التحركات الأخيرة.. ما دلالات عودة لاريجاني لتصدر المشهد السياسي الإيراني؟

منذ ١٤ ساعة

12

طباعة

مشاركة

في ظل تحولات سياسية تشهدها إيران بعد الحرب الأخيرة مع إسرائيل التي استمرت 12 يوما، يعود اسم علي لاريجاني، السياسي المخضرم والمقرب من دوائر صنع القرار، ليتصدر المشهد مجددا.

واستعرض تقرير نشرته صحيفة "آرمان ملي" الإيرانية، مؤشرات متزايدة على احتمال عودة لاريجاني إلى موقع تنفيذي فاعل، وتحديدا إلى منصب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي، الذي سبق أن شغله في عهد الرئيس أحمدي نجاد. 

ويأتي هذا التوجه في سياق ما وصفه التقرير بـ"التحول نحو الاعتدال والعقلانية" داخل النظام، بعيدا عن هيمنة التيار المتشدد.

وأشار إلى أن "لاريجاني، بصفته مبعوثا خاصا للرئاسة ومستشارا للمرشد، عاد للعب دور نشط في السياسة الخارجية، كما برزت تحركاته وتصريحاته في أعقاب الحرب، ما عُدّ تمهيدا لعودته إلى الواجهة". 

كما نقل التقرير مواقف داعمة من شخصيات بارزة مثل مستشار الشؤون الدولية للمرشد الأعلى، علي أكبر ولايتي، تؤكد على ضرورة تجديد النخبة السياسية ونهج الحكم. 

وفي ظل الحديث عن تراجع "منهج التصفية" وعودة الانفتاح على "عقلاء النظام"، يبدو أن النظام الإيراني يعيد ترتيب صفوفه داخليا، ويستعد لمرحلة جديدة يتصدرها رموز الاعتدال والخبرة.

نهج جديد

وتناول التقرير الحديث عن لاريجاني، الذي وصفه بأنه "السياسي المخضرم الذي كان حاضرا دائما في مختلف مفاصل الحكم في إيران، سواء في المناصب المنتخبة أو المعينة". 

وذكر أن لاريجاني شغل عددا من المناصب المهمة في الدولة، بدءا من رئاسة مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، مرورا بمنصب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي. 

وكذلك، رئاسة مجلس الشورى الإسلامي، وعضويته في مجمع تشخيص مصلحة النظام، ووصولا إلى دوره كمستشار للمرشد الأعلى ومبعوث خاص لرئيس الجمهورية للقاء كبار القادة الدوليين.

وشدَّد التقرير على أن "لاريجاني لا يفتقر إلى الخبرة في هذه الساحة، بل يحمل على عاتقه (حقيبة مليئة بالتجربة)"، تجعله -حسب وصف الصحيفة الإيرانية- قادرا على تقديم أداء أكثر فاعلية في مختلف المجالات.

ورأى أن "المجتمع الإيراني، بعد الحرب الأخيرة التي دامت 12 يوما وما رافقها من وحدة وتضامن، لن يعود إلى الوراء، مما يستدعي من الحكومة والنظام إطلاق موجة من التغييرات على مستوى الأشخاص والمقاربات".

وفي هذا السياق، أشار التقرير إلى تغريدة نشرها أخيرا علي أكبر ولايتي، قال فيها: "لقد أثبت الشعب جدارته، والآن حان دور المسؤولين، الأساليب المنتهية الصلاحية لم تعد تُجْدِي في مجتمع ما بعد الحرب". 

وذكر أن "هذا النوع من الخطاب يدل على اقتناع أركان الحكم بضرورة تبني نهج جديد وبدء التغيير".

وأكد التقرير أن "المجتمع الإيراني اليوم بحاجة إلى شخصيات ذات عقلانية سياسية، تتسم بالاعتدال وتنبذ التطرف والتشدد، وتضع البلاد على مسار الاستقرار الداخلي والتعامل القوي والمشرف خارجيا"، في إشارة إلى من يطلق عليهم "عقلاء القوم". 

ويرى أن "الابتعاد عن النهج المتشدد وتعزيز الاعتدال في شتى المجالات يمكن أن يسهم في ترسيخ الاستقرار الوطني".

وأشار إلى أن "شخصيات مثل لاريجاني، إذا ما شغلت مناصب مناسبة، يمكن أن تلعب دورا محوريا في هذا المسار".

المبعوث الخاص

من زاوية أخرى، قالت الصحيفة الإيرانية: إن مصطلح "المبعوث الخاص" يطلق عادة على شخصيات لا تشغل منصبا تنفيذيا رسميا في البلاد، لكنها تكلف بمهمات حساسة كزيارة كبار مسؤولي الدول الأخرى.

ولفتت إلى أنَّ "هذا المصطلح ارتبط خلال السنوات الأخيرة بشكل خاص باسم لاريجاني".

وأشارت إلى أن "لاريجاني، بوصفه شخصية موثوقة لدى النظام، أوفد إلى عدد من الدول بصفته ممثلا لإيران، بغضّ النظر عن الجهة التنفيذية الحاكمة".

واستشهدت الصحيفة بزيارته إلى الصين خلال حكومة حسن روحاني، ثم زيارته الأخيرة في 20 يوليو/ تموز 2025 إلى موسكو كمبعوث خاص للرئيس للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. 

ولفتت إلى أن "الإعلان عن هذه الزيارة -التي نقل فيها رسالة من المرشد الأعلى- صدر أولا عن المتحدث باسم الكرملين، ما أثار ردود فعل واسعة داخل إيران، وعدّه البعض إشارة إلى عودة لاريجاني إلى الساحة السياسية الفعلية".

وأضاف التقرير أن "التحركات الأخيرة لكل من ولايتي ولاريجاني، بصفتهما مستشارين للمرشد الأعلى، تظهر بوضوح انخراطهما في التفاعلات السياسية الجارية".

كما أشار إلى أنهما "من بين القلائل الذين لا يزالون يحافظون على علاقة رسمية مع المرشد بعد نحو أربعة عقود من قيادته".

تكهنات متزايدة

وترى الصحيفة أن "نشاط لاريجاني الإعلامي والسياسي أخيرا، سواء في مقابلاته حول كواليس الحرب الأخيرة أو حضوره الفعال في المحافل الدينية، يمثل تحركا لافتا يعكس هذا التغيير". 

وتُدرج زيارته الأخيرة إلى موسكو ضمن هذا السياق، وتعدها مؤشرا على تعزيز دور "التيار المعتدل والمستشارين غير المتشددين" في صياغة السياسات العليا للنظام.

وتوقفت الصحيفة عند التكهنات المتزايدة حول احتمال عودة لاريجاني إلى منصبه السابق كأمين للمجلس الأعلى للأمن القومي، وهو المنصب الذي شغله بين عامي 2005 و2007 خلال حكومة أحمدي نجاد، قبل أن يستقيل ليحل محله سعيد جليلي بعد خلافات.

ونقلت عن عبد الرضا داوري، المستشار السابق لأحمدي نجاد، تكهنه بأن "لاريجاني قد يعين أمينا للمجلس الأعلى للأمن القومي مجددا، في حكومة مسعود بزشکیان". 

كما نقلت الصحيفة عن الأستاذ الجامعي والباحث السياسي، أمير دبیريمه، تغريدة على منصة "إكس" قال فيها: "من المرجح أن يعين لاريجاني قريبا أمينا للمجلس الأعلى للأمن القومي، وذلك بهدف تفعيل روح العقلانية والحكمة في هذا المجلس خلال الأشهر القادمة". 

وأضاف: "التيار المتشدد، الذي ظهر فشل نهجه خلال الحرب الأخيرة، يعيش حالة من القلق ويحاول بشدة منع هذا التعيين".

وختمت الصحيفة بالإشارة إلى أن "تحركات لاريجاني الأخيرة تظهر بوضوح تعزيز دوره كمستشار سياسي بارز للمرشد الأعلى، مما يجعل شائعات تعيينه في المجلس الأعلى للأمن القومي أكثر جدية، وترجح أن نشهد في المستقبل القريب تحقق هذا التعيين رسميا".