بعد طوفان الأقصى.. ما سر تعزيز شركات أمنية أميركية وجودها في إسرائيل؟
بعد تعرية عملية "طوفان الأقصى" حجم الفشل الاستخباري الإسرائيلي، بدأت شركات أمنية أميركية عاملة هناك بموجب عقود "حماية أمنية" بتعزيز قدراتها.
ولجأت هذه الشركات لاتخاذ خطوات جديدة تزيد من قدراتها على "إفشال وصد" أي محاولات اختراق قادمة للداخل الإسرائيلي، على غرار عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
شركات حماية أميركية
وبحسب مجلة "إنتلجنس أونلاين" الفرنسية المعنية بالشؤون الاستخباراتية، فإن شركتي "SOC" و"كونستيليس" الأميركيتين عززتا فرقهما الأمنية المسلحة في إسرائيل.
حيث تعمل "كونستيليس" في قاعدة سرية للبنتاغون قرب بئر السبع، مهمتها تحذير إسرائيل مسبقا من الهجمات الصاروخية. وفي الوقت نفسه، تؤمن شركة SOC الحماية للبعثات الدبلوماسية الأميركية.
و"كونستيليس" شركة رائدة في مجال توفير الحلول الأمنية الشاملة لحماية الأشخاص والبنية التحتية، تأسست في عام 1997 تحت اسم (بلاك ووتر) وتقدم خدمات دعم المهام للعملاء الحكوميين والتجاريين في جميع أنحاء العالم بموجب عقود طائلة، ومقرها في العاصمة واشنطن.
ومن خدماتها توفير الطائرات بدون طيار ومكافحة هجمات الطائرات بدون طيار، والتدريب الأمني وتقديم الخدمات اللوجستية في مجالات متعددة.
ويتمتع موظفوها بخبرة واسعة في مجال الأمن القومي في أكثر من 30 دولة عبر الشرق الأوسط وجنوب آسيا وأميركا اللاتينية وأوروبا وإفريقيا، وبمناطق حروب متعددة.
وعلى سبيل المثال منحت وزارة الطاقة الأميركية الشركة عقدا لمدة 10 سنوات بقيمة مليار دولار لإدارة تدابير الضمانات والأمن في موقع نهر السافانا في ولاية كارولينا الجنوبية ابتداء من 15 مايو/ أيار 2023.
ومع مرور ما يقرب من أربعة أشهر على العدوان الإسرائيلي على غزة، وغياب أي إشارات على قرب انتهاء الحرب، تتطلع الشركتان الأميركيتان إلى تعزيز فرقهما الأمنية في قاعدة البنتاغون السرية خارج غزة، وفي السفارة الأميركية في القدس، وفق "إنتلجنس أونلاين".
ويعمل موظفو "كونستيليس" مع القوات الأميركية هناك في الموقع 512، وهو منشأة سرية في صحراء النقب، بالتنسيق مع الجيش الإسرائيلي للتصدي لهجمات الصواريخ الباليستية القادمة من الخارج.
وقد جُهز الموقع بأحدث أنظمة الرادار واستخبارات الإشارة التي يفترض أن تقدم إنذارا مبكرا لأي هجمات صاروخية تستهدف إسرائيل.
لكن موظفي "كونستيليس" في الموقع 512 فشلوا في اكتشاف وابل الصواريخ التي أطلقتها حماس من غزة في 7 أكتوبر 2023 لأن تركيزهم كان منصبا على تهديدات الصواريخ الإيرانية بعيدة المدى.
حماية الدبلوماسيين الأمريكيين
شركة "SOC" العسكرية الأميركية هي الأخرى تعمل في إسرائيل، حيث كلفت بحماية الموظفين الدبلوماسيين في القدس بموجب عقد مع وزارة الخارجية.
كما تحرس الشركة سفارتي الولايات المتحدة في بغداد ومقديشو، وساعدت في دعم برامج إدارة بايدن التي نُفذت في عام 2022 للحد من آثار الغزو الروسي لأوكرانيا على المدنيين.
من خلال فرق التشغيل المتقدمة والموظفين وسلاسل التوريد في أوكرانيا، تدعم شركة SOC جهود مواجهة الأزمة الإنسانية المتفاقمة هناك.
وتوفر الخدمات اللوجستية لنقل المواد والإمدادات والموارد المهمة للمهام الميدانية إلى جميع أنحاء أوروبا الشرقية.
وفي يناير 2022، وقعت شركة SOC عقدا مدته عشر سنوات بقيمة 220 مليون دولار، كجزء من عقد خدمات الحماية الثالث التابع لوزارة الخارجية، للعمل في السفارة الأميركية في القدس.
وقد منحت الصفقة الشركة مهمة حماية "الموظفين الأميركيين في جميع أنحاء الضفة الغربية وغزة"، وفقا لبيان صحفي أصدرته شركة SOC في ذلك الوقت.
وتحمي فرق الأمن الخاصة بشركة SOC الدبلوماسيين والموظفين الأميركيين أثناء زياراتهم إلى الأراضي الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل.
إعادة حسابات
وفي السياق، قالت صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية، إن هناك مخاوف جدية من أن الجيش الإسرائيلي قد تعرض لعمليات تجسس مضادة عميقة من طرف حركة حماس قبل إطلاق "طوفان الأقصى".
ونقلت الصحيفة في 10 فبراير 2024 عن ضابط بالاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان"، قوله: "هناك قلق جدي من تعرض الجيش الإسرائيلي لعمليات تجسس مضادة عميقة من حماس، قبل الحرب".
وأضاف الضابط: "سيتعين على لجنة التحقيق أن تسأل من أين حصلوا على الكثير من المعلومات الداخلية حول ما كان يحدث في قواعد الجيش الإسرائيلي الأكثر سرية".
ورأى الضابط، أن قوات النخبة بكتائب القسام كان "لديها معلومات حول مواقع حساسة للغاية للجيش الإسرائيلي، تبقى سرية حتى داخل الجيش نفسه".
وراح يقول: "يتعين علينا معرفة كيفية وصول هذه المعلومات إليهم، فهذه تفاصيل لا يخبرها قادة الجيش الإسرائيلي حتى لأصدقائهم".
وأكد على أن "هذا يعني فشلا استخباراتيا مزدوجا لجهاز الشاباك (الأمن العام)، الذي كان ينبغي عليه أن يجمع معلومات حول خطط حماس، لكنه وكما هو معروف فشل في القيام بذلك".
واستكمل: "الشاباك، مسؤول أيضا عن منع التجسس المضاد، وهو ما يعني عدم السماح للعدو بجمع المعلومات من داخل إسرائيل".
وقال "نحن نعلم الآن أن حماس كانت تعرف الكثير عنا، على مستوى يتجاوز مجرد جمع المعلومات من الطائرات بدون طيار والمراقبة".
وخلص الضابط إلى القول: "هذا يعني أن هناك سببا للشك جديا في وجود تجسس مضاد واسع النطاق، الذي مازلنا لا نعرف كيف حدث، ويمكن أن تكون هناك جهة ما ساعدت حماس، لا ينبغي التغاضي عن هذه القضية، ويجب التحقيق فيها بعد الحرب".
وفي ضوء هذه البيانات، يبدو أن واشنطن تعمل مع تل أبيب على سد الثغرة الأمنية هناك، عبر الإيعاز لشركات الحماية الأمنية الأميركية لتدعيم قدراتها وتقييم المخاطر الجديدة عقب "طوفان الأقصى".
إذ يتعين على هذه الشركات الأمنية الأميركية المزودة بتقنيات عسكرية ولوجستية أمنية عالية، أن تعيد تقييم عملها، خاصة أنها كانت قبل "طوفان الأقصى" تجعل جزءا من مراقبتها خارج إسرائيل حماية للمصالح الأميركية في المنطقة.
لا سيما أن عملية "طوفان الأقصى" كانت مباغتة لإسرائيل واستطاعت أن تدمر بعض تقنيات المراقبة الإسرائيلية الأكثر تطورا.
ولهذا يبدو واضحا أن عملية "طوفان الأقصى" أعادت الحسابات الأميركية وتحديدا حول تفعيل الحماية بشكل أكبر لمواقعها فضلا عن أمن إسرائيل.
والإقرار بوجود عسكري أميركي في إسرائيل نادر، إلا أنه في عام 2017، جرى افتتاح موقع عسكري عدته منصة "صوت أميركا" الممولة حكوميا أول قاعدة عسكرية أميركية على الأراضي الإسرائيلية.
لكن وبعد يوم واحد، نفى الجيش الأميركي أنها قاعدة أميركية، وأصر على أنها مجرد "منشأة معيشة" لأفراد الخدمة الأميركية الذين يعملون في قاعدة إسرائيلية.