حصيلة عقد كامل.. كيف تعيش المرأة اليمنية في مناطق سيطرة "الحوثي"؟

in 16 minutes

12

طباعة

مشاركة

في وقت تحتفي فيه الأمم المتحدة باليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة في 25 نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام، تعيش النساء اليمنيات صنوفا من المعاناة في المناطق التي تسيطر عليها مليشيا الحوثي.

ولليوم الثاني على التوالي، يواصل صحفيون وناشطون يمنيون رصد معاناة المرأة اليمنية على يد مليشيا الحوثي، حيث أطلقوا حملة شعبية واسعة على منصات التواصل الاجتماعي لنصرتها وإدانة العنف بحقها.

وأكدوا عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي "إكس"، "فيسبوك"، ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها الحوثي_يعذب_اليمنيات.. #لا_عذر، وغيرها، أن مليشيا الحوثي عمقت معاناة المرأة اليمنية واستهدفت النساء بوحشية وعذبتها بكل أشكال التعذيب.

واستنكر هؤلاء غياب المجتمع الدولي وفشله في ردع المليشيا وتقديم أفرادها لمحاكمات دولية ومعاقبتها على جرائمها بحق نساء اليمن وانتهاكها للحرمات وكسرها للأعراف والعادات والتقاليد، رغم أن جرائمها موثقة بالصوت والصورة.

وأكدوا أن ما تتعرض له نساء اليمن من إجرام واعتداءات وخطف وسجن على يد مليشيات الحوثي يستدعي تحركا ورفعا للأصوات من قِبل جميع المنظمات الحقوقية والإنسانية وعلى رأسها منظمات وهيئات الأمم المتحدة.

وارتكبت مليشيا الحوثي أكثر من 10 آلاف انتهاك لحقوق المرأة في اليمن، منذ انقلابها على الشرعية في 21 سبتمبر/ أيلول 2014 وحتى الأول من مارس/ آذار 2024، بحسب ما أكدته الشبكة اليمنية للحقوق والحريات.

وأعلنت أنها وثقت 10 آلاف و156 انتهاكا ارتكبتها المليشيا في اليمن بحق النساء، قُتلت خلالها 2786 امرأة، وأُصيبت 4369 سواء بالقصف المدفعي أو انفجارات الألغام والعبوات الناسفة، وكذلك أعمال القنص والإطلاق العشوائي للرصاص الحي على الأحياء السكنية.

وذكر مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية باليمن في تقرير حديث، أن هذا البلد لا يزال أسوأ مكان للنساء في العالم منذ أن أدرج في هذا الموقع عام 2017.

امتهان المرأة

وتحت عنوان "حرب حوثية على المرأة" أكد أبو دارس التام، أن المرأة اليمنية تعرضت لضربة قوية مع انقلاب الحوثي وسيطرة الجماعة الإرهابية على العاصمة وتنصيب نفسها سلطة أمر واقع في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

وأوضح أن المرأة خسرت كل الإنجازات التي حققتها وراكمتها طيلة عقود من النضال وتراجع دورها وانحسر حضورها إلى مستويات غير مقبولة.

وأشار التام إلى أن أخطر ما تعرضت له المرأة اليمنية في ظل وجود الحوثي هو ارتفاع معدل العنف الموجه ضدها سواء كان من قبل عناصرها أو من جهات أخرى شجعتهم سلطة المليشيا على ارتكاب جرائمهم ومثلت لهم فرصة للإفلات من العقاب والمحاسبة.

واستدل بتقارير للأمم المتحدة أكدت أن العصابة الحوثية سجنت آلاف النساء بتهم كيدية ومورست بحقهن أساليب وحشية في التعذيب النفسي والجسدي.

ولفت إلى أنها استخدمت القضاء في حربها على المرأة اليمنية وحاكمت عدد من النساء بناء على تهم ملفقة وأصدرت 264 حكما بالسجن ضد النساء وستة أحكام إعدام.

وأكد وكيل وزارة العدل اليمنية فيصل المجيدي، أنه لم يحدث أن جرى اختطاف اليمنيات وتعذيبهن وانتهاك أعراضهن كما فعل (زعيم المليشيا) عبدالملك الحوثي وأتباعه.

وبين أن تقارير الأمم المتحدة تتحدث عن عمليات امتهان للمرأة في أقبية الحوثي المظلمة بصورة تجعل من الشيطان تلميذا صغيرا أمامه.

وقال الصحفي هائل البكالي، إن في اليمن وبسبب الانقلاب والحرب يقدّر مهتمون في مجال الإغاثة والعمل الإنساني أن العنف المرتبط بالنوع الاجتماعي ضد المرأة تصاعد منذ بداية الحرب ليصل الى قرابة 70 بالمئة.

وأشار إلى أن النساء والأطفال يشكلون ثلاثة أرباع من إجمالي الـ 4.5 ملايين نازح في اليمن، ويبلغ عدد النساء النازحات قرابة مليون نسمة وذلك وفق تقارير رصد حركة النزوح.

وقدم الصحفي محمد الضبياني، أدلة دولية عبر فريق الخبراء من خلال تقارير موثقة رصدتها المنظمات الدولية تؤكد أن سجون الحوثي تعجّ بالمختطفات اللائي اختطفن من منازلهم والطرقات.

وقال خلف حسن الفقيه: ‏"في اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، نتذكر الألم الذي تعيشه النساء اليمنيات تحت حكم مليشيا الحوثي الإرهابية"، مؤكدا أن الاختطاف، والتعذيب، وتشويه السمعة، هي بعض مما تواجهه المرأة اليمنية يوميا.

انتهاكات جنسية

وسلط ناشطون الضوء على ما وصفوه بـ"الجرائم الجنسية" التي ارتكبها الحوثي بحق المرأة اليمنية.

وأكد الكاتب الصحفي عبدالكريم المدى، أن النساء المختطفات في معتقلات مليشيا الحوثي، تعرضت لانتهاكات بشعة، تنوعت ما بين العنف اللفظي والتهديد بالاعتداء الجنسي عليهن، والعنف الجسدي وحرمانهن من التواصل مع ذويهن لإبلاغهم بتعرضهن للاحتجاز.

وقال إن مليشيات الحوثية حولت المرأة اليمنية من إنسانة وأم وأخت وطبيبة ومعلمة ومهندسة وشريكة للرجل إلى مجرد سلعة منتهكة كل الحقوق ووسيلة لإخضاع وإذلال الأسر وأبناء القبيلة اليمنية من خلال انتهاك أعراضهم المتمثلة بخطف وسجن نسائهم والاعتداء عليهن.

وقالت دلال فتحي علي، إن مليشيا الحوثي تستخدم الاتهامات بالدعارة والفجور كسلاح لإسكات أسر المختطفات وشرعنة جرائمها، وإن المرأة اليمنية تعاني الإرهاب وسط صمت دولي مشين.

وقالت المذيعة عفاف ثابت: إن في مناطق سيطرة الحوثيين، تتكرر جرائم الاغتصاب والاعتداء على الطفولة، فجريمة اغتصاب الطفلة جنات ليست فردية، بل نهجا حوثيا يستهدف إذلال المجتمع، والقضاء المسيس يحمي الجناة ويصدر أحكاما مخففة تشكل إهانة لحقوق الضحايا.

وعرض ناشطون صورا ومقاطع فيديو تحمل مشاهد توثق المأساة  التي تعيشها المرأة اليمنية والأسرة والأطفال تحت سطوة مليشيا الحوثي، وتفضح العنف الممارس بحقها.

نساء معتقلات

وتذكيرا ببعض أسماء النساء الآتي تعرضن لانتهاكات على يد الحوثي، استحضر عبدالله الحلبي، معاناة المنسقة الميدانية للمفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في محافظة الحديدة سميرة بلح، التي اختطفتها المليشيا في يونيو/حزيران 2024.

وأوضح أن سميرة ليست مجرد مدرسة، بل أيقونة للمرأة التهامية المناضلة التي دفعت ثمن التزامها بالعمل الإنساني وحقوق الإنسان في وجه القمع والاضطهاد.

وأكد أن اختطافها هو اعتداء على حقوق الإنسان بأكملها، وصورة أخرى من العنف الممنهج الذي تواجهه النساء في مناطق مليشيا الحوثي.

وطالب الحلبي المجتمع الدولي بالتحرك الفوري للإفراج عن الاستاذة سميرة وجميع المختطفين، وإدانة هذه الانتهاكات الجسيمة، داعيا إلى حماية العاملات في المجال الإنساني والحقوقي، ودعم نضال المرأة ضد كل أشكال العنف والتمييز في تهامة.

وتحتجز مليشيا الحوثي نحو 50 عاملا في المنظمات الأممية والدولية منهم 18 موظفا أُمميا، وذلك بعد حملة واسعة شنتها في يونيو 2024، على منازل ومكاتب موظفين يعملون في مختلف وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، بحسب المركز الأميركي للعدالة (ACJ).

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2024، جدد مسؤولان أمميان الدعوة للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية وأفراد المجتمع المدني المحتجزين تعسفيا من قِبل سلطات الأمر الواقع الحوثية في صنعاء. 

وحذرا خلال جلسة عقدها مجلس الأمن الدولي، من تأثير الصراع الإقليمي المتصاعد على الشعب اليمني والأزمة الإنسانية في البلاد، مؤكدين أن تلك الاعتقالات تهدف إلى "تشويه السمعة وخلق مناخ من الخوف وعدم الثقة".

وعرض الصحفي أحمد الصباحي، مقطع فيديو للوصية الأخير للإعلامية سحر الخولاني، قبل اختطافها وتغييبها في السجون السرية بعيدا عن أهلها وأطفالها بعد حملة مضايقات مستمرة، مؤكدا أنها نموذج لمئات اليمنيات اللواتي تعرضن للاضطهاد والظلم الحوثي.

وسحر الخولاني هي إعلامية يمنية طالبت بصرف راتبها وشكت جوع أطفالها فعاقبها الحوثي بالاعتقال في السجون السرية؛ منذ سبتمبر/أيلول 2024.

وجاء اعتقال الخولاني عقب دهم منزلها من قوة حوثية جراء نشرها مقاطع فيديو انتقدت خلالها سلوك المليشيات ورفضها ما وصفته بسياسة تكميم الأفواه والقمع والملاحقات التي تنتهجها.

وبدورها، أدانت الحكومية اليمنية استمرار الحوثي في اختطافها وإخفائها قسرا وعدته نموذجا لمأساة كثير من النساء اليمنيات في المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيات.

وكشف وزير الإعلام والثقافة معمر الإرياني، أن الجماعة الحوثية "اختطفت منذ انقلابها عام 2015 آلاف النساء من منازلهن ومقار عملهن والشوارع العامة ونقاط التفتيش، واقتادتهن إلى المعتقلات السرية ولفقت لهن التهم الكيدية.

وأكد أن مليشيا الحوثي مارست بحق المختطفات صنوف الابتزاز والتعذيب النفسي والجسدي والتحرش والاعتداء الجنسي، على خلفية نشاطهن السياسي والإعلامي والحقوقي، بهدف تقييد حركتهن والحد من حريتهن ومشاركتهن في الحياة العامة".

ووجه الإعلامي والمصور معتصم اليمني، تساؤلات للحوثي الذي وصفه بأنه "ذو الوجهين": “أين فاطمة العرولي! أين سحر الخولاني! أين مئات المختطفات في أنصاف الليالي؟!”

وخاطب الحوثي قائلا: "تزعم أنك تناصر غزة وتذيق أطفال وحرائر اليمن الويلات.. إنه النفاق.."، متسائلا: “هل يعلم العرب بأفعالك السوداء التي تجاوزت كل الأعراف والشرائع والقوانين؟”

غياب الردع

وتنديدا بغياب الردع اللازم لمليشيا الحوثي وصمت المجتمع الدولي على جرائمها، قال الكاتب السياسي مصطفى القطيبي، إن كل هذه الانتهاكات ما كانت لتمر مرور الكرام لو أن الجهات الدولية المهتمة بهذا الملف مارست دورها بشكل حقيقي وجاد.

وتساءل الصحفي حذيفة الأميري: "أين العالم الذي يتغنى بحقوق الإنسان؟!"، مؤكدا أنه في اليمن، تُسلب الكرامة كما تُسلب الحياة، وتُختطف النساء من أمنهن، ويُزج بهن في سجون مظلمة بلا رحمة، ومع كل قبضة ظلم تشتد، ترتفع صرخات المرأة اليمنية طلبا للخلاص. 

كما تساءلت سارة بنت محمد: "أين جمعيات ما تسمى حقوق المرأة التي غثونا فيها النسويات.. أين فرنسا والغرب الذي يزعجهم حجاب المرأة المسلمة ويسعون لنزع حجابها وغطاء وجهها".

وقالت إنه حتى الأطفال الصغار من بنات وأولاد لم يسلموا من حالات التحرش والاغتصاب على يد الحوثيين، الذين جعلوا الأطفال تدمن القات، وجعلوا عقول الكبار تغيب عن الواقع بكثرة تناول ومضغ هذه النبتة المحرمة التي تعد نوعا من أنواع المخدرات.

وأشار الإعلامي محمد الغمراني، إلى أن نساء اليمن يدفعن ثمن القمع الحوثي ويتعرضن للتعذيب والسجن وانتهاك للكرامة الإنسانية، متسائلا: "أين الضمير العالمي؟".