عدنان الزرفي.. سياسي مثير للجدل يتردد اسمه لقيادة "التغيير" السياسي بالعراق

الزرقي سبق أن جرى تكلفيه بتشكيل حكومة عراقية بعد احتجاجات شعبية عام 2020
أعاد ظهور النائب في البرلمان العراقي عدنان الزرفي، في حفل تنصيب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الحديث مجددا عن فرص تصدره المشهد السياسي بالعراق في المرحلة المقبلة، على فرض أنه شخصية تتماهى مع التوجهات الأميركية وتعارض التغول الإيراني.
الزرفي الذي سبق أن جرى تكليفه بتشكيل الحكومة العراقية، لم يحظ بقبول القوى الموالية لإيران، كتب تغريدة على "إكس" عن حضوره حفل تنصيب ترامب، قائلا: "العِراق القوي هو أولويتنا وشِعارنا الثابت دائما في جميع المحافل الكبرى مع أصدقائنا وحلفائنا".
يأتي ذلك، في ظل التغييرات في المنطقة، لا سيما إضعاف حزب الله اللبناني والإطاحة بنظام بشار الأسد في سوريا، لذا يدور الحديث عن تغيير محتمل للأوضاع في العراق، خلال مرحلة قيادة دونالد ترامب للولايات المتحدة، لإبعاد البلد عن المحور الإيراني.
"مرشح محتمل"
ظهور الزرفي في حفل تنصيب ترامب جاء في وقت تترقب فيه الجهات القريبة من إيران، ولاسيما العراقية منها، سياسة الرئيس الأميركي الجديدة حيال المحور الإيراني بالمنطقة، الأمر الذي أثار تساؤلات عدة عن الدور الذي سيلعبه هذا السياسي في المرحلة المقبلة.
وتساءل خبير العلاقات الدولية العراقي، علاء مصطفى، عبر "إكس" في 22 يناير، قائلا: "لماذا حضر الزرفي دون غيره من العراقيين حفل تنصيب ترامب، وما تفسير تغريدته من واشنطن؟ ومن حفزه على كتابتها؟ أليست هي ملامح برنامج حكومي يتناسب والمعطيات الإقليمية والدولية الجديدة؟".
وأفاد مصدر سياسي عراقي لـ"الاستقلال" طالبا عدم الكشف عن هويته، بأن "ما نشره الزرفي من تدوينة والصور التي يجري تداولها عن وجوده في واشنطن، هو تسويق له ليكون البديل القادم لرئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني، بعد الانتخابات البرلمانية المقبلة المقررة في أكتوبر 2025".
وأشار المصدر إلى أن "ما يؤهل الرزفي لقيادة المرحلة المقبلة هو طرح نفسه أنه قريب من الولايات المتحدة، وربما حتى من الإدارة الأميركية الجديدة كونه حضر حفل تنصيب ترامب دون غيره من السياسيين البارزين، والذين معظمهم قريب من إيران ويعد الأخير تهديدا له".
وبحسب تقرير نشرته وكالة "روج نيوز" في 21 يناير، فإن "الزرفي ومجموعة أخرى من السياسيين عقدوا اجتماعات مع كوادر الإدارة الأميركية الجديدة تضمنت الاستعداد للمرحلة السياسية الجديدة في العراق، والتي قد تشهد بزوغ حكومة انتقالية تتصدر المشهد بعد الإطاحة سياسيا بحكومة رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني".
وزعمت الوكالة أنه "جرى تداول فكرة المرحلة الانتقالية بصورة جدية في هذه الاجتماعات، إذ تمخض عنها وفاق أولي على تشكيل حكومة انتقالية مؤقتة تشرف على انتخابات بقانون انتخابي جديد يمنح فرصا متكافئة تدفع بالتغيير السلمي بهدف تحقيق توازن جامع بين القوى السياسية".
وأشارت إلى أن "الحكومة المؤقتة ستشرف على الانتخابات بحيادية تمهيدا لبداية جديدة تضمن إبعاد العراق عن العنف والفوضى".
ونقلت الوكالة عن مصدر عراقي في واشنطن (لم تسمه) قوله إنه "جرى تداول بعض الأسماء لتولي مسؤولية قيادة الحكومة الانتقالية بعد الإطاحة سياسيا بحكومة السوداني، من بينها عدنان الزرفي".
برلماني حالي
عدنان الزرفي نائب حالي في البرلمان العراقي عن حركة "الوفاء" التي أسسها عام 2004، وعضو في اللجنة المالية البرلمانية، في الدورة البرلمانية الحالية منذ عام 2021، التي لم يتمكن من الفوز فيها، لكنه أصبح نائبا بديلا بعد استقالة نواب التيار الصدري في يونيو/ حزيران 2022.
وفي الدورة البرلمانية التي سبقتها في عام 2018، فاز الزرفي بمقعد برلماني عن تحالف "النصر" بقيادة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، وأيضا كان عضوا في اللجنة المالية.
وخلال وجود الزرفي في البرلمان آنذاك، اندلعت احتجاجات شعبية غير مسبوقة في مطلع أكتوبر/ تشرين الأول 2019، تسببت بمقتل أكثر من 600 قتيل وآلاف المصابين، وفق تصريحات رئيس البلاد في حينها برهم صالح، إضافة إلى بيانات منظمة العفو الدولية.
وأجبر الحراك الشعبي حكومة عادل عبدالمهدي، على تقديم استقالتها في ديسمبر/كانون الثاني 2019، ليُطرح اسم الزرفي- الذي كان مؤيدا للاحتجاجات الشعبية ومطالبتها بمحاسبة الفاسدين وتوفير الخدمات- لتولي رئاسة الحكومة العراقية تهيئ إلى انتخابات مبكرة تجرى بعد عام.
وبالفعل كلّف الرئيس العراقي برهم صالح السياسي عدنان الزرفي في عام 2020 من أجل تشكيل الحكومة، لكنه اصطدم برفض قوى الإطار التنسيقي الشيعي، لا سيما الجهات الموالية لإيران والتي تمتلك مليشيات مسلحة، الأمر الذي دفعه إلى طلب إعفائه من تولي منصب رئاسة الوزراء.
وعبر رسالة شديدة اللهجة، خاطب زعيم مليشيا "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، الرئيس العراقي برهم صالح، قائلا: "ناقضت نفسك لأنك ستعرض السلم الأهلي للخطر والقوى المعترضة وجمهورها لن تسمح بتمرير مرشحك (عدنان الزرفي)".
وأضاف الخزعلي عبر تدوينة على "إكس" في 18 مارس/ آذار 2020، قائلا: "لقد خالفت مطالب المتظاهرين الذين يشترطون في المرشح ألا يكون شخصية حزبية ولا مجربة"، متوعدا رفض الزرفي بالقول: "تمرير مرشحك دونه خرط القتاد ولن تتسبب بفعلك هذا إلا بإضاعة الوقت".
واتهم الزرفي بعدها رئيس المخابرات العراقية، مصطفى الكاظمي، الذي تولى رئاسة الحكومة بعده مباشرة في مايو 2020، بأنه هو من سعى إلى شيطنته عبر بث شائعات وتخويف القوى السياسية منه، على أنه سيكون ضد القوى القريبة من إيران وحاملي السلاح.
ودأب الزرفي على انتقاده الحاد لقتل المتظاهرين خلال الاحتجاجات، وانتشار السلاح بيد المليشيات، ويصف نفسه بأنه "وطني ديمقراطي يؤمن باستقلال العراق من كل التبعيات الأجنبية ويدعو إلى عراق موحد تلغى فيه الفوارق المذهبية والقومية ويقوم على أساس المواطنة".
وعن اتهامه إبان تكليفه بتشكيل الحكومة عام 2020، بأنه يمثل التوجه الأميركي كونه يحمل جنسيتها، رد الزرفي: "إنني خيار عراقي أولا وآخرا، وإن كون المرء اضطر في فترة من حياته، حين ضاقت السجون والمعتقلات في زمن النظام السابق، للذهاب مجبرا إلى هذا البلد أو ذاك، من ضمنها الولايات المتحدة، ليصبح أميركيا، فإن هذا منطق لا يقبله العقل".
سجين هارب
عدنان عبد خضير عباس مطر الزرفي، المولود في النجف العراقية في عام 1966، من أبوين عراقيين من أبناء المدينة ذاتها، ونشأ في بيئة شيعية متدينة، ودرس بعد عام 2003 في جامعة الكوفة، ليحصل على درجة البكالوريوس والماجستير وصولا إلى الدكتوراه، في الفقه الإسلامي.
وبدأ العمل السياسي في مرحلة مبكرة من عمره، وذلك بانضمامه إلى حزب الدعوة الإسلامية الشيعي، عام 1983، وبناء على ذلك جرى اعتقاله كونه كان حزبا محظورا في تلك المرحلة، وحكم بالسجن المؤبد، ليمكث في السجن من 1988 إلى 1991.
لكنه لم يكمل هذه العقوبة، كونه كان أحد الفارين من "أبو غريب"، في فبراير/ شباط 1991، إثر فوضى نجمت عما أطلق عليه لاحقا "الانتفاضة الشعبانية" التي نفذتها الأحزاب الشيعية في العراق بدعم من إيران، وكان الزرفي أبرز المشاركين فيها.
وبحكم المتابعات الأمنية عقب مشاركته في "الانتفاضة" التي أطلقت عليها السلطات العراقية في حينها "الحركة الغوغائية"، هاجر الزرفي، إلى الولايات المتحدة الأميركية، في فترة ما بين عام 1994 و2003، وحصل على الجنسية الأميركية فيها.
وبعد الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003 والإطاحة بنظام صدام حسين، عاد الزرفي إلى البلد وعمل مترجما للقوات الأميركية، وكان يخرج في مؤتمرات صحفية يترجم للحاكم المدني الأميركي بول بريمر إلى 2004، وخلال هذه المدة كان ضمن "فريق هيئة الإعمار العراقي".
انشق عن حزب الدعوة الشيعي عام 2004، وأسس حركة "الوفاء للنجف" على أنها حركة مدنية علمانية، وأصبح رئيس كتلتها في مجلس المحافظة، ثم أصبح محافظا للمدينة عام 2005.
وبين عامي 2006 و2009، شغل منصب وكيل مساعد وزير الداخلية لشؤون الاستخبارات، ثم انتخب مجددا محافظا للنجف في فترتين متتاليتين، الأولى من 2009 وحتى 2013، والثانية إلى 2015.
المصادر
- استعداداً للمرحلة المقبلة… الزرفي في واشنطن للقاء “فريق ترامب”
- حلفاء إيران في العراق تعهدوا بإسقاطه.. هل يلقى الزرفي مصير علاوي؟
- "حُكم بالمؤبد وفرّ من أبو غريب".. من هو عدنان الزرفي المكلف بتشكيل الحكومة العراقية
- رئيس الوزراء العراقي المكلف.. مهمّة على صفيح التحديات
- عدنان الزرفي... خرق جدار «الجيل الأول» من القيادات الشيعية