بالضفة وغزة.. كيف أصبحت شعبية حماس بعد زلزال 7 أكتوبر؟

5 months ago

12

طباعة

مشاركة

على الرغم من العدوان الإسرائيلي المدمر على قطاع غزة وسوء أحوال المواطنين، يتصاعد الدعم الشعبي لحركة المقاومة الإسلامية حماس التي تمثل رأس حربة المقاومة الفلسطينية.

وأظهرت ثلاثة استطلاعات للرأي العام الفلسطيني، أجريت في مايو/أيار 2024، دعما مستمرا لحركة حماس في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتحسنا طفيفا في شعبية حركة التحرير الوطني “فتح”.

ومنذ عملية طوفان الأقصى التي نفذتها حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والحرب اللاحقة، أصبحت الحركة الإسلامية أكثر شعبية من فتح في الضفة الغربية، والعكس في قطاع غزة، وفق ما يقول موقع المونيتور الأميركي.

الأكثر شعبية

واستعرض الموقع آخر استطلاعات الرأي التي أجريت حول شعبية الفاعلين السياسيين على الساحة الفلسطينية، في محاولة لفهم توجهات الفلسطينيين بعد نحو 9 أشهر من العدوان الإسرائيلي على غزة.

وأجرى "المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية"، الذي يتخذ من رام الله مقرا له، استطلاع رأي في الضفة الغربية وقطاع غزة، في الفترة ما بين 26 مايو/أيار، و1 يونيو/حزيران 2024، شمل 1570 فلسطينيا.

أظهر الاستطلاع أن "تأييد حماس خلال الأشهر الثلاثة الماضية ارتفع بنسبة 6 نقاط مئوية، وارتفع الدعم لفتح بنسبة 3 نقاط في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة خلال تلك الفترة".

ورغم ذلك "بات المزيد من سكان غزة يعتقدون أن حماس لن تكون القوة الحاكمة في المستقبل"، بحسب الاستطلاع.

ووفق التقرير، ظهرت اختلافات كبيرة بين الفلسطينيين الذين شملهم الاستطلاع في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وردا على سؤال حول توقعاتهم لمستقبل الحكم بعد الحرب، توقع 46 بالمئة من سكان غزة أن حماس ستسيطر فعليا على القطاع، بينما بلغت تلك النسبة 62 بالمئة في الضفة الغربية، مقارنة بـ 59 بالمئة في المنطقتين قبل 3 أشهر.

وفي استطلاع ثانٍ، شمل 1500 فلسطيني، أجراه "مركز العالم العربي للبحوث والتنمية" (أوراد)، وهو مركز أبحاث مستقل مقره في رام الله، أظهرت النتائج انخفاضا أكبر في دعم حماس في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة.

وذكر الاستطلاع أنه في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، بلغ الدعم الإجمالي لقرار الحركة بشن هجوم 7 أكتوبر بين الفلسطينيين الذين شملهم الاستطلاع، 75 بالمئة، لكنه انخفض إلى 46 بالمئة بحلول مايو/أيار 2024.

ومن الجدير بالذكر أن هناك اختلافا كبيرا في تأييد المستطلعين للهجوم، وذلك بحسب موقعهم الجغرافي، حيث يؤيد العملية 62 بالمئة في الضفة الغربية و21 بالمئة فقط في غزة، بحسب مركز "أوراد".

ومن ناحية أخرى، أجرى "مركز القدس للإعلام والاتصال" استطلاعا في الضفة الغربية فقط، في الفترة من 22 إلى 25 مايو، وشمل 715 فلسطينيا.

وقال مؤسس ومدير المركز، غسان الخطيب، لـ"المونيتور" إنه في حين لم يتمكن استطلاعهم من العثور على عينة تمثيلية في غزة، "إلا أن جميع الاستطلاعات تشير إلى أن الحرب زادت من شعبية حماس وأضعفت شعبية فتح والسلطة الفلسطينية".

ووصف الخطيب معرفة توجهات الرأي العام في غزة بأنها "مسألة غامضة"، ترتبط جزئيا بـ "صعوبة العثور على عينة عشوائية بسبب حالة النزوح وعدم الاستقرار" وغياب الإحصائيات حول التركيبة السكانية الحالية في ظل سيناريو الحرب.

نتائج متسقة

في سياق آخر، أظهرت الاستطلاعات الثلاثة جميعها أن معدلات التأييد لرئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، ورئيس وزرائه، محمد مصطفى، كانت منخفضة للغاية.

ففي استطلاع "أوراد"، حيث لم يتمكن سوى عدد قليل من الفلسطينيين من معرفة اسم رئيس الوزراء الحالي، بلغت نسبة الرضا عن أداء عباس 12 بالمئة وعدم الرضا 85 بالمئة.

ويريد حوالي 90 بالمئة منهم استقالة الرئيس، وتبلغ هذه النسبة 94 بالمئة في الضفة الغربية، و83 بالمئة في قطاع غزة، وفق الاستطلاع.

وأشار "المونيتور" إلى أن استطلاعات الرأي الثلاثة أظهرت تأييدا ساحقا للقائد الفتحاوي الأسير، مروان البرغوثي، مما يضعه في المقدمة على أي خصم محتمل، إذا ترشح ليحل محل عباس.

وأظهر استطلاع "المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية" أن البرغوثي سيفوز بسهولة في الانتخابات الرئاسية، إذا جمعته بـ"عباس"، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية.

وفي منافسة ثنائية بين البرغوثي وهنية، أوضح الاستطلاع أن الأول حصل على 60 بالمئة من الأصوات مقابل 40 بالمئة للثاني.

وفي سؤال مفتوح (أي بدون إجابات محددة مسبقا)، جاء مروان البرغوثي في ​​المركز الأول، حيث ذكر 29 بالمئة من الجمهور اسمه.

يليه هنية (14 بالمئة)، ثم القيادي الفتحاوي السابق محمد دحلان (8 بالمئة)؛ ثم زعيم حماس في غزة يحيى السنوار (7 بالمئة)؛ وأخيرا الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي (2 بالمئة).

ونوه التقرير إلى أن معظم الفلسطينيين في الضفة الغربية اختاروا الاقتصاد، عندما سُئلوا عن الأمور التي تحتاج إلى تغيير، في حين كان سكان غزة مهتمين كليا بانتهاء العدوان الإسرائيلي.

وأعرب المشاركون بالاستطلاع في الضفة الغربية وغزة، عن دعمهم لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي عندما سئلوا عن "الهدف الأكثر أهمية".

ورغم ذلك، فإن حوالي 47 بالمئة قالوا إن الهدف الرئيس يجب أن يكون "إنهاء الاحتلال الإسرائيلي في المناطق المحتلة عام 1967 وإقامة الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس الشرقية".

بينما اتفق 31 بالمئة ممن شملهم الاستطلاع على أن أولوية الحراك الفلسطيني "يجب أن تكون الحصول على حق عودة اللاجئين إلى مدنهم وقراهم التي هُجّروا منها عام 1948".

وفي استطلاع "مركز القدس للإعلام والاتصال"، ارتفع دعم حل الدولتين إلى 32 بالمئة بعد أن كان 25 بالمئة في سبتمبر/أيلول 2023.

وعلى الرغم من كل ما سبق، لا تزال حركة فتح هي الفصيل السياسي الأكثر شعبية بين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، بحسب استطلاع "أوراد" الذي أظهر أنها تحظى بدعم 34 بالمئة، في مقابل 23 بالمئة لحماس.

وأوضح التقرير أنه إذا ما أقيمت انتخابات تشريعية، فإنها ستتسم بمعدلات عالية من عدم اليقين والامتناع عن التصويت

وبشكل عام، فإن 36 بالمئة من الناخبين إما لم يقرروا بعد، وإما لن يصوتوا بتاتا. ويصل المعدل إلى 48 بالمئة في الضفة، و19 بالمئة في غزة.

شكوك في النتائج

ونقل الموقع الأميركي تعليقات متباينة، حيث أعربت نسبة كبيرة من قادة وصناع الرأي الفلسطينيين عن شكوكهم وعدم ثقتهم في استطلاعات الرأي في زمن الحرب.

وقال أحمد بوديري، أحد كبار مراسلي قناة الغد، وهي قناة ناطقة باللغة العربية ومقرها لندن، إن الاستطلاعات أثناء الحرب "ليست قطعية".

وبالمثل، قال المتحدث باسم فتح الذي يعيش في أوروبا، جمال نزال، إنه في الأوقات العادية يميل الناس إلى دعم "مقاتلي المقاومة الذين يحملون أسلحة بدلا من أولئك الذين يقدمون رواية سياسية عقلانية"، وفق زعمه.

بدورها، أكدت المستشارة القانونية السابقة لفريق التفاوض الفلسطيني، ديانا بوتو، أن الناس يبحثون عن بديل.

وقالت: "في الضفة الغربية، الناس ليسوا سعداء بأبو مازن (الرئيس عباس) لأنه لم يفعل ما يكفي فيما يتعلق بالإبادة الجماعية في غزة، بينما في القطاع لا يرى الناس طريقا واضحا لمستقبلهم".

وأضافت أن مروان البرغوثي يتمتع بشعبية "لأنه من بين القادة الذين تطرح أسماؤهم باستمرار"، مشددة على أنه مع تزايد الاهتمام باحتمال إطلاق سراحه في صفقة تبادل للأسرى، فإن شعبيته تتزايد.

ويعتقد المحامي والكاتب من مخيم شعفاط للاجئين، طلال أبو عفيفة، أن حماس اكتسبت شعبية لأن هجومها ضد الإسرائيليين حظي بدعم بين الفلسطينيين.

بينما يرى أن البرغوثي يتمتع بشعبية لأنه أسير من أجل القضية الفلسطينية.

ومن نابلس، قال رئيس دائرة العلاقات الخارجية في منظمة التحرير الفلسطينية، أنيس سويدان، لـ"المونيتور" إن البرغوثي عضو في اللجنة المركزية لـ"فتح"، وله تاريخ طويل في النضال من أجل القضية.

وأردف: "كل استطلاعات الرأي تعكس شعبيته، لكنه يتمتع بشعبية خاصة بين الشباب الذين يرون فيه زعيما قادرا على تحقيق أهدافهم الوطنية".

وهناك سبب آخر لشعبية البرغوثي، بحسب أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت “علي الجرباوي”، وهو أنه يُنظر إليه على أنه مختلف عن الطبقة السياسية الحالية.

ويبدو أن استطلاع "مركز القدس للإعلام والاتصال" يدعم هذه اللامبالاة الشعبية واسعة النطاق تجاه الطبقة السياسية الفلسطينية، بحسب التقرير.

إذ ارتفعت نسبة عدم الثقة بالشخصيات السياسية الفلسطينية إلى 65.5 بالمئة في الاستطلاع الحالي، بينما كانت النسبة 59.4 بالمئة في أكتوبر/تشرين الأول 2023.