"المستقبل لن يكون سهلا للمسلمين".. هل يغير مودي النظام السياسي في الهند؟

منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

دون تأخيرات، أطلق رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، وحزبه الحاكم "بهاراتيا جاناتا" حملة لإعادة انتخابه لولاية ثالثة مدتها خمس سنوات.

ومن المقرر أن يصوت الناخبون في البلاد -الذين يبلغ عددهم أكثر من 600 مليون شخص- في الانتخابات العامة المقبلة، خلال أبريل/نيسان ومايو/أيار 2024.

حقبة جديدة

ويرى الأستاذ الفخري في جامعة أستراليا الوطنية، روبن جيفري، أن حزب بهاراتيا جاناتا مستعد لعام 2024، الذي سيكون "مؤثرا" في السياسة الهندية، مع احتمالية أن يكون بداية حقبة سياسية جديدة في البلاد.

وفي مقال له، نشره "منتدى شرق آسيا"، توقع جيفري أن "الحزب الحاكم في الهند سينجح في الانتخابات الوطنية القادمة، بعد الانتصارات الساحقة الأخيرة في انتخابات الولايات".

وأضاف أن "زيادة نمو الناتج المحلي الإجمالي والتطورات المهمة في البنية التحتية واستكشافات الفضاء، جذبت الاهتمام الدولي للهند عام 2023".

وأفاد جيفري بأنه "على الصعيد المحلي، قد تؤدي الرغبة في إجراء تعديلات ثقافية، مثل تغيير الاسم الرسمي للهند إلى (بهارات)، إلى تحويل الهند إلى دولة دينية، تقودها النسخة الهندوسية التي يمثلها حزب بهاراتيا جاناتا".

وأوضح أنه "مع انتهاء عام 2023، كان لدى مودي وحزبه الكثير مما يشعرون بالسعادة تجاهه"، مشيرا إلى أنه "تم التحضير للانتخابات الوطنية بعناية".

وذكر أن "حزب بهاراتيا جاناتا تلقى دفعة من الثقة أوائل ديسمبر/كانون الأول 2023، بعد فوزه في ثلاث ولايات شمالية ناطقة بالهندية"، مؤكدا أن حجم الفوز "كان مفاجئا".

يأتي ذلك رغم أن حزب "المؤتمر الوطني الهندي" كان يتولى السلطة في ولايتي "راجستان" و"تشهاتيسجاره"، وكان يُعتقد أن لديه فرصة للفوز بهما مجددا.

وفي "ماديا براديش"، الولاية المعروفة بتنوعها وسط الهند، حكم حزب المؤتمر لفترة قصيرة عام 2018، قبل أن ينشق عدد من أعضائه وينضم إلى "بهاراتيا جاناتا".

وفي مجمل الانتخابات المحلية، عاد حزب بهاراتيا جاناتا بنسبة 49 بالمئة من الأصوات و70 بالمئة من المقاعد.

ورغم تأكيد جيفري أن "النجاح على مستوى الولايات لا يترجم بالضرورة إلى انتصارات على مستوى الدولة ككل"، إلا أنه يرى أن "العنصر المشترك في الحملات الانتخابية للحزب على مستوى الولايات سيلوح في الأفق بشكل أكبر في الانتخابات العامة".

وتابع: "هذا العنصر هو مودي، الذي قام بحملة انتخابية شاقة لمدة ستة أسابيع، حيث ذهب إلى البلدات الصغيرة في جميع الولايات الثلاث لإبهار الناخبين، وتنشيط أعضاء حزبه".

ووفق تقدير جيفري، فإنه "بغض النظر عن انتخابات الولايات، فإن المسرح مهيأ بالفعل لعام 2024".

مرحلة كبيرة
 

وعلى الصعيد المحلي، اقتربت نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي في الهند عام 2023 من 8 بالمئة، ووُضعت بنية تحتية ضخمة من طرق سريعة ومطارات.

علاوة على ذلك، قالت الحكومة الهندية إنها ملتزمة باستثمارات تزيد عن 40 مليار دولار في مذكرات التفاهم لعام 2024.

ووصل إنتاج الحبوب الغذائية إلى أعلى مستوى له على الإطلاق ببلوغه 330 مليون طن.

وعلى الصعيد الدولي، استضافت الهند مجموعة العشرين في نيودلهي خلال سبتمبر/أيلول 2023.

وتزامنا مع القمة، أرسلت الهند مسبارا إلى القمر، لتنضم بذلك إلى الولايات المتحدة وروسيا والصين كدول تجري أنشطة استكشاف على القمر.

وأشار جيفري إلى أنه "عندما اتهمت الحكومة الكندية الهند بالتورط في مقتل المواطن الكندي السيخي، هارديب سينغ نيجار، المرتبط بحركة السيخ الانفصالية، لم يكن لذلك تأثير يذكر على السياسة الهندية".

وتابع: "حتى أن الأمر لقي استحسانا لدى بعض أنصار حزب بهاراتيا جاناتا، الذين رأوا فيه علامة على أن الهند قد دخلت مرحلة كبيرة، بحيث أصبحت إلى جانب الولايات المتحدة وروسيا".


وبعد بضعة أسابيع، أعلنت الولايات المتحدة أنها تلاحق مواطنا هنديا، بسبب مؤامرة لقتل مواطن أميركي من السيخ.

وأوضح الكاتب أن "السلطات الأميركية تحركت بحذر، لأنها غير راغبة في تعطيل الحوار الأمني الرباعي، المعروف أيضا باسم كواد (Quad)".

وهو تحالف يضم الولايات المتحدة واليابان وأستراليا والهند، يهدف إلى العمل كجبهة موحدة ضد "السياسات العدوانية الصينية" في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وفق وصف جيفري.

وأضاف أنه "على ضوء ذلك، يقوم رئيس الوزراء وحزبه بمهمة لا تكل لبناء الزخم للانتخابات الوطنية، التي ستجرى على مدى عدة أسابيع في أبريل ومايو 2024".

تعديل الدستور

ويعتقد جيفري أن "من شأن الأغلبية الساحقة لحزب بهاراتيا جاناتا أن تمكن مودي من تعديل الدستور خلال فترة ولايته الثالثة، التي تستمر خمس سنوات".

وتتطلب التعديلات الدستورية الكبرى في الهند موافقة ثلثي الأعضاء الحاضرين في كل غرفة من غرفتي البرلمان، يليها في بعض الحالات موافقة ما لا يقل عن نصف المجالس التشريعية للولايات البالغ عددها 28 ولاية.

وأفاد أستاذ العلوم السياسية بأن "التغييرات الدستورية التي ناقشها حزب بهاراتيا جاناتا وأسلافه في الماضي تضمنت إعادة تسمية الهند باسمها السنسكريتي (بهارات)".

هذا فضلا عن فرض إجراء انتخابات متزامنة لكل من البرلمان والمجالس التشريعية في الولايات، وتعميم حظر ذبح الأبقار الذي أصبح ساري المفعول بالفعل في بعض الولايات.

وذكر الكاتب أن "مودي منذ صغره كان عضوا في منظمة التطوع الوطنية (RSS)، أو ما تُعرف في الهندية بـ(راشتريا سوايامسيفاك سانج)".

وهي منظمة هندوسية عنصرية لها جذور في بعض الحركات الفاشية في الهند في عشرينيات القرن العشرين.

وتدعو الأهداف الاجتماعية والثقافية لهذه المنظمة إلى إنشاء دولة، يكون فيها حكم مركزي قوي لحزب وزعيم مؤمن بتفوق الهندوس، ويقود ذلك إلى ولادة حضارة هندوسية ذهبية من جديد، وفق جيفري.

ويرى أنه "من غير المرجح أن تحاول حكومة حزب بهاراتيا جاناتا تحويل الهند إلى نظام رئاسي لتحقيق هذه الغاية".

غير أن جيفري أكد أن "الحكومة الهندية ستسعى إلى جعل الولايات معتمدة بشكل كامل على تعليمات الحكومة المركزية".

كما أنه من غير المرجح أن تؤدي ولاية ثالثة لحزب بهاراتيا جاناتا إلى إحداث "تغيير اقتصادي كبير".

وأضاف جيفري أنه "من الصعب تغيير الهياكل الزراعية"، مشيرا إلى أن "المزارعين يفضلون ضمان الحد الأدنى من أسعار الدعم للحبوب الغذائية التي يزرعونها، رغم حاجة البلاد الغذائية للفواكه والخضروات".

وأشار إلى أن "هذا قد يكون أكثر ربحية، لكنه يتطلب سلاسل توريد أكثر فعالية".

وأورد جيفري أن "الفجوة الكبرى التي حددها الاقتصاديون في الهند تتلخص في الافتقار إلى التصنيع -بمعنى تصنيع المنتجات التي يريدها العالم- والوظائف التي تصاحب ذلك".

وأوضح أن "مستوى التعليم في بعض الولايات منخفض، ونسبة كبيرة من الشباب العاطلين عن العمل يفتقرون إلى المهارات الأساسية".

وعلى الجانب الآخر من الاقتصاد، فإن "الشركات الكبرى في الهند راضية بشكل عام؛ لوجود مجموعة متشابكة من التصاريح، وقوانين العمل، والتغيرات الضريبية غير المتوقعة، تعمل على ردع المنافسين الأجانب"، حسب جيفري.

وأكد أن "أبرز البنود على أجندة ولاية حزب بهاراتيا جاناتا الثالثة ستكون ثقافية"، معتقدا أن "الهند ستصبح دولة دينية، مشبعة بنسخة حزب بهاراتيا جاناتا من الهندوسية". 

وختم جيفري بالقول إن "المستقبل لن يكون سهلا بالنسبة للمسلمين والمسيحيين، و(غير القوميين)، ذلك المصطلح الذي يوصف به أولئك الذين يقدرون التعددية".