ذوبان الجليد بين إيران والأنظمة العربية.. ما علاقة أميركا وإسرائيل؟

منذ ٣ أشهر

12

طباعة

مشاركة

أجرى وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في أول أسبوعين بأكتوبر/ تشرين الأول 2024 جولة إقليمية شملت لبنان وسوريا والعراق والسعودية وقطر وسلطنة عمان والأردن ومصر.

وكانت زيارته إلى القاهرة هي الأولى من نوعها لمسؤول إيراني كبير منذ 2014، كما استقبله ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على غير المتوقع. 

وجاءت هذه الجولة في ظل تهديد إسرائيل بشن هجوم انتقامي عقب هجوم إيراني استهدفها مطلع أكتوبر 2024، وتوعّدت طهران بالرد على أي اعتداء ينالها، ما ينذر بوقوع حرب إقليمية بالشرق الأوسط.

وتفاعلا مع هذه التطورات، تقول صحيفة إسبانية إن المسافة بدأت تتقلص بين الدول العربية وإيران مدفوعة بعدم رغبة الولايات المتحدة في احتواء الحرب الحالية.

خارج السيطرة

وقالت صحيفة الإسبانيول إن عاموس هوكستاين، المبعوث الخاص للرئيس جو بايدن إلى الشرق الأوسط، توصل خلال زيارته الأخيرة إلى حقيقة ينكرها الكثيرون، ألا وهي أن "التصعيد في الصراع خرج عن نطاق السيطرة". 

وتتعارض هذه العبارات الحادة مع التفاؤل المتكرر من جانب الإدارة الأميركية، ولكنها تبدو وكأنها تعكس على وجه التحديد ما يحدث بين حزب الله وإسرائيل. 

فيهاجم حزب الله مواقع إسرائيلية في وسط الأراضي المحتلة وفي تل أبيب، بينما يقصف الجيش الإسرائيلي بيروت.

ويضاف إلى كل هذه الفوضى الهجوم بطائرة مسيرة على منزل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. 

وفي الوقت الراهن، لم تكتفِ حادثة مقتل زعيم حماس يحيى السنوار بعدم تهدئة المنطقة فحسب، بل أغرقتها في فوضى أكبر يسعى الجميع إلى التموضع فيها بانتظار ما قد يحدث.

والتقى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لمدة ساعتين ونصف مع نتنياهو قبل أيام ليطلب منه مرة أخرى استغلال الوضع للتوصل إلى اتفاق سلام في كل من غزة ولبنان. 

واتفق الجانبان في تصريحاتهما اللاحقة على أن مقتل السنوار يجب أن تسهل عودة الرهائن وإحلال السلام الدائم في غزة. 

لكنهما اختلفا حول الأساليب التي سيتم استخدامها. ووفقا لحكومة الاحتلال، تبقى الأولوية لمحاربة ما تبقى من حماس وحزب الله وإيران. ولا يبدو أنه يتم التفكير في هدنة بأي حال من الأحوال.

العرب وأميركا

وتقول الصحيفة الإسبانية إن عجز الولايات المتحدة عن وقف الصراع، وقبل كل شيء، احتواء حليفها الأكبر في المنطقة، يثير موجة من الشكوك بين الأنظمة العربية الحليفة، التي تخشى التورط في صراع مفتوح بين إسرائيل وإيران. 

وفي وقت سابق، هدد المرشد الإيراني علي خامنئي بالفعل أي دولة تساعد إسرائيل بأي شكل من الأشكال في هجومها المضاد المعلن. 

وأمام هذا الوضع، أخذت المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي هذا التهديد على محمل الجد. 

وهناك مزاعم بأن البلدان العربية تستكشف إمكانية التقارب مع نظام طهران، وفي سبتمبر/ أيلول 2024، التقى مسؤولون سعوديون وإيرانيون ثلاث مرات، وهو أمر لم يكن من الممكن تصوره قبل بضع سنوات فقط، عندما وصف محمد بن سلمان خامنئي بأنه "هتلر الشرق الأوسط". 

وخلال الأسبوعين الأخيريين، التقى وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، مع زعماء الأردن ومصر وقطر، وهم مسؤولون عن الوساطة بين إسرائيل وحماس بدعم من الولايات المتحدة.

كما سافر عراقجي إلى الكويت والبحرين وسوريا والعراق وقطر وسلطنة عمان وتركيا.

وأوردت الصحيفة أن منذ ما يسمى بـ"الثورة الإسلامية" سنة 1979، أصبحت العلاقات بين إيران مع بقية الدول العربية معقدة على أقل تقدير. 

وكان الجانب الوحيد الذي يوحدهم حقا هو كراهيتهم لإسرائيل والولايات المتحدة. لكن، تجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة ضمنت، حتى الآن، أمن شركائها وقيدت أهواء مسؤولي إيران. 

ويعتقد البعض أنه إذا كفّت الولايات المتحدة عن لعب دورها الذي يُرضي حلفاءها العرب، فسيكون من الأفضل إعادة التفكير في العلاقة مع العدو.

وبشكل عام، يرى الخبراء أن هذا التقارب بين اللاعبين الرئيسين في المنطقة، اللذين استأنفا الاتصالات الدبلوماسية في 2023 بعد عقود من التنافس، يمكن أن يخفي تحذيرا من إيران. 

ويقول علي فايز، مدير شؤون إيران في مركز أبحاث مجموعة الأزمات، للصحيفة: "تريد إيران ضمان ألا يقوم جيرانها بتسهيل هجوم إسرائيل والولايات المتحدة ضدها".

روسيا والصين

وفي السياق، أشارت الصحيفة الإسبانية إلى لقاء الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في قازان، وقالت إنه يحيل إلى حقيقة أصبحت تتجلى بشكل واضح؛ ألا وهي أن طهران تبحث عن الدعم أينما وجدته.

 ورغم أن كل شيء يشير إلى أن إسرائيل لن تسعى إلى الإضرار بالبنية التحتية النووية أو النفطية لإيران - على الأقل هذا ما وعدت به الولايات المتحدة - فإن تأخر الرد في حد ذاته يبرهن على أنها لن تكون مجرد دمية داخل رقعة شطرنج الشرق الأوسط. 

ومن هذا المنطلق، تحتاج إيران إلى حلفاء لمساعدتها في الدفاع عن نفسها والشروع في رد فعل محتمل على "رد الفعل" في تصعيد لا نهاية له داخل المنطقة.

ونقلت الصحيفة أن إيران تبحث عن تحالفات مع جيرانها، كذلك فعلت في قمة البريكس بقازان.

وإلى جانب تعزيز العلاقات مع موسكو، يسعى بيزشكيان إلى التوصل إلى نوع من الاتفاق مع الصين أيضا. 

وقد بدأ نظام شي جين بينغ، سلسلة من التدريبات العسكرية بالذخيرة الحية في محيط جزيرة تايوان، وهو ما يمثل تصعيدا جديدا في المنطقة. 

في ذلك الوقت، عد شي سنة 2025 العام الذي ستبدأ فيه إعادة التوحيد بين البر الرئيس والصين القومية. وعموما، لم يتبق سوى شهرين والجميع يستعد لسنة حافلة.