خلال 3 سنوات.. هكذا وصل مستوى معيشة الطبقة الكادحة في إيران إلى الحضيض
"سقط العمال أكثر من أي وقت مضى تحت خط الفقر المطلق"
تشهد إيران من حين لآخر، احتجاجات عمالية واسعة في مختلف مناطق البلاد، بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة، وانخفاض قيمة الأجور.
وعقب تحديد الحد الأدنى للأجور لعام 2024، نشرت صحيفة "آفتاب" الإصلاحية تقريرا أوضحت فيه المستجدات التي طرأت على معيشة الطبقة العاملة في إيران خلال السنوات الثلاث الأخيرة، في ظل حكومة الرئيس الحالي إبراهيم رئيسي.
خيبة أمل
واستهلت الصحيفة الإيرانية تقريرها بالقول إنه في بداية فصل الربيع، يشعر العمال بالإحباط وخيبة الأمل من نتائج مفاوضات الأجور.
فعلى الرغم من إصرار ممثلي العمال في مجلس العمل الأعلى ورفضهم التوقيع على محضر الاجتماع الذي نظم بشكل غير قانوني تمامًا.
إلا أن الزيادة في الأجور -بنسبة 35.3 بالمئة، والتي تقل بنسبة 15 بالمئة على الأقل عن التضخم الرسمي، وتقل بنسبة 20 إلى 30 بالمئة عن التضخم المتوقع لعام 2024- صدر قرار بتنفيذها.
ويتهم التقرير الحكومة الإيرانية بمحاولة الالتفاف والتلاعب بالقانون، في الوقت الذي كان ينتظر فيه العمال الإيرانيون بفارغ الصبر زيادة أجورهم، ودلل التقرير على زعمه بعدد من المؤشرات.
المؤشر الأول الذي أورده التقرير هو أن علي حسين رعيتي، نائب وزير العمل الإيراني، أعلن، مطلع أبريل/ نيسان 2024، عن تقديم مشروع قانون مقترح لتعديل مواد قانون العمل لتحديد أجور العمال إلى الحكومة قريبا.
حيث قال: "يتم حاليا إعداد مشروع قانون مقترح لتعديل المادتين 41 و167 من قانون العمل، وسيقدم إلى الحكومة قريبا".
وأوضحت الصحيفة أن هاتين المادتين من القانون متعلقتان بزيادة الأجور السنوية للطبقة العاملة الإيرانية.
فالمادة الأولى توجب تحديد الأجور مع مراعاة معدل التضخم الرسمي ونفقات معيشة الأسرة المتوسطة.
والمادة الثانية تحدد آلية مجلس العمل الأعلى وتحديد الأجور على أساس مبدأ ثلاثي، وهو المبدأ الذي تلاشى بمرور الوقت ولم يتبق منه سوى قشرة فارغة.
أما المؤشر الثاني، وفق الصحيفة، فهو ما ادعاه صولت مرتضوي، وزير التعاون والعمل والرعاية الاجتماعية، في مقابلة، حيث ذكر: "يقول القانون إن أجور العمال يجب أن تراعي التضخم، ولم يقل إنها يجب أن تكون مساوية للتضخم".
وأوضح الوزير أنهم "حسبوا متوسط التضخم للعام الماضي 2023، والمتوقع خلال عام 2024، ووجدوا أن النسبة قريبة من 35 بالمئة، ومن ثم نُفذ القانون حرفيا".
لكن تعقب الصحيفة بالقول إن ما ذكره الوزير "يعد تجاهلا متعمدا للقانون، حيث إن البند الثاني من المادة 41 من قانون العمل حددت ما يسمى بـ (سلة المعيشة) كأساس لزيادة أجور العمال".
تجاهل مقصود
وفي هذا الصدد، يقول نادر مرادي، الناشط العمالي: يفخر وزير العمل بحساب متوسط التضخم ويتجاهل عمدا أن المقصود من عبارة "مع مراعاة معدل التضخم المعلن" في القانون هو أساس ومرتكز لزيادة الأجور.
بينما يجب تحديد الزيادة الفعلية في الأجور على أساس البند الثاني من المادة 41 من قانون العمل، أي وفق الحد الأدنى لسلة معيشة الأسر.
بدورها، أوضحت الصحيفة أن الحكومة تزعم أن الزيادة في الأجور لعام 2024 بنسبة 35.3 بالمئة هي نتيجة لحسابات معينة أجرتها".
معقبة: "لكنها في ذات الوقت تجاهلت معدل التضخم التراكمي الجامح في السنوات الأخيرة".
وتابعت: كذلك تزعم الحكومة أن إجمالي زيادة الأجور خلال السنوات الثلاث لرئاسة الحكومة الثالثة عشرة -حكومة إبراهيم رئيسي- كان غير مسبوق.
وذلك في نفس السنوات الثلاث التي ارتفع فيها التضخم إلى عنان السماء ووصل سعر الدولار في السوق الإيرانية إلى أكثر من 64 ألف تومان (العملة المستخدمة في الحياة اليومية للإيرانيين)".
بيانات اقتصادية
ولتوضيح مدى مطابقة مزاعم الحكومة للواقع، استخدمت الصحيفة سعر الدولار وتغييراته خلال فترة الثلاث سنوات لمقارنة معدل التضخم بمعدل زيادة الأجور، وذلك بافتراض أن الدولار هو عنصر التأثير الأساسي في الاقتصاد الإيراني.
وأوضحت أن سعر الدولار في مارس/ آذار 2021 يساوي 263.470 ريالا. والآن، بعد ثلاث زيادات في الأجور خلال ثلاث سنوات متتالية، بلغ سعر الدولار، في إبريل 2024، في البلاد 647.000 ريالا".
وهو ما يعني أن الدولار، خلال تلك الفترة الزمنية، ارتفع بنسبة 245 بالمئة.
هذا عن سعر الدولار. أما بخصوص الزيادات التراكمية في الأجور خلال السنوات الثلاث لحكومة رئيسي، فأفادت الصحيفة بأنه "في عام 2022، زاد الحد الأدنى للأجور بنسبة 57 بالمئة.
وفي العام التالي، كان معدل الزيادة 27 بالمئة، بينما كان معدل الزيادة عام 2024، بالرغم من عدم توقيع ممثلي العمال وموافقتهم، يساوي 35.3 بالمئة".
وبالتالي، بلغت الزيادة الإجمالية في الحد الأدنى لأجور العمال، وفق قانون العمل، خلال 3 سنوات 119.3 بالمئة.
وتقول الصحيفة: مما سبق، يتضح أن سعر الدولار ارتفع، خلال السنوات الثلاث، بنسبة 245 بالمئة، بينما بلغ معدل زيادة الحد الأدنى للأجور، خلال نفس الفترة الزمنية، 119.3 بالمئة فقط.
وتابعت: بعبارة أخرى، كان معدل زيادة سعر الدولار 2.05 ضعف معدل الزيادة التراكمية لأجور العمال.
وأردفت: وبشكل أكثر دقة، إذا كان من المفترض أن ترتفع أجور العمال خلال هذه السنوات الثلاث مواكبة لمعدل التضخم الحقيقي في السوق، كان يجب أن تزيد بشكل إجمالي بنسبة 100 بالمئة على الأقل أكثر مما حدث فعليا.
ولو كان معدل زيادات الأجور 240 بالمئة بدلا من 119.3 بالمئة، فيمكن للحكومة واقتصادييها حينها الادعاء بأن أجور العمال زادت بنفس معدل التضخم الحقيقي وحافظوا على مستوى معيشة الطبقة العاملة كما كانت قبل تولي الحكومة الحالية المسؤولية.
واختتمت الصحيفة بالقول: "لكن البيانات الاقتصادية تقول بوضوح إن هذا لم يحدث. بل على العكس، سقط العمال أكثر من أي وقت مضى تحت خط الفقر المطلق وفقدوا قدرتهم الشرائية بشكل غير مسبوق".