خطط إستراتيجية.. كيف يعزز المغرب صناعة الدفاع وترسانته العسكرية؟
"ميزانية وزارة الدفاع المغربية لعام 2024 سجلت أرقاما قياسية"
اتخذ المغرب خطوات جدية من أجل تحقيق هدفه المتمثل في إنشاء صناعات دفاعية وطنية بقوانين إستراتيجية وتحالفات دولية، ومن ثم تعزيز ترسانته العسكرية.
وقالت صحيفة "الإسبانيول" الإسبانية إن المغرب "خطا خطوات جدية نحو التأسيس لصناعة دفاعية صلبة، مما يخول له الانضمام إلى دائرة مميزة من الدول القادرة على إنتاج معداتها العسكرية بنفسها".
وأضافت أن "هذه الخطوة أصبحت ممكنة بعد سلسلة من المراسيم الإستراتيجية خلال اجتماع مجلس الوزراء المنعقد بمدينة الدار البيضاء برئاسة الملك محمد السادس".
نقطة تحول
وفي أوائل يونيو/ حزيران 2024، وافق العاهل المغربي على إنشاء منطقتين للتسريع الصناعي، مخصصتين للصناعة الدفاعية.
وستضم هذه المناطق صناعات متخصصة في المواد والمعدات الدفاعية والأمنية، بالإضافة إلى تصنيع الأسلحة والذخائر، بهدف نشرها على نطاق أوسع في وقت لاحق.
ومن خلال إنشاء هذه المناطق الصناعية، سيتمكن المغرب من توفير البنية التحتية اللازمة لدعم نمو هذه الصناعة الجديدة.
وتستند جميع هذه المشاريع على قانون الأسلحة لعام 2020 الخاص بالصناعة الدفاعية ومرسوم تطبيقه.
وانعكست هذه الإستراتيجية بالفعل في القانون رقم 10-20 المتعلق بدراسة الاستثمارات في صناعة الأسلحة والذخائر، والذي يضع الأسس القانونية للإنتاج المحلي لمختلف أنواع المعدات والأسلحة بالتعاون مع الشركات المصنعة في القطاع الخاص.
أما حجر الأساس في هذا المشروع، فيختزل في إنشاء لجنة وطنية مكلفة بتنظيم هذا القطاع الحساس للغاية.
وعلى غرار القطاعات الأخرى، يتطلب تطوير الصناعة الدفاعية في المغرب إحداث مناطق مخصصة لتحقيق هذا الهدف.
ومن خلال التشريعات الأخيرة التي سنّتها المملكة المغربية، وضعت الأسس القانونية لإحراز تقدم في هذا الغرض.
وفي الإجمال، مثلت هذه التطورات نقطة تحول في عملية تحديث سياسة الدفاع المغربي.
ومن أجل تطوير صناعة الدفاع المغربية، يقوم المغرب تدريجيا بوضع إطار قانوني صارم.
وفي سنة 2022، أدرجت الصناعة الدفاعية بالمغرب لأول مرة في إطار الاستثمار.
وبفضل هذه الخطوة، تتمتع المشاريع الاستثمارية في مجال الصناعة الدفاعية بطابع إستراتيجي، مما يسمح لها بالاستفادة من المزايا المحددة التي يتم التفاوض عليها مع الدولة.
ويُمنح هذا الامتياز تلقائيا فقط للاستثمارات في صناعة الدفاع، بينما يتعين على باقي الصناعات التكيف مع معايير أخرى اعتمادا على القطاع أو حجم الاستثمار أو عدد الموظفين.
التعاون الدولي
وبهذه الطريقة، تصبح صناعة الدفاع مفتوحة أمام المستثمرين، كما هو الحال مع القطاعات الصناعية الأخرى في الاقتصاد المغربي.
وخلال هذا الاجتماع، اعتمدت مراسيم أخرى تتعلق بالقوات المسلحة الملكية، خاصة تلك المتعلقة بوضع أساتذة البحث الطبي بالمستشفيات العسكرية، وتكوين لجنة التنسيق الوطنية في مجالات الهيدروغرافيا، وعلم المحيطات ورسم الخرائط البحرية.
وتهدف هذه التدابير إلى تحسين فعالية وإدارة الموارد البشرية والعلمية للقوات المسلحة الملكية.
وأشارت الصحيفة إلى أن المغرب سعى إلى تعزيز ودعم التعاون الدولي في المجال العسكري، من خلال تطوير علاقاته العسكرية مع الدول الأخرى. وينص مرسوم تم اعتماده خلال نفس المجلس الوزاري، على سبيل المثال، على تعيين ملحق عسكري بسفارة المغرب ببرازيليا.
ويتمثل الهدف من هذا المنصب في تعزيز علاقات التعاون مع البرازيل، خاصة في مجال نقل التكنولوجيا المتعلقة بصناعة الأسلحة.
وتندرج هذه المبادرة في إطار إستراتيجية تعاون دولية أوسع تهدف إلى تحسين قدرات المغرب التكنولوجية والصناعية في هذا القطاع.
ومن أجل تطوير صناعته العسكرية وتعزيز صناعة الدفاع المحلية، قام المغرب بتنويع شركائه من خلال إنشاء العديد من المشاريع الاستثمارية العسكرية مع العديد من الشركات العالمية.
ووقعت الرباط في السنوات الأخيرة مذكرات تفاهم في مجال الدفاع مع دول عظمى مثل الولايات المتحدة.
وسيركز التعاون بشكل خاص على تبادل الخبرات والمعرفة ونقل التكنولوجيا وصناعة الدفاع.
وبالمثل، تهدف هذه الاتفاقيات إلى ضمان قدرة المغرب ليس فقط على إنتاج معدات دفاعية، بل أيضا على تطويرها بشكل مستقل.
زيادة عن ذلك، في سنة 2022، أقام المغرب شراكات مع العديد من الشركات العالمية المتخصصة في الأسلحة الدفاعية.
ونتيجة لذلك، أصبحت بعض هذه الشركات مهتمة بالاستثمار في الدولة المغاربية، كما اتخذت بعض الشركات بالفعل خطوة مهمة في هذا الاتجاه.
وهنا، يمكن الحديث عن شركة بوينغ أو مجموعة الطيران البلجيكية أوريزيو، التي أنشأت، من خلال مشروع مشترك مركز صيانة الطائرات العسكرية في قاعدة بنسليمان، بإقليم الدار البيضاء-سطات، مخصصا لأسطول القوات المسلحة الملكية.
أرقام قياسية
وفي نفس السياق، مُنِحت شركة "ميد زيد"، التابعة لمجموعة صندوق الإيداع والتدبير، ترخيصا لإنشاء شركة صيانة أصول الطيران، بالاشتراك مع شركة سابينا، الشركة البلجيكية لخدمات الملاحة الجوية، التابعة لشركة بلو بيري.
وتهدف هذه المرافق والبنية التحتية إلى تجهيز القاعدتين العسكريتين ببنسليمان وبن جرير، الواقعتين بإقليم مراكش آسفي، لاستضافة الطائرات العسكرية وتسهيل الانتقال إلى تصنيع قطع غيار هذه الطائرات.
وتشكل هذه الوحدات أساس الصناعة العسكرية المغربية، كما هو الحال بالنسبة للطائرات دون طيار الصغيرة المصنعة وطنيا والمستخدمة في مراقبة الحدود ومكافحة الهجرة غير النظامية.
وأوردت الصحيفة أن "المغرب يعدّ حاليا من بين الدول العشر التي تتمتع بأفضل القدرات العسكرية في إفريقيا، حسب آخر تقرير لشركة غلوبال فاير باور، حيث أصبح من بين الدول الأكثر تطويرا لقدراتها العسكرية".
ويجدر الأخذ في الحسبان أن ميزانية وزارة الدفاع المغربية لسنة 2024 قد سجلت أرقاما قياسية، وبلغت 124,7 مليار درهم، أي ما يعادل 11,68 مليار يورو.
وتمثل هذه الأرقام زيادة بنسبة خمسة بالمئة مقارنة بميزانية 2023.
وأشارت الصحيفة إلى أن "محمد السادس أصدر توجيهاته إلى القوات المسلحة الملكية في 14 مايو/أيار، بمناسبة الذكرى 68 لإنشائها، بمراجعة وتحديث مفاهيم الأمن والدفاع استجابة للتوترات والتحالفات والصراعات العالمية. ويعني ذلك أن المغرب سيواصل على نفس النسق في تحقيق اكتفائه الذاتي ودعم صناعته العسكرية.
وبالمثل، طالب بمراجعة برامج التدريب العسكري ودمج الأساليب المبتكرة والتقنيات المتقدمة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، لمواجهة التهديدات المحتملة.