ضبط 95 ليبيا بمعسكر جنوبي القارة الإفريقية.. ما علاقتهم بحفتر؟
الموقع جرى تحويله على ما يبدو إلى قاعدة للتدريب العسكري
يواجه الجنرال الليبي الانقلابي خليفة حفتر اتهامات بالتورط برفقة أبنائه في ترتيب نشاط تدريبي عسكري جنوب القارة الإفريقية، للاستفادة منه لاحقا في ظل حالة الانقسام والصراع المستمر في ليبيا.
واعتقلت شرطة جنوب إفريقيا 95 ليبيا في 26 يوليو/تموز 2024، على إثر عملية مداهمة لمزرعة يشتبه في تحولها إلى قاعدة للتدريب العسكري بالقرب من مدينة وايت ريفر في مقاطعة مبومالانغا، على بعد حوالي 360 من جوهانسبورغ.
نفي رسمي
وفيما نفت حكومة الوحدة الوطنية بشكل قاطع صلتها بهذه المجموعة، ألمحت صحيفة نيغريسيا الإيطالية إلى إمكانية وقوف الجنرال الليبي الانقلابي خليفة حفتر وأبنائه خلف هذا المعسكر.
وجاء في بيان للشرطة أن "الموقع الذي كان يفترض في الأساس أن يكون معسكر تدريب لشركة أمنية جرى تحويله على ما يبدو إلى قاعدة للتدريب العسكري".
وأوضح البيان أن "الأفراد الـ95 الذين جرى اعتقالهم هم جميعا ليبيون وتستجوبهم حاليا السلطات المعنية".
وأضاف "إننا نأخذ أي تهديد لأمن واستقرار مقاطعتنا وبلدنا على محمل الجد"، لافتا إلى عدم وجود خطر داهم يهدد سلامة سكان المنطقة.
وجاء في بيان الخارجية الليبية أن "حكومة الوحدة الوطنية تنفي بشكل قاطع وواضح تبعية هذه المجموعة لحكومتنا، وصلتنا بإجراءات إرسالهم أو تكليفهم بأي مهمة كانت تدريبية أو غيرها".
وأفاد بأن حكومة الوحدة الوطنية “كلفت المدعي العام العسكري والسفارة الليبية في جنوب إفريقيا بالتواصل مع السلطات المعنية في جوهانسبيرغ لمتابعة ملابسات هذه القضية”.
كما أكدت استعدادها للمشاركة في التحقيقات لكشف ملابسات الأمر والجهات التي تقف وراءه، مع ضمان سلامة المواطنين المحتجزين ومعاملتهم وفق الاتفاقات والإجراءات الدولية ذات العلاقة.
ولا تستبعد صحيفة "نيغريسيا" أن تكون "اليد الطويلة" لحفتر وراء النشاط المشبوه للمجموعة الليبية داخل معسكر تدريب حراس الأمن واعتقالهم بتهمة انتهاك قوانين الهجرة، فيما لا تزال التحريات جارية.
ونقلت عن صحافة بريتوريا تأكيداتها أن هذه التهمة قد تؤدي قريبا لاتهامات أكثر خطورة تكشف بكل وضوح علاقة حفتر بالتوترات التي تهز ليبيا منذ أكثر من 13 عاما والتي تطورت إلى صراع مفتوح.
نشاط مشبوه
وقد أكد وزير الأمن في مقاطعة مبومالانغا، جاكي مايسي، في تصريح لوسائل إعلام محلية أن الأشخاص المعتقلين دخلوا البلاد، في أبريل/نيسان 2024 لتلقي تدريبات" ليصبحوا حراسا أمنيين".
وأشار إلى أنهم "انتهكوا تأشيراتهم"، فيما تعمل السلطات على ترحيلهم إلى بلدهم.
وقال "يمكنكم أن تروا أنها قاعدة عسكرية"، مشيرا إلى أن الشرطة تتحقق من صحة معلومات عن وجود معسكرات أخرى مماثلة في المنطقة.
ولفتت الصحيفة الإيطالية إلى أن الأمر قد يكون أكثر تعقيدا من مجرد انتهاك المعتقلين الليبيين لتأشيرات دراسية حصلوا عليها للتدريب كحراس أمن في جنوب إفريقيا.
وقالت إن "ذلك يتأكد خاصة من المكان الذي حدث فيه عملية الاعتقال والتابع لشركة Milites Dei Security Services الأمنية التي تقدم دورات لتدريب أفراد الأمن الخاص".
إلا أن قوات الشرطة الجنوب إفريقية التي نفذت عملية الدهم، أكدت أن المكان تحول إلى قاعدة عسكرية حقيقية.
وبحسب ما أفادت به الصحافة المحلية، حدثت عملية الاعتقال بعد أيام من إرسال الجهة المنظمة لقطاع الأمن الخاص إنذارا نهائيا إلى الشركة لشرح أنشطتها بالتفصيل.
وجاء ذلك في ظل تقارير عن وجود بعض التدريبات المشبوهة في المنطقة المحيطة بالمبنى بأكمله الواقع في “وايت ريفر” السياحية.
وقد أثارت عرقلة الشركة لعمليات التفتيش المزيد من الشكوك ما أدى إلى تدخل الشرطة التي تشتبه في أن التدريب الذي تلقاه المعتقلون كان عسكريا بحتا.
ونقلت الصحيفة الإيطالية ما أكده مسؤولون في بريتوريا من أن "توفير تدريب من النوع المذكور لأي من أطراف النزاع في ليبيا التي تعيش صراعا مستمرا، يشكل انتهاكا لقانون المساعدة العسكرية في جنوب إفريقيا".
كما أشارت بعض الصحف المحلية إلى انتهاك الحظر المفروض على ليبيا منذ عام 2011 والذي، بالإضافة إلى نقل الأسلحة، يحظر أيضا توفير خدمات عسكرية مثل التدريب.
حفتر متورط؟
بحسب الصحيفة الإيطالية، تشير عناصر مختلفة إلى أن حكومة إقليم برقة الواقع تحت سيطرة مليشيات الجنرال الانقلابي خليفة حفتر، قد تكون أحد طرفي النزاع المستفيد من "هذا الدعم".
وفيما أنكرت حكومة طرابلس المعترف بها أمميا أي تورط لها، أكدت حكومة طبرق على لسان وزير خارجيتها عبد الهادي الحوايج، أنها مستعدة لتقديم الدعم القانوني للمعتقلين، فيما يبدو أنه اعتراف ضمني بالمسؤولية، وفق تعليق الصحيفة الإيطالية.
كما نقل "ديلي مافريك"، أحد أكثر المواقع قراءة وموثوقية في جنوب إفريقيا، عن الباحث جلال حرشاوي، اتهامه لأبباء حفتر، صدام أو خالد بالمسؤولية المباشرة عن ترتيب التدريبات بالمعسكر المذكور.
واستشهد الخبير في الشأن الليبي من المعهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI) في لندن، أقدم مركز أبحاث أمني في العالم، بمصادر قريبة أكدت له الصلة بين أقوى عائلة في برقة ومعسكر التدريب المكتشف جنوب القارة السمراء.
وأوضح حرشاوي أن التعاقد مع أجانب لتدريب عناصر محلية يندرج في إطار سياسة يستخدمها حفتر أكثر فأكثر، مستشهدا بتقرير صدر أخيرا عن الصحافة الأيرلندية حول تورط جنود سابقين في تدريب قوات تابعة للجنرال الإنقلابي.
وكانت صحيفة "تايمز" الإيرلندية قد ذكرت في تقرير نشر منذ أشهر أن التدريب الذي أجرته شركة تدعى Irish Training Solutions، كان مخصصا للواء 166 مشاة التابع لمليشيا حفتر بالاستعانة بجنود أيرلنديين سابقين لتدريب القوات العسكرية.
وتضمنت الدورة تدريب القوات الخاصة على القتال من مسافة قريبة، والاعتداءات على المنازل، ومداهمات تهريب المخدرات، وكذلك على استخدام الأسلحة النارية ومدافع الهاون، والاستطلاع والتدريب الطبي.
وأشارت الصحيفة الأيرلندية إلى أن الشركة تحصلت على عقد بملايين اليورو بين عامي 2023 و2024 لتدريب القوات العسكرية وتزويدها الألوية بالمعدات والزي الرسمي وفق التحقيق.
وبينما لم تؤكد مصادر أخرى ما ذهب إليه حرشاوي، شددت صحيفة نيغريسيا بالقول إن المسألة على غاية كبيرة من الجدية بالنسبة لبريتوريا أيضا.
وأشارت إلى تصريحات وزير الداخلية ليون شرايبر وتشديده على "احترام قوانيننا وإلا فستكون هناك عواقب".