انتخابات حرجة.. من المرشح الذي يدعمه السنة لرئاسة إيران؟

رمضان بورصا | 5 months ago

12

طباعة

مشاركة

لا يوجد رقم رسمي يوضح نسبة السنة من إجمالي سكان إيران، لكن تدعي بعض المراكز القريبة من النظام أن عدد السنة في إيران يتراوح بين 8 إلى 10 ملايين.

بينما يذكر خطيب أهل السنة في زاهدان وأحد أكبر علماء السنة في إيران مولوي عبد الحميد إسماعيل زهي أن عدد السنة في إيران يتجاوز 20 مليونا، في حين تقدر مصادر أخرى معتدلة أن عدد السنة يتراوح بين 13 إلى 15 مليونا.

جدير بالذكر أن نسبة السنة في إيران كان لها دوما دور حاسم في الانتخابات الرئاسية، لا سيما في الانتخابات التي يتنافس فيها عدة مرشحين أقوياء، حيث تكون أصوات السنة ذات أهمية إستراتيجية، مما يدفع المرشحين إلى تقديم وعود لجذب أصوات السنة.

وعود انتخابية

في الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في 28 يونيو/ حزيران 2024، يقوم اثنان من المرشحين الثلاثة الأقوياء بتقديم العديد من الوعود لجذب أصوات السنة.

عند النظر إلى التاريخ، نرى أن السنة دعموا مرشحي التيار الإصلاحي منذ أكثر من 20 عاما منذ فترة الرئيس السابق محمد خاتمي، وفي انتخابات عام 2021، دعم السنة بشكل كبير إبراهيم رئيسي نظرا لعدم وفاء حسن روحاني بوعوده لهم.

وإذا كانت تفضيلات السنة تختلف بناء على مناطقهم في الانتخابات النيابية والإدارة المحلية، لكن في الانتخابات الرئاسية، يتعاون السنة الأكراد والبلوش والتركمان لدعم مرشح واحد. 

ومن الممكن القول إن مولوي عبد الحميد إسماعيل زهي خطيب الجمعة في زاهدان وقائد حركة "مكي"، وجماعة الدعوة والإصلاح، التي يُنظر إليها بصفتها الفرع الإيراني لجماعة الإخوان المسلمين، قوى موجهة للسنة في دعم مرشح معين.

بزشكيان وقاليباف

وفقا لاستطلاعات الرأي في إيران، يأتي مسعود بزشكيان في المركز الأول، وسعيد جليلي في المركز الثاني، ومحمد باقر قاليباف في المركز الثالث.

وإذا لم يحصل أي مرشح على الأغلبية المطلقة في الجولة الأولى، فسيخوض بزشكيان وجليلي الجولة الثانية في 8 يوليو/ تموز 2024، وهذا الوضع يجعل تفضيلات نحو 6.5 ملايين ناخب سني ذات أهمية إستراتيجية.

يسعى المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان إلى جذب دعم السنة من خلال الحديث عن حقوقهم في العديد من خطاباته حيث صرح بأن: "الشخصيات ذات الأصول التركمانية والكردية والبلوشية والطالشية تُحرم من المكانة والكرامة الإيرانية بسبب التمييز المذهبي. أعرف العديد من السنة المؤهلين الذين لا يحصلون على المناصب المناسبة بسبب بعض الأشخاص ذوي العقلية الضيقة والنظم الخاطئة".

كما أكد بزشكيان أنه إذا انتُخب رئيسا، فإنه ينوي تعيين شخص سني كوزير، لكن تصريحاته هذه قوبلت بمعارضة من الفصائل المحافظة المتشددة.

ومن جهة أخرى، عقد المرشح الرئاسي محمد باقر قاليباف اجتماعا شاملا مع علماء السنة وقادة الرأي في طهران، وبدلا من الحديث عن الحقوق التي حُرم منها السنة وتقديم الوعود لهم، كرر قاليباف الرواية الرسمية الإيرانية حول السنة.

وحرصا على عدم فقدان دعم الناخبين المحافظين والمتشددين، تحدث قاليباف بحذر شديد في اجتماعه مع السنة قائلا في خطابه: "المجموعات العرقية المختلفة والأديان والأقليات الدينية هي جزء من نسيج إيران، ووجودنا معا يجعل إيران قوية وجميلة ويوفر فرصا كبيرة للبلاد ولكل الأمة".

وأضاف "لقد حاول الأعداء دائما تقسيم إيران على مر التاريخ، والسبب هو وحدة وتكامل المجموعات العرقية المختلفة في إيران. لقد دافع الإيرانيون عن فلسطين بغض النظر عن العرق والمذهب والدين. وكما قال آية الله السيستاني: السنة ليسوا إخواننا، بل أرواحنا".

 

شعور بالإحباط

يشعر السنة في إيران بالإحباط من الانتخابات بسبب التمييز الذي عانوه لسنوات، فعلى مدى 45 عاما منذ الثورة، يشعر السنة أنهم لم يحصلوا على حقوقهم في مناصب الدولة. 

في خطبة صلاة الجمعة، تحدث إمام الجمعة في زاهدان مولوي عبد الحميد عن الانتخابات، منتقدا المادة 115 من الدستور التي تمنع السنة من الترشح للرئاسة.

وقال مولوي عبد الحميد: "هذه المادة مرفوضة من منظور كتاب الله والسنة، ولا تتوافق مع الشريعة الإسلامية والقوانين الدولية. أنتم تحرمون أكثر من 20 مليون سني من حق الترشح لمجرد أنهم سنة!".

وأضاف "تدعون أن نظام الدولة هو جمهورية إسلامية، فما علاقة هذه المادة بنظام الجمهورية الإسلامية؟ الدستور ليس وحيا إلهيا، وهناك نواقص وأخطاء في الدستور. العديد من مواد هذا الدستور لا تتوافق مع الشريعة الإسلامية. ناقشنا مشاكل السنة مع الحكومة مرات عديدة وكتبنا إلى آية الله خامنئي، لكن المشاكل لم تُحل".

وأوضح إمام الجمعة في زاهدان أن الرؤساء السابقين قدموا وعودا للسنة خلال فترة ترشحهم، لكنهم لم يوفوا بوعودهم وأردف: "طلبنا من أحد الرؤساء الذين دعمناهم تعيين وزير سني عند تشكيل الحكومة، لكنه قال إنه إذا عين وزيرا سنيا فلن يوافق البرلمان. ثم قلنا له أن يقترح ونحن سنتعامل مع البرلمان، لكنه لم يجرؤ على ذلك. ثم طرحنا طلب اختيار نائب رئيس من بين السنة، لكنه إما لم يرغب، أو لم يجرؤ على ذلك".

مقاطعة الانتخابات

وفي حوار له مع صحيفة "الاستقلال"، قال أكاديمي إيراني، طلب عدم الكشف عن اسمه، إن الميل العام للسنة هو مقاطعة الانتخابات بسبب الضغوط التي يتعرضون لها. 

ومع ذلك، أشار الأكاديمي الإيراني إلى أن حديث المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان عن حقوق السنة في خطاباته، بما في ذلك خطاباته على التلفزيون الحكومي، قد غير رأي السنة بشأن المشاركة في الانتخابات. 

وقال الأكاديمي الإيراني: "أعتقد أن من يريدون المشاركة في الانتخابات سيفضلون مسعود بزشكيان. والسبب هو أن بزشكيان تحدث عن حقوق السنة في العديد من المنصات، بما في ذلك التلفزيون الحكومي، واعترض على سياسة إنكار حقوق السنة في طهران. السنة دعمت الإصلاحيين في العديد من الانتخابات أو قاطعت الانتخابات. فقط في الانتخابات الأخيرة دعموا إبراهيم رئيسي بسبب خيبة أملهم من الإصلاحيين وعدم وفائهم بالوعود المقدمة للسنة".

كذلك أشار صحفي إيراني، طلب عدم الكشف عن اسمه، إلى أن الموقف التقليدي للسنة في الانتخابات هو دعم المرشح الإصلاحي. 

وقال الصحفي الإيراني لصحيفة الاستقلال: "في الانتخابات التي ستجرى في 28 يونيو/ حزيران 2024، يبدو أن السنة سيدعمون مسعود بزشكيان. بزشكيان تركي وشيعي، لكنه ولد ونشأ في منطقة مهاباد في كردستان السنية، مما جعله يتعرف على السنة ويتواصل معهم".

وأضاف "إلى ذلك، نجح بزشكيان في التعبير عن مطالب المناطق الريفية خلال فترة حملته الانتخابية. إن سكان الريف لا يحصلون على خدمات كافية ولا يحصلون على نصيبهم من الدخل، وتحدث عن الظلم. ونحن نرى أن بزشكيان يتقدم في المناطق السنية مثل كردستان وبلوشستان وخراسان وجولستان".

مطالب أساسية

ووفق مراقبين فإن اعتناق المذهب السني في إيران يعد عائقا في العديد من المجالات، حيث يمنع الدستور توليهم منصب الرئاسة، كما يواجه السنة انتهاكات لحقوقهم تحت ضغط بعض التيارات المحافظة المتشددة.

كما تشمل المشكلات الرئيسة التي يواجهها السنة، عدم تعيين وزراء منهم، وعدم توليهم مناصب عليا مثل المحافظ، وضعف التنمية الاقتصادية في المناطق السنية مقارنة بالمناطق الأخرى، وعدم وجود مسجد سني في طهران.

وفي هذا السياق، أشار أكاديمي إيراني لصحيفة الاستقلال إلى أن انتهاكات حقوق السنة مرتبطة ببنية الدولة. حيث قال: "السبب الرئيس هو أن جمهورية إيران الإسلامية، كنظام سياسي، تتبنى المذهب الشيعي الإثني عشري كمذهب رسمي، وتشكل بنيتها القانونية والتشريعية وفق تفسير ولاية الفقيه للمذهب الشيعي الإثني عشري.

وأضاف "كما أن نظام إيران السياسي هو نظام يحاول الجمع بين الشريعة والشعبية، ويعطي أهمية لكل من الشرعية الإلهية ودعم الشعب. يظهر هذا الادعاء بوضوح في الاسم الرسمي للبلاد: الجمهورية الإسلامية الإيرانية".

وتابع: "الجانب الشرعي للنظام السياسي في إيران يتشكل وفق تفسير ولاية الفقيه للمذهب الشيعي الإثني عشري، بينما يمثل الجانب الشعبي الانتخابات البرلمانية والرئاسية وانتخابات مجلس الخبراء. وفي هذا المنظور، للأسف، لا يوجد مكان كبير للسنة وغير الشيعة الذين لا يرتبطون بمبادئ الثورة".

وقال الصحفي الإيراني "إن السنة لديهم مطالب في مجالين: الأول هو معالجة المشكلات التي يواجهها سكان الريف، وهي مشكلة مشتركة بين السنة والشيعة في الريف. أما المجال الثاني فهو إزالة الوضع غير المريح الذي يسببه اعتناق المذهب السني".

وتابع الصحفي: "مطالب السنة المتعلقة بالتسنن تشمل: أن يكون مديرو الدوائر الحكومية المحلية من السنة، وأن يتمكن النواب السنة من التواصل بشكل أسهل مع المسؤولين الحكوميين الكبار، وتحييد الجماعات والتيارات التي تعارض السنة داخل الدولة". 

وأردف: "أحيانا تؤثر المشكلات التي يواجهها السنة على السياسات الإقليمية لإيران، والدولة تدرك ذلك. وفقا للدستور الإيراني، يجب أن يكون المرشد والرئيس من الشيعة. لذلك، من المؤكد أن السنة لا يمكنهم أن يصبحوا في منصب الرئاسة".

وختم تصريحاته بالقول، "رغم أنه لا يوجد عائق قانوني يمنع السنة من تولي مناصب مثل الوزير أو نائب الوزير أو المحافظ، لكن هناك عدة أسباب تحول دون ذلك، أبرزها أن الفصائل الشيعية المحافظة تعارض بشدة تعيين السنة في المناصب العليا في الدولة، وهذه الفصائل تمارس ضغوطا على الحكومات والدولة، ولا تتسامح مع تولي سني لمناصب عليا".