واحد تلو الآخر.. هذا ما يواجهه رجال ابن زايد في الخارج

5 years ago

تتساقط أذرع الإمارات واحدة تلو الأخرى، فبعد إصدار النرويج حكما بالسجن أربع سنوات ونصف بحق لؤي ديب ذراع ولي عهد أبوظبي، بتهم غسيل أموال وإدارة عمليات مشبوهة للإمارات، وجه الادعاء الأمريكي تهما عدة ضد جورج نادر ذراع ابن زايد الطولى.

إذ كشفت لائحة اتهام صادرة عن وزارة العدل الأمريكية توجيه المدعي العام اتهامات جديدة لثمانية أشخاص بينهم جورج نادر، الذي كان يعمل مساعدا لولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، ورجل الأعمال اللبناني الأصل أحمد الخواجة، في قضية التدخل الأجنبي لدى حملة دونالد ترامب للانتخابات الرئاسية عام 2016.

لائحة الاتهام التي أعلنتها وزارة العدل الأمريكية اتهمت نادر المحبوس حاليا على ذمة قضايا أخرى بالتآمر والعمل كقناة غير رسمية بين مستشاري الرئيس ترامب، حيث عرف نادر بعلاقاته مع الحلقة المقربة من ترامب، واستخدم غطاء التبرعات لإيصال مساهمات مالية بالتوازي لحملة هيلاري كلينتون، حسبما أعلنت وزارة العدل الأمريكية.

وتقول لائحة الاتهام إنه في الفترة من مارس/ آذار 2016 إلى يناير/كانون الثاني 2017، تآمر الخواجة مع نادر لإخفاء مصدر أكثر من 3.5 مليون دولار من المساهمات في الحملة الموجهة إلى اللجان السياسية المرتبطة بمرشح الرئيس الولايات المتحدة في انتخابات عام 2016، إذ ظهرت هذه المساهمات باسم الخواجة وزوجته وشركته.

وأشارت إلى أنه جرى تمويلهما من خلال جورج نادر، كما زعمت اللائحة أن الخواجة ونادر قدما هذه المساهمات في محاولة لكسب النفوذ مع شخصيات سياسية رفيعة المستوى، بما في ذلك المرشح للرئاسة إلا أنه لم يتم تسمية المرشح، إضافة إلى أن الخواجة ونادر رتبا هذه المدفوعات، كما تزعم أن الأخير أبلغ مسؤولا من حكومة أجنبية عن جهوده لاكتساب النفوذ.

وأوضحت وزارة العدل الأمريكية في لائحة الاتهام أنه في الفترة من يونيو/ حزيران 2019 وحتى يوليو / تموز الماضي، طال الخواجة تحقيق كبير من هيئة المحلفين في هذه المسألة في مقاطعة كولومبيا، إذ أنه قد تم استدعاء شاهد للإدلاء بشهادته أمام هيئة المحلفين الكبرى، وأن الخواجة زود الشاهد بمعلومات كاذبة عن نادر وعلاقته بشركة خواجة.

فك الشفرة

كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" عن أجزاء من الرسائل النصية التي تبادلها جورج نادر مع الجهة الممولة، وأظهرت الرسائل استخدام مصطلحات غير تقليدية للتمويه وإخفاء اسم الجهة الممولة ولمن تم توجيهها وطريقة إنفاقها.

ووفقا للصحيفة، فقد كتب جورج نادر المبعوث الموثوق لابن زايد، في رسالة نصية أواخر يونيو/حزيران 2016 قائلا: "سنرسل لك ملاحظة حول الأمر وفقا لتعليمات صاحب السمو"، واصفا في الرسالة دفعة "بقلاوة" بقيمة مليون دولار.

وكشفت رسالة أخرى أرسلها نادر بعد بضعة أشهر إلى صديقه أحمد الخواجة وهو رجل أعمال أمريكي من أصل لبناني جرى اتهامه في القضية بأنه "قناة المساهمات الأول غير القانونية"، قال نادر: "سأغادر في الصباح الباكر للانضمام إلى صاحب السمو، لقد أخبرته بالفعل بشأن الحدث الرائع مع أختنا"، وقد كان سعيدا ويريد أن يعرف كل شيء بشأنه شخصيا.

المصطلحات التي جرى استخدامها في الرسائل ربما لا تخفى معانيها على طفل صغير فالـ"بقلاوة" هي المساهمات أو الأموال التي حصل عليها نادر من الممول وقيمتها كانت مليون دولار، وصاحب السمو هو ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد وتم الإشارة إلى المرشحة الخاسرة في الانتخابات هيلاري كلينتون بمصطلح "أختنا"، وفق الصحيفة.

جورج نادر مع بيل كلينتون

وفيما يبدو أن المدعي العام قد حصل على أغلب المراسلات الصادرة من بريد جورج نادر، حيث توضح رسائل نصية وردت في لائحة الاتهام أن نادر أكد للخواجة وصول مبالغ مالية هائلة مخصصة للتبرعات السياسية.

وكتب نادر في رسالة بتاريخ 18 يوليو/تموز 2016 "بقلاوة طازجة مصنوعة يدويا على وشك الوصول، وصُنِعَت خصيصا لتلك المناسبة الخاصة التي تستضيفها بمنزلك في وقت لاحق من الشهر الجاري، الصينية الأولى في الطريق، بمجرد أن تتذوقها وتُعجِبُك، ستجد المزيد في الطريق إليك".  

وبعد أن تلقت شركة الخواجة تحويلا ماليا بقيمة 2.7 مليون دولار رد على الرسالة الواردة من نادر "وصلت قطع بقلاوة صغيرة. وصلت صباح اليوم 2.7 قطعة"، وبعدها بأسبوعين فقط تعهد نادر بـ "الضغط على المخبز لتحضير صينية أخرى من البقلاوة" ما يعني أنه أرسل لولي عهد أبوظبي رسالة يطلب فيها مبلغا جديدا لزيادة التمويل.

كما أظهرت اللائحة اتهام نادر بتوزيع أكثر من 3.5 مليون دولار على شكل تبرعات غير مشروعة من خلال الخواجة وتم توجيه جزء من المبلغ في البداية للسيدة هيلاري كلينتون وحلفائها الديمقراطيين خلال حملة عام 2016 وذلك لشراء إمكانية الوصول والتأثير في واشنطن، وبعد فوز ترامب تم توجيه الجزء الآخر للإدارة الأمريكية من أجل كسب الدعم مشيرة إلى أن الدعم المالي المحتمل جرى تقديمه من حكومة أجنبية لم تذكر اسمها.

جورج نادر مع ترامب

وفسرت الصحيفة الأمريكية ما جاء في لائحة الاتهام المؤلفة من 64 صفحة، بالقول: إن الحكومة التي لم تذكر اسمها هي الإمارات العربية المتحدة حيث يمتلك نادر شركة تجارية وقريب من ولي العهد.  واستولى المحققون على الأجهزة الإلكترونية من جورج نادر في 17 يناير/كانون الثاني 2018 ، وفقا لوزارة العدل.

محاولة وقحة

نقلت "نيويورك تايمز" عن نقاد أمريكيين أن المخطط المحدد في لائحة الاتهام هو واحد من أكثر المحاولات الوقحة في الذاكرة من قوة أجنبية لشراء النفوذ خلال الانتخابات، مشيرة إلى أن جماعات الضغط تساهم بشكل روتيني في الحملات، إلا أنه نادر ما يكون هناك ارتباط بين رئيس دولة أجنبية وهذه الجماعات المتهمة بالتهرب من قوانين تمويل الحملات.

وذكرت أن ولي العهد المعروف على نطاق واسع باسم "MBZ" يعد من أكبر المنفقين الأجانب على الأشكال القانونية للتأثير من توظيف جماعات الضغط المسجلة لتمويل مراكز الفكر والرأي، لكنها عادت لتشير إلى ما فعله ابن زايد من خلال نادر وشركائه بأنه أحدث مثال لحليف أمريكي ظاهري يسعى لتشكيل السياسة الأمريكية من الداخل، وهو أكثر إثارة للانتباه.

مدير "مبادرة الشفافية في التأثير الأجنبي بالمركز غير الحزبي للسياسة الدولية" بن فريمان يقول: إن الإمارات هي رمز صناعة التأثير الأجنبي ككل. وأضاف: "حليف مزعوم للولايات المتحدة انتهك بشكل مباشر قوانين تمويل الحملات الأمريكية لتوجيه أموال لسياسيينا، هذا هو الجنون بالنسبة لي".

انكشاف وجه جديد

يعتبر أحمد الخواجة المعروف باسم آندي وهو أمريكي من أصل لبناني يجيد خمس لغات بينها العربية، أحد الوجوه الجديدة التي استخدمها ابن زايد للعبث في الغرب ولم تكشف أي تقارير سابقة عن أنشطته، إلا أن التحقيقات في قضية التمويل الأجنبي للانتخابات الأمريكية وعلاقته بجورج نادر الذي يتم استجوابه في هذه القضية كان لهما أثر كبير في الكشف عن علاقة الخواجة بولي عهد أبوظبي.

آندي خواجة عمل مع جورج نادر

ولا تعد الاتهامات الأولى التي يتم توجيهها للخواجة فسبق أن اتهمته لجنة التجارة الفيدرالية أكثر من مرة بمساعدة مواقع إلكترونية غير قانونية في غسل الأموال وانتهت الاتهامات مرتين بالتسوية بالتنازل عن مبلغ 13 مليون دولار عام 2009 وقصر في بيفرلي هيلز بقيمة 15 مليون دولار في 2018.

كما أن الخواجة لم يقدم أي تبرع سياسي قبل عام 2015، حيث التقى جورج نادر في هذا العام خلال زيارة للإمارات.

ربما تكون هذه الزيارة كانت بداية لعلاقة مع ابن زايد من خلال نادر، حيث أرسل الخواجة خطابا في هذا العام إلى ولي عهد أبوظبي يطلب فيه مقابلته، ليعرض عليه خطط شركته لنقل خبرتها في مجالات التكنولوجيا والتعليم والخدمات المالية إلى الإمارات".

ومع أنه لم يتضح ما إذا كان مثل هذا اللقاء قد تم بالفعل، إلا أن الخواجة بدأ محادثات مع نادر حول مشروع تجاري. وخلال الوقت نفسه تقريبا، بدأ الخواجة التبرع بمئات الآلاف من الدولارات للحملات الديمقراطية.

واستطاع أن يؤمِّن لنفسه صلاحية الوصول إلى جميع الفعاليات التي تضم هيلاري كلينتون وكبار مستشاريها وضمن ذلك حفل عشاء لجمع التبرعات بمنزل الخواجة مع بيل كلينتون في يونيو/حزيران 2016- وكثيرا ما دعا نادر للحضور.

جورج نادر في السجن

في الثالث من يونيو/حزيران 2019، أعلن المدعون الاتحاديون في الولايات المتحدة إلقاء القبض على جورج نادر الذي كان شاهدا رئيسيا في التحقيق الذي أجراه المحامي الخاص روبرت مولر في روسيا، وجرى توقيف نادر عقب وصوله إلى مطار جون إف كينيدي الدولي، ووجهت له النيابة العامة في فيرجينيا تهما بـ"نقل صور مرئية للقصر الذين يمارسون سلوكا جنسيا واضحا".

وبحسب لائحة الاتهام، فإن نادر يواجه عقوبة بالسجن تتراوح بين 15 عاما و40 عاما كحد أقصى في حالة ثبوت الإدانة، كما سبق اتهامه والاعتراف بنفس التهمة في عام 1991، حسبما ذكرت وزارة العدل الأمريكية.