"المرجعية" غاضبة والمعارضة تتسع.. هل تسقط الحكومة العراقية؟

يوسف العلي | منذ ٦ أعوام

12

طباعة

مشاركة

تُحيط الحكومة العراقية برئاسة عادل عبد المهدي، نقمة سياسية متعاظمة بعد مضي ثمانية أشهر على ولادتها، فعلى الرغم من إكمال التصويت على الحقائب الوزارية الشاغرة، إلا أن جبهة المعارضة بدأت تتسع تحت قبة البرلمان، الأمر الذي قد يهدد وجودها.

ومنح البرلمان، الاثنين الماضي، الثقة لوزراء "الدفاع، الداخلية، والعدل"، ورفض التصويت على مرشحة وزارة التربية، وذلك بعد مهلة الـ10 أيام التي منحها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، لرئيس الحكومة حتى يكمل تشكيلته الوزارية.

خطوات تصعيدية

سحبت كتلة زعيم "تيار الحكمة" عمار الحكيم، دعمها عن الحكومة الأسبوع الماضي، وذهبت إلى تشكيل أول كتلة للمعارضة في البرلمان؛ شكّل الأمر أولى خطوات التصعيد ضد عبدالمهدي.

وأكدت الكتلة على لسان النائبة عنها انسجام الغراوي، أن "خيار المعارضة الذي اتخذته الحكمة سيؤدي لإعادة هندسة التحالفات السياسية عاجلا أم آجلا".

وتوعد "تيار الحكمة" الحليف السابق لعبدالمهدي، الاثنين، بسحب الثقة عن وزير الاتصالات نعيم الربيعي، بعد استجوابه في البرلمان "بسبب سوء خدمة الإنترنت وسرقة الكيبل الضوئي".

أما "ائتلاف النصر" بزعامة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، فقد أشاد بموقف "تيار الحكمة" وذهابه إلى خيار المعارضة، متوقعا أن يحدث ذلك "هزة لدى بعض الكتل السياسية".

وعلى النحو ذاته، اتخذ ائتلاف العبادي، موقفا تصعيديا ضد حكومة عبدالمهدي، برفضه التصويت على مرشحي الوزارات الشاغرة الذين صوّت عليهم البرلمان، بعد أشهر من الخلافات حولها.

وقالت النائبة عن الائتلاف ندى شاكر جودت: إن "النصر لديه اعتراض على مبدأ اختيار أسماء المرشحين وفق المحاصصة بين الكتل السياسية المسيطرة على المشهد السياسي".

وأضافت: إن "نواب الائتلاف قاطعوا جلسة التصويت من أجل الامتناع عن التصويت على مرشحي الوزارات الشاغرة الذين أرسلهم رئيس الوزراء إلى البرلمان".

من جهته، استبعد المحلل السياسي عدنان التكريتي في حديث لـ"الاستقلال" سحب الثقة عن عبدالمهدي في الوقت الحالي، ولا سيما بعدما تم التصويت على مرشحي الوزارات الشاغرة.

وعن أسباب تذمر الكتل السياسية، أوضح الأكاديمي والباحث العراقي، أن "رئيس الحكومة الحالي عادل عبدالمهدي، لم ينجح حتى اللحظة كما ينبغي، في تطبيق برنامجه الحكومي الذي قدمه إلى البرلمان العراقي".

من البديل؟

دعوات إسقاط حكومة عبدالمهدي، أعادت طرح رئيس الحكومة السابق حيدر العبادي، للساحة من جديد ليتسلم قيادة مجلس الوزراء مرة ثانية، فيما اتهمت أطراف سياسية الأخير بالوقوف وراء تلك الدعوات.

وقال النائب عن تحالف "البناء" حامد الموسوي، إن دعوات إقالة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي، يقف خلفها رئيس الحكومة السابق حيدر العبادي، واصفا الأمر بأن "هناك أضغاث أحلام عبادية لإسقاط حكومة عادل عبدالمهدي".

وأشار النائب الذي ينتمي لكتلة البناء الداعمة لعبد المهدي، إلى أن "تحالفات الفتح والبناء والأكراد، إضافة إلى محور المقاومة، مع تصحيح مسار الحكومة وتقويتها".

العبادي الذي أعلن في وثيقة مسربة، استقالته من جميع المناصب القيادية في حزب "الدعوة"، ورفضه الترشح إلى أي منها في المستقبل، يراه البعض تناغما مع مطلب سابق طرحه زعيم "التيار الصدري" على العبادي لدعمه في تسلم ولاية ثانية.

وكان مقتدى الصدر، قد اشترط على العبادي الاستقالة من حزب "الدعوة"، مقابل ترشيحه ودعمه لشغل منصب رئاسة الوزراء لولاية ثانية، لإكمال ما قال إنه "إنجازات حققها في حكومته الأولى".

وشدد القيادي السابق في حزب "الدعوة" غالب الشابندر، في تصريحات صحيفة، أنّ "هناك تفاهمات ترقى إلى اتّفاق غير معلن إلى الآن بين كلّ من العبادي والصدر الذي دعم فيما مضى عبد المهدي في الوصول إلى رئاسة الوزراء، تفضي إلى إعادة العبادي لرئاسة الحكومة، شرط أن يلبّي الأخير مطالب الصدر في ترك مناصبه في حزب الدعوة الإسلاميّة".

يزداد حديث الشابندر واقعيّة باقتراب إعلان "تيّار الحكمة" برئاسة عمّار الحكيم التوجّه إلى المعارضة، وقرب ائتلاف النصر بزعامة العبادي اللحاق به، حيث لا فرصة أمام عبدالمهدي، بسبب عدم قدرته على حسم أيّ من المسائل الخلافيّة، وفق هذا التصوّر.

وفي المقابل، رأى المحلل السياسي عدنان التكريتي في حديث لـ"الاستقلال"، أن "هذا الأمر أساسي ومع وجود تنامٍ لشخصية الصدر سيكون موقف عبدالمهدي أكثر صعوبة"، لافتا إلى أن "العبادي لا زال لديه أمل بالعودة، وربما لقاؤه بعبد المهدي قبل أيام كان يحمل أجواء التهدئة والترضية".

واستدرك التكريتي قائلا: "لكن بالمجمل، لن يكون سحب للثقة قريبا، لأن التوتر الإقليمي في ازدياد وتوتر الساحة العراقية يزيد من ذلك، إلا إذا كنا مقبلين على فوضى خلّاقة جديدة".

وكان زعيم "التيار الصدري"، قد قال في 25 نيسان/أبريل 2019، إنّ مهلة الـ6 أشهر التي منحت لعبدالمهدي انتهت، مهدّدا بتحرّك شعبيّ، مخاطبا إيّاه: "أنت تعلم أنّ إثبات فرصتك للنجاح قد حدّدت بين 6 أشهر وسنة فقط".

المرجعية غاضبة

وعلى الرغم من التصويت على الوزارات المتبقية من حكومة عبدالمهدي، تبقى التساؤلات المحلية حول، الحراك السابق الذي كشفَ عنه "ائتلاف النصر" بزعامة العبادي، لسحب الثقة عن حكومة عادل عبدالمهدي.

وقال النائب عن الائتلاف محمد عثمان في تصريحات سابقة: إن "الحكومة الحالية برئاسة عادل عبدالمهدي أُمهلت أكثر من 6 أشهر وكان يفترض أن تكمل الحكومة بعد شهر من تشكيلها".

لكن "تيار الحكمة" الذي اتخذ خيار المعارضة، ربط سحب الثقة عن الحكومة بالاستمرار في النهج نفسه، وغياب الإصلاح الحقيقي وتنفيذ البرنامج الحكومي.

وقال النائب عن التيار عباس سروط: إن "خطاب المرجعية الدينية (أكبر مرجعية دينية للشيعة في العراق) دليل واضح على غضبها وعدم رضاها على الأداء الحكومي".

ونوّه إلى أن "ذهاب تيار الحكمة باتجاه المعارضة لعدم وجود تحرك حقيقي للإصلاح وتنفيذ البرنامج الحكومي"، مشيرا إلى أن "هناك تأييدا كبيرا من الكتل لخطوة المعارضة".

وشدد سروط على أن "تيار الحكمة سيتخذ من المعارضة مسارا لتصحيح عمل الحكومة وتشجيعها في حال ذهبت الى اي خيار إصلاحي"، لافتا إلى أن "خيار سحب الثقة وارد في حال استمرت الحكومة بالتغاضي عن الإصلاح ومحاسبة الفاسدين".

أما كتلة "سائرون" التي يدعمها مقتدى الصدر، الحليف الأبرز لعبدالمهدي، فقد أوضحت في وقت سابق، عزم البرلمان استضافة رئيس مجلس الوزراء عادل عبدالمهدي خلال الأسبوع المقبل.

وقال النائب عن تحالف "سائرون" بدر الزيادي في بيان، إن الاستضافة هي لمعرفة ماذا طبق من البرنامج الحكومي، وفي حال عدم حضوره لمجلس النواب عليه تحمل المسؤولية ولا أستبعد سحب الثقة منه.

ومع انتهاء حكومة العبادي، كلف عادل عبدالمهدي برئاسة الحكومة العراقية في أكتوبر/تشرين الأول 2018، بدعم أيضا من المرجعية الدينية في النجف.

وكان القيادي السابق في "التيار الصدري"، بهاء الأعرجي، قد فجّر في فبراير/شباط الماضي، مفاجأة بخصوص الشخص الذي اختار عادل عبدالمهدي وفرضه على القوى السياسية رئيسا للحكومة العراقية.

وقال نائب رئيس الوزراء العراقي السابق، في تصريح لصحيفة "القدس العربي": إن "عبدالمهدي كان خيار المرجعية، وتحديدا خيار محمد رضا السيستاني (نجل رجل الدين الشيعي البارز علي السيستاني)، وفُرض على الكتل".

وأضاف: إن "عبد المهدي هو خيار جيد كونه رجل دولة ولديه عقلية اقتصادية ومالية، لكن لو طرح نفسه لمنصب رئيس الوزراء، فهل كان سيقبل تحالف الإصلاح أو تحالف البناء به؟ إنه جاء بفرض".

وعلى حد قول الأعرجي، فإن عبدالمهدي "زاهد بالسلطة، لكن لديه مشروع يسعى لإكماله، غير أن هذا المشروع لن يُنفذ إذا لم تتعاون معه الكتل السياسية، وخصوصا الشيعية. ولن تتعاون معه".

ولفت السياسي العراقي إلى أن "الكتلة التي تدعم عبد المهدي بشكل واضح وصريح هي (سائرون)، لكن إذا جاء الصيف ولم يتم حل أزمة الكهرباء، فسيكون أمره مماثلا للعبادي أو ربما أكثر".