لا تراجع ولا استسلام.. أهالي الوراق يسطرون "ملحمة" ضد حصار شرطة السيسي
"لعل جزيرة الوراق تكون شرارة الثورة فى مصر كلها"
بعد أيام من توجيهات وزير الإسكان المصري شريف الشربيني، بالإسراع في تنفيذ ما يسمى "مشروع تطوير جزيرة الوراق"، تجدّدت الاشتباكات بين قوات الشرطة وأهالي الجزيرة النيلية.
ووقعت الاشتباكات في 17 سبتمبر/أيلول 2024، على خلفية محاولة الأهالي إدخال بعض مواد البناء عن طريق معدية "دمنهور–شبرا، أحد منافذ الجزيرة، التي تشهد حصارا أمنيا، في إطار حملة التضييق على سكانها الجزيرة لدفعهم لمغادرتها.
الأمر الذي أثار غضب أهالي الوراق ودفعهم لتنظيم وقفة احتجاجية أمام قوات الأمن، رفضا للتضييق الأمني عليهم، وعمدوا إلى إدخال مواد البناء محمولة على الأكتاف.
وجزيرة الوراق واحدة من كبرى الجزر في قلب نهر النيل بمصر، وتتبع إداريا محافظة الجيزة، وتبلغ مساحتها 1516 فدانا (الفدان الواحد يساوي نحو 4200 متر)، وتقطنها ما يقارب 100 ألف نسمة.
وموقع الجزيرة المتميز كمحطة التقاء محافظات القاهرة الكبرى (القاهرة والجيزة والقليوبية) وضعها منذ أواخر تسعينيات القرن العشرين، في نزاع على الملكية بين الأهالي والحكومات المتعاقبة.
وفي يونيو/حزيران 2017، كلفت رئاسة الجمهورية وزارة الإسكان وهيئة التخطيط العمراني بإعادة إحياء مخطط تطوير الجزر النيلية الذي تم إعداده في 2010، على أن تكون البداية جزيرة الوراق، بحيث تصبح مركزا كبيرا للمال والأعمال.
وصعدت السلطة المصرية منذ 2017 من محاولاتها نزع ملكية أراضي الوراق وتهجير سكانها وإخلائها بدعوى أنها أملاك للدولة، وهو ما قابله السكان بالاحتجاج المتكرر ورفع دعاوى قضائية ضد رئيس مجلس الوزراء ووزير الإسكان.
وبين الحين والآخر، تقع صدامات بين قوات الأمن وسكان الجزيرة ويسقط على إثرها مصابون من الجانبين وقتلى من السكان.
وأثار التضييق المتعمد من قبل قوات الأمن على أهالي جزيرة الوراق، موجة غضب واسعة بين الناشطين على منصة إكس، معلنين عن كامل تضامنهم مع الأهالي وتأييدهم لما يفعلونه من تحدٍّ بوجه السلطة.
واتهموا عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #ادعم_جزيرة_الوراق، #جزيرة_الوراق، وغيرها، السلطة المصرية برئاسة عبدالفتاح السيسي، بمحاولة سلب حقوق الشعب ظلما وغصبا.
تعتيم إعلامي
واستنكارا لتغييب الإعلام عما يحدث في جزيرة الوراق، تساءل الناشط محسن زين، "أين الإعلام من اللي بيحصل هناك؟ ليه قنواتنا متعملش لقاءات مع أهل الجزيرة ونسمعهم ومع المسؤولين ونسمع ردودهم والناس تحكم؟
وأكد أن “صاحب الحق عينه قويه لا يخاف بطش ظالم”، مضيفا أن “أهل جزيرة الوراق عاملين ملحمة ومتمسكين بحقوقهم”.
وقالت الصحفية عائشة السيد: "بقالنا سنين بنشوف اللي بيحصل في جزيرة الوراق، وده موضوع مفيش إعلام بيقول الحقيقة فيه، واللي بيسمع عنه مش فاهم ايه أصل الحكاية".
وروت الموضوع بالتفصيل، موضحة أن جزيرة الوراق واحدة من أكبر الجزر المصرية الواقعة على نهر النيل وبتتميز بموقعها الجغرافي الجميل بين محافظتي القاهرة والجيزة (إداريا بتتبع محافظة الجيزة) في نطاق حي الوراق اللي بيضم وراق العرب ووراق الحضر، وجزيرة الوراق مساحتها حوالي 1500 فدان.
وأشارت إلى عدم وجود إحصاء رسمي بعدد السكان، ولكن بحسب مجلس عائلات الوراق (ممثلين عن الاهالي) فبيبلع العدد قرابة 100 الف نسمة والـ 6000 منزل بالجزيرة (حسب وزارة الاسكان 2021).
لافتة إلى أن سكان الجزيرة ناس غلابة كل مهنهم بسيطة جدا ما بين الوظائف الحكومية ومهن حرفية في ورشهم والزراعة والتجارة البسيطة.
وأضافت أن أساس حرفهم هو الصيد الذي يعد مصدر الرزق الأول لأهالي الجزيرة، والوسيلة الوحيدة للوصول لها هي المعدية وبداخل الجزيرة بيتنقلوا بالتوكتوك.
تضامن وتأييد
من جانبه، رأى محمد شوقي، أنه وجب على الشعب المصري دعم كفاح أهالي جزيرة الوراق ضد بلطجية عبدالفتاح السيسي.
وأعلن دعمه رجالة الوراق الذين وصفوهم بأنه "أيقونة" ضد الحصار المفروض من قوات مدير أمن القليوبية عبد الفتاح القصاص والذي يمهد لتهجير أهالي الجزيرة لصالح الإمارات.
وتمنى نور الدين تفشي عدوى جزيرة الوراق بين باقي الشعب المصري الذي سيشتري أسطوانة الغاز بـ 150 جنيها (3 دولارات) بعد أن تمرد على رئيس كانت في عهده الأسطوانة بـ 8 جنيهات (نحو دولار واحد).
واستنهض أنس طه، همم الشعب المصري لدعم ومساندة أهالي جزيرة الوراق، قائلا: “تيجوا ننزل زيارة لأهلنا في جزيرة الوراق؟”
وكتب أرطوغل غازي: "لعل جزيرة الوراق تكون شرارة الثورة فى مصر كلها".
وقالت المغردة لمار: "كلنا زعلانين من الإصلاح الاقتصادي اللي وصّلنا لبيع البلد ، وجعل الشعب فقير مريض وبائس، بس لازم نعرف أن كل اللي فات تمهيد ومقدمات لنتيجة حتمية قادمة.. فلا تندهشوا عندما يأتي الغد.. وهو قادم حتما".
وأشاد أحد المغردين، بأهل الجزيرة، قائلا: "الناس بتاعت جزيرة الوراق بتقول درر وبتلخص العلاقة بين الحاكم والمحكوم فى جملتين أحسن من منهج سنة كاملة.. عشان نتحرر واللى يراعى ربنا هو اللى يقودنا لازم نشيل الخونة والمنافقين بثورة المفاصل والشعب يقدر يعملها بإذن الواحد الأحد".
ورأى إبراهيم محسن، أن تصدي أهالي جزيرة الوراق لبلطجية الشرطة يوضح أن العصابة الحاكمة أجبن مما تتخيل وأنهم آخر ما يستطيعون فعله هو خطف معارض في منتصف الليل تحت تهديد السلاح، لكن عندما وجدوا بضعة آلاف من المواطنين العزل يتصدون لهم خافوا وجبنوا ووضعوا الأحذية في أفواههم".
وأكد شريف سيد، أن ما يحدث في جزيرة الوراق يبعث في النفوس الأمل أن مصر مازالت بخير وفيها رجالة، مضيفا: "أما المخنثين بتوع الداخلية والنظام فهم مجرد بلطجية الشعب هيحاسبهم كويس وفي الوقت المناسب.. متخافوش على مصر".
وقال أحد المغردين: "لو كان القانون في مصر عادلا ويحاسب على خيانة الأوطان لكانت السجون ممتلئة بالعسكر وعلى رأسهم السيسي الخائن الأكبر لهذه البلد".
وأكد المغرد نوح، أن التصادم نتيجة حتمية لاستمرار الحصار، وصبر أهالي جزيرة الوراق بدأ ينفد، لافتا إلى أن القوات الأمنية في كمين معدية دمنهور ـ شبرا، منعت أحد أهالي الجزيرة، من إدخال تروسيكل مُحمل بـ 35 كرتونة بلاط، وبسبب تعنت القوات الأمنية، حدث تصادم بين الأهالي والقوات.
وأوضح أن بسبب تعنت القوات الأمنية بأوامر من مدير أمن القليوبية، اللواء عبد الفتاح القصاص؛ اضطر أهالي جزيرة الوراق إلى حمل كراتين البلاط الـ 35 على أكتافهم إلى المعدية ومن ثم إلى الجزيرة.
أطماع إماراتية
وفي السياق، صب ناشطون جام غضبهم على الإمارات، واتهموها بوضع يديها على الأراضي المصرية وسرقتها بدعوى الاستثمار.
ويتهم سكان الجزيرة، الحكومة المصرية بالتخطيط لطردهم من مساكنهم وأراضيهم تمهيدا لاستغلالها وبيعها لمستثمر إماراتي؛ حيث نشرت شركة "آر أس بي" الإماراتية السنغافورية في 2017، على موقع فرعها الإماراتي بالإنترنت تصميما هندسيا خاصا بتطوير الجزيرة عقاريا.
وضم التصميم مباني شاهقة وميادين متطورة، إلا أنها أزالته لاحقا بعد الجدل الذي أثير على خلفية هذا النشر، فيما نفت الحكومة وجود أي تعاقدات مع أي شركات لتطوير الجزيرة، إلا أن مصادر خاصة مقربة من مسؤولين بوزارتي الإسكان والاستثمار المصريتين أكدت وجود اتفاقات مبدئية غير معلنة مع طرف إماراتي.
وخلص مراقبون إلى أن الإمارات ربما تسعى للسيطرة على استثمارات الجزيرة كنوع من استرداد ثمن المساعدات المالية والعينية التي قدمتها لمصر خلال السنوات الماضية.
وفي يوليو/تموز 2024، ذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية، أن مجموعة صفوت القليوبي وشركة (كيه.إس.إتش) الإماراتية للاستثمار وقعتا اتفاقا قيمته 24 مليار جنيه مصري (500 مليون دولار) لتنفيذ مشروع تطوير عقاري على نهر النيل في القاهرة.
وقالت إن الاتفاق يشمل إنشاء ثلاثة أبراج سكنية وتجارية وفندق خمس نجوم في منطقة مطلة على جزيرة الوراق إلى الشمال من وسط العاصمة على مساحة 20 ألف متر مربع.
ويشار إلى أن شركة القابضة (إيه.دي.كيو)، وهي صندوق ثروة سيادي في أبوظبي، وقعت صفقة تاريخية قيمتها 35 مليار دولار في فبراير/شباط 2024 لتطوير منطقة رأس الحكمة على الساحل الشمالي لمصر إلى جانب مشروعات أخرى.
وكتب الكاتب أحمد بيومي: “على فكرة الإمارات مش بتشتري أي حاجة في مصر.. دي بتشتري حاجات محددة وفى أماكن محددة بعناية؟..وإن شاء الله أول ما تلاقوهم بدأوا بناء فى رأس الحكمة.. ابقوا فكرونى؟ بس أظن والله أعلم مفيش بناء فى رأس الحكمة قبل تسليم الوراق؟”
وقال أحد المغردين، إن "جزيرة الوراق ورأس الحكمة وأظن بنباس استولت عليها الإمارات تحت مسمى استثمار، والتقاضي لا يكون عن طريق المحاكم المصرية".
ورد أحد المغردين، على مغرد ادعى أن قوات الداخلية والجيش هجمت على "بلطجية جزيرة الوراق المحتلين للجزيرة"، قائلا إن ما يفعله الجيش المصري والشرطة في جزيرة الوراق بتهجير السكان لبيعها للإمارات شبيه بما يفعله الصهاينة بتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، بس إسرائيل تهجر عشرات، بينما الجيش يهجر عشرات الآلاف وبدون تعويض".