تنافس عائلي.. لماذا التقى صدام حفتر برجال أعمال أميركيين في روما؟
“المسألة ذات طبيعة سياسية داخلية مرتبطة بخلافة خليفة”
يواصل أبناء الجنرال الليبي الانقلابي خليفة حفتر، عقد اللقاءات مع مسؤولي قوى غربية في غياب أي صفة رسمية قانونية تسمح لهم بتوقيع الاتفاقات وتوزيع المصادر الحيوية للدول الأجنبية.
وذكر موقع "ليبيا أبديت" الإخباري الليبي أن “صدام حفتر، التقى أخيرا في العاصمة الإيطالية روما بمجموعة من رجال الأعمال الأميركيين لبحث فرص الاستثمار في (شرق) ليبيا”.
وأوضح الموقع في نسخته الإنجليزية أن المحادثات ركزت بشكل خاص "على الاستثمارات الإستراتيجية، بما في ذلك ميناء المياه العميقة سوسة".
وكانت مجموعة "غيدري" الأميركية، قد اقترحت استثمارا مباشرا بقيمة 2 مليار دولار في مشروع الميناء الواقع على بعد 240 كيلومترا تقريبا شرق مدينة بنغازي.
وبحسب الموقع، رحب نجل حفتر بـ"الاقتراح، ودعا الوفد الأميركي لزيارة ليبيا والتواصل مع الحكومة (غير المعترف بها دوليا)"، متعهدا بـ"تسهيل إجراءات بدء الأشغال قريبا".
وأكد أن العملية "تعكس انفتاح صدام تجاه القوى الغربية والجهود المبذولة لإيجاد التوازن بين الفصائل والقوى المتنافسة في البلاد".
زيادة النشاط
وفي تعليقها، قالت مجلة "فورميكي" الإيطالية إن "التنافس الإستراتيجي على الموانئ الليبية يعود مجددا بين روسيا والولايات المتحدة وكذلك الصين التي أبدت اهتماما بالاستثمار في البنية التحتية الليبية".
ولفتت في المقابل إلى أن “أيا من المصادر الخاصة التي اتصلت بها في إيطاليا والولايات المتحدة بإمكانه تأكيد لقاء روما”.
وتساءلت عن |الخلفيات وراء نشر إحدى وسائل الإعلام المتمركزة في بنغازي، حيث تمارس عائلة حفتر سيطرة تشبه ما تفعله المافيا، معلومات عن اتصالات صدام حفتر بالولايات المتحدة|.
وفي سياق متصل، ذكرت أن شرق ليبيا عاد تحت الأضواء الدولية في الأسابيع الأخيرة على إثر تقارير تفيد بزيادة النشاط الروسي في برقة.
وكانت تقارير قد تحدثت عن استخدام موسكو لشرق ليبيا كمركز لوجستي تكتيكي لدفع أنشطة "فيلق إفريقيا" بديل مجموعة "فاغنر" الروسية الخاصة مستغلة الاتفاقيات التي أبرمتها مع حفتر الأب في الماضي وأبنائه في الوقت الحالي.
وفي السياق، أدرجت فورميكي معلومة استقبال خالد حفتر، "الذي يعد نقطة اتصال روسيا في ليبيا"، لنائب وزير الدفاع الروسي، يونس بك يفكيروف، لدى وصوله مطار بنينا الدولي بمدينة بنغازي في 31 مايو.
وعلقت المجلة أن "دور خالد غالبا ما يتم تصويره على أنه منافس لدور شقيقه صدام الأكثر ميلا إلى الحوار مع الأميركيين".
وبذلك تستنتج أن هناك صراع داخلي من أجل خلافة حفتر الأب، وأن هناك سعيا من الجميع إلى الحصول على دعم خارجي".
وتساءلت إن كان نجل حفتر "الموالي للولايات المتحدة" قد استخدم اللقاء مع رجال الأعمال الأميركيين لتعزيز موقعه في المنافسة داخل الأسرة أم أنه وُظف للترويج "لإعادة توازن في ظل التقارب الشديد لأمير الحرب في الشرق الليبي من روسيا".
مناورة معلوماتية
من جانبه، يعتقد المحلل في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية، أمبرتو بروفازيو، في حديثه للمجلة أن الأمر قد يكون "مناورة معلوماتية لإظهار الاهتمام بالعلاقات الأميركية بعد أن استهدفت القيادة العسكرية الأميركية في إفريقيا (أفريكوم) أنشطة حفتر مع روسيا منذ سنوات".
ويرى أن "اللقاء يكشف رغبة في محاولة اللعب على جبهات متعددة، وأن هناك عودة للمنافسة الإستراتيجية في ليبيا"، مضيفا كذلك أن المسألة ذات طبيعة سياسية ليبية داخلية "مرتبطة بخلافة خليفة".
وقال إن "بلقاسم حفتر، على سبيل المثال، تسلم منصب المدير العام لصندوق إعادة إعمار ليبيا المستحدث بينما يبدو الآخرون أكثر نشاطا في أنشطة مليشياتهم وفي علاقات معينة مع الخارج".
وبحسب المجلة الإيطالية، ما يحدث داخل عائلة حفتر يخلق مشكلة أخرى لليبيا لأنه يطرح قضايا مختلفة على الطاولة.
وفي هذا الإطار، نوهت بأهمية ليبيا في هذه المرحلة التي باتت فيها "الجغرافيا السياسية البحرية محورية مجددا للتوازنات بين دول البحر الأبيض المتوسط والدول خارج المنطقة".
وعلى وجه التحديد، أشارت المجلة إلى ميناء سوسة الذي حصلت مجموعة غيدري ومقرها تكساس في الولايات المتحدة على عقد لبنائه.
وسيكون الميناء، المصمم كبنية تحتية متعددة الاستخدامات، الأعمق مائيا في ليبيا والأول الذي يتم بناؤه وفقا لمعيار تنافسي عالمي، وسيشكل أكبر استثمار في البنية التحتية للموانئ من قبل شركة أميركية في تاريخ ليبيا.
وذكرت المجلة الإيطالية أن الاتفاق يعود إلى عام 2012 بينما دراسة الجدوى إلى عام 2013 إلا أن تنفيذه تعقد مع انفجار المرحلة الأولى من الصراع الداخلي والذي يعد أبناء حفتر أحد أطرافه الرئيسة.
وعاد الاهتمام بالمشروع عام 2018 بعد أن تم اختياره من بين أفضل المشاريع في المنتدى العالمي للبنية التحتية في مونتريال.
وبعد أشهر قليلة شنت قوات حفتر هجوما على طرابلس وكانت تخطط، بدعم من الروس، للإطاحة بالحكومة المعترف بها أمميا والتي كان يقودها في ذلك الوقت فايز السراج.
وبعد مرور عام على فشل الهجوم وتحديدا سنة 2021، أُعيد إطلاق فكرة بناء الميناء بتوقيع شركة غيدري ومقرها الولايات المتحدة وشركة إنشاء الموانئ اليونانية أركيرودن كونستركشن اتفاقية لتصميم وبناء المشروع.
مصلحة مركبة
وبالعودة إلى لقاء روما، ذكرت مصادر إعلامية أن صدام حفتر التقى أيضا رئيس مجموعة غيدري.
وبالتزامن مع ما يحدث في الشرق، قالت المجلة إن "نشاط البحث وجلب الاستثمار ينتشر على نطاق واسع أيضا على الجانب الآخر من ليبيا".
وذكرت مشاركة رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة في أعمال الدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لـ"منتدى التعاون العربي ـ الصيني".
وكان الدبيبة قد بحث خلال تواجده في بكين مع وزير الخارجية الصيني وانغ لي البدء الفعلي في إجراءات عودة السفارة للعمل من العاصمة طرابلس لمتابعة المصالح الصينية في المجالات كافة، وتفعيل الاتفاقيات بين البلدين.
وأشارت المجلة الإيطالية إلى الاهتمام الصيني بالحصول على "مكان وميناء في إعادة إعمار ليبيا".
وألمحت إلى أن الانقسام الذي تعيشه البلاد بين حكومة معترف بها أمميا ومقرها طرابلس وأخرى غير رسمية وغير معترف يقودها أسامة حماد وتتعرض لضغوط عسكرية من قبل حفتر، قد يعرقل المصالح الصينية.
وبينت أن الدعم الدبلوماسي العسكري الذي تقدمه موسكو لحفتر مرتبط بمصلحة مركبة تشمل أيضا "بُعد الميناء".
وفسرت أن الروس "يطمحون في الواقع إلى طبرق الواقعة على بعد حوالي 200 كيلومتر من مدينة سوسة، ومينائها في المياه العميقة والذي من شأنه أن يصبح ركيزة دعم أخرى في وسط البحر الأبيض المتوسط، تضاف إلى ميناء طرطوس في سوريا".