عز الدين الحداد.. قائد فرقة غزة المسؤول عن إعادة ترميم كتائب القسام

داود علي | منذ شهرين

12

طباعة

مشاركة

على مدار عقدين من الزمن، شارك عز الدين الحداد، أحد أهم أعضاء المجلس العسكري العام لكتائب “الشهيد عز الدين القسام”، في تخطيط وتنفيذ العديد من العمليات العسكرية والهجمات ضد الكيان المحتل. 

وتسببت تلك العمليات في إلحاق أضرار جسيمة بالكيان المحتل، لا سيما عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، والتي عدتها إسرائيل "أسوأ هزيمة في تاريخها". 

والحداد، قائد لواء غزة، الذي تعده إسرائيل من الشخصيات المركزية في الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ويقود على الأقل 6 كتائب، بالإضافة إلى كتيبة من القوات الخاصة.

 دور بارز

وأفادت إسرائيل بأنه أصبح قائدا للمنطقة الشمالية بأكملها، مما يجعله مسؤولا عن قيادتين و14 كتيبة.

وزعمت صحيفة "هآرتس" العبرية، في 27 ديسمبر/ كانون الأول 2024، أن الحداد هو من يقود الكتائب في شمال غزة.

وقالت الصحيفة: إن "الحداد هو الذي يتولى مهمة إعادة ترميم قدرات كتائب القسام". 

ورصدت إسرائيل مكافأة مالية قدرها 750 ألف دولار لمن يدلي بمعلومات عن مكان الحداد، وكان الرابع ضمن قائمة أهم القادة القساميين المطلوبين لإسرائيل، بعد مروان عيسى، محمد السنوار، رائد سعد. 

لكن المتحدث العسكري باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، وضع الحداد كمطلوب أول لدى الاحتلال، وأشار إلى أنه الأخطر بين ثلاثة قادة ميدانيين في القسام.

ويكنى الحداد بـ"أبو صهيب"، لم يتم نشر الكثير عن سيرته الذاتية من حيث الميلاد أو طبيعة النشأة، لكن سيرته العسكرية مليئة بالمعارك والأحداث.

وتشير المعلومات أن الحداد انضم لحركة “حماس” في سنوات عمره المبكرة، ومع انطلاقة الحركة عام 1987.

ثم كان في طليعة الشباب المنضوين تحت لواء القسام؛ حيث بدأ الحداد في صفوفها كمقاتل عادي في لواء غزة حتى ترقى وشغل منصب قائد سرية، ثم قائد كتيبة، إلى أن أصبح قائدا للواء نفسه.

وخلال تلك السنوات عمل الحداد كحلقة وصل مهمة بين مختلف قادة حماس، وشارك في تخطيط وتنفيذ العديد من العمليات العسكرية.

وأيضا أدى الحداد دورا بارزا في تنظيم جهاز "مجد" داخل كتائب القسام، وهو الجهاز المسؤول عن ملاحقة العملاء والجواسيس الذين يعملون لصالح إسرائيل.

وخلال العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2008، والتي سمتها المقاومة "العصف المأكول"، كان الحداد آنذاك قائدا في المنطقة الشرقية من مدينة غزة، وفي 2 يناير/ كانون الثاني 2009، قصف الجيش الإسرائيلي منزله بحي الشجاعية. 

وخلال الحرب على القطاع عام 2012، في العملية التي سمتها المقاومة "حجارة السجيل"، كان الحداد يشغل منصب قائد لواء جنوب مدينة غزة، وفي هذا العدوان قصف الجيش الإسرائيلي منزله من جديد، محاولا اغتياله.

وفي معركة "سيف القدس" عام 2021، كان يشغل الحداد منصب قائد قوات المساعدة القتالية العامة في القطاع.

وفي 17 مايو / آيار 2021، خلال العملية المعروفة بـ"حارس الأسوار"، قصف الجيش الإسرائيلي منزله للمرة الثالثة، قاصدا اغتياله أيضا. 

وعد الحداد 

أصبح عز الدين الحداد، قائدا للواء غزة، في مايو/ أيار 2022، خلال الحرب المعروفة بـ"الفجر الصادق"، وذلك بعد اغتيال قائد اللواء باسم عيسى في أول أيام الحرب، ضمن ما عرف بـ"ضربة نفق القيادة".

وبعد أيام قليلة من توليه القيادة، ظهر الحداد في مقطع مصور قال فيه: إن الاحتلال "سيتفاجأ من دقة وكثافة وتأثير صواريخ القسام في أي معركة قادمة". 

وأضاف في الفيلم عن الشهيد وليد شمالي أن "اغتيال العدو الصهيوني للقادة الأبطال ومهندسي التصنيع لن يوقف تطور صواريخ القسام، وسيرى العدو منا ما يسوؤه بإذن الله".

ثم أطلق الحداد وعدا ووعيدا لإسرائيل عندما قال: "سيرى العدو في المعركة القادمة صنيع هذه الثلة المجاهدة، فهذا وعد الله الجبار، وسندخل الأرض المقدسة وإنا لقادمون".

وتحقق وعد الحداد بعدها بفترة قليلة، إذ كانت تعمل تحت قيادة الرجل الملقب بـ"شبح القسام"، نحو ست كتائب على الأقل، منها كتيبة النخبة المسؤولة عن الاقتحام الأول للمستوطنات المحيطة بقطاع غزة صباح 7 أكتوبر 2023، ضمن عملية طوفان الأقصى. 

وفي يونيو 2024، زعمت صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية أنها حصلت على وثائق كشفت الخطة والطريقة التي تعاملت بها حماس خلال عملية طوفان الأقصى. 

وذكرت منها التعليمات التي وزعها عز الدين الحداد في ذلك الوقت على عناصر "القسام" المعنية بعملية الاقتحام.

وبحسب "الوثائق" فإن الهجوم سيكون بمثابة الموجة الأولى من الهجمات على "إسرائيل"، وستليها موجات أخرى من الهجمات، بحسب مخططها.

وورد في "الوثائق" أن الحداد دعا بشكل سري يوم 6 أكتوبر، قبل ساعات قليلة من بدء الهجوم المفاجئ على الاحتلال، قادة الكتائب الخاضعة لقيادته وأعطاهم ورقة مطبوعة عليها شعار كتائب عز الدين القسام.

وجاء فيها: "إيمانا منها بالنصر الساحق، وافقت قيادة الكتائب على بدء العملية العسكرية الكبرى طوفان الأقصى، ضع ثقتك في الله، وتوكل عليه، وقاتل بشجاعة، وتصرف بضمير مرتاح، ولتكن صيحات الله أكبر هي المجد".

ثم أعطى الحداد تعليماته قائلا: "يجب التأكد من أن هناك بثا مباشرا للهجوم والاستيلاء على البؤر الاستيطانية والكيبوتسات، وهناك تعليمات بنشر الصور على الإنترنت، وهناك احتمال أن تأخذوا معكم أعلام الدول العربية والإسلامية لترفعوها في البؤر الاستيطانية والكيبوتسات".

ثم اختتم بأن الهدف الرئيس من العملية: "أسر عدد كبير من الجنود الإسرائيليين في اللحظات الأولى من القتال، وإرسالهم إلى قطاع غزة".

خليفة الضيف 

بعد “طوفان الأقصى” وعلى مدار 15 شهرا من العدوان الإسرائيلي على غزة، حاول الاحتلال بشتى السبل تصفية الحداد. 

ففي ديسمبر 2023، داهمت "الفرقة 162" من الجيش الإسرائيلي منزله في حي التفاح، وزعمت العثور على صور توثق علاقاته مع قادة آخرين في القسام.

وفي فبراير 2024، شنت إسرائيل هجوما على منزل في تل الهوى ادعت أنه يقيم فيه، لكن الحداد لم يصب بأذى، كما زعمت أنها دمرت منزلا له بغزة في 3 مارس 2024.

وفي يونيو 2024، أعلن المتحدث باسم جيش الاحتلال أنه خلال الحرب أصبح الحداد المسؤول عن شمال قطاع غزة.

وظهر الحداد في برنامج "ما خفي كان أعظم" المذاع على قناة "الجزيرة" القطرية في 24 يناير 2025، حيث أدلى بمعلومات تفصيلية عن خطة  “طوفان الأقصى” وأسباب قيامها بتلك العملية.

ومما قاله: إن "معلومات استولت عليها حماس كشفت خطط قوات الاحتلال الإسرائيلي وتوقيته لحرب مدمرة على قطاع غزة قبل عملية طوفان الأقصى".

وأضاف أن "ركن الاستخبارات في القسام اخترق أحد خوادم الوحدة الاستخبارية 8200 الإسرائيلية واستولى على وثيقة خطيرة".

وأشار إلى أن الخطة الإسرائيلية كانت تقضي بهجوم جوي مباغت يشمل استهداف كل فصائل المقاومة يتبعه هجوم بري واسع ومدمر.

ثم أكد أن "القسام اعتمدت خطة خداع إستراتيجي للعدو وأوهمناه أننا ابتلعنا طعم التسهيلات، وتم وضع الإخوة في محور المقاومة في صورة توجهنا لعملية طوفان الأقصى واحتفظنا بساعة الصفر في أضيق دائرة".

وتزعم مصادر إسرائيلية أن الحداد هو خليفة قائد أركان كتائب القسام محمد الضيف؛ حيث رجحت قناة "كان 11" العبرية، في يوليو 2024، أن الضيف كان موجودا في مكان القصف بخان يونس وأنه “أصيب وربما قتل”.

وأفاد محلل القناة، إيليور ليفي، أن “المصادر ذاتها أشارت إلى أنه تم بالفعل تحديد الحداد كخليفة، في حال تبين أنه تم القضاء على الضيف بالفعل في الهجوم”. 

وقال: إن "الخليفة الذي من المقرر أن يكون رئيس الجناح العسكري لحماس في غزة هو قائد لواء غزة عز الدين حداد”.

وفي 30 يناير 2025، بعدما أعلنت حماس رسميا استشهاد الضيف، تم طرح عز الدين الحداد كأحد أبرز الخلفاء المحتملين له.