تغيير اسمها وهيكلها.. هكذا تطورت قوات "فاغنر" بعد مقتل بريغوجين
يدور الحديث دوليا حول التطور الذي شهدته مجموعة "فاغنر" الروسية، بعد مقتل قائدها يفغيني بريغوجين في حادث تحطم طائرة شمال موسكو، في 23 أغسطس/آب 2023.
وما تزال قوات مرتزقة "فاغنر" فاعلة في الحرب مع أوكرانيا، حيث أكد المتحدث باسم "مجموعة القوات الشرقية الأوكرانية"، إيليا يفلاش، في 27 سبتمبر/أيلول 2023، وجود مرتزقة "فاغنر" في ساحة الحرب.
وأشار إلى أن 8 آلاف مسلح من "فاغنر" نُشروا في بيلاروسيا، هذا علاوة على نشر بعض هؤلاء المرتزقة في إفريقيا، وتوقيع حوالي 500 مقاتل عقودا مع وزارة الدفاع الروسية، للمشاركة في الحرب ضد أوكرانيا.
وأوضح يفلاش أن فلول فاغنر التي أُرسلت إلى أوكرانيا، رغم بقائها القوة الأكثر تدريبا والأفضل استعدادا داخل الجيش الروسي، إلا أنها "لا تغير قواعد اللعبة ولا تشكل أي تهديد خطير على مجموعة القوات الشرقية الأوكرانية".
مهام الظل
وفي غضون ذلك، نقلت مؤسسة "جيمس تاون" الأميركية عن مصادر روسية أن "عناصر من فاغنر يعملون قرب مدينة باخموت ويقتربون من خاركيف وزابوريجيان".
وقالت المصادر إنه بمجرد أن يشن الروس هجوما واسع النطاق لضمان "فشل الهجوم المضاد الأوكراني"، فإن خبرة وتجربة المرتزقة "لن تقدر بثمن".
وأشارت المؤسسة إلى أنه خلال قمة "فالداي" التي عُقدت أوائل أكتوبر/تشرين الأول 2023، نوه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ضمنيا إلى احتمال استخدام موسكو لمقاتلي فاغنر في العمليات المقبلة.
وذكر بوتين أن "آلاف المقاتلين من فاغنر وقعوا عقودا مع القوات المسلحة الروسية".
وتؤكد هذه التطورات أن مجموعة فاغنر "لن تختفي، وستستمر الدولة الروسية في استخدامها في مهام الظل خارج البلاد"، وفق مؤسسة "جيمس تاون".
وأضافت المؤسسة أن "المؤشر الذي ربما يكون الأكثر أهمية على أن هناك تغييرات منتظرة داخل فاغنر، كان في 28 سبتمبر/أيلول 2023، عندما التقى بوتين شخصيا مع أندريه تروشيف، الذي يُقال إنه أحد مؤسسي فاغنر، ويونس بك يفكوروف، نائب وزير الدفاع الروسي".
ولفتت إلى أنه "لا يُعرف سوى القليل عن تروشيف، الذي كان دائما، وفقا لمصادر روسية، مسؤولا عن الجانب العسكري لمجموعة فاغنر".
وأفادت "جيمس تاون" بأنه "عقيد (متقاعد) من وحدة الرد السريع الخاصة، ويقال إنه شارك في الحروب في أفغانستان والشيشان وسوريا، وحصل على وسام (بطل الاتحاد الروسي) بعد الاستيلاء على مدينة تدمر السورية عام 2016".
هذا فضلا عن حصوله على وسام الشجاعة، وثلاثة أوسمة من النجمة الحمراء، ووسام الاستحقاق الوطني.
وأفادت المؤسسة الأميركية أنه يشارك "حتى الآن بشكل وثيق في تنظيم التعاون بين شركتي (Redut Private Military) و(Volunteer Corp)، والقوات المسلحة الروسية في أوكرانيا".
وفي سانت بطرسبرغ كان مسؤولا عن "رابطة حماية مصالح المحاربين القدامى في الحروب المحلية والصراعات العسكرية" وهي منظمة شبه عسكرية من العسكريين القدامى.
وأشارت "جيمس تاون" إلى أنه "استنادا إلى المهام التي اضطلع بها، ومعرفته بجميع قادة فاغنر، وخلفيته العسكرية القوية، من المرجح أن يتلخص دور تروشيف داخل المجموعة في تسهيل العلاقات والتعاون بين المرتزقة ووزارة الدفاع".
قادة جدد
أما نائب وزير الدفاع منذ 2019، يونس بك يفكوروف، فهو معروف لدى الجمهور أكثر من تروشيف، حسب "جيمس تاون".
وعلى الأرجح، فإنه سيُعيَّن مسؤولا عن "العلاقات الخارجية" لفاغنر، مع شركاء وعملاء روسيا الخارجيين، في إعادة الهيكلة الجارية للمجموعة المسلحة.
وقالت المؤسسة: "من الممكن أن يدعم هذا التوقع جولة يفكوروف أخيرا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأجزاء من منطقة جنوب الصحراء الكبرى، بما في ذلك بوركينا فاسو ومالي وجمهورية إفريقيا الوسطى".
فخلال جولته، أكد يفكوروف على اهتمام روسيا الإستراتيجي بالتعاون مع هذه الدول في مجالات، من بينها الصناعات العسكرية التقنية والاقتصادية والذرية.
وأوضحت المؤسسة الأميركية أنه "خلال الاجتماع الذي عُقد في 28 سبتمبر/أيلول 2023، كشف بوتين عن بعض المعلومات المهمة".
وذكر بوتين أنه "خلال اجتماعنا الأخير (عقد نهاية يونيو/حزيران 2023، عقب محاولة الانقلاب الفاشلة التي قام بها بريغوجين)، تحدثنا عن التزام تروشيف بإنشاء تشكيلات تطوعية يمكنها القيام بمهام قتالية مختلفة، على رأسها المنطقة التي نجري فيها العملية العسكرية الخاصة (أوكرانيا)".
ووفقا لمصادر روسية، فخلال اجتماع يونيو، عرض بوتين على قادة فاغنر الفرصة لمواصلة خدمتهم تحت قيادة تروشيف، الذي، كما يقول بوتين، "كان قائدهم الحقيقي طوال الوقت".
ورغم أن السلطات الروسية لم تؤكد هذه المعلومات رسميا، إلا أن تروشيف كان سيضطلع بمهمة تنسيق التواصل بين المجموعة ووزارة الدفاع، حسب المؤسسة الأميركية.
ونقلت أن هناك مزاعم بأن بريغوجين تحدث بشكل صارم ضد هذا الترتيب، غير أنه لقي مصرعه لاحقا كما ورد في ظروف غامضة.
تبعية للدفاع
ووفقا للخبير العسكري الروسي المتشدد، العقيد (المتقاعد) فيكتور ليتوفكين، فإن مجموعة فاغنر يُعاد هيكلتها حاليا.
وأشار إلى أنه "من المرجح أن تفقد الحروف (PMC) من اسمها الرسمي (PMC Wagner)، ، وسيكون هيكلها تابعا مباشرة لوزارة الدفاع.
وكما زعم ليتوفكين، استنادا إلى العديد من قنوات تليغرام (التطبيق الذي غالبا ما تستخدمه فاغنر)، فإنه يمكن تقسيم المجموعة إلى ثلاثة أجزاء، يرأس كل منها قائد منفصل، ولكن "من المرجح الحفاظ على الطابع الجماعي لها في صنع القرار".
ونوهت مؤسسة "جيمس تاون" إلى أنه "غالبا ما سيُكلّف تروشيف بالعمليات في أوكرانيا، ويمكن نشر أنطون إليزاروف المعروف باسم لوتوس، وبافيل بريغوجين (ابن يفغيني) في إفريقيا، أو الشرق الأوسط وشمال إفريقيا".
وأشارت إلى أنه "في حين أن هذه التوقعات مبدئية، ولم تتأكد بعد من خلال حقائق ملموسة، إلا أن هناك ثلاثة اتجاهات واضحة حتى الآن مرتبطة بفاغنر".
أولا، أصبحت المجموعة بالفعل جزءا فعليا من وزارة الدفاع، والتي ستواصل أداء المهام "الحساسة" للدولة الروسية، وتتمتع بالدعم والحماية من الكرملين.
ثانيا، خضعت المجموعة لعملية إعادة هيكلة وتحول داخلي كبير، فبدلا من قيادتها غير العسكرية السابقة، ستتألف قيادتها الرسمية الجديدة من عسكريين نظاميين سابقين تابعين لوزارة الدفاع ويتمتعون بخلفية وخبرة عسكرية كبيرة.
ثالثا، من المستبعد أن تتقلص المنطقة الجغرافية العملياتية لمجموعة فاغنر، وستظل القارة الإفريقية غالبا محور تركيزها الأساسي.