"فخ الهوية".. عالم سياسي أميركي: ولاية ترامب الثانية ستكون أسوأ من الأولى
مستقبل “الترامبية" سيزداد فرصا للنمو في حال خسر انتخابات نوفمبر
يرى خبراء أميركيون أن ولاية ثانية للمرشح الجمهوري دونالد ترامب في المكتب البيضاوي حال نجاحه في الانتخابات الرئاسية المقررة في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 “ستكون أكثر ضررا” من الأولى (2017-2021).
وحلّل العالم السياسي الشهير والخبير في الشعبوية ومؤلف العديد من المراجع العالمية، ياشا مونك، الانتخابات في الولايات المتحدة.
وقالت صحيفة "الكونفدنسيال" الإسبانية إن مونك، عالم سياسي عالمي بارز، وخبير دقيق في الشعبوية والأزمة التي يمر بها النموذج الديمقراطي.
وهو مؤلف العديد من أهم الأعمال في هذا المجال، ويعدّ كتابه "فخ الهوية" من بين أفضل المؤلفات التي نشرت عام 2024، وهو عبارة عن قصة عن الأفكار والقوة في عصرنا.
استقطاب كبير
وفي سؤال الصحيفة عن الاستقطاب في الولايات المتحدة اليوم، مقارنة بانتخابات 2016 أو 2020، أشار مونك إلى أن “البلاد أصبحت أكثر استقطابا مقارنة بالخمسين سنة الماضية أو حتى الخمسة وعشرين سنة الماضية”.
واستدرك: “لكن، لا يمكن الجزم بأن الاستقطاب قد ازداد في الأعوام الثمانية الماضية، حيث إن الأمر ليس واضحا تماما، وأعتقد أن ترامب كان بمثابة صدمة كبرى بالنسبة للنظام خلال عام 2016، وفي ذلك الوقت كان هناك انطباع عميق بأن فترة ولايته يمكن أن تكون كارثية”.
واستطرد: “أما في الوقت الراهن، فقد قلت حدة هذا التصوّر”.
وقال مونك: “بهذا المعنى، قد يكون هناك قدر أقل من الاستقطاب مقارنة بالماضي. شخصيا، أعتقد أن هناك من الأسباب ما يجعلنا نعتقد أن فترة ولايته الثانية قد تكون أكثر ضررا من ولايته الأولى”.
وحول تراجع الديمقراطية في الولايات المتحدة، رأى أن “الأمر كان أقل حدة في سنوات 2016 و2020. وبشكل عام، يحدث نفس التدهور في جميع أنحاء العالم”.
وأوضح أن "النخب هي التي تهتم في المقام الأول بتقويض المؤسسات الديمقراطية، وفي وقت لاحق، كما رأينا في فنزويلا على سبيل المثال، بدأ التدهور يؤثر على الناس العاديين، وبعد ذلك، نعم، تصبح الديمقراطية المشكلة الرئيسة في البلاد بأكملها، رغم أنه قد يكون قد فات الأوان لتجنب هذا الوضع".
وبحسب العالم السياسي، عكست هزيمة الديمقراطيين عام 2016، عندما كانت هيلاري كلينتون مرشحة، “فشل نخب ذلك الحزب”.
وأكد أن “الحزب الديمقراطي مازالت تهيمن عليه النخب أكثر حتى من سنة 2016، ويكمن السبب الأساسي في هزيمة الديمقراطيين في ظهور مجموعة من الأفكار حول العرق وغيرها من المسائل. وهذا لا يأتي من الأسفل، بل من الأعلى، من الجامعات ومجموعات الضغط”.
ولفت إلى أن "هذا هو ما يضع الحزب الديمقراطي في موقف ضعيف ثقافيا، لدرجة أنه يمكن أن يؤدي بهم إلى الخسارة أمام مرشحين لا يتمتعون بشعبية مثل ترامب".
وأشارت الصحيفة إلى أن ياشا مونك جادل في كتابه "فخ الهوية" بأن نهج ترامب وثقافة اليقظة يشكلان قطبين متعارضين.
وحول تراجع تيار اليقظة أو الاستيقاظ، نوه في حواره بأن “هذا الفكر فقَدَ هيمنته الثقافية التي كان يتمتع بها في الوسط التقدمي في غضون سنة 2020”.
وتابع: "لسنوات عديدة، كان من غير المقبول داخل اليسار انتقاد تلك الأفكار، واستبعد كل من تجرأ على ذلك. والآن، نحن في مرحلة النقاش المفتوح، وأصبح صوت الذين يعارضون هذا الفكر مسموعا أكثر من غيره. وبما أن هذه الأيديولوجية لا تحظى بشعبية كبيرة، أعتقد أن تأثيرها سينخفض بشكل كبير".
“فكر ترامب”
وفي هذا المعنى، أورد مونك أن مستقبل "نهج أو فكر" ترامب سيزداد فرصا للنمو في حال خسر انتخابات نوفمبر.
ورأى أن “مستقبل هذا النهج سيظل مفتوحا حتى سنة 2028، ومن المحتمل أن يحصد 52 بالمئة أو 53 بالمئة من الأصوات خلال الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري سنة 2028”.
وأضاف "لكن الأمر سيتطلب نهجا أكثر ذكاء وانضباطا. وفي سنة 2028، يمكن للحزب اختيار مرشح أكثر اعتدالا، أو شخصا يصعب العثور عليه يتمتع بشخصية كاريزمية، وإستراتيجي، وغير مثير للجدل، وقادر على جذب أولئك غير الراضين على الولاية السابقة، وهذا ليس بالأمر السهل، ويتعين علينا الانتظار".
وأشارت الصحيفة إلى أن “الهجرة هي العامل الثاني الذي يتحكم في قرار التصويت في الولايات المتحدة، بحسب استطلاعات الرأي”.
ويعتقد 40 بالمئة من الديمقراطيين أن الولايات المتحدة تعاني من غزو من الحدود المكسيكية.
وفي هذا السياق، قال مونك إن “الناخبين في كل الديمقراطيات، بما في ذلك الديمقراطيات الأوروبية، كانوا يطالبون السياسيين بالسيطرة على الحدود الوطنية منذ فترة طويلة، وهناك شعور قوي بالإحباط لأنه لم يتم الاستجابة لمطالبهم”.
وأوضح أنه "في حكم الديمقراطيين في الولايات المتحدة، تعد مسألة الهجرة إحدى نقاط ضعفهم الكبيرة، وإذا استمرت الخيارات السياسية المعتدلة في عدم الاستماع إلى الرسالة، فإنها ستستمر في فتح المجال أمام اليمين المتطرف".
وأضاف: "ومثلما قال الكاتب ديفيد فروم قبل بضع سنوات... (إذا لم يقم الليبراليون بمراقبة الحدود، فستنتهي في يد الفاشيين، الذين سيمسكون بزمام الأمور في هذه المسألة).. وفي الحقيقة، لم يتمكن أحد، من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، من تحقيق سيطرة فعالة على الحدود".
ومع اقتراب الخامس من نوفمبر، أصبحت الحملة الانتخابية بين ترامب الجمهوري وهاريس الديمقراطية ترتكز على تشديد اللهجة بينهما -مدفوعة في المقام الأول بالرئيس السابق- إلى مستويات لم يكن من الممكن تصورها في السياسة الأميركية الرفيعة قبل ظهور قطب العقارات"، وفق مونك.
ووصف ترامب أنصار الحزب الديمقراطي بأنهم "العدو الداخلي"، مشيرا إلى إمكانية استخدام جنود الحرس الوطني ضدهم "لمجرد اختلافهم معه".
وختم مونك بالقول: “عموما، كانت الانقسامات موجودة دائما في التاريخ الأميركي، كما في تاريخ أي دولة أخرى، حتى إنها أدت إلى حرب أهلية (1861-1865)، لكن لم تكن الانقسامات ملحوظة على هذا النحو منذ الستينيات وعصر النضال من أجل الحقوق المدنية وحرب فيتنام”.