إحياء النازية.. هكذا يسعى اليمين المتطرف في ألمانيا لطرد 20 مليون مهاجر
بعد سرية استمرت لفترة قصيرة، انكشفت تفاصيل المخطط الراديكالي لحزب "البديل من أجل ألمانيا" المثير للجدل، والذي يسعى إلى ترحيل عدد كبير من المهاجرين بمختلف تصنيفاتهم.
وصاغ هذه الفكرة سياسي نازي، التي أدت بدورها إلى احتجاجات حاشدة في العاصمة برلين والعديد من المدن الأخرى.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، قدّم زعيم حركة الهوية النمساوية اليمينية المتطرفة، مارتن سيلنر، وهو شخص يعترف بأنه كان عنصريا وكارها للأجانب ومعاديا للسامية في السابق، مشروعا لسياسيين من الحزب اليميني المتطرف "البديل من أجل ألمانيا"، ومجموعة "فيرت أونيون" (اتحاد القيم).
وجاء في هذا المخطط أن هؤلاء الأشخاص البالغ عددهم 20.2 مليونا هم "أجانب يجب أن يكونوا في بلدانهم"، بحسب ما كشفت عنه المنصة المتخصصة في الصحافة الاستقصائية "كوريكتيف" منتصف يناير/ كانون الثاني 2024.
مغادرة ألمانيا
وقالت صحيفة "الإسبانيول" الإسبانية إن بيانات التعداد الصادرة عن مكتب الإحصاء الفيدرالي "ديستاتيس"، أظهرت أنه يعيش في ألمانيا حوالي 84 مليونا و607 آلاف شخص.
وبحسب "ديستاتيس"، هناك ما يزيد قليلا على 20 مليون شخص لديهم "ماضي هجرة"، وفقا للمصطلحات المستخدمة في هذه المؤسسة.
ويشكل هؤلاء العشرون مليونا تقريبا ربع السكان الذين يعيشون في ألمانيا.
وقدم سيلنر مشروعه إلى مجموعة معينة، جرى انتقاؤها بدقة، من اليمينيين المتطرفين و"اليمين المتشدد" في اجتماع "سري" كشفت عنه المنصة.
وتجدر الإشارة إلى أن "فيرت أونيون" مجموعة تسير على خطى "الاتحاد الديمقراطي المسيحي المحافظ" و"الاتحاد الاجتماعي المسيحي" في منطقة بافاريا.
وفي الاجتماع المذكور، شرح سيلنر لجمهوره مفهوم "إعادة الهجرة"، وهي فكرة ظلت تشغل أذهان الأشخاص الأكثر تطرفا لبعض الوقت عندما يُسألون عما يجب عليهم فعله بشأن الهجرة.
وفقا لرواية منصة "كوريكتيف" حول الحدث الذي كان سيلنر هو بطل روايته، أوضح زعيم حركة الهوية عند الحديث عن مفهوم "إعادة الهجرة"، أنه "هناك ثلاث مجموعات من المهاجرين الذين يجب عليهم مغادرة ألمانيا".
وتتمثل هذه المجموعات الثلاث في "طالبي اللجوء، والأجانب الذين يملكون إقامة قانونية، والمواطنين غير المندمجين".
وقسّم سيلنر "المهاجرين بين أولئك الذين ينبغي أن يكونوا قادرين على العيش في ألمانيا دون مضايقة، وأولئك الذين لا ينبغي أن ينطبق عليهم هذا الحق الأساسي"، وفقا لما كشفت عنه "كوريكتيف".
في السياق ذاته، قال سيلنر إنه يعتقد أن "المهاجرين يصوتون أيضا" لذلك هناك "تصويت عرقي" في السياسة الألمانية.
وأشار تحديدا إلى تصويت "الأشخاص الذين لهم أصول من المهاجرين والذين يصوتون قبل كل شيء للأحزاب التي لديها سياسات هجرة مواتية لهذه المسألة".
وقالت منصة كوريكتيف: "لكن هذا ليس كل شيء، جاء سيلنر أيضا إلى ألمانيا في نوفمبر 2023، حتى يتمكن المسؤولون من الأحزاب اليمينية في البوندستاغ من سماع مقترحات بدت مثل اقتراح النظام النازي الذي أطلق عليه (خطة مدغشقر)".
وابتكرت هذه الخطة "كيفية نقل يهود أوروبا إلى مكان بعيد في إفريقيا وهي جزيرة مدغشقر، ففي أواخر ثلاثينيات القرن العشرين، عد النظام النازي الهجرة الجماعية هي الحل النهائي للمشكلة اليهودية"، كما جاء في "موسوعة المكتبة الافتراضية اليهودية" على الإنترنت.
وفي حالة سيلنر، فهو يدرك أن "الهجرة الثانية" يمكن أن تتحقق أيضا من خلال وجود دولة في شمال إفريقيا تستضيف فيها ما يصل إلى مليوني مهاجر وحتى النشطاء الإنسانيين الذين يرغبون في الاهتمام بهذه المسألة.
مطالب بالحظر
وأشارت الصحيفة الإسبانية إلى أنه منذ أن نشرت "كوريكتيف" معلوماتها، خرج آلاف الأشخاص إلى الشوارع للاحتجاج "دفاعا عن الديمقراطية".
وتظاهر حوالي 10 آلاف شخص أمام في ولاية براندنبورغ، فيما خرج المستشار، أولاف شولتز، ووزيرة خارجيته، أنالينا بيربوك، أيضا إلى الشوارع في مظاهرة مماثلة ولكن بقوة أقل في بوتسدام، وهي مدينة تقع بجوار برلين.
أيضا، في برلين، احتج مئات الأشخاص في مظاهرة ضد حزب "البديل من أجل ألمانيا" أمام مبنى بلدية العاصمة.
وحملت العديد من اللافتات رسائل مناهضة للحزب اليميني المتطرف، الذي يشار إليه، من بين أمور أخرى، باسم "الحزب النازي".
ونقلت صحيفة الإسبانيول عن أحد المحتجين يدعى باتريك، قوله: "أعتقد أن الناس كانوا يصوتون لصالح (حزب البديل من أجل ألمانيا) للاحتجاج، لكن بعد ما نشر عن الاجتماع مع النازيين الجدد، دفعت هذه المعلومات الناس إلى الشوارع".
فيما أوضح رينجو، وهو متظاهر آخر، للصحيفة أن المعلومات التي نشرتها كوريكتيف "ساعدت في توعية الكثير من الناس".
من جهتها، أخبرت ستيفاني أنها كانت تتظاهر لأنه يجب رفض اجتماعات مثل تلك التي كشفت عنها منصة "كوريكتيف".
وقالت ستيفاني: "يجب أن نوضح أننا لا نتفق مع هذا النوع من التواصل، لأنه كان هناك أيضا سياسيون من حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي في الاجتماع".
وفي سياق يدور حوله جدل منذ أشهر حول حظر "البديل من أجل ألمانيا"، تعالت في هذه التظاهرات صيحات كثيرة مؤيدة لحظر الحزب المتطرف.
ومن بين الشعارات الأخرى، يبرز "الجميع معا ضد الفاشية!" أو "كل برلين تكره حزب البديل من أجل ألمانيا!".
وفي الواقع، فإن العديد من المنظمات المناهضة للسياسات اليمينية المتطرفة، مثل "مركز الجمال السياسي"، تنظر إلى المظاهرات هذه الأيام على أنها "مظاهرات من أجل حظر حزب البديل من أجل ألمانيا"، بحسب صحيفة "الإسبانيول".
ونوهت إلى أن "حزب البديل من أجل ألمانيا، أصبح في مرمى السلطات على المستوى الوطني. وعلى وجه التحديد، مكتب حماية الدستور، وهو الاسم الذي يطلق هنا على أجهزة المخابرات التابعة لوزارة الداخلية".
ويشتبه حزب البديل من أجل ألمانيا في أنه "يميني متطرف بدرجة لا تجعله دستوريا".
وختمت الصحيفة بالقول: "على المستوى الإقليمي، في ولايات تورينجيا، وساكسونيا، وساكسونيا أنهالت، لم تعد سلطات هذه الولايات الألمانية الشرقية تشك في تطرف حزب البديل من أجل ألمانيا".