بعد ليبيا.. هل يمكن أن تكون تركيا "كابوس" الإمارات باليمن؟
نشرت صحيفة "ديرليش بوستاسي" التركية، مقالاً للكاتب إسماعيل ياشا، تناول فيه التطورات الأخيرة في ليبيا ومقارنتها باليمن، مُؤكِّداً أنَّه وبدون مُواربة هناك لتركيا دور في ليبيا يتمثَّل بدعم القوات الشرعية ومساعدتها في التقدُّم ميدانياً وبشكل ثابت.
وقال الكاتب: "إنَّ المُتحدِّث باسم قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر؛ أحمد المسماري خرج في مؤتمر صحفي من أبوظبي بعد غياب عن الساحة الإعلامية وتطرَّق المسماري إلى ما يحدُث في ليبيا متهماً تركيا بأنها وراء الكثير من المؤامرات، وأنها تدعم الإرهابيين بالسلاح، بل وتعمل على توجيه دفَّة المعركة بواسطة الضباط الأتراك".
انتصارات الوفاق
وأضاف الكاتب: "يبدو أنَّ ما دفع المسماري للخروج، هو التقدُّم العسكري على الأرض المستمر مُنذ يومين، والانتصارات التي حققتها قوات الجيش الليبي، بقيادة حكومة الوفاق، بعد أن حققت قواتها تقدماً لافتاً باتجاه الحدود الإدارية لمدينة ترهونة، التي يُشكِّل اللواء التاسع التابع لها، رأس حربة قوات حفتر، المتقدمة في جنوب العاصمة الليبية".
وقال المسماري، في المؤتمر الصحفي: إنَّ "الجماعات الإرهابية بدأت بالإغارة على وحداتنا بطائرات تركية مُسيرة، إضافة إلى المدفعية الأرضية، لكن جرى التصدي للهجوم وتدمير القوات التي اقتربت من قواتنا". وتحدَّث موجهاً كلامه إلى الأتراك: "ماذا بعد انحسار المعركة في طرابلس وانتهائها لصالح القوات المسلحة؟ ما مصالح الشعب التركي؟ في التدخل في ليبيا؟".
وأوضح الكاتب التركي، أنَّ المسماري يصنف القوات الشرعية المعترف بها دولياً بأنها "قوات إرهابية" رغم أنها قوات نظامية حكومية تابعة لحكومة الوفاق الليبية. وبعد فترة وجيزة من المؤتمر الصحفي في أبوظبي، أصدر المجلس الرئاسي بياناً يدين بشدَّة الموقف العدائي لدولة الإمارات.
وكانت حكومة الوفاق الليبية، المعترف بها دولياً، وكذلك المجلس الأعلى للدولة، قد استنكرا سماح الإمارات لأحمد المسماري، بعقد مؤتمر على أراضيها، واعتبر المجلس الليبي، في بيان له، أنَّ "سماح الإمارات بعقد مؤتمر صحفي لتشكيلات عسكرية خارجة عن القانون تخوض حرباً للانقلاب على المسار الديمقراطي في ليبيا، دليل إضافي على ضلوع هذه الدولة في تأْجِيج الحرب في بلادنا".
ووصف المجلس الخطوة الإماراتية بأنها "شاهد آخر على سلوكها السياسي المشين الداعم للانقلاب على الشرعية، وتبيان ساطع لزيف ادعاءاتها بدعم الأجسام والحكومة الشرعية عبر توقيعها لبعض البيانات الرامية للدفع بالعملية السياسية في ليبيا إلى الأمام".
أما المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، فقد وصف في بيان له، خطوة الإمارات بـ"الموقف العدائي". واعتبر البيان أنَّ "ظهور أحد العناصر المليشاوية، والداعم لحكم العسكر والرافض للدولة المدنية الديمقراطية بزيِّه العسكري في دولة أجنبية يُعَبِّر عن تفريط جسيم بالسيادة الوطنية ويُعرِّض القائم به للملاحقة القانونية".
وعكة حفتر
ورأى الكاتب، أنَّ الإمارات حاولت بكل ما أوتيت من قوة دعم حفتر، وعمدت إلى مدِّه بكل أسباب القوة، ورغم ذلك، لم يستطع تحقيق أي تقدُّم أو نجاح في السيطرة على العاصمة الليبية طرابلس. في وقت تُحقق فيه القوات الحكومية الليبية المعترف بها دولياً تقدُّم على الأرض بشكل يومي، بل وعلى العكس تماماً تتلقى قوات حفتر ضربات من القوات الحكومية بشكل مستمر.
وبيّن، أنَّ عملية "بركان الغضب" ضد حفتر وقواته، تتسبَّب في خسارته يومياً من أراضيه، فهو على وشك خسارة قاعدته الثانية في مدينة ترهونة، بعد أن خسِر قاعدته العسكرية في غريان في وقت شكَّلت فيه "الوفاق" قوة حماية ترهونة، لتكون رأس حربة في هجومها الرئيسي على المدينة، وفتحت قنوات اتصال مع شيوخ ترهونة لتحْيِيد أبنائها عن القتال جنوبي طرابلس، إلى جانب قوات حفتر القادمة من الشرق.
ولفت الكاتب إلى أنّ هناك مزاعم بأنَّ حفتر تعرَّض لأزمة قلبية بعد الهزائم، وجرى نقله إلى ألمانيا على متن طائرة أمريكية هبطت في بنغازي؛ مشدداَّ على أنَّ تقدُّم قوات الوفاق في الميدان والهزائم التي تتلقاها المليشيات التابعة لحفتر يمكن أن يُؤدي إلى حلِّ قواته بسرعة أكبر من المتوقع، كما أنَّ القبائل التي كانت داعمة لحفتر قد تبتعد عنه بعد رؤيتها للتغييرات على الأرض.
ونقل الكاتب عن ناصر الدويلة وهو عسكري كويتي سابق وسياسي يتابع التطورات في ليبيا عن كثب، قوله: إنَّ حفتر اتصل بالقبائل لدعوتهم إلى حضور اجتماع، لكنَّ قبيلة القذاذفة رفضت الحضور ووصفت حفتر بأنَّه عميل للناتو.
ماذا عن اليمن؟
الكاتب رأى، أنَّ الإمارات تشعر بالألم بُعيد كل ضربة تتلقاها قوات حفتر التي تدعمها أبوظبي، وهي التي استثمرت في حفتر وقواته الكثير؛ وهذا يعني أنَّ فشل حفتر سيعمل على إضاعة جهود الإمارات سُدى؛ وليس هذا فحسب، بل قد يعمل هذا التطور ضد حفتر لأن يُؤثر على أماكن أخرى، كاليمن مثلاً، إذ الجميع يعمل على المقارنة بين الدولتين، بسبب تشابه الظروف بينهما بشكل أو بآخر، وهذا الموضوع -المقارنة بين الدولتين- هو أكثر ما يشغل بال اليمنيين هذه الأيام.
وشرح الكاتب وجه المقارنة، إذ أنَّ تركيا تتعاون مع القوات الشرعية في ليبيا، وتعمل على المساعدة في هزيمة حفتر ومليشياته، وتنجح في ذلك بشكل جليٍّ، في الجهة المقابلة، لم تتمكَّن الحكومة اليمنية الشرعية، التي تتعاون مع السعودية والإمارات، من استعادة صنعاء، بل فقدت عدن أيضاً.
وأَضاف إسماعيل ياشا: "أن هناك دعوات يومية للتخلص من الوصاية السعودية الإماراتية على اليمن، والتعاون مع تركيا"؛ مبيناً أنَّ المزيد من اليمنيين، يدعون للوقوف في وجه خطط الإمارات الاحتلالية في اليمن بالتعاون مع تركيا.
وختم الكاتب حديثه، بالقول: "هزيمة قوات حفتر في ليبيا ألهمت اليمنيين؛ وهذا يعني أنَّه وفي حال كان لتركيا في قابل الأيام دور أكثر فاعلية في اليمن، فسيُمثِّل ذلك كابوسًا لدى الإمارات".