احتلال غزة وضم الضفة.. كيف يسرع الاحتلال مخططات تصفية قضية فلسطين؟

ضمن مواجهة إسرائيل للتحركات الدولية نحو الاعتراف بدولة فلسطينية، عقد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو جلسة جديدة لمناقشة إمكانية فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة، كما قررت سلطاته مصادرة 455.58 دونما من أراضيها.
وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت: إن الجلسة التي عقدها نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية لارتكابه جرائم حرب في قطاع غزة- هي الثانية في غضون أسبوعين، بعد انعقاد منتدى وزاري محدود برئاسته لمناقشة القضية ذاتها.
وكان موقع واللا الإسرائيلي قد نقل عن مصادر خاصة أن وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر أبلغ نظيره الأميركي ماركو روبيو -خلال لقائهما الأخير في واشنطن- أن تل أبيب تستعد لإعلان فرض سيادتها على الضفة خلال الأشهر المقبلة.
إلا أن نتنياهو وجه وزراءه بعدم الحديث عن سعي إسرائيل لفرض السيادة على الضفة، و"التكتم" على الأمر، خوفا من تراجع الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن دعمه الصامت أخيرا للبناء الاستيطاني في المنطقة إي 1، بحسب ما أكدته صحيفة معاريف.
ونقلت الصحيفة عن مصادر إسرائيلية مطلعة، أن موضوع فرض السيادة على الضفة "يُدار بهدوء تام، دون تصريحات علنية"، وقالت: إن نتنياهو "وجّه الوزراء بالتقليل من الحديث قدر الإمكان" عن الأمر.
وفي خضم المناقشات التي يجريها نتنياهو ووزراؤه تمهيدا لضم الضفة، كشفت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية، عن مصادرة إسرائيل مئات الدونمات من أراضي المواطنين بمحافظتي نابلس وقلقيلية شمالا.
وقالت: إن "سلطات الاحتلال الإسرائيلي أعلنت استيلاءها على مساحة 455.6 دونما (الدونم يساوي ألف متر مربع) من أراضي جيت وفرعتا شرقي محافظة قلقيلية، وتل غربي محافظة نابلس".
وأوضحت أن الإعلان جاء تحت عنوان "أراضي الدولة، وهو مسمى تتخذه دولة الاحتلال للسيطرة ومصادرة المزيد من الأراضي، ويستهدف المساحة التي تتموضع عليها بؤرة حفات جلعاد الاستعمارية التي أقيمت عام 2003 على أراضي قرى جيت وفرعتا وتل".
وأضافت أن سلطات الاحتلال تهدف من هذا الاستيلاء إلى تسوية (شرعنة) أوضاع بؤرة استعمارية مقامة في المنطقة وهي حفات جلعاد البؤرة ذاتها التي جرى الإعلان عن نية حكومة نتنياهو تسوية أوضاعها قبل سنوات.
وقالت يديعوت أحرونوت: إن وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش يسعى لفرض السيادة على 82 بالمئة من مساحة الضفة الغربية، مقترحا أن تدير السلطة الفلسطينية ما سيتبقى من الأراضي حتى إيجاد بديل.
وعلى الصعيد الميداني، تواصل قوات الاحتلال تنفيذ حملة اعتقالات ومداهمات لمدن وقرى الضفة الغربية وتدفع بجرافات عسكرية لتدمير بعض الأحياء في شمال المنطقة.
ويأتي هذا في وقت يواصل المستوطنون شن هجمات في أماكن متفرقة من الضفة الغربية بحماية قوات الاحتلال.
وتبدو تحركات الإدارة الأميركية منسجمة مع مخططات ومساعي الاحتلال؛ إذ حرمت كبار المسؤولين في السلطة بمن فيهم الرئيس محمود عباس من الحصول على تأشيرات وإلغاء التأشيرات الحالية لمنعهم من حضور الاجتماع المقبل للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وأعلنت الخارجية الأميركية في بيان لها في 29 أغسطس/آب 2025، أن "الوزير ماركو روبيو يرفض ويلغي تأشيرات أعضاء منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة".
وتأتي هذه الخطوة العقابية في ظل عزم العديد من الدول الغربية الاعتراف بدولة فلسطين خلال سبتمبر/أيلول 2025.
وتعاني السلطة أزمة مالية خانقة، إذ يحجب سموتريتش، للشهر الرابع على التوالي، كل أموال المقاصة (الضرائب) الفلسطينية المتبقية بعد الاقتطاعات، ما جعلها عاجزة عن دفع رواتب موظفيها، بعد أن كانت تصرف لهم منذ سنوات نسبة تصل إلى 70 بالمئة منها.
وفي القطاع المحاصر، يواصل الجيش الإسرائيلي تنفيذ مجازره منذ 23 شهرا مطالبا أهالي مدينة غزة بالتوجه إلى منطقة المواصي (جنوب) تمهيدا لاحتلال المدينة.
وأعلنت وزارة الصحة في القطاع وفاة 13 شخصا، بينهم 3 أطفال نتيجة التجويع وسوء التغذية خلال 24 ساعة، ما يرفع عدد شهداء هذه الأزمة الإنسانية إلى 361 شهيدا بينهم 130 طفلا.
وتحدث ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي عن مضي نتنياهو في تحضيراته لإعلان سيادة كيانه على الضفة الغربية، وضم تل أبيب مئات الدونمات من أراضيها ومصادرتها، وذلك بالتوازي مع تصعيد الحرب على قطاع غزة ومواصلة مخطط احتلاله، صابين جام غضبهم على السلطة.
وأشاروا عبر تغريداتهم على منصتي “إكس” و"فيسبوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #الضفة_الغربية، #نتنياهو، #غزه_تباد_وتحرق، وغيرها، إلى أن قطاع غزة يكاد يفنى في ظل الحصار والتجويع والقصف المستمر وخطط تهجير السكان المحليين.
وتداول ناشطون صورا ومقاطع فيديو توثق المجازر الإسرائيلية في خان يونس جنوب القطاع، مستنكرين ارتكاب قوات الاحتلال مجزرة في مكان أعلن سابقا أنه آمن ودعا الفلسطينيين للنزوح إليه، وزعم أنهم سيحصلون على خدمات إنسانية.
مخطط ماض
وتفاعلا مع التطورات، قال الصحفي محمود النصري، إنه بينما يجري الحديث إعلاميا عن احتمالية ضم إسرائيل للضفة الغربية، فإن الأمر يحدث فعلياً على الأرض.
وأشار إلى أن سموتريتش أعلن أنه ولأول مرة منذ 1967 تجاوز عدد المباني الفلسطينية التي هدمتها إسرائيل عدد المباني التي بُنيت.
وتوقع الصحفي جهاد الأميرين، أن الضفة الغربية ستنضم رسميا خلال أيام (لإسرائيل) والسلطة الفلسطينية ستنتهي.
وحذر غازي الحمود، من أن الضفة أمام مصير مجهول بعد أن جردتها سلطة أوسلو دايتون الإجرامية (برئاسة محمود عباس) من كل مقومات الدفاع أو البقاء أو حماية حتى مواطنيها، وفق وصفه.
وقال: إن "السلطة الدايتونية الآن تسلم الضفة للاحتلال في أضعف حالاتها بعد أن لهفت أموال الشعب الفلسطيني ومقدراته طوال 30 عاما كانت هي الحارس الأمين والحامي المخلص المطيع لسيدها المغتصب الصهيوني".
وحمل الحمود السلطة مسؤولية كل ما جرى لفلسطين وشعبها القابع ما بين النهر والبحر، مؤكدا وجوب محاسبتها بجرم الخيانة العظمى قبل أن ترحل إلى قصورها العاجية وبساتينها ومؤسساتها المالية الشخصية التي أنشأتها على ظهر هذا الشعب الفلسطيني المقهور.
وأكد عبود الحوشبي، أن العدو الصهيوني عازم على احتلال ما تبقى من غزة والضفة الغربية ويتهرب من وقف إطلاق النار.
إذ إن غزة أصبحت أرضا مهمة له، وتعد موقعا إستراتيجيا وجغرافيا وجيوسياسيا يشكل نقطة الانطلاق ضد مصر، وكذلك الأردن مستقبلا، وفق قوله.
وبين أن عدم السيطرة كليا على غزة يؤخر مشروع قيام دولة إسرائيل الكبرى، متوقعا أن العدو لن يتوانى عن ارتكاب كل أنواع المجازر والمحرمات من إبادة وتجويع وحصار وقتل وتدمير واغتيال وسجن وتعذيب في حق أهالي القطاع، حتى يستسلموا ويعلنوا هزيمتهم.
وأوضح الحوشي، أن تلك الهزيمة تتركز في قبول أهالي غزة التهجير أو البقاء في الضفة الغربية أو العودة إلى القطاع وفق الشروط الصهيونية والأميركية المذلة والمخزية.
وقال: "أملنا بعد الله في رجال المقاومة وصبر أهالي غزة هاشم ووعيهم بتلك المخططات والمشاريع التي تستهدف محوهم وإزالتهم من الوجود، أو جعلهم جزءا من هذا الكيان بلا حول ولا قوة وفق النظام النازي".
وأشار عبدالحكيم النجار إلى البدء بقرار ضم الضفة ابتداء من الخليل وبيت لحم وكل مناطق C التي تمثل 61 بالمئة من مساحتها أو مناطق السلطة، قائلا: "هذه أوسلو ونتائجها".
وتوقع المغرد باسم، أن نتيجة اجتماع نتنياهو المرتقب لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية مع احتلال غزة، ستكون موت كل من "السلطة الفلسطينية، اتفاق أوسلو، مفاوضات 35 سنة، حل الدولتين، القرار الدولي 242".
وأكد المحلل السياسي عادل محمود، أن تصفية القضية ستبدأ بفصل غزة عن الضفة وتجزئة الأخيرة وفرض السيادة عليها، وصولا للتهجير بالقوة، ولاحقا يمنح الاعتراف بالدولة الفلسطينية أحادي الجانب ودون حل الدولتين.
وحث المغرد أنس السلطة الفلسطينية على مواجهة مخططات الاحتلال، محذرا من أنها إن لم تقف في وجه مشروع ضم الضفة الآن لن تقدر على مواجهته لا سياسيًا ولا قانونيًا بعد ذلك.
ورأى أن مشروع التنسيق الأمني الذي وصفه بـ"الغبي" يجب أن ينتهي، ويجب على الجميع بأن يفهم بأن الاحتلال لا تُمد له يد السلام أبدًا، مؤكدا أن هذا كيان مجرم يرغب بالإجرام كوسيلة للبقاء.
ثقة بالضفة
وإعرابا عن الثقة في وعي ويقظة أهالي الضفة وتبشيرا بفشل مخططات الاحتلال ودعوة لمواجهتها، تحدث المحلل السياسي ياسين عزالدين، عن إمكانية إجهاضها تلك المخططات، مؤكدا أنه أمر سهل، ونسبيًا سيكون هنالك ثمن بالتأكيد إلا أنه أقل من لو تحركنا بعد عام أو عامين.
وقال: إن الاحتلال لن يحمل الناس في حافلات ويلقيهم خلف الحدود إلا بعد أن يحكم قبضته ووقتها لن يفيد أي تحرك، ولن يدخل الجيش الإسرائيلي الأردن إلا بعد إحكام قبضته، فكلما انتظرنا سمحنا لإسرائيل أن تحكم قبضتها أكثر.
وأضاف عزالدين، أن الاحتلال والاستعمار الغربي يفكرون دومًا بالمستقبل، أما نحن فنتعامل بردود الفعل الآنية مما يتيح لهم التحكم بنا، فلا تنتظروا أن يلتف الحبل حول رقابكم وتحركوا منذ الآن لتمنعوا مصائب المستقبل.
وأرجع ناجح خليل الاقتحامات والنشاطات العسكرية لجيش العدو في الضفة إلى أن الشعب الفلسطيني مصمم على المواجهة، ولن يوقف مقاومته، رغم كل ظروف القهر التي يمارسها العدو، ومن هم في عداد الساعين إلى ضرب المقاومة والنيل من صمود الشعب.
وأكد أن الضفة ستثبت لهم أنها ستقلب المعادلة على رؤوسهم جميعاً، عارضا مقطع فيديو لاقتحام قوات الاحتلال بلدة طمون جنوب طوباس.
وقالت ضيرة رابح بريوة: "لو سألتموني عن مصير الضفة الغربية لن أقول إنها ستصبح مستوطنة صهيونية بقدر ما أؤمن أنها ستصبح ساحة وعي لأهل الجهاد، وسينتهي مآلها كغزة بيد الأحرار والرجال وقريبا إن شاء الله".
وقال عبده الضبيبي: "الضفة الغربية بما فيها المسجد الأقصى المبارك ومدينة القدس عاصمة فلسطين الأبدية لن يستطيع الكيان الغاصب المأزوم أن يغير فيها شيئاً إذا ما وقفنا بجد".
خيانة عباس
وهجوما على السلطة الفلسطينية واتهامها بالخيانة، استهجن يوسف محفوظ، اقتحام عصابات الاحتلال بلدة قبّاطية، جنوب جنين، لتنفيذ مداهماتٍ واعتقالات، كما هي العادة كل ليلة، دون أن تحرك رام الله ساكنا.
وذكر بأن قبل أشهر، كانت هناكَ مقاومة شعبية بسيطة، أجبرت الاحتلال أن يستعمل ناقلات "النمر" لاقتحام قرى الضفة، بعدما تم تفخيخ الطرق بالعبوات المحلية، إلا أن سلطة الجواسيس حاربت تلك المقاومة حتى استنزفتها.
وأكد محفوظ، أن في النهاية، بعدما غابت المقاومة، لم تسد ذرائع الاحتلال، بل أعلن نيته ضمّ الضفة الغربية كلها، وصار الحال فيها أن الجنود يقتحمون البلدات بسيارات مكشوفة، كأنهم في نزهة، بعدما كانت ناقلات "النمر" المحصّنة لا تكفيهم.
وأشار حسين السلطان إلى أن الاحتلال يأمر قوات أمن السلطة رسميا بتسليم سلاحها، ويوقف التمويلات والرواتب المخصصة لها ويبدأ رسميا في تنفيذ إجراءات ضم الضفة إلى الأراضي المحتلة، قائلا: “هذا يا أصدقائي أفضل مثال على نهاية كل خائن وأكبر دليل على صحة موقف رجال المقاومة”.
وعلقت نهي زمزم على إعلان الخارجية الأميركية وقف تأشيرات عباس وغيره من المسؤولين الفلسطينيين وقولها: إن "من مصلحتنا الأمنية محاسبة منظمة التحرير والسلطة لتقويضها آفاق السلام"، قائلة: "الخائن أول من يضربه بالنعال من خان من أجلهم".
وقال الناشط السياسي سامر السنجلاوي، إنه في ظل استمرار الحرب الدامية في قطاع غزة، تفتقر القيادة الفلسطينية الرسمية، ممثلة بالرئيس محمود عباس إلى دور دبلوماسي فاعل يتناسب مع حجم التحديات واللحظة التاريخية التي تمر بها القضية.
وأضاف: "لا توجد رؤية إستراتيجية واضحة، ولا حضور سياسيا ملموس، في وقت يشهد فيه العالم تناميًا في التضامن مع الشعب الفلسطيني، ليس نتيجة لجهود دبلوماسية مدروسة، بل بفعل الصور الصادمة والواقع الإنساني الأليم الذي تنقله عدسات الكاميرات من غزة".
وأكد أن المعطيات الحالية تشير إلى أن الرئيس عباس يفتقر إلى الدعم الشعبي الواسع، ولا يُبدي تواصلا حقيقيا مع نبض الشارع الفلسطيني أو اهتمامًا فعليًا بإحداث تغيير جوهري.
ولفت إلى أن خطابه السنوي من على منصة الهيئة العامة للام المتحدة، الذي يفتقر إلى التأثير والمضمون، لم يعد كافيًا لمخاطبة التحديات السياسية والإنسانية الراهنة.
وكتب عبدالكريم السعدي: “في زمن استجداء السلطة، بدلا من أن يعلن عباس موقف رفضه لحضور اجتماعات الجمعية العامة احتجاجا على حرب الإبادة ضد أهله في غزة والضفة وكل فلسطين، نراه (يلهث) خلف الحصول على تأشيرة دخول إلى أرض العدو الأكبر أميركا”.
وقال أحد المغردين: "عندما وقفت الضفة بموقف المتفرج على غزة، كنا نقول إن كل المتفرجين يدفعون الثمن"، مشيرا إلى انهيار السلطة الفلسطينية وعجزها عن دفع الرواتب وإجبار الاحتلال لها لتسليم جميع مقراتها أو يتم قصفها.
وأكد أن السلطة الآن في حاله الذوبان، وعباس انتهى ونظامه يتلاشى، وسينتقل إلى حيث بيته، خارج الضفة، وفق تعبيره.
وأردف أن رجالات السلطة سيتفرقون بين الأردن ومصر وتونس ودول أخرى، والنهايات تتسارع، وعجلة الساعة تدور بوتيرة مرعبة لجميع الكيانات الفاسدة.
غزة بالمقصلة
وعن التصعيد الإسرائيلي على القطاع، أكد رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان رامي عبده، أن غزة الآن بحاراتها بتاريخها على مقصلة الإعدام.
وتوقع الخبير الاقتصادي أحمد حمد النعيمي، أن الأيام القادمة ستكون الأسوأ والأخطر على أهل غزة، حيث سيحاول نتنياهو استباق موعد تصويت الأمم المتحدة هذا الشهر على الاعتراف بدولة فلسطين.
وتمنى أن تتمكن بعض دول العالم وقف تهور هذا المجرم من وضع العالم أمام الأمر الواقع بتدمير ومن ثم احتلال كامل غزة وجزء كبير من الضفة الغربية.
وقالت الصحفية ديما الحلواني: إن الإبادة تتسارع في مدينة غزة، لافتة إلى أن طائرات الاحتلال المسيرة تواصل إلقاء القنابل الحارقة بكثافة على خيام النازحين والمنازل وسيارات الإسعاف ومركبات المواطنين في حي الشيخ رضوان (شمال القطاع)، مع تفجّير روبوتات مفخخة بين المنازل.
وعرض المغرد نصر الله، صورة لأطفال استشهدوا في مجزرة خانيونس، مشيرا إلى أنهم كانوا يتزاحمون حول سيارة توزيع المياه في المواصي، وكل طفل منهم يريد أن يملأ وعاءه قبل الآخر، ليعود إلى أمه فرحاً.
وأوضح أنه "لأن العطش قاتل، لم يقف الأطفال في طابور، ولم ينتظموا في الصف؛ لذلك جاءهم العقاب الصهيوني، وقصفهم بالصواريخ الأميركية، وبدل أن يشربوا الماء، شرب العدو الإسرائيلي دماءهم".
وأشار نصر الله إلى أن هذا حدث عصر أمس، في مواصي خان يونس، في المنطقة التي أعلن العدو أنها مناطق آمنة.
وأعرب الباحث في العلاقات الدولية علي أبو رزق عن غضبه من قصف المجرمون القتلة طابورا لتعبئة المياه في منطقة المواصي في خان يونس والذي يقف عليه عشرات الأطفال، وبثلاثة صواريخ فتاكة.
وأكد أن طائرة الاستطلاع ترى أنهم أطفال، والجندي المجرم الذي يراقب خلف الشاشة يرى أنهم أطفال، والصورة التي وصلت لقائد الطائرة والدبابة تؤكد أنهم أطفال، ومع ذلك قصفوهم.
وأوضح أبو رزق، أن هذه ليست مدينة غزة التي يهددها الكيان منذ أسابيع بالاحتلال والتدمير، ولا المناطق الشرقية التي يخطط لها لتكون حزامًا أمنيًا، ولا أقصى الشمال ولا الجنوب، بل منطقة المواصي التي يفترض أنها إنسانية وآمنة.
وقال: “يعني قتل لأجل القتل والاستمتاع به، قتل لأسباب سادية محضة، بعد أن أيقن الوحوش أن صمت الجوار وقادة المنطقة ليس عجزًا ولا تخاذلا، بل شيك مفتوح للخلاص من صداع غزة والقضية الفلسطينية ككل”.
واستنكر الصحفي محمود شلحة، خذلان الجميع للقطاع، قائلا: "نُقتل بكل الطرق في مدينة غزة، نُذبح من الوريد للوريد النازحون يموتون حرقا في خيامهم، والمنازل تُباد لا حجر ولا شجر بقي، والناس بالشوارع تحت القصف دون أي مأوى.. اللهم إنهم خذلونا فلا تخذلنا".
وقال أحمد حسام: "تخرج نداءات الجيش ومُسيراته لمطالبة أهالي غزة التوجه جنوبا إلى المواصي، حيث يتوفر الماء، ولكنه لم يخبرهم أن المواصي تفتقد لقبة حديدة تحمي رؤوسهم من الصواريخ التي تتساقط بكل سهولة على أجساد الأطفال المصطفين على مشهد طابور الماء".