ذي جارديان: هكذا تعاملت لندن مع الرياض بعد شرائها صحفا بريطانية
اتهمت الحكومة البريطانية صحيفتي "ذي إندبندنت" و"إيفننج ستاندرد" الإنجليزيتين، بأنهما مملوكتان جزئياً لحكومة المملكة العربية السعودية.
وأشارت صحيفة "ذي جارديان" البريطانية إلى أن الحكومة تستند في اتهاماتها إلى سلسلة من الصفقات غير التقليدية والمعقدة والسرية لإخفاء بيع حصص في الوسيلتين الإخباريتين، اللتين تتخذان من لندن مقراً لهما، إلى بنك حكومي سعودي.
ومضى تقرير الصحيفة البريطانية يقول: "باع إفجيني ليبيديف، الذي يملك كلا الجريدتين، نسبة 30٪ من حصصهما للشركات الخارجية التي يمثّل رجل الأعمال السعودي، سلطان محمد أبو الجدايل، واجهة لها، بين عامي 2017 و2018".
نفوذ داخل بريطانيا
ونقلت "ذي جارديان" عن الممثل القانوني للحكومة، ديفيد شانيل، قوله أمام المحكمة، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة السعودية يمكن الآن أن تمارس نفوذا تحريريا على الوسيلتين الإخباريتين، موضحا أن بيع الأسهم له تداعيات على الأمن القومي لبريطانيا، كما اتهم ليبيديف بترك منصبه لتجنب الإجابة على الأسئلة حول الصفقات.
وأضاف شانيل: "ما يثير قلق حكومة صاحبة الجلالة هو أن دولة أجنبية قد تستحوذ على حصة كبيرة في ليبيديف القابضة، مالكة (ستاندرد) و(ذي إندبندنت) في وقت واحد".
وأعلن وزير الثقافة، جيريمي رايت، الشهر الماضي عن إجراء تحقيق في المبيعات، محذرا من أن المستثمر النهائي قد تكون له روابط قوية مع الدولة السعودية، مما يثير مخاوف من أن حكومة أجنبية قد اكتسبت نفوذا على توجهات الأخبار التي تصدر من اثنتين من كبريات الصحف البريطانية.
وتابعت الصحيفة: "قرار التدخل سياسي للغاية، فالجريدة اللندنية تدار من قبل وزير المحافظين السابق، جورج أوسبورن، الذي أوضح أنه سيفكر في العودة إلى السياسة في الخطوط الأمامية".
وأضافت: "بالإضافة إلى ذلك، رفض رئيس الوزراء المحافظ الجديد، بوريس جونسون، الذي يمكنه التأثير في اتجاه التحقيق، الإجابة على أسئلة من ذي غارديان، حول حضوره في الحفلات التي أقيمت في قلعة ليبيديف الإيطالية".
وبحسب الصحيفة، قال رايت سابقًا إن صفقات الاستثمار السعودية قد يكون لها تأثير على برنامجي (إيفننج ستاندرد) وأجندات الأخبار لـ(ذي إندبندنت).
وأطلقت صحيفة "ذي إندبندنت" بالفعل سلسلة من المواقع الإلكترونية بلغات أجنبية يديرها صحفيون سعوديون وتستهدف جماهير بعض المنافسين الإقليميين في البلاد.
إخفاء المستثمر الحقيقي
واستطردت الصحيفة تقول: "تملك السعودية سجلا ضعيفا في مجال حرية الصحافة، وقد تم بيع الحصة في الشركة الأم لإيفننج ستاندرد، في أعقاب مقتل الصحفي جمال خاشقجي على يد وكلاء للحكومة السعودية".
وبحسب "ذي جارديان"، تصر كلا من "ذي إندبندنت" و"إيفننج ستاندرد" على أن المخاوف بشأن استقلالية التحرير لا أساس لها ولا تتأثر بالداعمين الماليين.
وتابعت الصحيفة البريطانية تقول: "يسعى محامو ليبيديف جاهدين لإيقاف الحكومة عن التحقيق في الاستثمار السعودي على أساس فني، بحجة أن الحكومة انتظرت فترة طويلة وفوّتت الموعد النهائي للتدخل".
وردا على ذلك، تقول الحكومة إن قرارها قد تأخر جزئيا لأن ليبيديف والمستثمرين السعوديين رفضوا تقديم معلومات أساسية.
ومضت الصحيفة تقول: "كما ظهر في جلسة استماع لمحكمة الاستئناف أن الاستثمارات في ذي إندبندنت وإيفننج ستاندرد، قد تمّت عبر شركتين منفصلتين مسجلتين في جزر كايمان تحت اسم Scalable Inc وInternational Media Company، في عملية ساعدت في إخفاء المستثمر الحقيقي".
ولفت التقرير إلى أن هاتين الشركتين مملوكتان بنسبة 50 ٪ من قبل أبو الجدايل و50 ٪ من قبل "ووندروس للاستثمار، المملوكة في نهاية المطاف للبنك التجاري الوطني في السعودية.
وقال شانيل، نيابة عن الحكومة: "لقد تم تأسيس هذه الشركات ذات اللوحات النحاسية لغرض صريح وهو حجب الشركات المستحوذة الحقيقية. ما نعلمه هو أن البنك مملوك من قبل السعودية".
بدء التحقيق
وردا على سؤال حول ما إذا كان أبو الجدايل يعمل لدى البنك السعودي للاستثمار، أشار محامو الصحيفتين إلى المقالات الإخبارية السابقة وقالوا: "بالتأكيد تم كتابة تقارير على هذا النحو".
ووفقا للصحيفة، عند الضغط بشكل أكبر لمعرفة المالك النهائي، قال المحامون: "لسنا في وضع يسمح لنا بالمساعدة في ذلك".
وجادل محامو ليبيديف أيضا بأنه كان ينبغي على الحكومة أن تبدأ التحقيق في وقت مبكر لأن الاستثمار كان قد تمت تغطيته إخباريا في "فاينانشال تايمز" و"ذي جارديان".
وتربط ليبيديف علاقات وثيقة مع السعودية، إذ عرض صورا على انستجرام مع الميليشيات التي تدعمها السعودية في اليمن. وأجرى كريستيان بروتون محرر "ذي إندبندنت" زيارة للعاصمة السعودية للقاء شركاء الأعمال.
وبحسب تقرير الصحيفة، كان الطعن القانوني فقط ضد قرار إحالة الاستثمار السعودي إلى لجنة المنافسة لأسباب الدمج.
وطلب وزير الثقافة بشكل منفصل من منظم وسائل الإعلام "أوفكوم" التحقيق في أي مخاوف تتعلق بالمصلحة العامة وتقديم تقرير بحلول منتصف أغسطس/ آب.