سياسات مغايرة.. كيف تتجاهل المجر أميركا وتعزز علاقاتها مع الصين؟
تقف المجر في ملفات "حجر عثرة" أمام السياسات الأميركية، وانتهاجها سياسات مغايرة نسبيا، قد تكون متعارضة تماما مع السياسات الغربية.
ويبدو البلدان العضوان في تحالف حلف شمال الأطلسي "الناتو" -أميركا والمجر- متباعدين على نحو متزايد، في حين تعطي بودابست تفضيلا واضحا لعلاقتها مع الصين.
ضوء جديد
وأشارت صحيفة "إي رفرانسيا" البرتغالية إلى أن "موافقة المجر هي كل ما كان يعرقل قبول السويد أخيرا في منظمة حلف شمال الأطلسي".
ورغم أن رئيس الوزراء، فيكتور أوربان، صرح بأن "نعم" قد تأتي في أي وقت مبكر، إلا أن الصحيفة أوضحت أن "هذا ليس علامة على الانحياز إلى الغرب الذي تقوده الولايات المتحدة، بل على العكس من ذلك، يبدو أن البلدين العضوين في التحالف متباعدان على نحو متزايد".
وفي 26 فبراير / شباط 2024 وافق البرلمان المجري على طلب السويد الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو" لتصبح العضو رقم 32 في التحالف العسكري.
وبشأن تفضيل المجر لعلاقاتها مع الصين، سلطت الصحيفة الضوء على الشراكة القديمة التي تحافظ عليها البلدين، وإن كانت تقتصر على القضايا التجارية فقط.
وفي هذا الصدد، ذكرت أن بكين أشارت بالفعل إلى أنها تنوي الذهاب إلى أبعد من ذلك في علاقتها مع المجر، إذ اقترحت معاهدة أمنية.
وقد نُوقشت هذه القضية خلال زيارة وزير الأمن العام الصيني، وانغ شياو هونغ، إلى بودابست في 16 فبراير/ شباط 2024، بحسب ما ورد عن الصحيفة البرتغالية.
ووفقا لوكالة الأنباء الصينية الرسمية "شينخوا"، اقترح وانغ خلال الاجتماع مع أوربان أن "يقوم البلدان بتعميق التعاون في مجالات تشمل مكافحة الإرهاب ومكافحة الجرائم العابرة للحدود الوطنية والأمن".
بالإضافة إلى "تعزيز القدرة على إنفاذ القانون في إطار طريق الحرير الجديد لتحقيق التعاون في مجال مكافحة الإرهاب".
وفي هذا الإطار، أكدت "إي ريفرانسيا" أن "التعاون في مجالات إنفاذ القانون والأمن يعد تسليطا للضوء على تعزيز العلاقات الثنائية".
وفي مقارنة بين استقبال المجر للوزير الصيني واستقبال الوفد الأميركي، قالت الصحيفة البرتغالية إنه "في حين استُقبل الأول بشكل جيد، فإن الود لم يمتد إلى وفد من الحزبين الجمهوري والديمقراطي من أعضاء مجلس الشيوخ في أميركا الشمالية، حيث تجاهلتهم الحكومة المجرية".
وأوضحت أن "السياسيين الأميركيين ذهبوا لمناقشة موافقة السويد على الانضمام إلى الناتو، لكن لم يتم استقبالهم من الأساس".
وردا على ما حدث، وصف السيناتور الجمهوري كريس مورفي، أحد أعضاء الوفد، موقف الحكومة المجرية بأنه "غريب ومثير للقلق".
كما قالت الديمقراطية، جين شاهين، إنها "تشعر بخيبة الأمل لأنه لم يكن أي عضو في الحكومة المحلية على استعداد لاستقبال الزوار".
من جانبها، تنظر بكين إلى هذه التطورات على أنها "انتصار مهم، لأنها تضع البلاد بشكل أفضل داخل الاتحاد الأوروبي، وهو كتلة تُعد المجر جزءا منها".
كما تشير هذه التطورات أيضا إلى "خلل في التوازن في حلف شمال الأطلسي"، وهو ما صنفته الحكومة الصينية بالفعل بوصفه "أداة للنفوذ الأميركي ومصدرا للصراع أينما رسخت أقدامها".
تفوق صيني
في حين أن الشراكة في قطاع الأمن ستكون أخبارا مشجعة للصين، أكدت "إي ريفرانسيا" أن "العلاقات التجارية بينها وبين المجر قوية بالفعل".
وبحسب صحيفة "جنوب الصين الصباحية"، فإن "الدولة الأوروبية تُعد موطنا لأكبر قاعدة لوجستية وصناعية لشركة هواوي خارج الصين، وهو الأمر الذي أثار تحذيرا من الكتلة الأوروبية التي ترى الشركة بمثابة تهديد أمني".
وفي هذا السياق، مع تأكيد شركة صناعة السيارات الصينية "بي واي دي" بأن أول مصنع أوروبي لها سيكون في المجر، لفتت الصحيفة البرتغالية إلى أن "الرابط التجاري من المفترض أن يتوسع قريبا".
جدير بالذكر أنه "اتُفق على هذا في منتدى طريق الحرير الجديد الأخير (في أكتوبر/ تشرين الأول 2023) ببكين، حيث كان أوربان الزعيم الوحيد لدولة من دول الاتحاد الأوروبي الحاضر".
وبناء على ذلك، شددت الصحيفة على حقيقة أن "الغرب لا يستطيع بالتأكيد أن يتحدى الصين".
وفي رأيها، لا يبدو أن "وجود الاتحاد الأوروبي على قدر أهمية الدعم المالي الذي يقدمه الرئيس الصيني، شي جين بينغ، لبودابست".
وفي هذا السياق، كتب وزير الخارجية المجري، بيتر زيجارتو، عبر صفحته الشخصية على "فيسبوك"، أن "أوروبا واجهت الواقع، حيث تجاوز الاقتصاد الصيني اقتصاد الأوروبيين ببساطة".
وتابع: "إن الاستثمارات الصينية الحديثة هي المفتاح لنمو الاقتصاد المجري على المدى الطويل".
ولفتت الصحيفة البرتغالية الأنظار كذلك إلى "استفادة روسيا من قرارات أوربان، الذي تعاون مع نظام فلاديمير بوتين في تأخير حزمة المساعدات المالية لأوكرانيا".
وأشارت إلى مقاومة رئيس الوزراء قدر استطاعته، والذي استسلم في نهاية يناير/ كانون الثاني 2024 عندما رفعت بودابست أخيرا حق النقض الذي حال دون تسليم 50 مليار يورو إلى كييف.
ومع ذلك، أوضحت الصحيفة أن "أوربان يعد موقفه المتحفظ بمثابة انتصار"، مدعيا أنه "تم إرفاق آلية مراجعة لحزمة التمويل، مما يضمن ما أسماه (الاستخدام الرشيد للأموال)".
وبحسب صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، تعاون أوربان أيضا مع موسكو وبكين في عرقلة حزمة عقوبات الاتحاد الأوروبي التي كان من المقرر فرضها قبل الذكرى السنوية الثانية للحرب في 24 فبراير 2024.
وتابعت: "أهداف هذه الحزمة من العقوبات 200 فرد وكيان روسي وصيني متهمين بصلاتهم بالحرب، لكن ما كان من شأنه أن يدفع بودابست إلى استخدام حق النقض، لم يكن روسيا، بل وجود الشركات الصينية على قائمة الأهداف، وفقا لمصدر شارك في الاجتماع".