مركزا لغسل الأموال ووكرا لدعم الإرهاب.. تعرف على الوجه الآخر لدبي
حسب تقارير أممية: تحولت مدينة دبي الإماراتية في السنوات الأخيرة إلى وكر للعمليات المشبوهة، والجريمة المنظمة، مع الكشف عن تورطها في دعم الإرهاب، والمنظمات المتطرفة، بداية من أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001، وتقديمها دعما لوجيستيا للعابرين الذين قاموا بعمليات إرهابية في بقاع مختلفة من العالم.
تحقيقات استقصائية، وتقارير لمنظمات دولية، كشفت: أن دبي غدت من أخطر مدن العالم فيما يتعلق بعمليات غسيل الأموال الواسعة، وتجاوزها لجميع الاتفاقات الحديثة الخاصة بمكافحة تبييض الأموال والتهرب الضريبي.
وحسب ما ورد في الوثائق: فإن دبي تخطت جزيرة "كوستا ديل كرايم" الإسبانية المعروفة بأنها أسوأ مكان في العالم لغسيل الأموال".
وكر للإرهاب
مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، وصف تقرير الخارجية الأمريكية الإمارات: بأنها "المحطة الإقليمية والدولية لتنقلات المنظمات الإرهابية ومركزا لها لاستقبال وإرسال الدعم المالي"،وأكد: أن "اعتبارات سياسية كانت عائقا أمام قيام الحكومة الإماراتية بتجميد ومصادرة الأصول الإرهابية".
وقال التقرير الأمريكي: "الصدع المستمر بين قطر وبين السعودية والإمارات والبحرين ومصر لا يزال يعيق التعاون الإقليمي في مجال مكافحة الإرهاب".
وذكر التقرير: "أن تنظيم الدولة واصل انتشاره عالميا خلال 2018 عبر شبكات وجماعات تابعة، وذلك رغم إعلان الإدارة الأمريكية انتصارها على التنظيم في سوريا وقتل زعيمه الشهر الماضي في غارة".
وتناول: "الإجراءات والأوضاع المتعلقة بقضايا الإرهاب في عدد من دول العالم، حيث انتقد الاجراءات التي اتخذتها السلطات المصرية في مجال مكافحة الجرائم الإلكترونية وقال إنها تستهدف المعارضة"
وفيما يخص الملف اليمني انتقد التقرير: "عجز الحكومة اليمنية عن تطبيق القرارات الدولية لمكافحة تمويل الإرهاب"، واتهم إيران بدعم "جماعات إرهابية قال إنها تعمل وكلاء لها وتوسع دائرة نفوذها الهدام حول العالم، وبمحاولة شن هجمات إرهابية في دول أوروبية".
التقرير الأمريكي لا يعد سابقة فيما يخص مساندة الإمارات للجماعات والكيانات المصنفة إرهابية، وأنها دولة متبنِّية لسياسة تهدف إلى زعزعة الاستقرار والأمن الدوليين، وتورطها في تمويل الإرهاب على مستوى عالمي، خاصة في إفريقيا وآسيا ومنطقة الشرق الأوسط.
سبق أن كشفت الخارجية الأمريكية، في مارس/آذار 2017، انخراط مؤسسات مالية بالإمارات في معاملات نقدية تنطوي على مبالغ كبيرة من العائدات من الاتجار الدولي بالمخدرات.
وصنف التقرير الإمارات من البلدان الرئيسة في مجال غسل الأموال، لتكون الدولة الخليجية الوحيدة التي تدخل ضمن هذا التصنيف.
غسيل الأموال
في 29 أكتوبر/ تشرين الثاني الماضي، بثت القناة الثانية الفرنسية تحقيقا استقصائيا تحت عنوان "كاش أنفيستغاسيون" عن غسل أموال المخدرات، وكشف التحقيق عمليات غسيل بملايين اليوروهات من تجارة الحشيش في فرنسا، بتقديرات وصلت إلى نحو مليار يورو (1.1 مليار دولار) سنويا.
وأوضح التحقيق الفرنسي: أن "أموال المخدرات تنقل نقدا من فرنسا إلى المغرب وبلجيكا وتنتهي في دبي، حيث توضع هذه الأموال في مصارف إماراتية متعددة، ليتم إدخالها إلى النظام المصرفي الدولي على شكل استثمارات أو تحويلات عادية".
وكشف عن وجود أطراف عدة تدخل في عملية غسل أموال المخدرات، أولها ما يطلق عليه اسم "جامعي أموال الكاش"، وهم الحلقة الأولى في سلسلة غسل أموال المخدرات، بحيث يتولون مهمة جمع ونقل ملايين اليوروهات شهريا في مختلف المدن الفرنسية، والتي يتم تسليمها لشخص آخر يقوم بدوره بتحويلها إلى المغرب أو الجزائر عن طريق نظام الحوالة.
ونقل التحقيق عن رئيس جهاز الشرطة الفرنسي لمكافحة غسل الأموال كونتا موج: كيف أن "رجل أعمال مغربي يدعى نور الدين الشاوتي أسس شركة متخصصة في نظام الحوالة بهدف تحويل ملايين اليوروهات من أموال المخدرات من فرنسا إلى المغرب".
وذكر أن العملية تبدأ بتحويل كميات الذهب من بلجيكا إلى شركة "كالوتي" للمجوهرات، ومقرها في دبي، عن طريق تهريبها على يد وسطاء من بروكسل إلى دبي، ثم تقوم الشركة بشراء كميات الذهب من نور الدين الشاوتي، وتحويل الأموال عن طريق شركة الفردان للصرافة في الإمارات، والتي تتولى تحويلها بعد ذلك إلى مختلف دول العالم على شكل استثمارات في شركات أو تحويلات عادية.
وأثبت تحقيق القناة الفرنسية: أن "شبكة من الشركات الناشطة في دبي الإمارات تتواطأ في غسل الأموال القذرة من تهريب المخدرات، وتتعامل دون حرج مع أباطرة تجارة الموت في العالم، وأن السلطات الإماراتية، التي تملك قانونا لمكافحة تهريب الأموال وغسلها، تغض الطرف عن أنشطة هذه الشركات المشبوهة".
معلومات مسربة
في 1 فبراير/ شباط 2019، أعلنت منظمة الشفافية الدولية (ترانسبرنسي): أن "إمارة دبي أصبحت ملاذا عالميا لغسل الأموال، حيث يمكن للفاسدين وباقي أصناف المجرمين شراء عقارات فاخرة دون أي قيود".
وأوردت منظمة الشفافية في تقريرها السنوي عن مؤشر الفساد في العالم: إلى نتائج خلصت إليها شبكة التحقيقات الصحفية لمكافحة الفساد والجريمة ومركز الدراسات الدفاعية المتقدمة في واشنطن عن غسل الأموال في إمارة دبي.
وأضافت: أن "بالإمكان شراء عقار في دبي يقدر بملايين الجنيهات الإسترلينية، شريطة امتلاك السيولة الكافية وبعد الإجابة عن بضعة أسئلة من السلطات المعنية".
وتنضم المنظمة غير الحكومية إلى عدد من الهيئات التي تثير الانتباه لبروز دبي على الساحة الدولية في مجال غسل الأموال.
وكشف تقرير لمركز الدراسات الدفاعية المتقدمة صدر في يونيو/حزيران 2018: أن هناك 44 عقارا في دبي قيمتها 28.2 مليون دولار مملوكة بشكل مباشر لأفراد خاضعين للعقوبات، فضلا عن 37 عقارا بقيمة 80 مليون دولار في الإمارة نفسها مملوكة لأفراد يرتبطون بشكل مباشر مع هؤلاء الخاضعين للعقوبات.
واستند هذا الكشف إلى تسريب قاعدة بيانات تخص معلومات عن عقارات ووثائق إقامة للأشخاص المشار إليهم، وخلص تقرير المركز: إلى أن دولة الإمارات (خاصة إمارة دبي) أصبحت ملاذا آمنا لغسل أموال عدد من منتهكي الحروب وممولي الإرهاب ومهربي المخدرات.
وقالت صحيفة ذي غارديان البريطانية في يونيو/ حزيران 2018: إن "دبي تخطت جزيرة كوستا ديل كرايم الإسبانية المعروفة بأنها أسوأ مكان في العالم من حيث غسيل الأموال، مشيرة: إلى أن بريطانيين كلفوا الخزينة البريطانية خسارة مليارات الجنيهات الإسترلينية".
وأكدت الصحيفة البريطانية: أن "محققين بريطانيين يدرسون معلومات مسربة للعقارات في دبي تبين أن بريطانيين استخدموا دبي لإخفاء 16.5 مليار جنيه إسترليني كضرائب للمملكة المتحدة، ما بين عامي 2005 و2016".
وصرح رود ستون مساعد مدير وحدة التنسيق الوطنية للإيرادات والجمارك الخاصة بالجريمة المنظمة: أن "المحتالين كانوا يودعون البضائع في دبي عام 2005 لشل قدرة سلطات الضرائب على معرفة تحركاتها".
"غسالة" العالم
في 20 سبتمبر/ أيلول 2018، نشرت مجلة "لونوفيل أوبسرفاتور"، مقابلة مع وليام بوردون، رئيس مؤسسة شيربا الفرنسية لمكافحة الجرائم الاقتصادية، وصف فيها دبي بأنها: أصبحت "غسالة العالم للأموال القذرة"، وذلك في إطار التغطية لما عرف بـ "أوراق دبي".
وقال بوردون: إن "دور دبي كمركز لغسيل الأموال القذرة ظل لفترة طويلة سرا مكشوفا". مضيفا: أن "هذه المدينة التي غدت رمزا للعولمة استطاعت بمهارة فائقة أن تستخدم لجذب مثل هذه الأموال صورتها كمدينة جذابة، ورمز للحداثة المفرطة يتقاطر إليه السياح من جميع أنحاء العالم ويقصدها رجال الأعمال أفواجا للتفرج على معارضها الدولية الكبرى".
كما أكد في تلك المقابلة: أن "تبييض الأموال هذا اتسع بشكل كبير، إذ استفادت دبي كثيرا من تشديد قوانين ملاذات الضرائب في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية لتصبح قبلة الجشعين الفارين من دفع الضرائب في بلادهم، مستقطبة بذلك ثروات من الصين وروسيا وإفريقيا وأوروبا"
وهو ما اعتبره بوردون انفصاما في شخصية العولمة تجلت مظاهره في هذه المدينة. فمن ناحية، أصبحت لدى العالم ترسانة من القوانين المقنعة بشكل متزايد لمكافحة الفساد، ومن ناحية أخرى يبدو أن الممارسات القديمة لم تتغير على الأقل في دبي، على حد تعبيره.
قانون جاستا
في يوليو/ تموز 2017، قال موقع "ميدل إيست آي" البريطاني: إن "وجود إماراتيين اثنيين ضمن قائمة منفذي الهجمات الأربع البالغ عددهم 19 شخصا، ومعظمهم سافروا من مطار دبي، أكد العلاقة بين الإمارات وتنظيم القاعدة، ما دفع أسر ضحايا هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 للسعي إلى مقاضاة الإمارات، مستفيدين من قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب المعروف باسم (جاستا)".
ونقل الموقع عن محامي ضحايا الهجمات: أن الربط بين الإمارات، وتنظيم القاعدة أُثير في الدوائر القانونية بنيويورك، ما دفع أسر الضحايا إلى مناقشة اتخاذ إجراءات قانونية ضد أبوظبي، موضحا: أن "تحرك أسر الضحايا يأتي بعد تسريبات البريد الإلكتروني للسفير الإماراتي في واشنطن، يوسف العتيبة، منتصف 2017".
وورد في إحدى الرسائل المسربة التي تناقلتها الصحف الغربية، وتم تداولها في الرأي العام الأمريكي، أن العتيبة حذّر أعضاء في مجلس الشيوخ من أن الدول المهددة بقانون "جاستا" ستتراجع عن تعاونها الاستخباري مع الولايات المتحدة.
تلك التهديدات تزامنت مع تحريك محكمة أمريكية دعوى قضائية ضد بنك إماراتي بتهمة تقديم خدمات مالية لتنظيم القاعدة عن سابق قصد وعلم.
بعد ذلك أخذ محامو الضحايا الأمريكيين تلك المعلومات باعتبار أن الخطوات الإماراتية لدرء تمرير قانون "جاستا"، ما هي إلا دليل على أن هناك ما تخشاه أبوظبي ولا تريد له أن يُكشف، خصوصا أن الإمارات ورد ذكرها في ثنايا التحقيقات التي جرت بخصوص أحداث 11 سبتمبر أكثر من 70 مرة، بحسب الموقع البريطاني.
المصادر
- تقرير للخارجية الأميركية: الإمارات محطة لتنقلات المنظمات الإرهابية والسعودية تواصل الاعتقال بذريعة الإرهاب
- التقرير السنوي للإرهاب: الإمارات محطة وانتقادات لاذعة للسعودية وإيران
- Il a récupéré des millions d'euros au volant de son... ambulance. C'est un "collecteur", petite main du blanchiment du trafic de cannabis.
- الشفافية الدولية: دبي أصبحت ملاذا عالميا لغسل الأموال
- كيف واصلت الإمارات تورطها في دعم القاعدة و"داعش"؟
- السرّ المكشوف.. دبي مغسلة عالمية للأموال القذرة