عملية أمنية ضد زعيم مافيا.. ما علاقته بمحاولة انقلاب في تركيا؟

15347 | 6 months ago

12

طباعة

مشاركة

بعد فترة ضبابية حول ما يجرى في تركيا، تحدث إعلام محلي عن إفشال الحكومة “محاولة انقلاب جديدة” تهدف إلى الإطاحة بالنظام الحالي، عبر زجّ أسماء مقربين من الرئيس رجب طيب أردوغان في قضايا فساد لتشويه صورتهم.

وكانت هناك محاولة انقلاب مشابهة ضد أردوغان من خلال إجراء تحقيقات متعلقة بالفساد والرشا عام 2013، حيث قامت مجموعة من المدعين العامين والمسؤولين الأمنيين المرتبطين بتنظيم "فتح الله غولن" باختلاق قضايا فساد وعمليات تنصت غير مشروعة، وذلك بهدف تشويه سمعة مقربين من أردوغان، لكن الحكومة تصدت لها في ذلك الوقت.

فضائح الشرطة

ونشرت صحيفة "حرييت" مقالا للكاتب، عبد القادر سيلفي، أوضح فيه أن " الخطة في المحاولة الجديدة هي اعتقال الشرطة زعيم منظمة الجريمة المنظمة أيهان بورا كابلان، وبعدها تنفيذ عملية إفساد للسمعة ضد حزب العدالة والتنمية ووزير الداخلية علي يرليكايا عبر شاهدٍ سري".

وتابع: "لذلك ومنذ اليوم الأول أتساءل فيما إذا كانت هذه العملية محاولةَ انقلاب ضد الحكومة أم عملية للمافيا ضد السياسة وحزب العدالة والتنمية".

وأردف سيلفي: "تمكنت وحدات مكافحة الجريمة المنظمة في العاصمة أنقرة من إلقاء القبض على أيهان بورا كابلان، رأس منظمة (كابلانلار) الإجرامية، لحظةَ محاولته الفرار من تركيا". 

وعلى أثر ادعاءات تورط عناصر من الشرطة مع المنظمة الإجرامية، شرعت الإدارة العامة للأمن بأنقرة في إجراء تحقيق إداري، أفضى إلى إيقاف تسعة من ضباط الشرطة عن العمل.

وأشار الكاتب التركي إلى أن "الضباط الأربعة الذين أعلنت مديرية الأمن في أنقرة توقيفهم بتهمة الارتباط بمنظمة كابلانلار كانوا جزءا من الفريق الذي نفذ عملية القبض على رئيس المنظمة".

وذكر سيلفي: "هناك ثلاث حلقات حاسمة في هذه القضية، الأولى هي هروب سردار سيرتشليك، والذي ألقت الشرطة القبض عليه أيضا بصفته الشخص الثاني في المنظمة، وحكم عليه بالإقامة الجبرية في منزله، وقدم شهادة مؤلفة من 19 صفحة بصفته شاهدا سريا".

ورأى أن "إحضار سردار سيرتشليك كشاهد سري من قبرص إلى تركيا كانت بكاملها عملية مليئة بالفضائح من البداية إلى النهاية".

فبحسب مصادر موثوقة علمنا أن أمر القبض على سردار سيرتشليك صدر بعد تسعة أيام من هروبه إلى الخارج. وأن سردار سيرتشليك كان يتجول في أنقرة وهو يرتدي سوارا إلكترونيا. 

واستطرد: “بالطبع، الفضيحة الأكبر كانت هروبه من تركيا بمرافقة شرطي وهو يرتدي سوارا إلكترونيا، وفي الوقت الراهن سيرتشليك هرب إلى الخارج وأصبح أداة لعملية ضد تركيا تحت سيطرة فتح الله غولن ووكالة المخابرات المركزية الأميركية”.

الهدف الحقيقي

إن الحدث الثاني الأكثر أهمية في هذه القضية كان ادعاء إضافة أسماء سياسيي حزب العدالة والتنمية، 

فبعد إخراج سردار سيرتشليك إلى الخارج قام بعمليته الأولى، حيث تم الضغط على الزناد لإشعال حرب أهلية في حزب العدالة والتنمية وبالتالي التخلص من وزير الداخلية". 

وادعى أنه تم تحريضه من قبل مديري الشرطة ليقرأ النص المكتوب أمامه ويذكر أسماء شخصيات مهمة في حزب العدالة والتنمية مثل بكير بوزداغ، عبد الحميد غول، فخر الدين قوجا وسليمان صويلو.

ولفت الكاتب النظر إلى أن "الشخصية الحاسمة هنا كانت حسن دوغان، مدير المكتب الخاص للرئيس أردوغان، فحسن دوغان يعني أردوغان". 

وكانت الرسالة التي أرادوا إرسالها إلى أردوغان هي "أنتم الهدف الحقيقي هنا، ندّعي أننا نحارب العصابات، لكن حزب العدالة والتنمية وأنتم هم الهدف". ولو كانت هذه الادعاءات صحيحة لكان ذلك يعني محاولة انقلاب.

الوضع يذكرنا بـ"حادثة الضباط التسعة" في الماضي، ومحاولة الانقلاب التي تمت ضد أردوغان في 17-25 ديسمبر/ كانون الأول 2013.

وأضاف أن "بعض الصحفيين طرحوا هذه الادعاءات منذ بداية العملية، لكنها اكتسبت بُعدا سياسيا عندما تحدث عنها رئيس حزب الحركة القومية دولت بهجلي في خطابه الجماعي".

وبعد أن تلقى معلومات من الوزراء المعنيين ورئيس المخابرات الوطنية إبراهيم كالين قال الرئيس أردوغان في خطابه أمام مجموعة حزب العدالة والتنمية: "نتابع كل حادث يحدث في الآونة الأخيرة بكل أبعاده، حتى أدق تفاصيله".

نحن بالتأكيد نحاسب أي شخص يخرج عن القانون سواء كان ذلك بالخطأ أو عن قصد، فلا يوجد أي عذر لعدم أداء واجبه تجاه البلاد والشعب".

وتابع سيلفي: كان الإطار الذي حدده أردوغان مهماً. فأردوغان الذي أحبط العديد من المذكرات ومحاولات الانقلاب منذ أن أصبح في السلطة لديه بالتأكيد الخبرة الكافية لمعرفة ما هو الانقلاب وما هي عملية ضد المافيا.

وتابع سيلفي: أكملت النيابة العامة في أنقرة ومفتشو وزارة الداخلية تحقيقاتِهم حول ادعاءات "محاولة الانقلاب" التي أثيرت على أساس تصريحات سردار سيرتشليك. ولم يتم العثور على أدلة تدعم ادعاءات الانقلاب نتيجة التحقيق.

محاولة الانقلاب

وذكر سيلفي أن النيابة  قد أحالت رؤساء الشرطة إلى المحكمة بتهمة "محاولة التأثير على الخبراء أو الشهود الذين يؤدون وظائف القضاء، والتستر على المجرم" بالإضافة إلى تهمة "الكشف عن سر متعلق بالوظيفة العامة". وأصدرت المحكمة قراراً بالاعتقال على أساس هذه الأسباب.

ولكن بين هذه الأسباب لا يوجد شك في "محاولة الانقلاب". في الواقع، لقد طرح سردار سيرتشليك هذه الادعاءات بعد هروبه إلى الخارج في بث مع الصحفي إرك أجارير الذي اعترف بعلاقته بالاستخبارات الألمانية، وقد كانت ادعاءات من جانب واحد. 

ومع ذلك سجل رؤساء الشرطة مكالماتهم الهاتفية مع سردار سيرتشليك. وعند فحص تسجيلات المكالمات الهاتفية لم يتم العثور على أي محادثة تطلب من سردار سيرتشليك إضافة أسماء سياسيي حزب العدالة والتنمية. 

وفي هذه الحالة، ألا يجب أن نسأل من الذي طرح ادعاءات الانقلاب 'وما الذي حدث'؟ وهل تم إضافة تعديلات على التسجيلات الصوتية؟

وفي تقرير مفتشي وزارة الداخلية ذُكِرَ التالي؛ "لم يتم إجراء أي إضافات أو حذف في التسجيلات الصوتية المذكورة".

ويُذكر في التقرير أنه تم التصرف بطرق لا تتوافق مع وظيفة موظف الدولة خلال المحادثات. 

وتضمن التقرير ادعاءات بأن سردار سيرتشليك تم جُعِل شاهدا سريا تحت الضغط والتهديد، وأن أقواله تم أخذها بطريقة غير قانونية، وأنه تم محاولة توجيه أقواله.

وفي التقرير تم التوصل إلى أن المزاعم التي تقول إن سردار سيرتشليك قد تعرض للإكراه والتهديد ليشهد سرا خلال التحقيقات في قضايا العصابات الإجرامية في أنقرة وأنّ شهادته استُخرجت بطرق غير مشروعة وأنّ هناك محاولات لإملاء ما يقول لا تمت للواقع بصلة. كما أن إجراءات القبض والتوقيف وجمع الإفادات قد تمت بما يتوافق مع القوانين بالشكل اللائق.

وأردف سيلفي: “في الواقع لم يتم اعتقال رؤساء الشرطة بموجب المادة 316 من القانون الجنائي التركي بغرض الانقلاب”.

وفي النقطة التي وصلنا إليها لم يتم العثور على أي دليل في التحقيق الذي أجراه الادعاء والمفتشون بحيث يدعم الادعاء بأن رؤساء الشرطة حاولوا القيام بمحاولة انقلاب ضد حزب العدالة والتنمية باستخدام المافيا. 

ومع ذلك، لا يزال الادعاء بأن المافيا حاولت تنفيذ عملية ضد حزب العدالة والتنمية موجودا.

وقال سيلفي إن “الجزء الثالث من القضية يتعلق بأيهان بورا كابلان، حيث يبدو أن التطورات الأخيرة قد عملت لصالحه، فالشهود السريون تراجعوا عن شهاداتهم وبعض الأشخاص تخلَّوا عن الشكاوى ضده”. 

وأضاف أن "الضباط الذين قبضوا عليه تعرضوا لحملة تشهير من وسائل الإعلام، مما أدى إلى تحسن معنويات كابلان وثقته بنفسه. حتى إنه وصل إلى مستوى مكّنه أن يقول للقاضي: عزيزي".

وختم سيلفي بالقول: “ينتظر كابلان قرار المحكمة الذي قد يؤدي إلى إطلاق سراحه بشكل مؤقت، وإذا تم ذلك سيكون قد حقق الهدف من العملية التي أدت إلى اعتقاله”.