إيكونوميست: هل بدأ السيسي قمع الأقباط في مصر؟
حذرت مجلة إيكونوميست البريطانية، من وصول قمع رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، للأقباط المسيحيين، في خضم حملة شرسة يخوضها النظام ضد أي معارضة.
وقالت المجلة في افتتاحيتها 29 نوفمبر/تشرين الثاني: "يحاول النظام المصري سحق أي شكل آخر من أشكال المعارضة، حيث ألقت الشرطة القبض هذا الشهر على الناشط القبطي رامي كامل، واتهمته بالإرهاب بسبب عمله لتوثيق الهجمات على المسيحيين، والتي غالبا ما تمر دون عقاب".
وكانت قوات الأمن المصرية قد اعتقلت قبل أيام الناشط القبطي، من داخل منزله فجرا، ووجهت له النيابة تهم الانضمام إلى جماعة "الإخوان المسلمين" التي تصنف على إنها "إرهابية" في مصر.
وأبدت المجلة تخوفها من أن تطال هذه الحملة، الاقتصاديين الذين يشككون في الرواية الرسمية للإنجازات التي يزعم السيسي أنه حققها، محذرة من أن يجدوا أنفسهم أمام استعداءات في أمن الدولة للتحقيق معهم.
في المقابل عرضت الحكومة في وقت سابق من هذا الشهر، جولة في سجن طرة، الذي يشتهر بتعذيب السجناء، ونشرت صورا مبالغ فيها تظهر وسائل الترفيه والرعاية، الأمر الذي أثار غضب المصريين وسخريتهم.
مدى مصر
وأثارت الحملة الأمنية المشددة استياء وغضب المصريين والمراقبين للشأن المصري. وفي هذا السياق سلطت المجلة الضوء على اقتحام السلطات مقر موقع "مدى مصر" المستقل، وقالت: إنه يشكل دليلا دامغا على خوفها من الصحافة المستقلة.
وجاء الاقتحام بعد نشر الموقع تحقيقا عن إبعاد محمود السيسي، ابن الرئيس المصري إلى روسيا وتهميش دوره في جهاز المخابرات العامة المصرية، وذلك بعد فشله في إدارة عدد من الملفات أهمها قضية رجل الأعمال محمد علي.
وذكرت المجلة أن الصحفيين في موقع مدى مصر كانوا يتساءلون في أواخر نفس الشهر عن سبب اعتقالهم حتى الآن، على اعتبار أن المرحلة الحالية في مصر هي أسوأ عصور الصحافة المستقلة بشكل خاص و حرية التعبير وحقوق الإنسان في مصر عموما.
وفي هذه الآونة، عملت إحدى شركات الأسهم الخاصة المرتبطة بخدمات الأمن، على اختراق الصحف ومحطات التلفزيون التي تحظى بشعبية كبيرة، حيث أصبحت الدولة وأجهزتها الأمنية مسيطرة على معظم وسائل الإعلام، بالإضافة إلى أن النظام يُملي عناوين الصحف للمحررين.
وقبيل فجر يوم 23 نوفمبر/تشرين الثاني، اعتقل ضباط بملابس مدنية شادي زلط، وهو أحد محرريها، في شقته بالقاهرة ،على الرغم من عدم وجود أمر من النيابة العامة المصرية بالقبض عليه.
الشيء الذي أثار سخرية المصريين والمتابعين للشأن المصري هو صدور بيان من النائب العام المصري ادعى فيه أن الموقع له صلات بجماعة الإخوان المسلمين، وهي حركة إسلامية محظورة بمصر.
كان هذا تأكيدا متوقعا، حيث يُلقى باللوم على جماعة الإخوان في كل شيء بمصر، كما أنه أمر مثير للضحك، تقول المجلة، حيث يعلم الجميع أن توجه مدى مصر يساري معلوم للجميع، وانتقد العديد من صحفييها الجماعة بحدة خلال عامها الوحيد في السلطة.
محمود السيسي
وأكد التقرير أن ساحة الأجهزة الأمنية المصرية تشهد صراعا محموما منذ سنوات، حيث استخدم الرئيس السابق جمال عبد الناصر نظام المعلومات كأداة لمراقبة المنافسين في الجيش.
ومنذ تولي السيسي السلطة في مصر كان دور ابنه محمود يتلخص في حشد ولاء جهاز المخابرات العامة لوالده، وتقليص دور الجناح القديم في الجهاز الموالي لرئيس المخابرات الأسبق في عهد مبارك عمر سليمان.
ونقل محمود السيسي القيادات الموالية لوالده من جهاز المخابرات الحربية إلى المخابرات العامة، وأبعد أكثر من مرة قيادات مؤثرة من الجهاز الأخير، وأدى ذلك إلى تضييق الخناق على الضباط الذين خدموا لفترة طويلة. ومن هنا برز دور محمود وعلا شأنه في الجهاز إلى أن وصل لمنصب وكيل المخابرات العامة.
لم يلق أداء محمود السيسي الاستحسان وخصوصا في أداء المخابرات فيما يتعلق بالشق الإعلامي، حيث سيطر جهاز المخابرات على كافة وسائل الإعلام في مصر.
ووصل الأمر برئيس النظام إلى انتقاد أداء الإعلام المصري في العديد من المواقف والمناسبات بشكل علني، حيث لم تصبح وسائل الإعلام داعمة بالشكل المناسب الذي يراه أو يأمله السيسي.
القشة الأخيرة تبدو وكأنها تعامل محمود مع الاحتجاجات غير المتوقعة في سبتمبر/أيلول، التي جاءت استجابة لدعوات المقاول والفنان المصري محمد علي الذي دعا المصريين للخروج إلى الشوارع لإسقاط عبد الفتاح السيسي بناء على نشره وقائع فساد مشينة تطال السيسي وأسرته فيما يخص المشروعات التي تشرف عليها القوات المسلحة، وأيضا القصور الرئاسية.
كانت الاحتجاجات صغيرة، ولم تشكل تهديدا خطيرا، لكن رد النظام كان غاضبا، حيث اعتقل أكثر من 4000 شخص، وهو رقم قد يتجاوز بكثير عدد المتظاهرين الفعليين.
وطوال أسابيع، أجبرت الشرطة في وسط القاهرة المارة على فتح هواتفهم حتى يتمكن الضباط من التحقق من حساباتهم على شبكات التواصل الاجتماعي بحثا عن محتوى معارض لحكم السيسي.
وهذه الخطوة هي تنازل نادر من نظام يرفض الاعتراف بالفشل، حيث يزعم السيسي دوما بأن مصر تحتاج إلى الاستقرار بعد سنوات من الفوضى السياسية.
ولكنه يكرر العديد من أخطاء أسلافه، من التركيز على النمو الاقتصادي الذي تقوده الدولة إلى الاعتماد على الموالين بدلا من الكفاءات، ويرفض دوما الانتقادات التي يوجهها له المصريون والمتابعين للشأن المصري من خارج البلاد.