الإندبندنت: محمد علي صوت المصريين الذي كشف خطايا السيسي
وصف الكاتب البريطاني الشهير روبرت فيسك، رجل الأعمال المصري محمد علي، بأنه "صوت الشعب المصري" في مواجهة نظام عبد الفتاح السيسي.
وأجرى فيسك حوارا مع المقاول الذي يعيش في الخارج، قال فيه: إن "محمد علي يغضب الجنرال عبد الفتاح السيسي، الرجل الذي أسقط أول رئيس مدني ينتخبه المصريون إبان ثورة 25 يناير، من خلال بث فيديوهات من منفاه الذاتي في إسبانيا".
وبين فيسك في مقاله بصحيفة الإندبندنت البريطانية أن محمد علي "يوجه انتقادات لاذعة للجنرال ويسخر منه ومن أسلوب حكمه الديكتاتوري الذي أحال حياتهم إلى جحيم، وإن رحل، لن يكون هناك خطر على أي مصري".
وأكد أن المقاول ذو الـ 45 عاما، اعترف له بعيدا عن التواضع الذي يظهره بأنه يتمنى لعب دور السيسي ولو ليوم واحد (..) وصف السيسي بأنه فاسد ومفسد يقود مجموعة من الضباط الفاسدين هو الأقرب للحقيقة.
بماذا يطالب؟
ويطالب محمد علي السيسي بدفع تعويضات للمصريين عن القصور التي بناها هو وأسرته من أموال الشعب المصري، في الوقت الذي يدّعي فيه رئيس النظام قضاءه على الفساد بل وحماية مصر من "الإرهاب الإسلامي". ويصف السيسي أحاديث محمد علي بالأكاذيب.
وأشار فيسك إلى أن محمد علي الممثل الذي كانت أفلامه في السابق فاشلة حتى فيلمه الذي أنتجه وأنفق عليه ما يقارب مليون جنيه إسترليني لم يحظ بمشاهدات عالية، إلا أنه في الوقت الراهن ومنذ أن بدء في بث فيديوهات مناهضة للسيسي أصبح بطلا شعبيا لدى فئة كبيرة من المصريين.
ولكن منذ الوهلة الأولى التي تتحدث فيها مع محمد علي تستشعر لماذا هو يملك هذه الشعبية الطاغية، "حيث يقول لي في حوار تليفوني: كنت رجل أعمال ثم ممثل، لدي الكثير من المال، وأستطيع أن أجوب أوروبا سياحة، أستخدم فقط تليفوني المحمول وعلبة السجائر في الفيديوهات التي أبثها".
وتابع محمد علي: "أنا طوال عمري رجل غني، أحاول دائما أن أكون الصوت الذي يدفع الناس إلى النزول للشوارع والتظاهر ضد السيسي، ولو احتشد المصريون بكثافة، لن يكون هناك أي خطر على حياة أي منهم ولن يستطيع السيسي أن يقتلهم بهذا العدد".
اعتقالات سبتمبر
ويضيف فيسك: في آخر شهر سبتمبر الماضي احتشد الآلاف من مؤيدي ومناصري محمد علي في الشوارع في احتجاجات نادرة ضد حكم عبد الفتاح السيسي منددين بحكمه الفاسد والديكتاتوري، مطالبين بإسقاطه ونظامه ومرددين هتافات من نوعية "قول متخافش، السيسي لازم يمشي"، "والشعب يريد إسقاط النظام" التي استوحوها من هتافات المصريين في ثورة يناير 2011.
ثم ما لبثت قوات الأمن أن أطلقت الغاز المسيل للدموع لمواجهة المتظاهرين أعقبتها بأكبر حملة اعتقالات في صفوف ليس فقط المتظاهرين ولكن وجهتها ضد القلة القليلة الباقية من المعارضين خارج السجون من كافة التيارات.
ينفي السيسي دوما وجود أي معتقلين سياسيين في مصر، إلا أن تقارير منظمة العفو الدولية والمنظمات الحقوقية المشابهة ترجح وصول عدد المعتقلين السياسيين هناك إلى 60 ألف معتقل والعدد في تزايد مستمر.
ويشعر محمد علي بأنه مسؤول أخلاقيا عن المعتقلين الذين اعتقلتهم السلطات في نهاية شهر سبتمبر/أيلول الماضي لأنه هو صاحب دعوة المصريين للنزول والتظاهر ضد السيسي.
ويعترف محمد علي قائلا: "لم أكن منظما ولم أتوقع مثل هذه الاستجابة السريعة من المصريين لدعوتي للتظاهر ضد السيسي، لكن في الوقت الحالي أحاول أن أعيد التنظيم للتأثير الذي أدركته لي عند المصريين، ففي البداية كنت فقط أشكو من الحكومة، ولم أدرك أني أمتلك مثل هذا التأثير".
بداية القصة
ويتابع: "أردت بعد ذلك أن نرى كيف يمكن أن يكون لنا هدف موحد مشترك وأن نتكلم بنفس الصوت واللغة. عندما قدمت نفسي للمرة الأولى، لم يكن غالبية المصريين يعرفونني أو يثقون في، وكانت وسائل التواصل الإجتماعي هي السبيل لتحقيق ذلك".
ويشير فيسك في مقاله إلى أن الفيديوهات التي نشرها محمد علي حظيت بمئات الآلاف من المشاهدات وإعادة النشر منذ بداية نشره للفيديوهات في الثاني من سبتمبر/أيلول الماضي.
وادعى محمد علي في هذه الفيديوهات أن السيسي وزوجته كانا يستمتعان في قصرهما الجديد الذي تبلغ تكلفته ملايين الدولارات في حي الحلمية بالقاهرة في ديسمبر/كانون الأول 2012 عندما كان الناس يموتون في شوارع المدينة في احتجاج خارج قصر مرسي الرئاسي في أحداث الاتحادية.
واتهم القادة العسكريين بالتعاقد معه لبناء فيلا رئاسية خارج الإسكندرية مقابل 10 ملايين جنيه إسترليني، حيث يمكن للسيسي وعائلته قضاء إجازتهم بمناسبة عيد الفطر.
كما اتهم علي شخصيات بارزة في حاشية السيسي بإقامة فندق فخم للمخابرات العسكرية في منطقة الشويفات في القاهرة الجديدة والتي تحوي العديد من مخالفات المباني، حيث كان محمد علي المقاول الرئيسي للمشروع الذي يقول إنه تكلف حوالي 74 مليون جنيه إسترليني.
في أثناء ذلك، نشر العديد من معارضي النظام فيديوهات مناهضة لحكم السيسي، تحدد حالات الفساد المزعوم من قبل جهاز المخابرات العسكرية المنقسم في مصر.
وكان السيسي رئيس الاستخبارات العسكرية حتى عام 2012، عندما جرى تعيينه وزيرا للدفاع من قبل مرسي. ورد السيسي قائلا: إن مزاعم الفساد داخل الجيش والحكومة كانت بمثابة تشهير وأكاذيب.
الإخوان المسلمون
قد يكون جزء من شعبية محمد علي أنه لا يتظاهر بأنه رجل ثوري ولكنه في فبراير/شباط 2011، عندما جرى الإطاحة بحسني مبارك، كان لا يزال يعمل في الجيش كمقاول، و"لم يلعب أي دور في الثورة" ، كما يقول.
ويقول علي عن محمد مرسي أول رئيس مدني لمصر: "لقد كان رجلا طيبا لكنه كان ساذجا، كنت من أوائل الأشخاص الذين وصلوا إلى ميدان التحرير للاحتجاج ضده، الشيء الذي أثار حفيظتي ضد مرسي، أنه كان يطلب صراحة وجود خلافة إسلامية في مصر، ما كنت أريده هو دولة حديثة"، وفق تعبيره.
هذه طريقة داهية للتهرب من أي تعاطف مع جماعة الإخوان المسلمين، يقول فيسك: "من المؤكد أن أولئك الذين ما زالوا مستعدين للمطالبة بإنهاء نظام السيسي لا يسعون لمصر إسلامية". ويضف محمد علي: "أريد أن أرى مصر كدولة أوروبية تحترم شعبها ونظامها السياسي".
ويتابع: "هذه هي تجربتي في أوروبا، وأنا أحب التعاون الذي يظهره الناس بين بعضهم البعض، الناس منفتحون على بعضهم والحدود مفتوحة".
ويكمل في نفس السياق: "أشعر بالأمان والحماية، أريد أن يتم تنفيذ هذه الأشياء في مصر. البحر المتوسط يفصلنا بطريقة ما. إن فهمي لدعم الحكومات الأوروبية لحكومة السيسي هو مجرد تحقيق للمصالح".
ابتزاز سلطوي
واعتبر أن السيسي ذكي بما فيه الكفاية لتحويل وجوده في السلطة إلى واحد من اهتماماتهم، كنوع من الابتزاز: "أنتم يا أوروبيين سيغزو بلادكم طوفان من المهاجرين من مصر ما لم أظل في السلطة". ولكن العكس هو الصحيح، استمرار السيسي سيفتح طوفانا من المهاجرين إلى أوروبا، الناس فقراء للغاية، حتى الحصول على المياه العذبة أصبح الآن أمرا صعبا، يقول علي.
ويضيف أن السيسي الذي تنقصه الحكمة، رفض نصائح المخابرات والأجهزة الأمنية بعدم الرد على ما ذكرته من اتهامات، ولكنه أصر علي الرد وعقد مؤتمرا للشباب خصيصا للرد على كلامي واعترف فيه بما ذكرته بل وأكد وقائع الفساد في تشييد القصور الرئاسية.
إضافة إلى ما ارتكبه السيسي من أخطاء، فقد داهمت قوات الأمن المصري موقع مدى مصر الإخباري واعتقلت رئيس تحرير الموقع وصحفيين آخرين.
وأصدرت النيابة العامة في مصر بيانا ذكرت فيه أن التحريات الأمنية أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن موقع مدى مصر ينتمي لتنظيم الإخوان المسلمين مما أثار سخرية ليس فقط المصريين ولكن امتدت السخرية إلى الساسة والصحافة العالمية، مما دفع بوزيري خارجية الولايات المتحدة وألمانيا إلى الخروج بتصريحات تطالب السيسي بضمان حقوق الإنسان وحرية الصحافة بلاده.
وبالعودة إلى الحوار مع المقاول، يقول علي: "كل ما أطلبه هو الحرية والمساواة في مصر، أنا لا أطلب السلطة لنفسي، فهناك أشخاص مؤهلون أكثر مني لقيادة البلد".
وأصبح لمحمد علي الممثل غير الناجح مكانه الصغير في التاريخ، فهو أول من يظهر خطايا نظام السيسي المستبد والفاسد، وفق الصحيفة.