السيسي يمهد لبيع القضية الفلسطينية.. هكذا فسر ناشطون "توقيت التسريبات"

“هدف تسريب عبد الناصر هو تبرير موقف السيسي من خيانة فلسطين”
بعدما أكد عبدالحكيم نجل الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر، صحة التسجيل الصوتي المنسوب لوالده خلال حديثه مع الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، برز الحديث على منصات التواصل الاجتماعي عن الأهداف الحقيقية من نشره وتحليل محتواه والوقوف على توقيته.
في 25 أبريل/نيسان 2025، نشرت قناة "nasser tv" على منصة يوتيوب، تسجيلا صوتيا تتجاوز مدته الـ17 دقيقة منسوبا إلى عبد الناصر، وهو يتحدث للقذافي، موجها انتقادا لمن يزايد على مصر بشأن الحرب ضد إسرائيل، بأنه لن يحارب.
وتعرف القناة نفسها بأنها "القناة الرسمية للرئيس جمال عبد الناصر، وأنها متخصصة في نشر تراثه"، وتم تأسيسها كما يظهر الوصف الموجود على صفحتها في 15 يناير/كانون الثاني 2018، ويتابعها أكثر من 90 ألف متابع، ومشاهداتها تتخطى الـ12 مليونا.
وأبدى عبد الناصر في حديثه للقذافي الذي نشرته القناة بعنوان "جمال عبد الناصر: اللي عاوز يحارب يجي يحارب وحلو عننا بقى"، انفتاحا على الحل السلمي مع الاحتلال الإسرائيلي، مُحذرا من أن دخول مواجهة عسكرية جديدة قد يؤدي إلى "نكبة جديدة" شبيهة بنكبة عام 1948.
ودعا عبد الناصر الدول العربية التي وصفها بأنها "تزايد على مصر" إلى حشد قواتها ومحاربة إسرائيل، طالما ترى أن السياسات المصرية آنذاك كانت انهزامية.
وقال: إنه مستعد لتقديم دعم مالي إذا اتفقت الجزائر والعراق وليبيا وسوريا واليمن الجنوبي على حشد قواتهم والدخول في حرب ضد إسرائيل، قائلا "إذا كان حد عايز –يرغب - يكافح ليكافح..إذا كان حد عايز يناضل ليناضل".
وطالب عبد الناصر خلال المقطع الصوتي بوضع أهداف محددة للمعركة مع إسرائيل، بدلا من وضع شعارات رنانة وأهداف لا يُمكن تحقيقها في ظل توازنات القوى والدعم الأميركي لإسرائيل.
وأفاد مراقبون بأن التسجيل الصوتي يعود إلى أغسطس/آب 1970، أي قبل أسابيع قليلة من وفاة عبد الناصر في 28 سبتمبر/أيلول من نفس العام.
وكان القذافي، في تلك الفترة أقرب أصدقاء وحلفاء عبد الناصر في المنطقة بعد أن دعم الأخير ثورة الفاتح في سبتمبر/أيلول 1969، التي قام بها ضباط بالجيش الليبي بقيادة القذافي، وأطاحوا بنظام الحكم الملكي لعائلة إدريس السنوسي، وأسسوا الجمهورية العربية الليبية.
وتضمنت المحادثة الصوتية انتقادات حادة وجهها عبد الناصر إلى حكومات عربية ومنظمات فلسطينية بسبب "مزايداتها" ضده، مع إشارات إلى تفضيله للحلول السلمية بدلا من الحرب الشاملة ضد "إسرائيل".
من جانبه، أكد عبدالحكيم جمال عبد الناصر، صحة التسجيل المنسوب لوالده، ورفض تسميته بـ"التسريب"، مؤكدا أنه موجود ومتاح في مكتبة الإسكندرية منذ إهداء أسرة عبد الناصر المكتبة العديد من أوراقه وتسجيلاته.
وكشف في تصريحات لوسائل الإعلام، أنه يملك القناة التي نشرت الفيديو وهناك من يديرها له، وسيستمر في نشر مزيد من التسجيلات التي تخص والده عليها، قائلا: إن المستفيد من إذاعة التسجيل في هذا التوقيت هو "الحقيقة المجردة"، لكي تعرف الأجيال الجديدة التاريخ.
وقال نجل الرئيس الراحل: إن حديث أبيه في التسجيل يؤكد أن الدول التي انتقدته زايدت عليه دون أن تفعل شيئا تحت شعار "ضرورة الحرب بلا نهاية حتى آخر جندي مصري"، مؤكدا أن التسجيل يوضح أن عبد الناصر كان "رجل دولة وليس زعيما حنجوريا كما يعتقد البعض".
بدورها، أصدرت مكتبة الإسكندرية بيانا بعد ساعات من نشر التسريب أكدت فيه أنها ليست مسؤولة عن أي مواد متداولة عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي تتعلق بالرئيس الراحل عبد الناصر، باستثناء المحتوى المنشور على الموقع الرسمي المخصص له.
وأوضحت المكتبة أن الموقع الرسمي هو نتاج تعاون بدأ عام 2004 بين مكتبة الإسكندرية و"مؤسسة جمال عبد الناصر" التي ترأسها ابنته هدى.
وأشار البيان إلى أن المواد الرقمية المتاحة على الموقع كانت هدية من المؤسسة إلى المكتبة، التي تولت الجانب التقني للمشروع بهدف الحفاظ على الإرث الثقافي والسياسي للرئيس الراحل وإتاحته للأجيال القادمة.
ونفت المكتبة بشكل قاطع أي مسؤولية عن المحتوى المنشور عبر صفحات التواصل الاجتماعي، كما دحضت أي ادعاءات بامتلاكها هذه الصفحات.
وأكدت التزامها بالمهنية الأكاديمية والبحثية، معتبرة أن أي محتوى خارج الموقع الرسمي لا يعبر عن موقفها ولا يتوافق مع معاييرها المهنية العالية في التعامل مع التاريخ السياسي.
وأكد ناشطون عبر تغريداتهم وتدويناتهم على حساباتهم الشخصية على منصتي "إكس" و"فيسبوك"، ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #جمال_عبد_الناصر، #القذافي، #إسرائيل، وغيرها، أن النشر المفاجئ للتسجيل بين عبد الناصر والقذافي "ليس بريئا".
وتحدثوا عن الأهداف الحقيقية من وراء نشر التسجيل، ومنها القبول بحلول انبطاحية للحرب التي يشنها الاحتلال على قطاع غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتخلي عن القضية الفلسطينية والتماهي مع أطماع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في المنطقة.
وأشار ناشطون إلى أن التسجيل المعلن يؤكد أن عبد الناصر كان مجرد ظاهرة صوتية يتبنى في العلن خطابات عنترية بينما يهادن من تحت الطاولة، مؤكدين أن أسباب نشره أخيرا ليست لكسر صنمه وإنما لتبرير مواقف النظام الحالي الاستسلامية وإيجاد المسوغات لخذلان الفلسطينيين.
دين خليله
وتفاعلا مع التسجيل المسرب وتأكيدا على أنه فاضحا وكاشفا لخزايا العسكر، أشارت الكاتبة شيرين عرفة، إلى تأكيدات أسرة عبد الناصر صحة التسجيل، قائلة: إن الحديث المسجل الذي يوضح وجهة نظر الرئيس الراحل، يبدو على النقيض تماما من كل أحاديثه العلنية.
وأشارت إلى أن وجهة نظر عبد الناصر كانت تجاهله التام، وعدم اكتراثه بالقضية الفلسطينية، وتفضيله الانبطاح والانهزام أمام إسرائيل، بدعوى الرغبة في عقد السلام مع عدو يحتل أرضه (سيناء)، ويسفك الدماء.
وذكرت عرفة، أن أحاديث عبد الناصر العلنية كانت تؤكد على رفضه الخضوع لإملاءات الصهاينة، أو الجلوس معهم على طاولة المفاوضات.
وأوضحت أن التسجيل الذي يعود لـ55 عاما مضت، لمحادثة سرية بين عبد الناصر والقذافي، تقابله عشرات الأحاديث العلنية، في تلفزيونات عربية وأجنبية، ومنها حديثه مع تلفزيون دنماركي (في مايو 1970، أي قبلها بشهور قليلة) وفيه ينفي منطقية المفاوضات بالأساس مع عدو يحتل الأرض ويقتل الأطفال.
ورأت عرفة، أن هذا يؤكد أن الحكم العسكري في كل زمان ومكان مهمته التسلط على الشعوب وسحقها وقمعها بينما هم "جُرذان وضيعة" أمام الأعداء، متسائلة: “هل يمكن أن يتجرأ سياسي مصري اليوم، أن يتبجح على العلن بأنه ناصري.. دون أن يبصُق عليه الناس؟”
ودوّن خبير إدارة الأزمات مراد علي، بعض الخواطر حول التسجيل، على رأسها أن المؤسسة العسكرية التي تتولى قيادة الدولة المصرية منذ ثورة 1952 مازالت متمسكة بالعقيدة ذاتها والتوجهات نفسها، على عكس ما توهمناه من أن الرئيس أنور السادات قد غيّر مسارها.
ورأى أن من الجلي أن عبد الناصر، لو طال به العمر لكان قد انتهى به المطاف إلى اتفاقية كامب ديفيد، وهي حقيقة تكشف عن استمرارية النهج السياسي للمؤسسة العسكرية رغم تغيّر الوجوه.
وأكد علي أن النخبة العسكرية والسياسية في مصر تُتقن فن التلون والخداع، فمن يصدق أن هذا الصوت هو صوت الزعيم الخالد الذي وعد شعبه عبر إعلامه بأن أم كلثوم ستشدو في تل أبيب؟، قائلا: إن هذا التناقض يكشف عن عمق المفارقة بين الشعارات العالية والمواقف الحقيقية.
وأضاف أن نهج تسجيل اللقاءات السرية، الذي رأينا نماذج منه في لقاءات المشير محمد طنطاوي واللواء عبد الفتاح السيسي مع الرئيس الراحل محمد مرسي -رحمه الله- كما وثّقها مسلسل "الاختيار"، هو نهج راسخ في الدولة المصرية لم تتخلَ عنه منذ عقود، بل ظلّت تمارسه كأداة للسيطرة والتوثيق بعيدا عن أعين الشعب.
وأكد علي أن من قام بنشر هذا التسجيل في هذا التوقيت لا يهدف إلى المساس بصورة الرئيس عبد الناصر، فقد مضى على رحيله خمسة وخمسون عاما، ولا يهتم بإضعاف شعبية التيار الناصري أو القومي، فالجميع يعلم أن هذين التيارين قد فقدا وزنهما وتأثيرهما في الشارع العربي.
وأوضح أن الغرض الأرجح هو تهيئة الرأي العام لتقبل تنازلات خطيرة قد تُعلن في المرحلة المقبلة، وربما تتزامن مع زيارة ترامب في مايو 2025، ضمن محاولة لتمهيد الأرض لقرارات قد تُثير الجدل.
وكتب سيد عبدالله: "إذن السادات كان على دين خليله "عبد الناصر " .. واللي بعده واللي بعده ما عدا الراجل الوحيد اللي مش منهم.. حكيم بيكحلها بأوامر سيادية ليبرروا المصائب اللي جايه فكشف المستور، عبد الناصر كان أول طابور العسكر والحبل على الجرار".
وأبدى المغرد خالد، إعجابه بتحطيم "أصنام العجوة"، قائلا: "عشان ناس كثيرة تفوق من وهم الديماجوجي وتشوف حقيقة الزعيم الجعجاع وكمان نتأكد إن حكم العسكر عمره ما كان خير ولا جاء من وراهم خير ولا هيجي".
خزايا العسكر
وأكد الطبيب يحيى غنيم، أن "هذا التسجيل فيض من غيض من خزايا العسكر التي لو كُشف الغطاء عنها لأنتنت رائحتها ما بين السماء والأرض".
وأشار إلى أن "من نشر التسريب هو عبدالحكيم نجل عبد الناصر، الذي أكد بما لا يدع مجالا للشك صحة نسبة التسجيل لوالده".
وقال غنيم: "لا يعلم هذا الابن المعتوه شيئا عن سبب دفع دولة العسكر بهذا التوثيق لسفاهة والده وانبطاحه واستسلامه وعلاقاته المشبوهة بأعداء الأمة وبراءته من القومية العربية المكذوبة وهدم لكل الشعارات الحنجورية التى رفعها والده".
وأضاف: "من المؤكد أن دولة العسكر تقدس الزعيم الحنجورى، وتعده نبراسا وملهما لها، وتسير على دربه في كل مراحلها، وتحرص على ستر عورته وتجميل صورته، وتقدمه للشعب المسكين كونه المخلص الذي أعاد مصر لأهلها، وحررها من العبودية والقهر، وجعلها رائدة وقائدة".
وتوقع غنيم، أن "المنطقة مقدمة على كارثة لا مثيل لها، ومطلوب منها أن تنسى القضية الفلسطينية، وأن تسلم غزة والضفة والداخل للسكين اليهودية، وأن تكون عونا للغرب على حرب ما يسمى بالإسلام السياسي، وأن ترضى بالديانة الإبراهيمية هوية وتوجها".
وأضاف أن "المنطقة مطلوب منها أن تقيم سلاما منبطحا مذلا مع بني صهيون، وأن ترضى بزعامة دولة الاحتلال لكامل المنطقة، وأن تكون مرجعية الأمة لبنى إسرائيل، وما اختلفوا فيه من شيء فمرده إلى السيد الأميركي".
وأوضح الكاتب شريف محمد جابر، أن التسريب الجديد وموقفه من القضية الفلسطينية ينسجم في عمومه مع ما قاله المؤرّخ إيلان بابيه عن عبد الناصر في بودكاست "هامش جاد" حول نفي ثوريّته المزعومة، ومع ما قاله قبل ذلك الكاتب اليساري الصهيوني أوري أفنيري في شهادته عن عبد الناصر في حرب 1948 وما بعدها.
ونقل شهادة أفنيري، مؤكدا أن هناك تصورا سطحيا قديما لدى الناصريين والقوميين العرب مفاده أن فكرة التقليل من ثورية عبد الناصر والقول بمهادنته وعلاقته بالأميركان والصهاينة هي دعاية إسلامية كيدية بسبب ما فعله عبد الناصر بهم، وأن الإسلاميين في ذلك أسرى لنظريات مؤامرة وهمية، وأن عبد الناصر – رغم الملاحظات على استبداده وأخطائه – كان زعيما ثوريا صادقا.. هكذا يردّد أولئك الناصريون والقوميون.
وقال جابر: إن هذه الشهادات وغيرها التي تخرج إما بتسريبات جديدة أو بشهادات لشخصيات أو بدراسة تاريخية للوثائق تتقاطع بشكل كبير مع شهادة الإسلاميين القديمة حول عبد الناصر.
وأكد أن هذه الشهادات والتسريبات مهمة جدا لإعادة رسم صورة الرجل في المخيال العربي، لا كزعيم "ثوري" كانت جنازته من أكبر جنازات العالم، بل كسياسي عادي وفاشل في محطات كثيرة، لكنّه عاش في عصر كان مستوى الوعي السياسي العربي فيه متدنيا جدا إلى درجة جعله أهم زعيم ثوري!.
وأضاف جابر: "أيّا كان رأيك بعبد الناصر، فمن المهم أن يوضع في مكانته المناسبة في تاريخ القرن العشرين".
هدف التسريب
وعن الهدف من ذيوع تسجيل الجلسة التي جمعت عبد الناصر والقذافي بعد أكثر من نصف قرن، أكد الكاتب أحمد عبدالعزيز، أن تصدير هذه الجلسة المغلقة للرأي العام العربي الداعم للمقاومة، في هذا الوقت، "هو من فعل المتصهينين العرب".
وأوضح أن الهدف منها إبلاغ رسالة مفادها: "أيها المغفلون! كُفُّوا عن اتهامنا بالخيانة، فما نحن سوى تلاميذ في محراب معبود الجماهير جمال عبد الناصر، وعلى دربه سائرون، ولأننا لا نملك شعبوية عبد الناصر، ولا حَنجوريته، ولا كارزميته؛ فها نحن جئنا به (شخصيا) إليكم بصوته الأوبرالي، ونبرته الحادة ليقنعكم بالاستسلام لأصدقائنا الصهاينة".
واستبق ذلك بتلخيص شخصية وأفكار وعقيدة عبد الناصر في 4 نقاط، هي أنه لا يحمل في نفسه مثقال ذرة من عداوة تجاه الصهاينة، ولا يجد سببا منطقيا لمحاربتهم، مذكرا بأن (هذه المناقشات حدثت في 1952، أي بعد مجازر الصهاينة في فلسطين، وإعلان ما تسمى دولة إسرائيل)!.
وأضاف أن عبد الناصر كان يرى أن "القومية العربية" مجرد لغو يدغدغ مشاعر الجماهير، ولا بأس من استغلاله وتوظيفه عند الحاجة، (وهو الذي جعل من القومية العربية صنما يُعبد من دون الله، حتى اليوم)!
وأكد عبدالعزيز، أن عبد الناصر كان يرى أن العرب "شوية رعاع وجرابيع" لا يستحقون الاحترام، وكان يتعامل معهم كما يتعامل الراعي مع الجمل الأجرب! (قال بالحرف الواحد: العرب جرب)!.
وقال: إن عبد الناصر كان شديد الحساسية تجاه الدين، وكان يعده خطرا وجوديا عليه وعلى مشروعه (الأميركي)، ولا بُد من تحييده ومحاصرته وتصفية من يريد صبغ الحياة بصبغته)!
واتفق معه في الرأي أبو معتز، قائلا: "استطاع عبد الناصر أن يخدع شعب مصر والشعوب العربية بخطاباته العنترية، وكان يخفي صهيونيته بذكاء، لكن السيسي أقل ذكاء وأكثر خداعا ولكن على المكشوف، صهيوني عيني عينك".
وأضاف: "مصر بتضيع وشعبها مازال في التيه، وكثير منهم مستمتع بالخداع ومش عايز الحقيقة؛ لأن الكذب أحب إليه من الصدق".
وقال المجلس الثوري المصري: "إذا كان هدف تسريب عبد الناصر هو تبرير موقف السيسي وتبرئة عسكر مصر من خيانة فلسطين فهو بالعكس يدينهم".
وأضاف: "اليوم لم يعد الفلسطينيون ينتظرون عربا يحاربون بدلا منهم، بل أخذوا زمام المبادرة وبدأوا معركة التحرير طوفان الأقصى.. فأين مصر؟ تحاصرهم وتبتزهم وتعمل كوسيط خبيث لصالح إسرائيل".
وتساءل المغرد دباس: "ماذا تفيد العرب تسريبات من الماضي، والحاضر أسوأ بكثير".
وقال الباحث محمد جمال: إن "من أخرجوا من الأرشيف تسجيل عبد الناصر خلال الوقت الراهن بالطبع يريدون إيصال رسائل مختلفة، ويريدون تبديل بعض المفاهيم التي تربت أجيال وأجيال عليها".
وأشار إلى أن خطاب عبد الناصر "الانهزامي" ظل منحصرا فقط داخل الغرف المغلقة ولم يستطع عبد الناصر أن يُظهر هذا الخطاب إلى العلن وإلى الجمهور المصري والعربي وخاضت مصر تحت حكمه حرب الاستنزاف من بعد هزيمة 67 إلى مبادرة روجرز في أغسطس/ آب 1970.
وأضاف جمال: "في النهاية الألاعيب لترسيخ أفكار انهزامية أو التمهيد لأخذ مسارات انهزامية أو تبديل الأفكار باتت أمورا مكشوفة، الاستسلام هو الهزيمة الوحيدة التي تصنعها بيدك".
وقال الحقوقي عادل السعيد: "سواء كان تسريب التسجيل الصوتي مفبركا أو مقتطعا من سياقه الزمني أو من حديثه العام، فإن الهدف يبقى واحدا: تبرير التطبيع والخنوع العربي اللامتناهي".
توقيت التسريب
وعن توقيت نشر التسجيل، عدَّه أحد المغردين، "مريبا جدا"، مؤكدا أنها تسريبات مقصودة من حيث التوقيت والتزامن مع ما يجرى من أحداث في غزة ويبدو أنه قد يكون مرتبطا بأجندات سياسية حديثة.
وقال: "قد يكون مفبركا ولماذا في 2025 يتم تسريبه بعد 55 عاما، هذا ليس وليد الصدفة أو حسن النية، ويبدو مدفوعا سياسيا ربما للتأثير على الرأي العام أو إعادة صياغة الروايات التاريخية".
وأضاف أن "الأسباب غير واضحة لكن قد يرتبط بالتوترات الإقليمية الحالية".
وقال المغرد أحمد: "اللي شاغلني أكثر من مضمون الفيديوهات والمحادثات؛ هي توقيتها؛ ليه دلوقتي؟ ومين وراها وعايز يوصل لأيه".
ويرى منصور المصري، أن "كلام عبد الناصر في هذا التوقيت رسالة من الدولة لأطراف بعينها"، قائلا: "أعتقد أنها وصلت وهدفها سيكون في توجهات المرحلة الجاية!! يعني هدم صنم العروبة على إيد اللي بناه نفسه".
وتساءل الباحث يونس أبو جراد: “أين عنصر المفاجأة في هذا التسريب؟ هل لأن المتحدث عبد الناصر، أم مضمون ما قاله في حديثه مع القذافي؟ أم توقيت التسريب، الذي يتزامن مع تطورات خطيرة على صعيد القضية الفلسطينية، وزيارة مرتقبة لترامب إلى المنطقة العربية؟”
وأكد أن "من السهل التوصل لنتيجة خطيرة ومهمة -بعد عقود المتاجرة والمقامرة العربية- بفلسطين وشعبها، أن تلك الأنظمة وبالأدلة العملية القاطعة كانت سببا في احتلال وضياع فلسطين، وأنها حاربت كل من حارب الكيان، ومهدت الطريق لاستقراره وتمدده".
وقال أبو جراد: "لا يبدو هذا تسرعا في الحكم؛ لأن أكثر من سبعين سنة من التجربة المرّة مع الأنظمة العربية كافية أن تفهّم الجماد حقيقة مواقف تلك الأنظمة والحكومات نحو فلسطين؛ أرضا وشعبا، وسنبقى نقول بعد كل تعليق: وما خفي أعظم".
وأضاف أن "هذا التسريب، والأهم منه الواقع الذي نعيشه يوميا منذ 18 شهرا من الإبادة في غزة، ورؤيتنا لكل المواقف، يؤكد على صوابية خيار المقاومة والسابع من أكتوبر، وعلى حق الشعب الفلسطيني في مواصلة جهاده وكفاحه بكل الوسائل والأساليب والإمكانيات المتاحة لتحرير أرضه، التي تحرس بعض الأنظمة العربية والإسلامية مغتصبها!".
وتابع أبو جراد: "مع ضرورة أن تدرك المقاومة التي تقود شعبها للحرية والاستقلال وجود هذه المعادلة الأصعب والمعضلة الأخطر في صراعها مع العدو؛ وهي وجود أنظمة تعاديها، وحتى سلطة فلسطينية تتربص بها الدوائر، وأعتقد أن ثورة ومقاومة في العالم لم تمر بمثل هذه التجربة الأقسى".
وأكد سلمان الشعوري أن فكرة تسريب تسجيل صوتي للراحل عبد الناصر يتنصل فيه عن القضية الفلسطينية ويهادن فيه الكيان "مجرد مقدمات من نظام السيسي للقبول بفكرة نزع سلاح المقاومة وإفراغ غزة والضفة من الفلسطينيين".
وذكر أن هذه هي رغبة الكيان وديدنه، قائلا: إن ذلك يعد استسلاما مبكرا أمام الرغبات الأميركية فيما يتعلق بقناة السويس لجهة إلغاء ضرائب ورسوم الملاحة بالنسبة لأميركا.
وأضاف: "يبقى الأمل والتعويل بالشعب المصري وعليه في رفض الإملاءات الخارجية ورفض التواطؤات العسكرية الداخلية مع مخططات الخارج الرامية لإسقاط هيبة مصر وتمريغ تاريخها في الوحل".