"التنمية ضد المليشيات".. هكذا تبدو خارطة التحالفات الانتخابية الشيعية بالعراق

"المنافسة ليست بالسهلة هذه المرة بين القوى الشيعية مع دخول السوداني كمنافس جديد على الزعامة السياسية للمكون"
مع قرب الانتخابات البرلمانية العراقية، بدأ رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في ترتيب أوراقه للنزول في تحالف انتخابي ينافس فيه باقي قيادات الإطار التنسيقي الشيعي الذي أتى به إلى رئاسة الحكومة في عام 2022، وهذه الخطوة وضعته في منافسة الزعامات التقليدية للشيعة.
وحددت السلطات العراقية يوم 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2025، موعدا لإجراء الانتخابات البرلمانية، فيما أعلنت المفوضية العليا البدء في تسجيل التحالفات الانتخابية إلى مدة أقصاها 4 مايو، مؤكدة أن نحو 30 مليون عراقي يحق لهم التصويت من أصل 46 مليونا.
تحالف السوداني
رغم أن الترتيبات لا تزال مستمرة لإعلان التحالف الانتخابي الذي يقوده رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني، لكن ذلك لم يمنع تسرب اسمه وحتى بعض القوى المنضوية فيه إلى وسائل الإعلام.
وكشفت مصادر سياسية عراقية خاصة لـ"الاستقلال" أن السوداني يعتزم إعلان تحالفه الانتخابي خلال الأيام المقبلة باسم تحالف "القرار" أو "الإعمار والتنمية"، والذي يشير إلى حملة إنشاء الطرق والجسور التي برزت منذ توليه رئاسة الحكومة، خصوصا في بغداد لفك الاختناقات المرورية.
وأكدت المصادر أن "تحالف السوداني الانتخابي من المقرر أن يضم محافظ البصرة أسعد العيداني، الذي حقق فوزا ساحقا في الانتخابات المحلية التي جرت في 18 ديسمبر/ كانون الأول عام 2023".
ولفت إلى أن "منظمة بدر بزعامة هادي العامري، وكتلة سند الوطني، بقيادة وزير العمل الحالي أحمد الأسدي، إضافة إلى رئيس هيئة الحشد الشعبي، فالح الفياض الذي يقود تحالف العقد الوطني".
المصادر ذاتها، أكدت وجود "مخاض عسير ونقاشات حقيقية بخصوص التحالف الجديد بقيادة رئيس الوزراء؛ لأن المنافسة ليست بالسهلة هذه المرة بين القوى الشيعية مع دخول منافس جديد على الزعامة السياسية للمكون، وهو السوداني الذي خرج من رحم الإطار التنسيقي الشيعي".
وأكدت المصادر أن "خلافات نشبت بين السوداني والعامري أخيرا، وذلك بسبب من يكون رئيسا للتحالف؛ لأن الأخير يسعى إلى أن يترأسه، لذلك إذا لم يتوصل الطرفان إلى اتفاق بينهما، فإن انسحاب العامري أمر وارد جدا".
وفي هذه النقطة تحديدا، قال معين الكاظمي، النائب عن كتلة بدر في البرلمان العراقي، إنه "منذ 2005 نضحي للآخرين بالتحالف معهم ويجب استقطاب طاقاتنا الخاصة". مشيرا إلى أن "الدخول في التحالف مع السوداني لم نعده مكسبا منذ البداية".
وشدد الكاظمي في تصريح نقله موقع "الجبال" العراقي في 22 أبريل، على أنه "لا توجد أية أسباب أخرى غير الفنية لتراجع بدر عن التحالف مع السوداني". مضيفا: "سننزل بشكل مستقل لاحتواء الكوادر البدرية، وأن ذلك سيكون باسم بدر".
وأشار الكاظمي إلى أن "أمام السوداني 6 أشهر من المطبات ويجب أن يبقى مستندا على ركن شديد، وأنه لا يمكن القطع بولاية ثانية للسوداني أو وضع فيتو عليه، وأن وهج الحكومة قد يكون مؤثرا في بغداد لكن التحالف في المحافظات غير نافع".
وبعدما راجت أنباء عن انسحاب كتلة سند الوطني، نفى رئيسه أحمد الأسدي انسحابه من التحالف مع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وذلك في بيان مقتضب، حسبما نقلت منصة "946" العراقية في 21 أبريل.

تحالفات متفرقة
أما بقية مكونات الإطار التنسيقي الشيعي، فإن ائتلاف "دولة القانون" بقيادة نوري المالكي، ومليشيا "عصائب أهل الحق" بزعامة قيس الخزعلي، قررا الدخول في الانتخابات البرلمانية بقوائم منفردة.
وكذلك الحال، فإن تحالف "قوى الدولة"، الذي يقوده رئيس تيار "الحكمة الوطني" عمار الحكيم، وزعيم ائتلاف "النصر" حيدر العبادي، سيدخلان الانتخابات بالقائمة ذاتها، فيما سيشارك "المجلس الأعلى الإسلامي" بقيادة همام حمودي بقائمة مستقلة.
ومن المقرر أيضا، أن يشارك بقائمة منفردة، تحالف "الأساس" بزعامة نائب رئيس البرلمان الحالي، محسن المندلاوي، الذي يمثل التيار العلماني داخل الإطار التنسيقي الشيعي.
وبقيت بعض الجهات داخل الإطار التنسيقي لم تحسم أمرها بعد، لا سيما تلك التي تمثل أجنحة مسلحة، ومنها "كتائب سيد الشهداء" بزعامة أبو آلاء الولائي، و"كتائب الإمام علي"، بقيادة شبل الزيدي، وكتلة "حقوق" التابعة لـ"كتائب حزب الله" العراقي، التي يقودها أبو حسين المحمداوي.
وتتشكل في الوقت ذاته، ملامح تحالف شيعي يمثل قوى "احتجاجات تشرين" التي اندلعت عام 2019، وأخرى قريبة منها، ومن أبرز قياداته النائبين الحاليين في البرلمان، عدنان الزرفي، وعمار عبد الجبار، رئيس تحالف "تمدن" النائب سجاد سالم، وحزب "البيت الوطني" بقيادة حسين الغرابي.
وفي 18 أبريل، عقدت هذه الأطراف اجتماعا تشاوريا، بحث سبل تشكيل "تحالف وطني" يهدف إلى خلق "معارضة وطنية فاعلة"، حسبما نقلت قناة "وان نيوز" العراقية.
وعلى الطرف الآخر، قرر غريم الإطار التنسيقي الشيعي، أن يخرج عن المضمار الانتخابي، فقد أعلن مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري، أنه "مادام الفساد موجودا، فإنه لن يشارك في عملية انتخابية عرجاء لا همّ لها إلا المصالح والطائفية والعرقية والحزبية".
وأكد في بيان نشره وزيره محمد صالح العراقي على منصة "إكس" في 27 مارس، أن "العراق لا يمكن أن يسير في الطريق الصحيح إذا استمر الفساد في العملية السياسية".
وأشار الصدر على لسان وزيره "صالح العراقي" إلى أن "الانتخابات الحالية تفتقر إلى الأهداف الوطنية الحقيقية؛ حيث يسيطر عليها الطائفية والعرقية والصراعات الحزبية".
ورأى زعيم التيار الصدري، أن "العراق يعيش أنفاسه الأخيرة، بعد هيمنة الخارج وقوى الدولة العميقة على كل مفاصله"، لافتا إلى أن "الانتخابات في العراق يجب أن تكون بعيدة عن المصالح الضيقة التي تضر بالبلاد والشعب".

"خلافات داخلية"
وبخصوص الوضع الداخلي للإطار التنسيقي الشيعي، نقلت صحيفة "العراق اليوم" عن مصادر سياسية، كواليس اجتماع عقدته قيادات الإطار في يوم 22 أبريل، وسط غياب بعض أبرز الشخصيات، وتصاعد الخلافات بشأن ملفات داخلية وخارجية.
وبحسب الصحيفة، فإن زعيم "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي تغيب عن الاجتماع، فيما غادر رئيس ائتلاف "دولة القانون" نوري المالكي الاجتماع مبكرا، نتيجة تباين في وجهات النظر بشأن العلاقات العراقية السورية، والانفتاح على حكومة الرئيس السوري أحمد الشرع.
وأشارت إلى أن "رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، دافع خلال الاجتماع عن توجهات حكومته". مشيرا إلى أن "تعزيز التعاون مع دمشق يحقق مكاسب أمنية للعراق، أبرزها تأمين الحدود الغربية، وإحباط محاولات تسلل تنظيم الدولة، فضلا عن تخفيف الضغوط الأميركية بهذا الصدد".
وأفادت الصحيفة بتصدّع واجه تحالف "قرار" قبل أن يرى النور، وهو تحالف كان من المقرر أن يخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، موضحة أن تباينات ظهرت بين السوداني وهادي العامري دفعت باتجاه خيار المشاركة في الانتخابات ضمن قوائم منفصلة.
وكشفت أن قوى سياسية من الإطار التنسيقي بصدد تشكيل تحالف انتخابي جديد "قرار"، يضم في مرحلته الأولى، السوداني، والعامري، والفياض، مؤكدة وجود مفاوضات قد تُفضي إلى انضمام أبو آلاء الولائي، قائد "كتائب سيد الشهداء"، وكتلة "حقوق" إلى التحالف.
وبحسب معلومات شبكة "الساعة" العراقية، في 21 أبريل، أن الإطار التنسيقي تحوّل إلى فريقين رئيسين: الأول يقوده السوداني وهو الفريق المؤمن بدولة المؤسسات والذي يتعاطى بإيجابية مع المتغيرات التي تشهدها المنطقة والعالم ويسعى لإعادة ترتيب العلاقة مع إيران.

أما الفريق الثاني، بحسب التقرير، فيقوده نوري المالكي رئيس ائتلاف "دولة القانون" وقيس الخزعلي زعيم "العصائب" وقادة فصائل مسلحة منضوية في الإطار، وهو ما يزال يرفع شعار الممانعة والمقاومة ويجاهر بقربه من إيران وسياساتها ويعزز مفهوم الدولة العميقة في البلاد.
وجاء لقاء الدوحة الأخير الذي جمع السوداني والرئيس السوري أحمد الشرع بوساطة أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني في 17 أبريل، ليشكل الضربة القاضية التي أنهت فرص توحد قوى الإطار قبيل الانتخابات البرلمانية المقبلة، وفقا لتقرير الموقع المحلي.
وأشار إلى أن "التنافس الانتخابي هذه المرة يختلف عما سبقه، والأيام المقبلة ستكشف الكثير من التفاصيل، علما أن الفرق المنقسمة داخل الإطار دخلت في تحالفات كبيرة مع المكونات الأخرى".
وأوضح الموقع أن "فريق السوداني يضم قيادات الحزبين الرئيسين في إقليم كردستان وزعامات وقيادات سنية بارزة، فيما التحقت كتلة التغيير الكردية وبعض الأطراف السنية الصغيرة بفريق المالكي".
وفي 16 أبريل، أعلن السوداني خلال كلمته في ملتقى "السليمانية" التاسع المنعقد في الجامعة الأميركية بالمدينة الشمالية في إقليم كردستان العراق، ترشحه رسميا للانتخابات المقبلة، مؤكدا أن "البلد بحاجة إلى إصلاحات جريئة وشاملة تعيد بناء الدولة وتنهض بواقعها".
المصادر
- "بدر" تكشف سبب التراجع عن التحالف مع السوداني.. وائتلاف المالكي يحذر من استغلال الوزارات للانتخابات
- هل يقترب السوداني من الولاية الثانية في ظل انقسام الإطار وغياب الصدر؟
- مقاطعة الصدر لانتخابات العراق.. عودة للوراء أم هروب للأمام؟
- تصاعد الخلافات داخل الإطار التنسيقي وتصدع مبكر لتحالف "قرار" قبيل الانتخابات
- المفوضية: 30 مليون عراقي يحق لهم التصويت في الانتخابات البرلمانية المقبلة
- أحمد الأسدي رئيس تحالف السند ينفي انسحابه من تحالف السوداني