"الهروب الكبير".. مغاربة يفرون من العطالة نحو المجهول وحكومة أخنوش تطاردهم
"ما يجرى من محاولات هروب جماعي فضيحة بكل المقاييس"
في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية التي يشهدها المغرب ودول جواره الإفريقي، حظيت دعوات على منصات التواصل الاجتماعي للهجرة غير النظامية إلى أوروبا عبر الحدود المغربية الإسبانية باستجابة واسعة.
وفي 15 سبتمبر/ أيلول 2024، تجمع مئات المغاربة والمهاجرين الأفارقة، على قمة تل في مدينة الفنيدق المطلة على سبتة الخاضعة للاحتلال الإسباني لاقتحام السياج الحدودي.
وألقت السلطات المغربية القبض على عشرات المهاجرين منهم، كما قبضت على 60 شخصا على الأقل لتحريضهم المهاجرين على محاولة العبور الجماعي للحدود، وكثفت وجودها الأمني هناك.
ونفذت على مدار الأيام الأخيرة مئات الاعتقالات في صفوف المهاجرين، وأظهرت مقاطع فيديو بثها ناشطون مغاربة، مطاردة قوات الأمن بمدينة الفنيدق، لعدد من الشباب والمراهقين الراغبين في الهجرة إلى سبتة.
ويعدّ المغرب نقطة انطلاق رئيسة للمهاجرين الأفارقة الذين يسعون للوصول إلى أوروبا عبر البحر المتوسط أو المحيط الأطلسي، أو بالقفز فوق السياج المحيط بجيبي سبتة ومليلية المغربيتين اللتين تحتلهما إسبانيا.
ويحاول المهاجرون بين الحين والآخر دخول سبتة ومليلية إما سباحة على طول الساحل أو بتسلق الجدران "السياج الحدودي" التي تفصلهما عن المغرب.
وعززت الرباط ومدريد تعاونهما في التعامل مع الهجرة غير النظامية في الأشهر الأخيرة بعد التوصل لاتفاق بشأن الاعتراف بسيادة المغرب على إقليم الصحراء المطالب بحق تقرير المصير.
ردود فعل
وتداول ناشطون عبر منشوراتهم على حساباتهم الشخصية على منصتي إكس وفيسبوك، ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #الهجرة_الجماعية، #الهروب_الجماعي، #الفنيدق، وغيرها صورا ومقاطع فيديو توثق محاولات الفرار الجماعي من المغرب والتطويق الأمني لهم.
وصبوا جام غضبهم على ملك المغرب محمد السادس، وحكومة عزيز أخنوش، وحملوهم مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع وتزايد رغبة المغاربة في الهجرة بأي طريقة وبأي ثمن.
وعد ناشطون تصاعد أعداد المهاجرين بالمغرب والاتجاه للفرار الجماعي نتاج سياسات التهميش والفشل الأمني والاقتصادي والاجتماعي الذي يدفع الشباب للهروب من جحيم البؤس الداخلي.
دوافع الهجرة
وسبق أن كشف استطلاع لمركز "الباروميتر العربي" البحثي حول اتجاهات الرأي العام بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشأن قضايا الهجرة، عن استمرار ارتفاع معدلات الرغبة في الهجرة بين سكان المنطقة.
ورصد الاستطلاع تباينات كبيرة في رغبات الهجرة بين دول المنطقة خلال 2024، إذ تقود تونس نسبة الراغبين في الهجرة، بعدما أوضح 46 بالمئة من سكانها رغبتهم بالهجرة، ثم الأردن بنسبة 42 بالمئة، يليه لبنان بنسبة 38 بالمئة.
فيما أعرب 35 بالمئة من المغاربة عن رغبتهم في الهجرة، مقارنة بـ 25 بالمئة في موريتانيا، بينما كانت في الكويت التي تتمتع باستقرار اقتصادي أقل نسبة من الراغبين في الهجرة، لا تتجاوز 16 بالمئة.
وأظهرت بيانات حكومية أن المغرب أحبط في 2023 محاولات 75 ألفا و184 شخصا للوصول بشكل غير قانوني إلى أوروبا، بزيادة 6 بالمئة عن العام الذي سبقه.
فشل السياسات
وتفاعلا مع هذه التطورات، كتب الناشط السياسي حسن بناجح، أنه في ليلة الهروب الكبير خارج المغرب، احتشد شبابنا المعطل عن العمل بسبب السياسيات الرسمية الفاشلة تعليميا واقتصاديا، وهو الوضع المأزوم الذي لا تجد السلطات من حلول أمامه غير الآلة الأمنية.
من جانبه، ذكر حمدي سلامة أن ما يحدث هو “25 سنة من حكم ملك الفقراء، مغرب صناعة الطائرات والسيارات، مغرب التنمية والأوراش الكبرى والحوكمة الرشيدة وغيرها من الدعايات التي نسفتها موجات الهجرة الجماعية.. هذا هو فعل ملك الفقراء لقد أفقر مراكش.”
بدوره، استنكر كاتب الرأي حسن بلفيح، مرور 70 سنة على الاستقلال بينما مازال ملايين الشباب يرغبون بشكل ملح في مغادرة البلاد كمن يهرب من الطاعون، رافضا عتاب أي شاب من هؤلاء لأن أسباب الرحيل لديهم أقوى من أسباب البقاء.
أزمات اجتماعية
ويعاني المغرب من أزمات اجتماعية واقتصادية واحتقان غير مسبوق، حيث أظهرت إحصائيات رسمية في مايو/أيار 2024 أن معدل البطالة ارتفع إلى 13.7 بالمئة في الثلاثة أشهر الأولى من 2024 مقابل 12.9 بالمئة خلال نفس الفترة من 2023.
كما شهد عدد الفقراء على المستوى الوطني ارتفاعا سنويا متوسطا قدره 33.7 بالمئة، حيث ارتفع من 623 ألفا سنة 2019 إلى 1,42 مليون سنة 2022.
ورأى أحد المغردين، أن ما حدث في سبتة يعكس وضعا مؤلما يعيشه الشباب، مؤكدا أن الهجرة الجماعية بهذه الطريقة أقوى تعبير عن حالة اليأس والإحباط.
وعد ما حدث دليلا واضحا على فشل التشغيل، التعليم، الصحة والعدالة الاجتماعية، رغم كل ما يُقال عن تطور المغرب وازدهاره، مؤكدا أن كل واحد ممن في موقع المسؤولية سيحاسب أمام الله والوطن.
فيما أكد سيد بنابو، أن الهجرة من إفريقيا ستظل مستمرة طالما أن قلة من الأثرياء يتحكمون في مصير الأغلبية الفقيرة، محذرا من أن هذا يؤدي إلى عدم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.
وأشار إلى أن الاستعمار نهب خيرات القارة، وعندما انتهت حقبته، خلف وراءه حكاما فاسدين يسرقون أكثر مما يديرون.
وقال عثمان أحميدوش، إن الهجرة الجماعية لشباب المغرب التي يراها فتيل أمله الوحيد نحو حياة وحقوق أفضل، تسلط الضوء بشكل مؤلم على التحديات العميقة التي تواجهها البلاد في توفير الظروف اللازمة لحياة كريمة لشبابها.
وأكد أن هذه الظاهرة لا يمكن فصلها عن الفشل المتواصل للدولة في خلق بيئة تضمن فرص العمل، التعليم الجيد، والخدمات الأساسية التي من شأنها أن تُبقي هؤلاء الشباب في وطنهم.
وأضاف: “الشباب وأنا منهم، هم أكثر الفئات تضررا من سوء إدارة الموارد والفساد والتفاوت الاجتماعي”.
ورأى أن هذه الهجرة ليست مجرد هروب من ظروف مادية صعبة، بل هي أيضا صرخة احتجاج ضد حكومات (بصفة الجمع) تعجز عن توفير الحماية والفرص، محملا الدولة مسؤولية هذا الإخفاق الكبير.
وقال بيلاش ندى، إنه لا شك أن وصول هؤلاء الشباب إلى هذه المرحلة من اليأس، ليس وليد اللحظة، وإنما هي تراكمات وإخفاقات وفشل في إيجاد أقل سبل العيش الكريم".
وحذر من أن النزوح الجماعي ومحاولة الهجرة الجماعية ناقوس خطر جديد يدق بصوت مدوٍّ، متسائلا: "هل من آذان صاغية؟
وتساءلت المغردة هدى، عن الطريقة التي دخل بها الساعون للهجرة غبر النظامية إلى سبتة دون مراقبة، مشيرة إلى أنهم ليسوا مغاربة فقط بل هنالك جنسيات مختلفة أخرى معهم.
مسؤولية الحكومة
وهجوما على الحكومة المغربية وسخرية من تصريحات رئيسها عزيز أخنوش قبل أيام بأن المغرب أصبح "أول دولة اجتماعية في القارة الإفريقية"، عد داود البصري، "ما يجرى من محاولات هروب جماعي فضيحة بكل المقاييس".
ورأى أن العبث الذي يجرى يحتاج إلى وقفة حقيقية من السلطات المغربية ويتطلب إجراءات حاسمه تبدأ من الأسرة ولا تنتهي عند الملياردير أخنوش الذي يعيش في كوكب آخر على ما يبدو".
وقال المغرد خالد، إن أخنوش يرفع شعار "الدولة الاجتماعية"، وصور وفيديوهات الفنيدق توضح أن المغرب أصبح كسجن يحاول شبابه الهروب منه.
وتساءل عبدالرحيم أحمد: "ماذا حققت حكومة أخنوش غير حصد فشل اقتصادي واجتماعي وأزمات التعليم والصحة والغلاء، فشل في رفع وثيرة النمو فشل في أحداث مناصب الشغل، فشل في تفعيل الحماية الاجتماعية؟
وأضاف: بينما نجحت في زيادة ثروة أخنوش وقمع الصحافة وشراء المنابر وتسلط وهبي ووقاحته واتساع الطبقة الفقيرة!".