حولتهم إلى مرتزقة.. هكذا تزج مليشيا الحوثي بعناصرها في حرب أوكرانيا

يوسف العلي | منذ ٤ أيام

12

طباعة

مشاركة

رغم أن الحديث عن وجود يمنيين يقاتلون إلى جانب القوات الروسية في حربها مع أوكرانيا ليس بالجديد، لكن ما كشف أخيرا عن وقوف الحوثيين وراء عمليات التجنيد وزج عناصرها في هذه الحرب، أثار تساؤلا ملحا عن طبيعة العلاقة بين المليشيا اليمنية وروسيا. 

ولطالما اتهمت الولايات المتحدة، روسيا بالسعي إلى توفير أسلحة للحوثيين الذين يستهدفون منذ أكثر من عام السفن الإسرائيلية وتلك المتوجهة إلى إسرائيل، وذلك دعما لقطاع غزة الذي يتعرض إلى عدون إسرائيلي منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

وضمن تحالف أطلق عليه اسم "حارس الازدهار" في يناير/كانون الثاني 2024، تُوجّه الولايات المتحدة مع بريطانيا وأكثر من 20 دولة متحالفة معهما، مئات الضربات الجوية ضد الحوثيين، لإيقاف استهداف السفن في البحر الأحمر.

"سمسرة حوثية"

في تقرير مطول كشفت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، في 25 نوفمبر/تشرين الثاني، معلومات عن تجنيد روسيا لمئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا بعد إغرائهم بالحصول على وظائف عالية الأجور، بل وحتى الحصول على الجنسية الروسية.

وبحسب الصحيفة، فإن من يقف وراء عمليات التجنيد هذه سياسي حوثي بارز، عبر شركة مرتبطة بالحوثيين خدعتهم بالتوظيف في روسيا.

إذ تبين بعد وصولهم هناك، أنه جرى تجنيدهم قسرا في الجيش الروسي وإرسالهم إلى الخطوط الأمامية في أوكرانيا.

وراجعت الصحيفة بعض عقود توظيف اليمنيين، ووجدت أنها تعود إلى شركة أسسها السياسي الحوثي البارز عبد الولي عبده حسن الجابري، وأنها مسجلة في صلالة بسلطنة عمان على أنها شركة سياحية ومورد تجزئة للمعدات الطبية والأدوية.

والجابري عضو في البرلمان اليمني، ولواء في فصيل الجيش المتحالف مع المجلس السياسي الأعلى للحوثيين، وكان واحدا من 174 قائدا حوثيا حكمت عليهم محكمة عسكرية تمثل الحكومة الشرعية اليمنية المعترف بها دوليا، بالإعدام غيابيا.

وفي 27 نوفمبر، قالت الباحثة لو أوزبورن من منظّمة "إنباكت" الاستقصائية السويسرية، إن "العقود المبرمة بين المرتزقة الحوثيين والجيش الروسي تمر عبر شركة السياسي الحوثي عبد الولي عبده حسن الجابري الضالع في تجارة الأسلحة مع روسيا".

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن لو أوزبورن، قولها إن "بعض المقاتلين يُجنّدون في العاصمة الأردنية عمّان أثناء عملهم في المطاعم، ولا يتمتّعون بخبرة عسكرية فعلية".

وطبقا لمعلومات الصحيفة البريطانية، بدأت عمليات التجنيد في يوليو/تموز 2024، وكان بعض المسلحين متمرسين على القتال، لكن الغالبية لم يتلقوا تدريبا، مشيرة إلى أنهم خُدِعوا بالسفر إلى روسيا، ووقعوا على عقود تجنيد لا يستطيعون قراءتها.

وذكرت الصحيفة أنها التقت بعدد من اليمنيين الذين تضم مجموعتهم 200 شخص، أكدوا أنهم وعدوا حين طلب منهم السفر إلى أوكرانيا بالحصول على مكافأة قدرها 10 آلاف دولار و2000 دولار شهريا، إضافة إلى الجنسية الروسية في نهاية المطاف.

 

تبادل مصالح

وعن طبيعة العلاقة، قال عضو المكتب السياسي للحوثيين محمد البخيتي، لموقع "ميدوزا" الإخباري الروسي مطلع نوفمبر 2024، إنهم على "اتصال دائم" مع القيادة الروسية "لتطويرها في جميع المجالات، بما في ذلك الاقتصاد والسياسة والجيش".

وبالعودة إلى التجنيد، أكدت الصحيفة البريطانية، أن هذه القضية "تؤكد مدى تقرب روسيا من إيران والجماعات المسلحة المتحالفة معها في الشرق الأوسط، ورغبتها في توسيع الصراع في المنطقة بالتحالف مع الجماعة التي تستهدف الملاحة في البحر الأحمر".

ونقلت عن دبلوماسيين أميركيين (لم تكشف هويتهم) أن "موسكو تقدم مساعدات للحوثيين، من بينها بيانات استهداف تخص بعض عمليات إطلاق الصواريخ، وتناقش معهم بيع أسلحة، بما في ذلك الصواريخ المضادة للسفن المتقدمة".

من جهتها، قالت محللة الشأن الروسي، آنا بورشفسكايا، خلال تصريحات لموقع قناة "الحرة" الأميركية في 25 نوفمبر، إن سبب عمل "المرتزقة" لصالح روسيا وكذلك أوكرانيا هو أن الحكومتين على استعداد لدفع المال.

"وهؤلاء (المرتزقة الحوثيون) لا يهتمون بقضية معينة، وهم فقط يبحثون عن المال"، وفق بورشفسكايا.

وفي أكتوبر 2024، ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية أن "روسيا قدمت للحوثيين في اليمن معلومات استخباراتية دقيقة وقيّمة ساعدتهم في مهاجمة السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عمان".

وبينت أن روسيا تنضم بهذا الفعل، بشكل مباشر وفعال للقتال إلى جانب جبهة "المقاومة" المدعومة من إيران في الشرق الأوسط.

ولفتت إلى أن المعلومات الاستخباراتية التي قدمتها روسيا للحوثيين تستند إلى أقمار صناعية روسية، لدعم الهجمات الصاروخية وهجمات الطائرات المسيرة على السفن في البحر القريب من اليمن. 

وبدوره، أوضح موقع "القناة 12" العبرية، أن هذه المعلومات نُقلت من روسيا إلى اليمن عبر أفراد من الحرس الثوري الإيراني الذين يعملون على الأرض اليمنية كمستشارين عسكريين.

وسلط نهاية نفس الشهر، الضوء على رغبة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومصلحته في زيادة حدة التوترات في الشرق الأوسط، إذ يهدف إلى مواصلة تحويل انتباه وموارد الولايات المتحدة بعيدا عن الحرب في أوكرانيا. 

وفي هذا السياق، أشار إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يُبلغ فيها عن إمكانية توسيع التعاون العسكري بين بوتين والحوثيين، مؤكدا أن "إيران تتوسط بين موسكو وصنعاء في صفقة محتملة لنقل صواريخ متقدمة مضادة للسفن من نوع (ياخونت)". 

كما ورد أيضا أن "تاجر السلاح الروسي، فيكتور بوت، الذي أُطلق سراحه عام 2024 من السجون الأميركية والملقب بتاجر الموت، يتوسط في صفقات محتملة لبيع الأسلحة من روسيا إلى الحوثيين".

ضغط سعودي

وفي 3 أغسطس/آب 2024، كشفت شبكة "سي إن إن" الأميركية، أن "روسيا كانت تستعد لتسليم صواريخ ومعدات عسكرية للحوثيين في اليمن أواخر شهر يوليو من نفس العام، لكنها تراجعت في اللحظة الأخيرة جراء جهود جرت وراء الكواليس من جانب الولايات المتحدة والسعودية لوقفها".

ونقلت الشبكة عن مصادر لم تكشف هويتها أن "السعوديين، الذين كانوا منخرطين في حرب مع الحوثيين لسنوات قبل أن تساعد الولايات المتحدة في التفاوض على هدنة هشة في 2022، حذروا روسيا من تسليح أحد أكبر خصومهم عند علمهم بالخطط".

وقال مصدران للشبكة إن "الولايات المتحدة، التي شاركت في العديد من الجهود الدبلوماسية لمنع الروس من تسليح المتمردين المدعومين من إيران، طلبت بشكل منفصل من السعوديين المساعدة في إقناع موسكو بعدم إرسال الشحنة".

ورفض مسؤول أميركي وصفته الشبكة بـ"الكبير" مناقشة تفاصيل خطط روسيا لتسليح الحوثي.

لكنه أكد أن بلاده تعد أي محاولة من طرف ثالث لتعزيز إمدادات الأسلحة للحوثيين "متناقضة مع الأهداف التي نسعى إلى تحقيقها" بشأن تسوية سلمية دائمة في اليمن بين المليشيا والسعودية.

وبحسب المصادر الغربية، لا يزال من غير الواضح لمجتمع الاستخبارات الأميركي ما إذا كان رد الفعل السعودي هو الدافع لتخلي روسيا عن خطتها لتسليح الحوثيين، أو ما إذا كان مجرد أحد العوامل العديدة التي دفعت بوتين إلى تغيير رأيه.

وأشارت الشبكة إلى أن "الروس نظروا إلى تسليح الحوثيين وتقديم المشورة لهم كوسيلة للانتقام من إدارة (الرئيس الأميركي) جو بايدن لقرارها بالسماح لأوكرانيا بضرب عمق الأراضي الروسية باستخدام الأسلحة التي قدمتها الولايات المتحدة".

وبينما جرى التراجع عن نقل الأسلحة، نشرت روسيا أفرادا عسكريين في اليمن للمساعدة في تقديم المشورة للحوثيين على مدى 3 أيام في أواخر يوليو 2024، حسبما ذكرت الشبكة الأميركية.

ونقلت عن المصدرين أن "المسؤولين الأميركيين شاهدوا سفنا روسية كبيرة تتوقف بشكل غير عادي في جنوب البحر الأحمر، حيث نزل الأفراد الروس، وجرى التقاطهم من الحوثيين في قارب، ونقلهم إلى اليمن".

وأكدوا أن "الروس كانوا يحملون حقائب معهم، لكن لا شيء يبدو كبيرا بما يكفي لحمل أسلحة أو مكوناتها".

وقال مسؤول أميركي إن "المعلومات الاستخباراتية أشارت إلى أن الحوثيين كانوا يعتزمون إجراء تدريبات بالذخيرة الحية أثناء استضافة الروس، لكن يبدو أن هذه الخطط ألغيت أيضا".

على الصعيد ذاته، كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" في 20 يوليو، أن وكالات المخابرات الأميركية تحذر من احتمال تسليح موسكو للحوثيين في اليمن بصواريخ متقدمة مضادة للسفن، ردا على دعم إدارة بايدن للضربات الأوكرانية داخل روسيا بأسلحة أميركية.

وتأتي هذه المعلومات بالتزامن مع رسالة سرية أخبر فيها قائد القيادة المركزية الأميركية بالشرق الأوسط الجنرال مايكل إريك كوريلا، وزير الدفاع لويد أوستن، بأن العمليات العسكرية في المنطقة "تفشل" في ردع هجمات الحوثيين على السفن، وأن هناك حاجة إلى نهج أوسع، وفقا للصحيفة.

وأشارت إلى أن البيت الأبيض أطلق حملة سرية لمحاولة منع موسكو من تسليم الصواريخ للحوثيين الذين يهاجمون السفن في البحر الأحمر، في تسليط جديد للضوء على تهديد الجماعة بعد هجوم بطائرة مسيرة على تل أبيب، انطلقت من الأراضي اليمنية في 19 يوليو.