بعد 29 عاما على الإبادة في رواندا.. كيف انتقل صراع التوتسي والهوتو إلى الكونغو؟

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

حذرت صحيفة إيطالية من انفجار الصراع الإفريقي الأشهر بين عرقيتي التوتسي والهوتو مجددا لكن هذه المرة ليس في رواندا التي شهدت مذبحة سقط فيها نحو مليون قتيل، بل في الكونغو المجاورة.

وبعد 29 عاما على المذبحة التي جرت بحق التوتسي في 1994، توضح صحيفة "لانووفا بوصولا كوتيديانا"، أن الآلاف من الهوتو  يتسلحون في شرق الكونغو بعد أن لجأوا إليها هربا من الانتقام منهم مع صعود التوتسي إلى حكم رواندا.

إبادة جماعية

ووقعت الإبادة الجماعية للتوتسي في 7 أبريل/ نيسان 1994، حيث قتل جيش حكومة الهوتو والمليشيات التابعة له، حوالي 940 ألف شخص في 100 يوم فقط، بحسب الأرقام الرسمية فيما تتحدث مصادر أخرى عن تخطي عدد الضحايا عتبة المليون. 

وذكرت الصحيفة  الإيطالية أن ذلك حدث بدعم من جزء كبير من سكان الهوتو الذين حرضوا ضد التوتسي من خلال الدعاية العنصرية التي استمرت لأشهر. 

وقد أدى العداء بين أغلبية الهوتو الحاكمة، وأقلية التوتسي إلى اشتباكات وصراعات وتوترات متكررة كما يحدث في جميع أنحاء إفريقيا التي يتسم تاريخها بارتفاع منسوب العنصرية القبلية، على حد قول الصحيفة الإيطالية. 

ومنذ تلك الفترة فصاعدًا، تشير الصحيفة، جرت ملاحقات للمنتمين إلى أقلية التوتسي لإبادتهم، كما قُتل العديد من الهوتو معهم أيضًا وذلك بسبب إنتمائهم إلى عشائر تعارض السلطة الحاكمة. 

وذكرت أن مخطط الإبادة الجماعية جرى التحضير له منذ فترة بشراء مئات الآلاف من المناجل في السنوات السابقة والرماح والهراوات والفؤوس ليتم استخدامها في قتل معظم الضحايا.

وتابعت أن التوتسي المتواجدين في الشتات كانوا من وضع حدا لهذه المجازر حيث شكلوا الجبهة الوطنية الرواندية وتلقوا تدريبات عسكرية في أوغندا، حيث فروا قبل سنوات من وقوع الإبادة. 

ودخلوا بقيادة الرئيس الحالي بول كاغامي البلاد وساروا إلى العاصمة كيغالي قبل أن يستولوا في أوائل يوليو على السلطة. 

على إثر ذلك التمس أكثر من مليوني مواطن من الهوتو اللجوء خشية انتقام التوتسي وتدفقوا بشكل كبير عبر الحدود إلى شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية التي كانت لا تزال تسمى زائير في ذلك الوقت.

 أقامت الأمم المتحدة في المنطقة أكبر مخيم للاجئين في العالم  بالقرب من غوما عاصمة مقاطعة شمال كيفو.

تلت ذلك سنوات صعبة تم خلالها ملاحقة الآلاف من مرتكبي المذابح والجناة والمحرضين عليها وسجنهم ومحاكمتهم.

وتضيف الصحيفة الإيطالية أنه تم تسليم بعضهم إلى محكمة خاصة أنشأتها الأمم المتحدة، وحوكم معظمهم أمام المحاكم الرواندية.

 ومنذ عام 2001، جرت إحالتهم إلى المحاكم الشعبية المعروفة باسم "الغاكاكا"  الشبيهة بالمجالس القروية. 

وإلى يومنا هذا، تواصل الحكومة الرواندية البحث وملاحقة المجرمين في جميع أنحاء العالم، تشير الصحيفة الإيطالية.

وقالت إنه لا يوجد رواندي لا يملك ضحية أو جانيا بين أفراد الأسرة مضيفة بأنه بالإضافة إلى القتلى، أصيب عشرات الآلاف من الأشخاص وما زالوا يحملون ذكرى الإبادة الجماعية المحفورة على أجسادهم. 

كما تشير التقديرات إلى تعرض ما بين 250 ألفا إلى نصف مليون امرأة للاغتصاب. 

على الرغم من ذلك، أشارت لانووفا بوصولا كوتيديانا إلى أن البلاد استعادت الحياة الطبيعية تدريجياً وإن كان ذلك بصعوبة كبيرة، وهي اليوم من بين أكثر الدول استقرارًا في القارة.

وتشرح بأنها تفتخر بنمو اقتصادي ثابت ومستدام، وزيادات في الناتج المحلي الإجمالي تتجاوز في المتوسط ​​5  بالمئة سنويًا. 

ولفتت إلى أن رواندا تعد أكثر دولة حققت نموا منذ أن بدأت الأمم المتحدة في نشر مؤشر التنمية البشرية قبل 33 عامًا.

كما أنها ثالث الدولة الأقل فسادا في القارة، وفقًا لمؤشر مدركات الفساد.

ذكرت الصحيفة أن الحكومة الرواندية تقيم احتفالات رسمية كل عام في العاصمة وفي بقية البلاد لإحياء ذكرى الإبادة الجماعية.

 وفي عام 2004، أعلنت الأمم المتحدة، بالتزامن مع الذكرى العاشرة للإبادة، يوم 7 أبريل يومًا دوليًا للتفكّر في الإبادة الجماعية ضد التوتسي في رواندا.

الاستقرار والاستبداد

بحسب الصحيفة الإيطالية، كان لتحقيق الاستقرار في البلاد ثمن وتشرح أن بول كاغامي يحكم  البلاد منذ عام 1994 رغم انتخابه في عام 2000 ويفعل ذلك بأدوات نظام استبدادي.

وأشارت إلى أن الكثيرين يعدونه ديكتاتورا مختلفا عن الأفارقة الآخرين أي " خيّرا" وذلك لحرصه على المساواة بين الجميع، بينما لا يؤيد خصومه المضطهدون هذا الرأي.

وأوضحت أنه يحسب له إلى جانب فترة الاستقرار الطويلة التي تعيشها البلاد، الالتزام بعملية نزع القبلية خدمة لمستقبل الأجيال القادمة.

علقت الصحيفة الإيطالية بأن هذا التزام ضروري للغاية خاصة وأن المواجهة بين الهوتو والتوتسي انتقلت من رواندا إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية.

وقالت إن الآلاف من  الجنود الحكوميين من الهوتو الذين لم يتخلوا عن مشروعهم للإبادة الجماعية كانوا ضمن مليوني رواندي فروا إلى شرق الكونغو في عام 1994. 

وقبل أن يشكلوا في عام 2000 مجموعة مسلحة تسمى "القوات الديمقراطية لتحرير رواندا" النشطة إلى اليوم ويبلغ قوامها عدة آلاف. 

على الطرف المقابل، ينتمي مقاتلو "حركة 23 مارس" الذين حملوا السلاح منذ يونيو/ حزيران 2022 أيضًا إلى أقلية التوتسي، وينشطون أيضًا في المناطق الشرقية من الكونغو المتاخمة لرواندا.

وتحظى الحركة المتمردة بدعم الحكومة الرواندية التي سلمتها أسلحة و أرسلت إليها كذلك عسكريين عبر الحدود على الرغم من نفيها ذلك.

 على الطرف المقابل، أرسلت كينيا وأنغولا وجنوب السودان ودول أفريقية أخرى قوات لدعم القوات الكونغولية.

تذكر الصحيفة أن محاولات أنغولا وكينيا للتوسط في وقف التوترات كانت دون جدوى إلى الآن. 

من جهتها، تدين رواندا الإبادة الجديدة للتوتسي الموجودين على الأراضي الكونغولية، فيما تقول الصحيفة الايطالية إن حركة 23 مارس، هي التي تهاجم القرى وتسرق الماشية والممتلكات وتقتل المدنيين العزل. 

في الختام، حذرت الصحيفة من اندلاع "حرب إفريقيا العظيمة" جديدة تدور مجددا على الأراضي الكونغولية على غرار الحربين السابقتين، حرب الكونغو الأولى 1996-1997 وحرب الكونغو الثانية 1998-2003 وتكون رواندا أحد الأطراف الرئيسة فيها.