ترتيبات صفقة القرن.. ما سر انعقاد المؤتمر الاقتصادي في البحرين؟

12

طباعة

مشاركة

قبيل أيام من إقامة مؤتمر المنامة الذي سيبحث مقترحات دعم الاقتصاد الفلسطيني في إطار "صفقة القرن" المثيرة للجدل، والتي يطرحها كوشنر صهر الرئيس الأمريكي، ما زالت السعودية والإمارات يدعمان الموقف الأمريكي رغم اعتقادهما بعدم إمكانية نجاحها.

تحت هذه الكلمات تساءلت صحيفة "لو ريون لو جور" اللبنانية الناطقة بالفرنسية، إلى أي مدى السعودية والإمارات، الزعيمتان في الخليج، على استعداد للتخلي عن القضية الفلسطينية للمشاركة في إعادة تشكيل الإقليم الذي يهدف إلى جعل إيران العدو الرئيسي وإسرائيل شريك محتمل؟

وأوضحت الصحيفة، أن هذا الأمر هو أحد العناصر الحاسمة لخطة السلام الإسرائيلية الفلسطينية التي وضعها مستشار وصهر الرئيس الأمريكي جاريد كوشنر، الذي يجب أن يكشف عنها جزئيا في مؤتمر المنامة الذي سيقام في 25 و 26 يونيو/حزيران الجاري.

دور دول الخليج

وأضافت، أنه فيما سيكشف المؤتمر النقاب رسميا عن المكون الاقتصادي للصفقة، يجب أن يتيح الحدث للدولتين الخليجيتين حشد الدعم العربي ماليا وسياسيا، إذ جاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية الإماراتية، أن قمة المنامة التي "تجمع المستثمرين والمسؤولين الحكوميين" تهدف إلى إخراج الشعب الفلسطيني من حالة البؤس والسماح لهم بمستقبل مستقر ومزدهر.

وتابعت بمعنى آخر، تشير جميع الأدلة إلى أن "صفقة القرن" هي في الأساس تبادل للسلام مقابل المال، وستلعب دول الخليج دورا حيويا في ثلاثة جوانب: سوف تساهم ماليا، وتقدم التعهد العربي وتشجع على تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

ونقلت الصحيفة عن المحلل السياسي المستقل نيل بارتريك، قوله: تنبع مشاركة السعوديين والإمارات في "صفقة القرن" من رغبتهم في تعظيم علاقاتهم مع الرئيس الحالي للولايات المتحدة، بهدف تمديد تقاربهم مع إسرائيل ضد إيران".

وأوضح، أنه بالنظر إلى الدولة اليهودية باعتبارها حصنا قويا وضروريا في الشرق الأوسط ضد عدوهم المشترك، حيث أشار محمد بن سلمان في ديسمبر 2018 إلى أن السعوديين يشتركون في "الكثير من المصالح مع إسرائيل وإذا كان هناك سلام،  سيكون هناك الكثير من المصالح المشتركة بين إسرائيل ودول مجلس التعاون الخليجي".

وأكدت "لوريون لو جور" أن ما يحدث علامات مقلقة للفلسطينيين، الذين قد يكونون أكبر الخاسرين مع وجود جيل جديد من قادة الخليج منفتحون على إسرائيل، وتلاحظ إيلانا ديلوزير الباحثة باحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى رغم ذلك "يسود عدم اليقين في الوقت الحالي، حيث لا تزال وجهات النظر الإقليمية حول خطة السلام مجهولة، حتى من الحكومات الأجنبية، لأن الخطة نفسها تظل سرية".

وبحسب الصحيفة، فإن مصدرا دبلوماسيا أوروبيا، يقول: "السعوديون والإماراتيون سيشعرون بالحرج الشديد إذا قبلوا خطة كوشنر"، مشيرا إلى أن الخط الأحمر الذي رسمه مرارا وتكرارا الملك السعودي، لا يمكن تجاهله من قبل الثلاثي كوشنر ومحمد بن سلمان ومحمد بن زايد.

لماذا البحرين؟

وتبين "لوريون لو جور" أنه في مؤتمر المنامة، يخشى القادة العرب من الإطاحة بـ "مبادرة السلام العربية" التابعة لجامعة الدول العربية، والتي تم اعتمادها بالإجماع في بيروت عام 2002 بناء على اقتراح العاهل السعودي الراحل، عبد الله بن عبد العزيز، حين كان وليا للعهد.

ووفقا لما قاله المحلل السياسي فراس مقصد، فإن "هناك شعور في عواصم الخليج العربي وكذلك في المجتمع السياسي بواشنطن بأن صفقة القرن التي تنتهجها الإدارة الأمريكية من غير المرجح أن تنجح، وبالنسبة للرياض وأبو ظبي، فإنها تلعب سياسة ذكية تهدف من خلالها إلى ترك الخطة تفشل من تلقاء نفسها أو بسبب سياسة إسرائيل الخادعة، بدلا من النظر إليهم على أنهم معارضون لحكومة ترامب".

من ناحية أخرى، سلطت الصحيفة الضوء على سبب استضافة المنامة للمؤتمر الذي سيبحث مقترحات دعم الاقتصاد الفلسطيني، مشيرة إلى أن  مملكة البحرين التي تقع بين السعودية وقطر في الخليج العربي، تحظى باهتمام أقل على الساحة السياسية الإقليمية، فمساحتها 765 كيلو متر مربع وتعتمد بشكل كبير على المساعدات المقدمة من دول مجلس التعاون الخليجي، وتعتبر بانتظام مجرد قاعدة خلفية للمملكة الوهابية.

وأضافت ومع ذلك، يجب أن تكون جميع الأنظار متجهة صوب المنامة يومي 25 و 26 يونيو/حزيران الجاري، حيث تستضيف مؤتمرا للكشف عن العنصر الاقتصادي لـ"صفقة القرن" بقيادة صهر الرئيس الأمريكي جاريد كوشنر، بالتعاون الوثيق مع إسرائيل والسعودية.

وتابعت الصحيفة: الحدث يجمع بين دول الخليج ومصر والأردن، وفي حين أعلن المسؤولون الفلسطينيون بالفعل أنهم سيقاطعون الحدث، قال البيت الأبيض الاثنين إنه دعا رجال الأعمال الإسرائيليين والفلسطينيين فقط إلى القمة "غير السياسية قدر الإمكان"، حيث ذكرت الرئاسة الأمريكية في وقت سابق أن مؤتمر المنامة يجب أن يكون فرصة "لتشجيع دعم المبادرات الاستثمارية والاقتصادية التي يمكن تحقيقها من خلال اتفاقية سلام".

وأوضحت، أنه في حين أن خطة كوشنر، والتي لم يتم الإعلان عنها رسميا بعد، تثير الجدل بالفعل في المنطقة، قالت جريس فيرمنبول، باحثة بمعهد الشرق الأوسط، إن "اختيار المنامة كموقع للقمة هو قبل كل شيء إستراتيجي، تحافظ الولايات المتحدة على شراكة وثيقة مع البحرين، التي تضم الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية، وتتمتع بوضع حليف رئيسي من خارج الناتو (منذ عام 2001)، إلى جانب حلفاء مقربين مثل الحلفاء المقربين كأستراليا وإسرائيل"، كما أبرمت فيه واشنطن والمنامة أيضًا اتفاقية تعاون دفاعي في عام 1991.

"إسرائيل القوية"

وذكرت الصحيفة، أن العلاقة أصبحت أقوى مع دخول ترامب للبيت الأبيض في يناير/كانون الأول 2017  في مجال التعاون العسكري والأمني ومكافحة الإرهاب، كما أقرت وزارة الخارجية الأمريكية في 4 مايو/أيار بيع أسلحة بحوالي 6 مليارات دولار للبحرين والإمارات العربية المتحدة، وكان أمام الكونجرس فترة 30 يومًا لمعارضتها.

بالإضافة إلى كونها حليفا رئيسيا لواشنطن، تتمتع البحرين بميزة الانضمام إلى المحور الإماراتي السعودي، متبلورة برغبة مشتركة لإحباط النفوذ الإيراني في المنطقة. تحت قيادة قبضة حديدية من سلالة آل خليفة السنية، أغلب سكان المملكة من الشيعة، حيث إنهم متهمون بالسماح لطهران بالتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد، بحسب الصحيفة.

ونوهت "لوريون لو جور" إلى أن المجتمع الشيعي يتحمل وطأة القمع الشديد؛ الذي اشتد منذ انتفاضة 2011 ، ويسمى "ربيع اللؤلؤة"، والذي تم وأده بمساعدة القوات التي أرسلتها الرياض. مثل المملكة الوهابية، قطعت مملكة البحرين أيضًا العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة في يونيو 2017 ، متهمة إياها بتمويل "الإرهاب" وكونها قريبة جدًا من طهران.

ونقلت الصحيفة عن كلير بوجراند، الأستاذ بجامعة إكستر (إنجلترا) والمتخصصة في الخليج القول: "من الناحية السياسية، تبدو البحرين كتابعة في الجزيرة العربية. تعتمد المملكة الصغيرة اعتمادا كبيرا على جيرانها الأثرياء في الخليج من خلال برنامج قروض جديدة بقيمة 10 مليارات دولار أمريكي تم توقيعه في أكتوبر/تشرين الأول 2018 مع الكويت والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بهدف تحقيق التوازن".

وتوضح فيرمنبول أنه بهذا المعنى، يخدم مؤتمر المنامة "الدوافع الإقليمية التي تركز على الكفاح ضد الطموحات الإيرانية في الخليج والشرق الأوسط، وهذا الاهتمام الجيوسياسي المحدد هو الذي يوفر سياقا إضافيا لدعوة الإسرائيليين في هذه القمة".

ما الذي يربط الطرفين؟

وفي الوقت الذي ازدادت فيه الاتصالات بين المسؤولين الإسرائيليين والبحرينيين في السنوات الأخيرة، وفقا لتسريبات عدة في وسائل الإعلام "يمكن اعتبار رغبة المنامة للترحيب بالإسرائيليين في القمة بمثابة مؤشر إضافي على انفتاحها المتزايد والصريح على إسرائيل، مما دفع بعض المراقبين إلى الاستنتاج بأن البحرين - على الرغم من المعارضة العامة - يمكن أن تكون أول دولة في الخليج تقيم علاقات مع إسرائيل" بحسب جريس فيرمنبول.

وأضافت: "يمكن أن تكون الجالية اليهودية الصغيرة في البحرين، والتي تضم ممثلين منتخبين، بمثابة منصة لزيادة المشاركة الثنائية" تحاول المنامة أن تضع نفسها كنموذج للتسامح منذ ما يقرب من عقدين من الزمن، ولا سيما بتعيين هدى نونو سفيرة البحرين لدى الولايات المتحدة بين عامي 2008 و 2013 ، مما يجعلها أول امرأة يهودية في المنطقة بهذا المنصب.

وبحسب قناة 13 الإسرائيلية، فقدد أرسل رئيس الدبلوماسية البحرينية في عام 2017 رسالة نيابة عن الملك حمد إلى وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني لنقلها إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مفادها بأنه قرر "المضي قدما بتطبيع علاقاته مع إسرائيل".

في ديسمبر/كانون الأول من ذلك العام، قام وفد بحريني متعدد الطوائف بزيارة إسرائيل، بعد أيام قليلة من القرار الأمريكي المثير للجدل بالاعتراف بالقدس باعتبارها العاصمة الرسمية للدولة اليهودية ونقل سفارتها إلى هناك.

وبحلول عام 2016، دافعت المنامة بالفعل عن قرار أستراليا بنقل سفارتها إلى القدس الغربية، قائلة إنا "لا يضر بالمطالب المشروعة للفلسطينيين" من أجل حل الدولتين مع تقسيم القدس، تثير العلاقات بين الدولة العبرية وبعض دول الخليج قلقًا لدى بعض الزعماء العرب الذين اختاروا الدعوة إلى مقاطعة مؤتمر المنامة.

وعلاوة على ذلك، تقول الصحيفة، لا تزال هناك الكثير من الشكوك حول محتوى الخطة التي تدعو إليها واشنطن، في حين يخشى المراقبون الإقليميون من حل الدولتين في مقابل الحصول على تعويض مالي لمساعدة الفلسطينيين، دون حل الجزء السفلي من الصراع.

وخلصت إلى أنه في مواجهة التردد العربي والتشكيك في الموقف الذي تشغله دول الخليج، كان الشيخ خالد بن حمد آل خليفة حريصًا على التذكير، على موقع تويتر، بأن البحرين: دافعت دائمًا عن الشعب الفلسطيني الشقيق في استعادة حقوقه المشروعة على أرضه، وطالب بإقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية ودعم الشعب الفلسطيني اقتصاديا.