شهر العسل انتهى.. منتدى عبري: الرياض وأبوظبي إلى احتكاكات مستقبلية أشد
رصد منتدى إسرائيلي تأثير العوامل الجيوسياسية المتتابعة في السنوات الأخيرة بمنطقة الشرق الأوسط، إحدى أكثر مناطق العالم توترا، على علاقات أهم دولتين عربيتين خليجيتين، وهما السعودية والإمارات.
منتدى الفكر الإقليمي العبري، قال إنه بفعل عوامل سياسية واقتصادية وجغرافية وثقافية أصبحت الدولتان كيانا سياسيا واحدا، لكن جرى أخيرا تدفق دم سيء بينهما على خلفية تغييرات في السياسة النفطية.
وأكد المنتدى أن الأزمة بين الحليفين الرياض وأبوظبي تبدو أعمق من قضية النفط، متسائلا عما يكمن وراء التوترات بين الدولتين، ومدى ارتباطه بإسرائيل.
المحمدان
المنتدى أشار إلى أنه في خطابهما الجيوسياسي في السنوات الأخيرة؛ أصبحت السعودية والإمارات مزيجا غير قابل للتفكك، وفقا لمصلحة الطرفين وتحالفهما في حرب اليمن والذي يقتضي اتفاقهما لإضعاف إيران.
وأضاف المنتدى: "وأيضا بسبب الشراكة في قيادة اتجاه تطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل، أو لأسباب أخرى".
وقال: "تبدو العلاقات الدافئة بين الاقتصاديتين النفطيتين الكبيرتين في الخليج العربي طبيعية تماما مع قائديهما الطموحين (المحمدان)".
ووصف ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وولي عهد الإمارات محمد بن زايد بـ"الأقوياء في الشرق الأوسط".
المنتدى العبري رأى أن "التعاون العميق بين البلدين أصبح أكثر تأثيرا على خريطة المنطقة"، مستدركا: "لكن يبدو أن الدماء الفاسدة بدأت تتدفق بين البلدين".
ولفت إلى أنه في مطلع أغسطس/ آب 2021، استخدمت الإمارات حق النقض ضد الاقتراح المشترك من قبل روسيا والسعودية لزيادة إنتاج النفط من بين دول منظمة "أوبك".
وأشار إلى أن "الإمارات تراجعت عن موقفها؛ لكن السعودية في المقابل ألغت سلسلة إعفاءات جمركية ممنوحة لأبوظبي للتصدير إلى الرياض، بما في ذلك البضائع المصنعة في إسرائيل".
وتابع: "وبسبب انتشار وباء (كورونا)، أضيفت الإمارات لقائمة الدول الممنوعة من دخول مواطنيها إلى السعودية، وردت أبوظبي بوضع السعوديين على نفس القائمة مع إثيوبيا وفيتنام وبنغلاديش".
"وجرى منع السعوديين من دخول الإمارات، وإلغاء الرحلات المجدولة من وإلى شركة الطيران الإماراتية إلى السعودية"، وفق المنتدى الذي علق: "ويبدو أن البلدين يسيران في مسار تصادمي".
طلاق قبيح
وتساءل المنتدى العبري: "بينما يرفض ولي العهدين إجراء محادثة حول علاقاتهما إلى أين؟ فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو ما الذي يكمن وراء الأزمة بين البلدين؟".
"وما هي المصالح التي قربتهما في المقام الأول، وما المصالح التي تباعد بينهما الآن؟ وكيف تجلى الصراع الذي جرى التوسط فيه، على سياسات البلدين أخيرا"، وفق المنتدى.
وواصل: "وكيف يتناسب الصراع بينهما مع خريطة التحالف الإقليمي الأوسع؟ وأين تقع إسرائيل في القصة كلها؟".
ولفت المنتدى إلى سلسلة مقالات بالصحافة العربية تجيب عن تلك الأسئلة، للكتاب أمجد أحمد جبريل، ومصطفى عبد السلام، وعريب الرنتاوي، وإسحاق المساوي.
وبين أنه "يتضح من آراء الكتاب والإعلاميين وخبراء السياسة من العالم العربي، أن هذا ليس سوى غيض من فيض، وربما يكون شهر العسل بين السعودية والإمارات فسد، ويتحول قريبا إلى طلاق قبيح".
المنتدى العبري أشار إلى أن "العلاقات الدافئة بين البلدين والشراكة في قيادة دول الخليج التي ميزت العقد الثاني من القرن الـ21 هي حالة استثنائية".
وأضاف: "عام 1971، نالت الإمارات السبع الصغيرة التي قامت بريطانيا بحمايتها وتشكيلها استقلالها واتحدت لتشكيل الإمارات العربية المتحدة؛ في وقت كان للمملكة العربية السعودية عقود من الأقدمية كقوة عربية مهيمنة".
وألمح إلى أنه "في تلك السنوات كانت العلاقة بين البلدين غامضة بسبب النزاع الحدودي الذي انتهى عام 1974 باتفاقية جدة، وعلى مدى عدة عقود استمرت العلاقات بين الجيران هادئة".
"وتحولت أحيانا إلى مواجهات، ففي عام 1999 عندما طالبوا في أبوظبي، السعودية بوقف مساعيها الدبلوماسية ضد إيران، أجاب ولي العهد السعودي حينها الأمير عبدالله بن عبدالعزيز: الإماراتيون، هم أنفسهم شبه الإيرانيون".
ويتابع المنتدى: "بداية القرن الـ21 نقلت وثائق مسربة عن وريث الإمارة قوله لمسؤول أميركي: إن "قادة السعودية مجموعة من كبار السن الذين نفد صبرهم، والسعوديون ينتظرون أميركا لإسقاط نظام العائلة الملكية".
قطبان متطابقان
المحلل السياسي في المنتدى العبري إيتي ملاخ، أشار إلى أنه "عام 2010، جرى تبادل لإطلاق النار بين قوات عسكرية من البلدين في نفس المنطقة الحدودية بينهما".
وزعم أن "السعودية لم تستلطف الإمارات، وأن الأخيرة لم تستلطف أيضا الأولى، ولم يكن هناك أي تلميح إلى أن الوضع سيتغير من نهاية إلى أخرى".
وقال: "لكن عام 2011، واجه كل بلد عدوا مشتركا أخطر عدة مرات من الآخر وهو الربيع العربي، إذ انهارت سلطات ديكتاتورية مضى عليها عقد من الزمان في جميع أنحاء العالم العربي".
وأضاف: "وفي السعودية والإمارات كانت كل الأنظمة الاستبدادية لا تحاول حتى التظاهر بأن مواطنيها لهم حقوق سياسية، وكانوا متخوفين من الدعاوى المدنية، وعلى وجه الخصوص خشي البلدان من ثورة على غرار مصر وتونس".
"الربيع العربي جلب نظاما ديمقراطيا إلى السلطة بجماعة الإخوان المسلمين، ما دفع الرياض وأبوظبي لإعلان حرب استنزاف ضد التنظيم وداعميه تركيا وقطر، وصلت ذروتها عام 2017 بمقاطعة الدوحة"، وفق المحلل الإسرائيلي.
ولفت إلى أنه "بالنظر إلى المستقبل، يعتقد الكتاب الذين تستند عليهم الأسطر أعلاه، أن اتجاه الانحسار في العلاقات بين البلدين من المرجح أن يستمر".
وتابع: "وعن الإمارات يقولون، إنها دولة صغيرة نسيت مكانها وستتخلى عن ادعاءاتها العظيمة كما يتوقعون، وستفهم أن ثروتها الهائلة لا تستطيع شراء أي شيء، وأن إسرائيل قصبة مكسورة".
ولفت إلى توقع الكتاب العرب بأن تترك الإمارات "القيادة الخليجية لمن يستحق وعلى الأغلب ستكون السعودية".
وأشار لاعتقاد آخرين أن "الإمارات لن تستسلم بهذه السرعة، وأن قوتها تنمو بشكل مطرد منذ إنشائها، ولا يزال لديها خيارات غير محققة داخل وخارج البيت الملكي السعودي".
المحلل الإسرائيلي قال: "في الرياض ربما يعتقد ابن سلمان أن الوقت حان لعودة السعودية إلى قوتها، ولكن في السنوات التي تلت إنشاء أبوظبي، ادعى ابن زايد أنه قوي بنفس القدر السعودي".
وخلص ملاخ إلى التأكيد بأن "التوتر بين البلدين مقدمة لاحتكاكات مستقبلية".
وعلى حد قول عريب الرنتاوي: "المحمدان متشابهان بشخصياتهما وتطلعاتهما وطبيعتهما المغامرة وشهوتهما بالسلطة، وكقطبين متطابقين من المغناطيس لا يمكنهما العيش في وئام مع بعضهما".