أبوظبي تتهم جيش السودان بقصف بعثتها بالخرطوم.. وناشطون يحذرون من خططها
"لغة بيان الخارجية الإماراتية مشحونة بالغبن وعدم اللياقة"
في تصعيد دبلوماسي غير مسبوق، اتهمت الإمارات، الجيش السوداني بقصف مقر سفيرها في الخرطوم، ووصفت ما جرى بأنه “عدوان” على بعثتها الدبلوماسية في العاصمة السودانية.
وأدانت الخارجية الإماراتية بشدة ما سمته "الاعتداء الغاشم الذي استهدف مقر رئيس بعثة الدولة في الخرطوم من خلال طائرة تابعة للجيش السوداني"، مدعية أن "الاعتداء أدى إلى وقوع أضرار جسيمة في المبنى".
وطالبت في بيان نشرته وكالة الأنباء الإماراتية في 30 سبتمبر/أيلول 2024، الجيش السوداني بـ"تحمل المسؤولية كاملة عن هذا العمل الجبان".
وفي الآونة الأخيرة، كشفت تقارير إعلامية أجنبية عديدة عن دور الإمارات في زعزعة أمن السودان عبر دعم مليشيا الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو “حميدتي” وإمداده بالأسلحة والذخائر.
وبحسب صحيفة نيويورك تايمز، فإن الإمارات تلعب لعبة مزدوجة مميتة في السودان، إذ تتخفي تحت راية الهلال الأحمر، لتهريب الأسلحة ونشر الطائرات بدون طيار إسنادا للدعم السريع، بهدف السيطرة على ثالث أكبر دولة في إفريقيا.
من جانبها، رصدت صحيفة الغارديان البريطانية أدلة دامغة على تورّط الإمارات في الحرب الأهلية السودانية، كاشفة عن "وثيقة مكونة من 41 صفحة، أُرسلت إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، تحتوي على صور لجوازات سفر إماراتية، يُزعم أنه عُثر عليها في السودان.
وفي 25 سبتمبر، أعلنت وزارة الدفاع الإماراتية، أن “4 من أفراد الجيش لقوا حتفهم وأصيب 9 آخرون إثر تعرضهم لحادث أثناء أداء الواجب بالدولة”.
إلا أن مراقبين سودانيين اتهموا الإمارات بالتكتم على الحقيقة، ورجحوا أنهم قتلوا في السودان في غارة جوية نفذها سلاح الجو السوداني على مطار نيالا الذي تسيطر عليه مليشيا حمدتي شرق السودان.
تجدر الإشارة إلى أن الجيش السوداني عزز أخيرا سيطرته على مواقع إستراتيجية وسط العاصمة الخرطوم مدعوما بتعزيزات عسكرية وصلت عبر جسر النيل الأبيض، مع استمرار الاشتباكات مع مليشيا الدعم السريع.
وجاء ذلك في ظل عملية برية واسعة أطلقها الجيش السوداني، في 26 سبتمبر، لاستعادة السيطرة على مدينتي الخرطوم والخرطوم بحري، عبر خلالها ثلاثة جسور من أم درمان التي يسيطر على أغلبها بالفعل.
وتتكون العاصمة السودانية من 3 مدن هي الخرطوم، وأم درمان، والخرطوم بحري.
وأعرب ناشطون على منصتي "إكس" و"فيسبوك" عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #الإمارات_تدعم_الإرهاب، #الدعم_السريع، #الإمارات_تقتل_السودانيين، وغيرها عن استيائهم من بيان الإمارات المهاجم للجيش السوداني.
وأشاروا إلى أن بيان الإمارات جاء في ظل تقدم الجيش السوداني ميدانيا وتمكنه من إحكام السيطرة على مواقع إستراتيجية ودحر قوات الدعم السريع وهو ما لم تتحمله الإمارات على مليشياتها.
تغطية على فضيحة نيالا
وتفاعلا مع التطورات، كتب المفكر السوداني تاج السر عثمان، أن الإمارات بهذا الاتهام الباطل تحاول صرف النظر عن تداعيات فضيحة مقتل جنودها في مطار نيالا، مؤكدا أن الجيش على أعلى درجات الانضباط ولا يحتاج لمثل هذه الخطوة ويكفيه قرار الطرد إن شاء.
من جانبه، أشار الناشط ياسر مصطفى، إلى أنه بعد أن قصف الجيش السوداني مطار نيالا التابع للدعم السريع، والذي تستخدمه المليشيا متعددة الجنسيات لتوريد السلاح من الإمارات، فجاء رد الإمارات ببيان إدانتها للجيش.
وأكد أن مليشيا الدعم السريع كانت تستخدم مقر البعثة الإماراتية بالخرطوم كمقر لعملياتها الإرهابية بأمر الإمارات، وتم قصف مقر البعثة وهلاك 8 من قيادات الدعم السريع في القصف، فأصدرت الإمارات بيانا تدين فيه قصف مقر البعثة الذي خصصته ليكون غرفة عمليات للمليشيا.
بدوره، قال الناشط أحمد مقلد: "كُشف الستار عن الإمارات وخاب رجاؤها في شلة تقدم المنبوذة ومليشيا أسرة ال دقلوا، لذلك تحولت الآن للمواجهة المباشرة مع الجيش السوداني والسودان".
وأضاف أن "الإمارات أطلقت منذ الأمس كلابها في السوشيال ميديا لمحاربة الجيش السوداني باتهامات باطلة ومكشوفة لدى العالم".
غضب واستياء
وأعرب ناشطون عن غضبهم واستيائهم من البيان الإماراتي، متسائلين عن الدلالات التي استندت إليها أبو ظبي لمعرفة أن الجيش السوداني هو المستهدف لسفارتها وليست مليشيا الدعم السريع.
ووصفه منذر ملاح، البيان بأنه "خطير وغير مسبوق"، متسائلا: "كيف تصف دولة عمليات جيش داخل أراضيه وحدود دولته بأنه عمل جبان وعليه تحمل مسؤوليته".
وتوقع اتساع رقعة الخلاف بين الإمارات والسودان لدرجة يصعب تداركها.
وتساءل المغرد عثمان، عن الكيفية التي عرفت بها الإمارات ما تدعيه أن طيران الجيش السوداني قد قصف منزل السفير الإماراتي الذي وصفه بالإرهابي.
وأشار إلى أن مليشيا الدعم السريع تسيطر على حي الراقي، قائلا: "على العموم أي مكان توجد فيه المليشيا وتخطط لغزو الوطن فهو هدف مشروع لجيشنا العظيم".
كما تساءل مغرد آخر: “هل تستطيع حكومة أبوظبي اللقيطة أن تخبر الجميع عن كيفية علمها أن سلاح الجو السوداني هو من قصف السفارة وليست مليشيا الدعم السريع المتمردة كما فعلت مع عدد من السفارات من انتهاكات واقتحامات؟ هل ترمي الحكومة الودع؟ أم أن لديها درونز مراقبة؟ أم أخبرها حليفها؟”
وقال إبراهيم الصديق علي، إن لغة بيان الخارجية الإماراتية مشحونة بالغبن وعدم اللياقة، ومع اتهامهم المباشر للجيش فقد استخدموا كلمات (العمل الجبان) ، والإجرامية، مضيفا: "كان بإمكانهم تقديم احتجاج وفق الأعراف الدولية".
دلالات ومقاصد
وعن دلالات بيان الإمارات، كتب إبراهيم جابر، أن "عواءكم وإدانتكم يعني أنكم أصبتم في مقتل، وستصبحون على هذا الحال وأسوأ بتدخلكم الشيطاني في السودان، مقبرة ونعش لأجنداتكم الخبيثة في المنطقة، سننتصر وسيلاحقكم العار مدى الحياة".
وقال أحد المغردين، إن مقصد الإمارات بإدانة الجيش السوداني واتهام السودان بقصف مقر السفير الإماراتي، في الحقيقة بسبب أنها موجوعة بعد مقتل الأربعة الإماراتيين وأكثر من 10 آخرين إصاباتهم خطيرة، الذين قصفهم طيران الجيش السوداني.
ولفت إلى أن الإمارات تحاول التبرؤ بهذا البيان لكي تقصف الجيش السوداني، ولإنقاذ مليشياتها من السقوط مهما كانت تكلفة تدخلها.
مؤكدا أن السودان وجيشها يدركون هذا واليوم هم يعرفون الإمارات ومكرها وغدرها حق المعرفة، وبإذن الله سيكسرون شوكتها وما هي إلا أيام أو قد تكون ساعات وسنرى الانتصار الكبير بكامل تحرير السودان من نجس الإمارات وأدواتها.
وأكدت تبيان توفيق، أن الإمارات قصدت المكتوب في البيان الأخير لأنها على عٍلم بأن مليشيا الجنجويد قد انهارت كليا وأصبحت غير قادرة على حماية مشروع الإمارات والدول المتحالفة معها وفشلت في تنفيذ مخطط السيطرة على أرض السودان وأصبحت آيلة للسقوط الكلي بعد تقدم الجيش السوداني ناحية أهدافه.
وقالت إن الإمارات تجهز للمرحلة الثانية من حربها ع السودان وتحاول شرعنة هذه الخطوة بوضع الجيش السوداني في خانة المعتدي عليها لذلك نشرت بيان أدانت فيه قصف الجيش لمقر سفيرها وهي تقصد ذلك.
واتهمت توفيق، الإمارات بمحاولة إقحام نفسها مباشرةً في هذه الحرب دون القتال بالوكالة إيذانا بعدوان الأصالة الإماراتي الصهيوأميركي على السودان، مشيرة إلى أن الإمارات بهذا البيان تبحث عن دعاوى مسنودة مبررة لاعتراض الطيران الحربي التابع للجيش السوداني.
نتاج التدخل
ورأى ناشطون أن استهداف الجيش السوداني لمقر السفارة الإماراتية هو نتيجة طبيعة لتدخل الإمارات في السودان ودعمها لقوات الدعم السريع، ساخرين من إعلان الإمارات تقديم شكوى للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية وغيرها من المؤسسات الدولية.
ورأى رئيس منتدى السلام لوقف الحرب في اليمن عادل الحسني، أن من تدخل في بلاد الناس يتحمل النتائج.
وسخرت بنت خليفة، من تقديم الإمارات شكوى لجامعة الدول العربية، والاتحاد الإفريقي، والأمم المتحدة على خلفية ما حل بمقر رئيس بعثتها في الخرطوم من تدمير، قائلة: "احنا بنقول للدويلة، لو ديل بيعملوا شي كان أجبروك على وقف دعمك لمليشيا آل دقلو الإرهابية".
ووصف أبو بكر الطيب، بيان الإمارات بأنه "بيان تافه.. من دولة تافهة.."، متوعدا بالقول: "لن نترككم والأيام دول يا صهاينة العرب يا حثالة الأرض".
وتساءل: "إذا كان قصف مقر سفارة الإمارات (الفارغة) يستوجب تقديم شكوى للجامعة العربية والإتحاد الإفريقى والأمم المتحدة كما ذكروا في بيانهم الهزيل فما الذى يستوجبه تشريد ١٠ ملايين سوداني ومقتل أكثر من عشرين ألف وتدمير بنية تحتيه وخسائر اقتصادية بمئات المليارات وهتك أعراض واستجلاب كل صعاليك ومرتزقة العالم".
جرائم الإمارات
وسلط ناشطون الضوء على جرائم الإمارات في السودان، وعدد بعضا منها، وذكرو بدعمها لمليشيا الدعم السريع وإمدادها بالسلاح وتوفير كل أنوع الدعم العسكري واللوجستي والسياسي لها.
وأفادت صحيفة واشنطن بوست الأميركية، بأن الإمارات تقود قتالا بالوكالة في السودان وتسببها بارتكاب الفظائع والجرائم بحق المدنيين في البلاد، قائلة إن لرئيس الأميركي جو بايدن، بحاجة للضغط على الإمارات لإنهاء الحرب الأهلية السودانية عبر وقف دعم أبوظبي عسكريا وسياسيا وماليا مليشيات قوات الدعم السريع.
وأشارت إلى أن الحرب الأهلية بالسودان، أسفرت عن فرار نحو 10 ملايين شخص من منازلهم، فيما يواجه 26 مليون شخص آخر خطر الجوع، وهناك تحذيرات من المجاعة أو الإبادة الجماعية المحتملة في منطقة دارفور.
ولفتت الصحيفة إلى دور الإمارات في توفير الأسلحة والتمويل والمعلومات الاستخباراتية لجانب واحد وهو قوات الدعم السريع شبه العسكرية، التي اتُهمت قواتها بالتطهير العرقي ضد شعب المساليت الأسود غير العربي في دارفور غائبة بشكل ملحوظ.
وأكدت أن الإمارات هي الداعم الرئيس لقوات الدعم السريع، واستخدمت منطقة تجمع في تشاد المجاورة، بنقل أسلحة متطورة إلى قوات الدعم السريع واستخدموا طائرات بدون طيار من طراز وينج لونج 2 صينية الصنع، بمدى ألف ميل ووقت طيران 32 ساعة، لتقديم معلومات استخباراتية عن ساحة المعركة.
وقال المغرد سامح، إن الإمارات عربدت وتعربد في السودان وارتكبت جميع أنواع الإجرام ومسخره مقر سفارتها لمليشيا الدعم السريع لإدارة العمليات، وتحاول تقمص دور المظلوم المعتدى على سيادته.
وعد المضحك في بيان الإمارات استنكارها الأعمال الإجرامية والعنف والإرهاب وهي مصدره، واصفا ذلك بأنه “بجاحة ووقاحة إماراتية.”
ولفت أحد المغردين، إلى أن دولة الإمارات ظلت لأكثر من عام طرفا في حرب السودان بدعمها لمليشيا الدعم السريع بالأسلحة الفتاكة والمسيرات، مؤكدا أنها سبب رئيس في إبادة قبيلة المساليت بالجنينة، وقتل وتهجير آلاف السودانيين، وتدمير البنية التحتية في السودان التي تستهدفها المليشيا، وتهجير سكان الخرطوم والجزيرة وسنجة.
وعرض عمر يوسف، صورة تجمع رئيس الإمارات محمد بن زايد، وقائد مليشيا الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي"، قائلا إن هؤلاء الجبناء سبب في قتل مئات الآلاف من السودانيين وتشريد الملايين ونهب الممتلكات واختطاف النساء وقتل الأطفال والشيوخ واحتلال بيوت المواطنين".
وتساءل: "لماذا لا يتم طرد السفير الإماراتي وسحب السفير السوداني؟".