بعد “طوفان الأقصى”.. ما مستقبل العلاقة بين واشنطن والإطار الشيعي في العراق؟

a year ago

12

طباعة

مشاركة

تهدد المليشيات المنضوية في "الإطار التنسيقي" الشيعي الحاكم بالعراق، باستهداف مصالح أميركا إذا تدخلت لصالح إسرائيل ضد الفلسطينيين في المعركة الدائرة رحاها منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وتثار الكثير من التساؤلات عن طبيعة العلاقة بين الولايات المتحدة والحكومة العراقية، برئاسة محمد شياع السوداني في ظل هذا التصعيد الذي يمتد صداه إلى خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وفي 7 أكتوبر، أطلقت المقاومة الفلسطينية في غزة عملية "طوفان الأقصى" ردا على انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي في القدس وبحق الأسرى. ودخلت المعارك أسبوعها الثاني، وسقط فيها أكثر من 2300 شهيد، نتيجة قصف مكثف على القطاع.

وشكل "الإطار الشيعي"، حكومته في 27 أكتوبر 2022، وتوصف بأنها قريبة لإيران بسبب موالاة معظم قادته للأخيرة، خصوصا هادي العامري رئيس تحالف الفتح، ونوري المالكي، زعيم ائتلاف دولة القانون، وقيس الخزعلي، قائد مليشيا عصائب أهل الحق.

ويضم الإطار التنسيقي الموالي لإيران كتلا أخرى، هي: تيار الحكمة برئاسة عمار الحكيم، وتحالف النصر بزعامة حيدر العبادي، وتحالف "العقد الوطني" بقيادة رئيس "هيئة الحشد الشعبي" فالح الفياض، ومليشيا "كتائب سيد الشهداء" بزعامة أبو آلاء الولائي.

"ضرب المصالح"

تمثل آخر موقف صدر عن الإطار التنسيقي، بإدانة قادته لـ"الهجمة الصهيونية المستمرة والاستهداف المباشر للمدنيين، والحصار الوحشي الذي تنفذه سلطات الاحتلال على قطاع غزة"، وذلك خلال اجتماع لهم في 14 أكتوبر 2023 بمكتب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.

الاجتماع الذي حضره معظم قادة الإطار، ومن أبرزهم: "هادي العامري وقيس الخزعلي ونوري المالكي"، نتج عنه دعوة للمجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته والعمل على إيقاف الانتهاكات التي تمارس ضدّ الفلسطينيين، داعين إلى مواصلة التظاهرات والفعاليات الشعبية والوطنية المساندة للقضية الفلسطينية.

وعبر المجتمعون عن شكرهم للحكومة العراقية على موقفها الشجاع في الدفاع عن الشعب الفلسطيني، مؤكدين أهمية استمرار الجهود الدبلوماسية مع دول العالم من أجل حماية الشعب الفلسطيني، داعين البرلمان إلى تبني مشروع قرار وموقف موحد تجاه هذه التجاوزات.

وخلال مقابلة تلفزيونية في 15 أكتوبر، قال رئيس الحشد الشعبي، فالح الفياض، إن "عملية طوفان الأقصى أظهرت أن كيان الاحتلال مهزوز، وأميركا شريكة أساسية له"، مشددا على أن العراق سيبقى "السند الأساسي في دعم المقاومة الفلسطينية، ولن يسمح للأميركيين بإسناد الاحتلال ضد الفلسطينيين".

وفي 12 أكتوبر، قال قيس الخزعلي، خلال تصريحات نشرها الموقع الإلكتروني، لمليشيا "عصائب أهل الحق" إنه "إذا طلب منا الحضور والمشاركة بالقتال في فلسطين فنحن حاضرون، لا سيما بوجود من يساند الأعمال الإجرامية للعدو الصهيوني على الفلسطينيين".

وأضاف الخزعلي أن "دعم أميركا للكيان الصهيوني لا يمكن أن يمر مرور الكرام، وإذا استمرت بدعمه فستضرب جميع مصالحها بالعراق والمنطقة".

وعلى الصعيد ذاته، خاطب نوري المالكي، الولايات المتحدة عبر كلمة مصورة في 12 أكتوبر، قائلا: إن "أي مساعدة عسكرية تمثل مشاركة فعلية في الحرب ضد الشعب الفلسطيني وتتحمل مسؤولية ما قد يترتب عليه من إمكانية اتساع رقعة الحرب وتهديد السلم والاستقرار في العالم".

وتابع: "نقول لكل من يريد المساعدة، إن دخولكم الحرب إلى جانب الصهيونية لن يعيد الهيبة المفقودة للجيش الصهيوني الذي لا يقهر، والذي تحول إلى نكتة، وأن ما تواجهه إسرائيل هو أقسى هزيمة منذ تأسيسها عام 1948، والقادم سيكون أعظم".  

وقبل ذلك، هدد قائد منظمة بدر، والسياسي العراقي، هادي العامري، باستهداف مصالح الولايات المتحدة، في حال تدخلت واشنطن، لدعم الاحتلال، في الحرب مع قطاع غزة.

وقال العامري، خلال تجمع عشائري ببغداد في 10 أكتوبر، إن "موقفنا واضح وعلى الأميركيين أن يفهموا بوضوح أنهم إذا تدخلوا نتدخل".

وأردف: "إذا تدخلت في هذه المعركة، فكل الأهداف الأميركية سنعدها حلالا ونستهدفها دون تردد، وعليهم أن يوقفوا الدعم لهذا الكيان الصهيوني".

وفي 9 أكتوبر، قال زعيم مليشيا "النجباء" العراقية أكرم الكعبي، إن أي تدخل من أميركا أو أي دولة ضد الشعب الفلسطيني سيلاقي ردا عسكريا حاسما، حسبما أفاد به الموقع الإلكتروني للتنظيم الموالي لإيران.

وجاءت هذه التصريحات عقب حديث الولايات المتحدة الأميركية على لسان أكثر من مسؤول فيها، أنها ستقدم سريعا ذخائر إضافية لإسرائيل وستنقل مجموعة حاملة طائرات إلى شرق البحر المتوسط.

"علاقات مبطنة"

وبخصوص تأثير هذه التهديدات على العلاقة بين الإطار التنسيقي والولايات المتحدة بشكل عام، وبين الحكومة العراقية وواشنطن بشكل خاص، استبعد الباحث في الشأن العراقي، عماد الزوبعي، أن "تنفذ هذه الجهات ما تصرح به، في الوقت الحالي، وذلك لأسباب عدة".

ومن جملة تلك الأسباب، يقول الزوبعي لـ"الاستقلال" إن "الإطار التنسيقي الشيعي يمسك بالسلطة بعدما خاض معارك سياسية وحتى مسلحة مع التيار الصدري للوصول إلى تولي رئاسة الحكومة الحالية، لذلك هذا مكتسب يصعب المغامرة به".

وأوضح الزوبعي أن "القوى الموالية لإيران ورغم العداء الظاهر الذي تبديه للولايات المتحدة فهي تحتفظ بعلاقات مع واشنطن ومع سفيرتها لدى بغداد ألينا رومانوسكي، التي ربما تكون أكثر دبلوماسي أميركي يلتقي برئيس الحكومة الحالي، وقادة الإطار التنسيقي".

ولفت إلى أن "التصريحات الصادرة من كل هذه الشخصيات هي للتنفيس عن حاجة جمهورها الذي ينتظر منها تطبيقا عمليا للوقوف مع الفلسطينيين بالفعل وليس بالقول".

فهي لم توجه أي ضربة تجاه المصالح الأميركية بالعراق، منذ توليها السلطة في البلد، بينما كانت تتعرض سفارة واشنطن ببغداد قبل ذلك للقصف، تحت عناوين فصائل غير معروفة تديرها هذه الجهات ذاتها، وفق قوله.

ولفت الزوبعي إلى أن "الولايات المتحدة لن تقطع العلاقة مع هذه الجهات التي هي من جاءت بها للسلطة بعد احتلال العراق عام 2003، وسلمت البلد لهم وهي تعرف أنهم موالون لإيران التي ترفع شعار الشيطان الأكبر، والموت لأميركا، وغيرها من الشعارات".

وأكد الباحث أن "الولايات المتحدة ترى أن هذه الجهات سهلة التطويع، والتواصل معها ربما أسهل من التيار الصدري بقيادة مقتدى الصدر، الذي اصطدم معها بعد عام 2003، ولا تعرف منهجيته السياسية".

ولم يصدر عن الحكومة العراقية حتى 15 أكتوبر، أي تعليق بخصوص موقفها من استهداف المصالح الأميركية، كونها صدرت من قوى الإطار التنسيقي الذي انبثقت عنه، بل إن الاجتماع الذي عقده الأخير، واستضافه رئيس الوزراء، حضرته الجهات ذاتها التي أطلقت التهديدات.

كما لم تعلق الولايات المتحدة الأميركية، وسفيرتها في بغداد، على التهديدات التي تطلقها الجهات الحاكمة في العراق، وكيف سيكون ردها وعلاقتها مع الإطار التنسيقي في حال جرى تنفيذها أو لم يحصل ذلك.

دعم أميركي

ومنذ اندلاع المعارك الحالية بين فصائل المقاومة الفلسطينية وبين قوات الاحتلال الإسرائيلي، أعلنت الولايات المتحدة الأميركية، انحيازها ووقوفها بالكامل إلى جانب تل أبيب، واتهام حركة المقاومة الإسلامية- حماس بالإرهاب وضرورة مواجهتها عسكريا.

وفي 13 أكتوبر، قال وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، إنه لا مجال للحياد أو لأي أعذار حيال الهجوم الذي تعرضت له إسرائيل، مشيرا إلى أن واشنطن تنسق جهودها لإطلاق سراح المختطفين من قبضة "حماس" بمن فيهم المواطنون الأميركيون.

وفي كلمة ألقاها بعد لقائه بوزير الجيش الإسرائيلي، يوآف غالانت، في إسرائيل، شدد أوستن على وقوف الولايات المتحدة إلى جانب حليفتها، من خلال تزويدها بكل ما تحتاجه للدفاع عن نفسها، وقال :"هذا وقت الحسم لا الثأر".

وفي مستهل مداخلته وهو بجانب نظيره الإسرائيلي قال أوستن "أنا موجود هنا شخصيا لأوكد الدعم الأميركي الراسخ لإسرائيل، ولأعبر عن تعاضدي مع كل العائلات التي لا تزال تعيش الكابوس"، مضيفا: "ليس هناك أي مبرر للعمليات الإرهابية ولا نقبل ما فعلته حماس"، وفق زعمه.

وقبل ذلك، أبدى الرئيس الأميركي جو بايدن استعداده لإرسال مزيد من الموارد العسكرية إلى إسرائيل وتعزيز القوات الأميركية في الشرق الأوسط تأهبا للردع إذا تطلب الأمر، وذلك بعد إطلاق المقاومة الفلسطينية عملية "طوفان الأقصى" المفاجئة ضد إسرائيل.

وقال بايدن خلال كلمة ألقاها بالبيت الأبيض في 10 أكتوبر، إن واشنطن تقف إلى جانب إسرائيل وتدعمها، ومستعدة لتلبية كل احتياجات تل أبيب اللازمة للدفاع عن مواطنيها، منها توفير الذخائر والصواريخ للقبة الحديدية.

وذكر الرئيس الأميركي أن لإسرائيل كامل الحق في الرد على ما وصفها بهجمات حماس، قائلا إنه أخبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن رد إسرائيل على العملية العسكرية التي باغتتها يجب أن يكون حاسما.

وعد بايدن حركة حماس "منظمة إرهابية" تهدف إلى "قتل اليهود"، واصفا عمليتها العسكرية بالـ"شر المطلق". وأضاف أنه "وجّه بتحرّك حاملة الطائرات جيرالد فورد إلى شرق المتوسط لدعم وجودهم البحري في المنطقة".