رغم انتهاء محكومية سجنه.. لماذا لم يفرج نظام السيسي عن علاء عبدالفتاح؟
"القمع الممنهج الذي ينتهجه السيسي أدى إلى اعتقال ما لا يقل عن 60 ألف سجين رأي"
كان من المفترض أن يتم الإفراج عن الناشط اليساري المصري البريطاني علاء عبدالفتاح في 29 سبتمبر/أيلول/ 2024، لكن نظام عبد الفتاح السيسي رفض ذلك ومدد سجنه إلى يناير/ كانون الثاني 2027 رغم انتهاء مدة اعتقاله القانونية.
وكان عبدالفتاح، البالغ من العمر 42 عاما، قد اعتُقل في 29 سبتمبر 2019 وحُكم عليه بالسجن في عام 2021 لمدة خمس سنوات بتهمة نشر "معلومات كاذبة"، وذلك بعد نشره على "فيسبوك" منشورا يتهم أحد أفراد الشرطة بالتعذيب.
وعلقت صحيفة إيطالية على قرار نظام السيسي رفض الإفراج عن أحد رموز ثورة 2011 ضد نظام الرئيس السابق حسني مبارك، بأنه ضربة جديدة "للحراك المطالب بالإصلاحات الديمقراطية والحريات الأساسية".
سجن بلا حدود
في مطلع تقريرها، أشارت صحيفة "نيغريسيا" إلى ما ينص عليه التشريع المصري بضرورة حساب أشهر الحبس الاحتياطي، لذلك كان من المفترض أن يغادر علاء السجن في 29 سبتمبر 2023.
وهو ما تجاهله القضاة وسيتم تمديد سجنه إلى نهاية عام 2026، عندما يبلغ ابنه خالد -المولود عام 2011- 15 عاما.
وذكّرت الصحيفة بالاحتجاجات الحاشدة التي خرجت في عدة مدن مصرية في عام 2019 والتي طالبت برحيل السيسي وشهدت حملة اعتقالات واسعة.
وبحسب قولها، كان رد حكومة السيسي، التي كانت تدرك أن المظاهرات في ميدان التحرير قبل ثماني سنوات أدت إلى الإطاحة بمبارك، باستخدام الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي وموجة من الاعتقالات لأكثر من 4300 شخص.
وشملت الاعتقالات علاء عبدالفتاح بعد تعبيره عن تضامنه مع المتظاهرين وتنديده بالتعذيب الذي تمارسه الأجهزة الأمنية، ليُحكم عليه بالسجن خمس سنوات بتهمة نشر "أخبار كاذبة".
وبعد انتهاء المدة، أعلنت والدته ليلى سويف، 68 عاما، الإضراب عن الطعام "كليا" حتى يتم الإفراج عن نجلها، ودعت الأسرة المجتمع المدني للتضامن مع علاء للإفراج عنه، كما دعت الحكومة البريطانية إلى التحرك لضمان الإسراع في إطلاق سراحه.
وكتبت سويف عبر فيسبوك "ابني علاء عبدالفتاح لم يتم الافراج عنه يوم 29 سبتمبر 2024 بعد أن أمضى خمس سنوات سجينا، وهي العقوبة التي حُكم عليه بها".
وتابعت "الموقف الرسمي للسلطات المصرية الآن هو أن تاريخ الإفراج عن علاء سيكون الثالث من يناير/ كانون الثاني 2027، بعد خمس سنوات من تاريخ التصديق على الحكم عليه، وليس بعد خمس سنوات من تاريخ القبض عليه".
ظروف مؤسفة
وقد تداولت مختلف الصحف العالمية في عام 2020، خلال فترة انتشار جائحة كوفيد-19، صور الأستاذة بجامعة القاهرة وهي تفترش الرصيف أمام مدخل سجن طرة حيث يقبع علاء للمطالبة بأخبار عنه ومحتجة على وضعه ووضع بقية السجناء.
من جانبها، نددت منظمة العفو الدولية بـ"الاعتقال التعسفي" لعلاء عقب "محاكمة غير عادلة" وأدانت "سوء المعاملة والتعذيب".
وكانت قد حذّرت من أن ترفض السلطات الإفراج عن الناشط البارز، على الرغم من قضائه خمس سنوات كاملة في السجن، من خلال رفض احتساب المدة التي قضاها في الحبس الاحتياطي كجزء من عقوبة السجن التي قضاها.
وظل علاء عبدالفتاح معتقلا لسنوات "في ظروف مؤسفة، وأخضعه مسؤولو الأمن في أثنائها للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة في الحجز".
وإثر تنديد شعبي، نُقل إلى سجن وادي النطرون في مايو/أيار 2022، حيث تحسنت حالته الصحية وظروف احتجازه.
وقد سمحت له سلطات السجن، أخيرا، بالحصول على كتب وتلفزيون وبتبادل الرسائل المكتوبة على نحو منتظم.
إلا أن سلطات السجن واصلت حرمانه من الهواء النقي وأشعة الشمس طوال السنوات الخمس الماضية، ولم تسمح له بممارسة التمارين الرياضية إلا في قاعة مغلقة.
وتواصل السلطات منعه من الاتصال بمحاميه ومن تلقي زيارات قنصلية من السلطات البريطانية.
تجاهل بريطاني
وقد أتاح حصول المعارض المصري على الجنسية البريطانية في عام 2022 لأسرته طلب دعم الحكومة البريطانية للإفراج عن أحد مواطنيها في الخارج.
وفي 26 سبتمبر، صرحت الشقيقتان منى وسناء، في مؤتمر صحفي بلندن، بأن “ما نطلبه هو ضمان إطلاق سراح علاء بعدما أمضى عقوبة السجن لمدّة خمس سنوات”.
وأشارت شقيقته سناء إلى أن وزير الخارجية البريطاني الحالي، العمّالي ديفيد لامي، قدم دعما صريحا لعلاء عندما كان في المعارضة.
وتذكر الصحيفة أن لامي حث الحكومة عندما كان لا يزال نائبًا معارضا في عام 2022، على الضغط على القاهرة للسماح بزيارات قنصلية وإطلاق سراح الناشط المعارض باستخدام ورقة "الشراكة التجارية البريطانية مع مصر البالغة قيمة 4 مليارات جنيه إسترليني".
وقالت سناء إن لامي "دعمنا كثيرا" قبل وصول حزب العمّال إلى السلطة في يوليو/ تموز 2024، مضيفة "الآن، لست متأكدة من ذلك".
وذكرت أن الوزير لم يستقبلهم حتى الآن، مؤكدة أنه "من الصعب للغاية الحفاظ على الأمل، عندما يكون لدينا انطباع" بأن الحكومة البريطانية "تتجاهلنا".
واقترحت الشقيقتان المزيد من الإجراءات التي بإمكان وزارة الخارجية تنفيذها، مثل ممارسة نفوذها في صندوق النقد الدولي فيما يتعلق بالقروض التي تتفاوض عليها مصر التي تعاني من أزمة اقتصادية منذ سنوات أو تعليق الاستثمارات المباشرة.
كما حذرت منظمة العفو الدولية، عشية 29 سبتمبر، من أن علاء يخاطر بأن ينتهي به الأمر في ما يسمى بـ "الباب الدوار".
وهي الآلية التي يعيد بها القضاء المصري السجين إلى السجن من خلال فبركة اتهامات جديدة مماثلة أو مشابهة للاتهامات السابقة.
حيث يتم إدراجه في قضية جديدة بعد قرار المحكمة بإخلاء سبيله في القضية الرئيسة المحبوس على ذمتها.
واستنكرت الصحيفة الإيطالية بأن ذلك يأتي في إطار "القمع الممنهج" الذي ينتهجه السيسي منذ وصوله الى السلطة والذي أدى إلى اعتقال ما لا يقل عن 60 ألف سجين رأي.