بمليارات الدولارات.. هكذا اخترقت الإمارات والسعودية السوق الإسباني

منذ يومين

12

طباعة

مشاركة

خلال الأشهر الأخيرة، تحولت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة إلى لاعبين رائدين في العمليات التجارية الكبرى في السوق الإسباني.

وهذا الأسبوع، أغلقت أبو ظبي صفقة شراء شركة تانديم، كورتي فييل، في حين تمتلك الرياض بالفعل تمثيلا في الإدارة العليا لشركة تيليفونيكا، شركة الاتصالات الكبرى.

أموال البترودولار

وقالت صحيفة إلباييس الإسبانية اليومية: إن استثمارات الدول العربية في الشركات الإسبانية الكبرى تشهد ارتفاعا هائلا. وفي الحقيقة، أصبحت أموال البترودولار من دول مثل المملكة العربية السعودية وإمارة أبو ظبي وقطر حاضرة بشكل متزايد في الشركات الإسبانية الكبرى.

وبهذا الشكل، لم تعد الأنظمة الملكية في الخليج العربي تتولى مجرد حصص أقلية في الشركات المدرجة في بورصة إيبكس، التي تضم أفضل 35 سهما متداولا في السوق الاسباني، بل أصبحت مالكة أو شريكة مرجعية أو من المساهمين الكبار في شركات إستراتيجية.

وخلال العقد الماضي، كانت صناديق الثروة السيادية الأميركية والأوروبية الكبيرة مسؤولة عن جميع العمليات داخل المؤسسات الإسبانية. أما في الوقت الراهن، فقد أصبحت صناديق الثروة السيادية في الشرق الأوسط تهيمن على مشهد الاستثمار. 

وقد تعزز هذا النهج في وقت تتراجع فيه شهية الاستثمار في الصين، التي تثقلها أزمة العقارات. ويتعزز ذلك من خلال البيانات الاقتصادية الكلية، التي تظهر أن إسبانيا حطمت رقما قياسيا في جذب الاستثمارات من صناديق الدولة الأجنبية بين عامي 2023 و2024، بأكثر من 7 مليارات يورو، وفقا لتقرير استند إلى بيانات من وزارة الصناعة والتجارة والسياحة.

اللاعبون الرئيسون

ومن بين اللاعبين الرئيسين، سلط باحثو هذا التقرير الضوء على الصناديق الاستثمارية العربية التي أصبح لها وزنها في السوق الإسباني منذ أكثر من عامين.

وأشارت الصحيفة إلى أن استثمارات دول الخليج العربي استمرّت في النموّ، ومن المتوقع أن تواصل هذه الدول في قيادة عمليات الشراء الكبرى داخل أهم المؤسسات الإسبانية. وفي الحقيقة، حققت ممالك الخليج العربي إنجازين مهمين خلال الأسبوع الماضي. 

من جهة، اشترت العائلة المالكة في أبو ظبي 68 بالمئة من شركة كورتيفيل في صفقة بلغت قيمتها مليار يورو. وكان الشراء الإماراتي هو الحل الأمثل لشركة تندام، وهي مجموعة المنسوجات التي تمتلك كورتيفيل، بعد عدة محاولات فاشلة لطرح أسهمها للاكتتاب العام.

من جهة ثانية، لم تكن هذه العملية الوحيدة التي قادتها الأنظمة الملكية العربية. وفي اليوم التالي للاستحواذ على كورتيفييل، أكملت المملكة العربية السعودية هبوطها في تليفونيكا، حيث اشترت 10 بالمئة من أسهمها مقابل 2.1 مليار يورو في عام 2023. 

وخلال الأسبوع الماضي، عينت الشركة الرئيس التنفيذي لشركة الاتصالات السعودية في منصب عضو في مجلس إدارة الشركة المتعددة الجنسيات، التي تعدها الحكومة إستراتيجية للمصالح الوطنية الإسبانية.

وأشارت الصحيفة إلى أن الاستثمارات العربية الأخيرة ليست إلا تعزيزا لاتجاه قائم منذ فترة طويلة، ففي عام 2011، استحوذ صندوق الثروة السيادية في أبو ظبي، آيبيك، والذي أعيدت تسميته إلى مبادلة، على شركة ثيبسا، التي أعيدت تسميتها إلى مويفي، إحدى أكثر شركات الطاقة عراقة في إسبانيا.

وفي بداية العقد الماضي أيضا، دخلت هيئة الاستثمار القطرية في إيبردرولا. واستثمر صندوق الثروة السيادية القطري اثنين مليار دولار في الشركة، مما مكنها من زيادة حصتها والتحول إلى أكبر مساهم في الشركة لسنوات.

ونقلت إلباييس أن قطر التي سلطت عليها الأضواء في سنة 2023 لاستضافتها كأس العالم، تملك حصة 25.1 بالمئة في مجموعة الخطوط الجوية الدولية، الشركة الأم لشركة إيبيريا وفويلينغ، و19 بالمئة من الأسهم في كولونيال، إحدى شركات العقارات الرئيسة في البلاد.

بالإضافة إلى ذلك، يمتلك العديد من المستثمرين القطريين حصص أقلية في شركة الكورتي إنقليس، وشركة بريسا، ناشر صحيفتي إلباييس وثينكو دياس، ونادي مالقا. وبالمثل، استحوذت شركة قطر للاستثمارات الرياضية، مالكة فريق باريس سان جيرمان لكرة القدم في فرنسا، على بطولة جولة البادل العالمية.

استحواذ إماراتي سعودي

وأوردت الصحيفة أن أهم المستثمرين في حصص الشركات الإسبانية في الوقت الراهن، وبامتياز، هي أبو ظبي. وقد تردد اسم الإمارة بقوة في ربيع 2024، عندما أعلنت شركة طاقة، إحدى شركات الطاقة التي تسيطر عليها الإمارة، عن نيتها إطلاق عرض استحواذ على شركة ناتورجي، التي تعد واحدة من الشركات الأكثر إستراتيجية في إسبانيا، حيث إنها تدير أهم عقود توريد الغاز التي تضمن أمن الإمدادات.

في ذلك الوقت، تعثرت محاولة الاستحواذ على ناتورجي بسبب عدم التفاهم مع المساهم الرئيس الآخر، كريتريا كايشا، لكن السوق لا تزال تراقب هذه الشركة العربية في حالة إمكانية إعادة تنشيط الخطة. خاصة الآن بعد أن أطلقت شركة ناتورجي اتفاقية شراء ذاتي يمكن أن تسهل خروج صناديق أخرى، مما قد يمهد الطريق لعملية الاستحواذ الإماراتي.

وفي انتظار مآل شركة ناتورجي، تعمل أداة الاستثمار في الطاقة المتجددة في أبو ظبي على زيادة حصتها في السوق، مستفيدة من تراجع توقعات بقية الصناديق الأوروبية والأميركية الكبيرة بسبب الارتفاع الحاد في أسعار الفائدة. واشترت شركة "مصدر" المملوكة لشركة "طاقة ومبادلة"، شركة "سايتا ييلد"، منصة الطاقة المتجددة مقابل 1.2 مليار يورو.

وفي الوقت نفسه، اشترت السعودية أيضا 49 بالمئة من محفظة الطاقة المتجددة لشركة "إنديسا"، وتهدف إلى توسيع هذا التحالف من خلال الاستحواذ على المزيد من الأصول.

وعلى المستوى الدولي، وقعت الشركة اتفاقية مشروع مشترك بقيمة 15 مليار يورو مع شركة إيبردرولا، والتي بدأت تؤتي ثمارها بالفعل في شكل عمليات شراء أقلية لأصول الرياح البحرية في بحر الشمال الأوروبي. ويبدو أيضا أنها مرشحة للاستحواذ على أصول "أكسيونا" الإسبانية التي لا تزال في السوق دون مشتر.

وتجدر الإشارة إلى أنه بعد أبو ظبي تتخذ المملكة العربية السعودية أيضا خطوات لافتة للنظر. ولا يقتصر الأمر على شراء 10 بالمئة من شركة تليفونيكا. وبحسب مصادر تواصلت معها هذه الصحيفة، فقد حصلت الدولة التي يحكمها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على ترخيص من مجلس الوزراء الإسباني للاستحواذ على 10 بالمئة من شركة هورس، قسم السيارات المكون من رينو والشركة الصينية جيلي بقيمة 7.4 مليارات يورو.

ومن بين عمليات الاستحواذ الأكثر شعبية التي قامت بها الرياض، يبرز شراء حقوق كأس السوبر الإسباني لكرة القدم، والتي أقيمت منذ سنوات في المملكة العربية السعودية.

من جانب آخر، أدى سخاء الاستثمار إلى قيام هذا البلد برعاية ملعب متروبوليتانو التابع لنادي أتليتكو ​​مدريد، والذي أطلق عليه اسم "الرياض إير متروبوليتانو" منذ خريف 2024.