إعصار تسليم الراية.. من يخلف "كارامولا أوغلو" في حزب السعادة التركي؟

12

طباعة

مشاركة

بعد رئيسي حزب الشعب الجمهوري والحزب الجيد المعارضين، أعلن زعيم حزب السعادة في تركيا، تمل كارامولا أوغلو، نيته ترك زعامة الحزب والذهاب إلى مؤتمر طارئ.

 وبهذا الإعلان يكون كارامولا أوغلو ثالث زعيم يتخلى عن الرئاسة الحزبية منذ مرحلة الانتخابات التركية التي بدأت قبل عام بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية واستكملت بالانتخابات المحلية قبل أكثر من شهر.

وأجريت الانتخابات التركية الرئاسية والبرلمانية في مايو/ أيار 2023 وفيها تمكن التحالف الجمهوري (العدالة والتنمية والحركة القومية) من مواصلة الحكم في البلاد بتحقيق أغلبية برلمانية، وفاز الرئيس رجب طيب أردوغان بالرئاسة مجددا.

في حين خسرت الطاولة السداسية التي شكلتها المعارضة التركية الانتخابات البرلمانية، وأطيح بمرشحها لمنصب الرئاسة، زعيم حزب الشعب الجمهوري السابق كمال كليشتدار أوغلو.

وعقد حزب الشعب الجمهوري نهاية 2023 مؤتمره العام بعد نتائج الانتخابات التركية، وخسر كليتشدار أوغلو رئاسة الحزب أمام أوزغور أوزيل.

كما أطاحت الانتخابات التركية المحلية بزعيمة الحزب الجيد ميرال أكشنار وهي أيضا كانت أحد أطراف الطاولة السداسية في انتخابات 2023، ليذهب الحزب إلى مؤتمر طارئ، وتولى مساوات درويش أوغلو زعامة الحزب.

نهاية حقبة

في حوار أجرته قناة "تي في 5" المقرّبة من حزب السعادة، كشف كارامولا أوغلو في 4 مايو/ أيار 2024، عن نيته ترك رئاسة الحزب، وعزا ذلك إلى أسباب صحية، من دون ترك الحياة السياسية بالكامل.

وقال: "صحتي لم تعد تسمح لي بأداء هذا الواجب بشكل صحيح. لم أستطع الذهاب إلا إلى 4 فعاليات شعبية خلال فترة الانتخابات هذه. وهذا تقصير خطير بالنسبة لرئيس الحزب. لم أستطع الذهاب، ليس لأنني لا أريد الذهاب، بل لأن صحتي لم تسمح بذلك". 

وذكر كاراملا أوغلو أن موعد مؤتمر الحزب لم يُحدد بعد، لكن من الممكن عقده في 30 يونيو/ حزيران 2024.

وأضاف: "موعد مؤتمرنا عادة في أكتوبر/ تشرين الأول. ولكن بدا شهر أكتوبر وكأنه وقت طويل بالنسبة لي. لذلك، أخبرت أصدقاءنا أن يستعدوا، وأوضحت لهم أنه سيكون من الأنسب لنا أن نعقد مؤتمرا استثنائيا قبل أكتوبر 2024".

ومضى يقول: "لا يوجد مرشح في الوقت الحالي، وسننظر في آراء أعضاء الحزب بشأن هذه القضية، وسيُعقد المؤتمر عندما يُتوصل إلى اتفاق على اسم أو اسمين".

وعلى جانب آخر، قال تمل كاراملا أوغلو: "لا أفكر في الانسحاب الكلي من السياسة. أنا سأترك الرئاسة، وسأكون أكبر داعم ومساعد لأي من أصدقائنا الذي سيصبح رئيسا". 

جدير بالذكر أن الاسم الجديد الذي سيُنتخب في المؤتمر سوف يرأس الحزب ويصبح الرئيس السادس لحزب “السعادة” الذي تعود جذوره إلى حركة “مللي غوروش” التي أسسها رئيس الوزراء السابق نجم الدين أربكان.

"سلمان إسمرير"

على الرغم من تداول أسماء عديدة لمرشحي الرئاسة في حزب "السعادة"، إلا أن أول إعلان جاء من عضو الهيئة العليا للحزب، سلمان إسمرير.

وفي البيان الذي شاركه في 8 مايو 2024، بعنوان "اقتراح/ نداء لحركة الميلي غوروش"، أعطى إسمرير رسالة تفيد بأنه "مستعد للواجب الوطني".

وفي الرسالة، قال إسمرير: "بينما تحقق حركة (ميللي غوروش) أهدافها الملموسة منذ نصف قرن، فإنها في المقابل بحاجة إلى وضع قدم ثابتة فيما يخص المبادئ الأساسية، والقدم الأخرى في محاولة إعادة بناء السياسة والخطاب والأدوات والأنظمة بما يتناسب مع ظروف اليوم". 

وأضاف: “في السنوات الخمس عشرة الماضية، لم يحقق الحزب أي نجاح من شأنه أن يؤثر على مسار البلاد أو يوجهه. كما أنه لم يتمكن، بعد أن فقد حزب (العدالة والتنمية) بعض قوته، وخسر أكثر من 6 ملايين صوت في الانتخابات المحلية الأخيرة، من الحصول حتى على ألف من هذه الأصوات”.

وشدد على أن "التحالفات التي دخل فيها أدت إلى انفصال حزب السعادة تماما عن قاعدته الاجتماعية، وحولته إلى حزب غير فعال في مستقبل البلاد والمنطقة".

وأضاف إسمرير: أن "أزمة حركة ميللي غوروش ذات اتجاهين. حيث يشمل الاتجاه الأول الأزمة التي تعيشها داخل الحركة والنظام الحزبي، أما الثاني فهو اتجاه السياسة والخطاب الذي يقدمه للمجتمع والوطن والإنسانية".

وبناء على ذلك، وجه عدة اقتراحات لأعضاء الحزب، حيث قال: "يجب أن يكون هذا المؤتمر بمثابة مؤتمر ترميم وإعادة إعمار شامل لحركتنا ومنظمتنا، مع أفق سيعيد بناء القرن القادم. ولا ينبغي للمؤتمر أن يتسبب في انقسام جديد".

وتابع إسمرير: "كما يجب تكليف الرئيس المنتخب الجديد بمهمة الترميم والتعمير خلال فترة زمنية معينة وبأسلوب معين. ومن دون السماح بإبعاد أي شخص عن هذه العملية، يجب ضمان قيام كل مجموعة ومدرسة داخل حركتنا بتشكيل تحالف (ميللي غوروش) واسع".

"بناء حركة منظمة"

وفي 14 مايو 2024، شارك سلمان إسمرير رسالة بعنوان "بناء حركة منظمة" عبر منصة إكس سلطت الضوء على عدة نقاط مهمة تتعلق بمستقبل الحزب.

وجاء في الرسالة: "العالم يتغير بوتيرة لم يشهدها التاريخ من قبل. التغيير الذي يشهده العالم اليوم ليس مجرد تغيير مادي أو عملي، بل هو تغيير ميتافيزيقي وأنطولوجي".

وأضاف: "اليوم، يواجه العالم تهديدا تجاه الإنسان والمكان والزمان والوجود نفسه. ويعد هذا التغيير مسألة حيوية للغاية بالنسبة لأي أيديولوجية تحرر أو حركة تهدف إلى إصلاح الأرض. لأن الانكسارات والاضطرابات التي مررنا بها في الربع قرن الأخير تتطلب منا إعادة التفكير في بعض القضايا المتعلقة بحركتنا ووطننا وعالمنا".

وتابع: "حددت الحركات الإسلامية، وخاصة حركة "الميللي غوروش"، جميع القضايا المتعلقة بالإنسان والمجتمع والدولة كمجال عملها. هذا الموقف يجعل من الضروري لكل جيل، ولكل مجتمع، ولكل ساع للتغيير، أن يفهم ويدرك ثوابته، وفي ذات الوقت يقدم رؤى جديدة".

وتؤكد الرسالة على أن "الحركات لا تبني أنظمة في عهد قادتها المؤسسين، بل تنمو الحركات التي تبني أنظمة بعد القادة المؤسسين وتحقق المزيد من الفتوحات بعد إضفاء الطابع المؤسسي على المبادئ والأسس الأولى".

ومضى يقول: "يجب أن يكون للحركة زعيم، ومجلس استشاري رفيع المستوى، ومجلس شورى، وهيئة تحكيم، ومنظمات غير حكومية، وهيكل تنظيمي ومؤسسي جديد. يجب أن نكشف عن الهيكل التنظيمي بأكمله، مثل انتخاب مؤسسات (الميللي غوروش)، وتعييناتها، وآليات حل المشكلات، والعلماء، والتنسيق الذي يضمن التكامل، والتموضع المستقل المنفصل لكل من الحزب والحركة".

ولفت إلى أنه: "وإذا لم تضع حركة الميللي غوروش رؤية لبناء حركة منظمة بهيكل جديد في وقت قصير وبشكل لا يقصى فيه أحد، فلن يغفر التاريخ أبدا".

مرشحون آخرون 

وتشير تكهنات في وسائل الإعلام التركية إلى اسمين بارزين داخل الحزب قد يكونا ضمن المرشحين لخلافة كارامولا أوغلو؛ وهما بيرول أيدين، عضو مجلس النواب عن إسطنبول المتحدث باسم الحزب، وعمر عبد الله أيهان، مرشح منصب رئيس بلدية ولاية سكاريا.

كما يتداول اسم كل من نائب رئيس كتلة حزب "السعادة"، بولنت كايا، والبرلماني عن قيصري، محمود أريكان، كونهم مرشحين للمنصب.

وفي هذا الصدد، قال مسؤولون في الحزب إنه "ينبغي انتظار نتائج الاستشارات التي ستُجرى بشأن المرشح".

وتحدث مصطفى كورداش، رئيس تحرير صحيفة "ميللي غازته"، المقربة من حزب "السعادة"، عن المؤتمر أيضا. حيث قال إنه على "حزب (السعادة) أن يحتضن جميع أعضائه من أعلى إلى أسفل".

وادعى أن "الحركة السياسية والحزب السياسي الذي لحق به أكبر ضرر من قبل حكومة حزب "العدالة والتنمية" هو حزب "السعادة" و"الميللي غوروش". 

ومضى متسائلا: "لماذا؟ لأنهم لم يأخذوا فقط ناخبينا وكوادرنا، بل أسسوا كذلك نوعا من الهيمنة على قاعدتنا الاجتماعية، وشنوا باستمرار حملات مناهضة لنا". 

وأكمل: "دعونا نكون أنفسنا. لا يمكننا الابتعاد عن قاعدتنا الاجتماعية لأن شخصا ما من قاعدتنا الاجتماعية طردنا. لا يمكننا الابتعاد عن أي شخص أو أي دائرة من قاعدتنا الاجتماعية".

وتابع: "بطبيعة الحال، سنبني أنفسنا بناء على قاعدتنا الاجتماعية الخاصة وعلى أساس خطابنا الخاص. لأن عصر التحالفات قد انتهى. كان هناك نص توافقي في عصر التحالف. لا ينبغي أن يكون لأي أحد تأثير على حزب السعادة". 

وشدد كورداش بالقول: “نحن نعرف أنفسنا. هذا الشعب وهذه الأمة وهذه الإنسانية بحاجة إلى حركة الميللي غوروش وحزب السعادة”. 

وختم قائلا: "يمكننا فقط تعليم الأمة صفة القيادة مرة أخرى. يمكننا أن نشرح لهذا الشعب صفة تركيا كدولة رائدة. وإلا فسنبقى دائما دولة نموذجية وليست دولة رائدة؛ دولة نموذجية للغرب. وبالتالي، يتعين علينا أن نشرح للجمهور صفة القيادة لدينا".