليين.
من جهتها، وصفت منظمة العفو الدولية، دعوة أوزيل بالفخ، حيث قالت: "نظمت الحكومة الصينية عشرات من الجولات الدعائية الزائفة، التي تظهر وضعا غير دقيق، لأشخاص أجانب ليسوا على دراية بواقع الأمر، بينما تمنع خبراء الأمم المتحدة المستقلين من زيارة المنطقة، وتقوم بمضايقة الصحفيين الأجانب، وتصدر تعليماتها للمسؤولين المحليين بالإبقاء على برنامج الاحتجاز الجماعي طي الكتمان".
وشددت الكاتبة على ضرورة عدم إخفاء فعل ما إذا كانت هناك آلام وعذابات تعانيها الأقلية المسلمة على يد السلطات الصينية، مؤكد ضرورة عدم تسمية المسميات بغيرها، وأن لا نحاول تجميل الحقيقة المرة هناك.
وتطرقت إلى موقف الولايات المتحدة الأمريكية، حيث صرح الناطقون هناك غير مرة بضرورة توقف بكين عن إجراءاتها القمعية هناك، لكن هي بالأساس تحاول الاستفادة من تلك القضية لمصلحتها الذاتية الخالصة بدون الاكتراث لحقيقة قضية الإيجور، وبمعنى آخر تتحول الحرب التجارية بينهما إلى حرب أخرى عنوانها الإيجور، حيث تحاول أمريكا الضغط على الصين من خلال قضية تركستان الشرقية وهو ما يعمل على إبادة القضية وغياب تأثيرها عالميا.
وختمت الكاتبة مقالها بالقول: إن الصين بلد غني، اكتسب ثراءه بواسطة الولايات المتحدة، ومن الممكن أن يصبح البلاد، مركزا ماليا عالميا، لكنه لن يكون دولة، لأن الدولة بمفهومها تعمل على "إحياء" البشرية " وليس "قتل" الناس.