المنصف المرزوقي: “طوفان الأقصى” حلقة في الربيع العربي والتطبيع وقاحة لا مثيل لها (خاص)

عمرو حبيب | 4 months ago

12

طباعة

مشاركة

قال الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي إن الفلسطينيين لم يُترك لهم خيار آخر سوى المقاومة حتى يستردوا حقوقهم وأرضهم بعد أن أغلقت في وجوههم جميع المنافذ.

 وأكد المرزوقي في حوار خاص مع "الاستقلال" أن “عدم التكافؤ عسكريا بين جيش الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة لا يعني انتصار الاحتلال، وطبيعة الأمر أن تنتصر المقاومة ”لكن بتضحيات كبيرة".

وشدد على أن النظام المصري يشارك بالفعل في حصار قطاع غزة وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) منذ سنوات وأن "عداوته لحماس مستمرة".

والمرزوقي (79عاما) هو الرئيس الرابع لتونس وتولى المنصب بشكل مؤقت في الفترة الانتقالية بعد سقوط زين العابدين بن علي خلال الفترة من 2011 وحتى 2014 وهو رئيس سابق للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وأسس في نهاية 2014 حراك شعب المواطنين.

ثم أسس في 2015 حزب "حراك تونس الإرادة" كما أسس في يوليو 2014 مع عدة شخصيات عربية “المجلس العربي للدفاع عن الثورات والديمقراطية”. وهو أول رئيس ينتخب في تونس ويسلم السلطة بشكل ديمقراطي. 

كيف تتوقعون مستقبل عمليات التطبيع التي كانت قد انطلقت مع إسرائيل قبل العدوان على غزة؟

عمليات التطبيع التي ظهرت بشكل فج متمثلة فيما سموه بـ"الاتفاق الإبراهيمي" برأيي هي شكل من الوقاحة، فالتطبيع كان موجودا منذ 40 سنة تقريبا لكنه كان يجرى على استحياء من أطرافه.

أما هذه العمليات الأخيرة التي برزت بقوة في السنوات الأخيرة فهي استهانة بالشعوب ووقاحة لا مثيل لها وذلك من نتائج الهزائم التي تلقاها الربيع العربي أو فشله بين قوسين، وهم ظنوا أن الشعوب قد ماتت وانتهى الأمر وبالتالي لا مانع من التصريح والتعمق في التطبيع. 

لكن الآن تغيرت الأمور بعد عملية “طوفان الأقصى”، التي عدها حلقة من حلقات انفجار براكين الربيع العربي، وحاليا أطراف هذا التطبيع في حالة قلق بعد أن فشلت إسرائيل في القضاء على حماس والمقاومة كما ادعت.

وبدأوا ينتبهون إلى أن الشعوب العربية غاضبة جدا ومتعاطفة جدا مع الحق الفلسطيني أو القضية التي ظنوا أنها ماتت وانطلقوا في تطبيعهم الفج، وفي الوقت الراهن أدركوا أنهم لن يسمح لهم أبدا بأن يعودوا إلى تلك الوقاحة مرة أخرى بعد أن تضع الحرب أوزارها.

لذلك سيستمرون في تطبيعهم، لكنه سيكون تطبيعا محتشما مستترا وخائفا ومهتزا مع شعور بالعار، ولن يعود كما كان.

ومن نتائج أحداث غزة الأخيرة أن الإسرائيليين أنفسهم والأميركان الذين ظنوا أن التطبيع مع الأنظمة سيمتد ليكون مع الشعوب أدركوا أن هذا أمر مستحيل. 

وبالتالي سيكون تطبيعا هشا ولن يدوم ولن يحقق أهدافه وهذا من إيجابيات طوفان الأقصى العديدة.

البعض يتهم المقاومة بتنفيذ مخاطرة غير محسوبة في 7 أكتوبر.. كيف ترون هذا الأمر؟

برأيي الفلسطينيون لم يُترك لهم الخيار، هم دُفعوا دفعا لأن يتصرفوا على هذا النحو، فالتطبيع قائم ومستمر، وأسراهم في السجون ولا أمل يلوح في الأفق لأن يتحرروا، وأرضهم محتلة، وحقوقهم مهدرة، والسلطة الفلسطينية لا تنجز شيئا والاستيطان مستمر ومستمر.. ماذا يفعلون وأين يذهبون؟.

كان من الطبيعي أن يُفجروا عمليات مقاومة مثل كل الشعوب المظلومة والمقهورة. هم لم يترك لهم باب واحد مفتوح يستردون من خلاله حقهم وأرضهم. 

فهذه ليست مغامرة غير محسوبة، هذا كان الخيار الوحيد الذي لا مفر منه. 

هم أمام "أكون أو لا أكون" والقضية في طريقها للموت وأي شعب حر لا يسمح بذلك.

نعم هناك تضحيات كبيرة وخسائر واسعة ترتبت على هذا الفعل ولا ننكر ذلك، لكن هناك أيضا نتائج إيجابية، فالقضية الفلسطينية أصبحت أكثر مركزية وأصبحت تتحكم في الانتخابات الأميركية ذاتها، وحشرت المستبدين العرب في زاوية خزي وكشف للحقائق. 

صورة إسرائيل اهتزت بل تهشمت في العالم أجمع، إذ كانت تمثل شبحا سياسيا وعسكريا وإعلاميا لكن هذه الصورة تهشمت وفُضح أمرها.. هذه إنجازات مهمة جدا.

مع الفارق الشاسع في القدرات العسكرية، هل تتوقعون أن تحقق المقاومة شيئا من أهدافها على الأرض.. تكتيكيا أو إستراتيجيا؟ 

تاريخيا، الحروب غير المتناظرة دائما تكون خادعة، مثلا حرب السود ضد "الأبارتايد" (الفصل العنصري) في إفريقيا خلال السبعينيات والثمانينيات أو حرب العصابات التي شنها الشعب الجزائري ضد الاستعمار.. كلها حروب فيها تفاوت كبير بين قدرات المقاوم والمحتل ومع ذلك كانت النتائج كما عرفناها رغم التضحيات طبعا التي قُدمت. 

حاليا إسرائيل راهنت على قوتها العسكرية ودعم الغرب والولايات المتحدة والغطرسة لكن في النهاية ستُهزم لأن "معنويات المظلومين دائما وأبدا تكون أقوى من معنويات الظالمين ومن الظالمين أنفسهم".

هل ترون أثرا لما يحصل في غزة على واقع السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس واستمرارها على وضعها الحالي؟

السلطة الفلسطينية بنظري هي جزء من "النظام العربي السياسي القديم" وقد خذلت الشعب الفلسطيني وخذلت قضيته والمضحك في الأمر أن حتى إسرائيل التي استفادت من هذه السلطة لا تريدها الآن ولا توافق على وجودها وتمنع عنها الدعم المادي والعسكري. 

فليس هناك أكثر دلالة على فشل هذه السلطة إلا المشهد الذي نراه أمامنا الآن، وأرى أن أفضل ما يمكن أن يفعله محمود عباس في هذه المرحلة أن يقدم استقالته وأن يبحث قادة هذه السلطة عن بدائل شابة تستطيع فعلا أن تعمل من أجل القضية فعليا ومن أجل تحرير الأرض المحتلة..

ومن الطبيعي أن يكون هناك هيكل تمثيلي للشعب الفلسطيني على المستوى العالمي يشمل كل الفصائل الفلسطينية كي تعود الحياة إلى الجسم الفلسطيني الشرعي الحقيقي. 

أرى أن عباس يجب أن يرحل مثل بعض الديكتاتوريين العرب الذين رحلوا. 

معروف رأيكم بأن النظام المصري يلعب دورا في محاصرة غزة.. هل تتوقعون أي تغير في هذا الموقف حال تغيرت الجهة الحاكمة في القطاع بعد انتهاء العدوان؟

الحقيقة أحب أن أقول نظام السيسي لأن هذا ليس النظام المصري لأن مصر أعظم بكثير من هذا الموقف الذي تقفه الآن. 

نظام السيسي الانقلابي يتعامل مع غزة على أنه يواصل حربه الداخلية ضد "الإخوان المسلمين" في مصر، هو لا يعد حماس حركة مقاومة أو حركة فلسطينية، حماس مجرد امتداد للإخوان المسلمين الذين خدعهم وحاربهم في مصر وبالتالي يجب أن يحاربها هي أيضا، وكما ابتلع الإخوان في مصر يريد أن يبتلع حماس في غزة. 

ولذلك هو يتحالف مع إسرائيل وما زال هذا التحالف قائما من أجل تحقيق أهدافه تلك.

وهذا موقف إستراتيجي لنظام السيسي ولا أتوقع أن يغير من هذا الموقف مهما تغيرت الأحوال أو حتى إذا انتصرت حماس.

أرى أن عداوة نظام السيسي لحماس لا تقل عن عداوة إسرائيل لحماس ولن يتغير هذا الموقف. 

حماس لن تختفي من قطاع غزة مهما كانت النتائج وبالتالي السيسي لن يتوقف عن خنق أنفاسها بكل وسيلة.. هذا ما أعتقده.