نقطة عبور.. لماذا تسعى الهند إلى توقيع اتفاقية تجارة حرة مع سلطنة عمان؟

15321 | 6 months ago

12

طباعة

مشاركة

في سعيها لمنافسة الصين وباكستان، توجه الهند أنظارها صوب توقيع اتفاقية تجارية شاملة مع سلطنة عمان.

هذا الاتفاق المزمع وصفه موقع "المونيتور" الأميركي، بأنه قد يكون "رافعة إستراتيجية" لنيودلهي لتوسيع نفوذها في الشرق الأوسط.

وأفاد الموقع بأنه "في الوقت الحالي، يظل الاتفاق معلقا، في انتظار الموافقة الرسمية من الحكومة الهندية المرتقب انتخابها".

ومن المقرر أن يتم الاتفاق بعد 4 يونيو/حزيران 2024، عندما تُعلَن نتائج الانتخابات العامة الهندية، التي تجرى في الفترة من 19 أبريل/نيسان إلى 1 يونيو 2024.

أهمية خاصة

وأكد الموقع الأميركي أنه "لولا الانتخابات الجارية، لكانت نيودلهي تفضل إتمام الصفقة مع مسقط في وقت أقرب، حتى تحتفظ بميزة تنافسية على كل من باكستان والصين، اللتين تتفاوضان على اتفاقيات تجارية مع مجلس التعاون الخليجي".

وبحسب وكالة "رويترز" البريطانية، فقد أكد مسؤولان في الحكومة الهندية الصفقة المرتقبة، وقال أحدهما إنها ستوفر للهند "شريكا إستراتيجيا وإمكانية الوصول إلى طرق التجارة الرئيسة في منطقة مضطربة".

وبدلا من التوصل إلى اتفاق شامل مع مجلس التعاون الخليجي، اختارت الهند بدلا من ذلك التركيز على الاتفاقيات الثنائية -اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة- أولا مع الإمارات عام 2022، وحاليا مع عمان.

وقال "المونيتور" إن "مسقط سعت تاريخيا إلى البقاء لاعبا محايدا في الشرق الأوسط، وموازنة العلاقات مع معظم الدول لتعزيز المزيد من الاستقرار في المنطقة". 

وأضاف: "بالنسبة للهند، فإن الاتفاقية التجارية مع عُمان لها أهمية خاصة؛ لأنها بمثابة نقطة عبور رئيسة لشحنات النفط العالمية وبوابة إلى مضيق هرمز".

وتقع شبه جزيرة مسندم في عمان إلى الجنوب قليلا من الممر المائي الذي يفصل الخليج العربي عن بحر عمان.

وفي معرض شرحه للأهمية الجيوسياسية لاتفاقية التجارة الحرة، قال أستاذ أبحاث السلام والصراع في جامعة أوبسالا بالسويد، أشوك سوين، إن "اتفاقية التجارة الحرة لها أهمية إستراتيجية بالنسبة للهند".

وأرجع سوين ذلك إلى موقع عُمان قرب مضيق هرمز، والعدد الكبير للجالية الهندية الموجودة فيها.

وأضاف أن "اتفاقية التجارة الحرة يُنظر إليها على أنها رافعة إستراتيجية للهند لتوسيع نفوذها في الشرق الأوسط، وتعزيز العلاقات الاقتصادية والمساهمة في تحقيق الأهداف الجيوسياسية".

بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن تساعد الاتفاقية عُمان في تنويع اقتصادها بعيدا عن الاعتماد على صادرات النفط من خلال منح أفضلية الوصول للسلع والخدمات الهندية، بحسب سوين.

حوار إستراتيجي

وفي فبراير/شباط 2024، عقدت عمان والهند حوارهما الإستراتيجي الثنائي التاسع في مسقط، حيث تضمن جدول الأعمال الوضع الأمني في ظل الصراعات التي تشهدها المنطقة.

وشمل ذلك العدوان الإسرائيلي على غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 وتأثيره على الشحن في البحر الأحمر، فضلا عن اتفاق الشراكة الاقتصادية والشراكة الشاملة بين الدولتين.

وتجدر الإشارة إلى أن الطرفين ناقشا أهمية الطرق المائية التي تربط الهند بعمان، وكذلك بدول مجلس التعاون الخليجي والشرق الأوسط بشكل عام.

وقال الموقع إن "مضيق هرمز يقع بين عمان وإيران، ويمكن أن يصبح طريقا بديلا للشحن بعد أن أصبح الشحن في منطقة البحر الأحمر هدفا لهجمات الطائرات المسيّرة والصواريخ منذ اندلاع الحرب في غزة".

وفي هذه الحالة، يمكن نقل البضائع وإمدادات النفط عبر دول الخليج عن طريق البر وإرسالها إلى الهند من عُمان، وفق المونيتور.

ومن المقرر أن يعقد الاجتماع العاشر للحوار الإستراتيجي السنوي بين الهند وعُمان في نيودلهي العام المقبل.

وفي يناير/كانون الثاني 2024، وقّعت مسقط ونيودلهي اتفاقية بشأن مجالات جديدة للتعاون الدفاعي، بما في ذلك شراء المعدات العسكرية.

ووصف الموقع الأميركي عُمان بأنها "واحدة من أقرب شركاء الهند في مجال الدفاع في منطقة الخليج".

ثالث أكبر مستورد

من جانبه، قال الباحث والمحلل في العلاقات العسكرية المقيم في إسلام أباد، نافيد علي شيخ: "تغيرت الأمور بسرعة بعد (العدوان الإسرائيلي على غزة)، وتراجعت حركة المرور في قناة السويس بشكل كبير بسبب هجمات الحوثيين".

وأضاف أن "الطريق الفعال الوحيد حتى اليوم هو مضيق هرمز، وأن الهند تشعر بقلق بالغ إزاء هذا الأمر".

وتابع: "في الواقع، فإن المصدّرين من الشرق والمستوردون من الغرب يصلّون من أجل أن يسود الهدوء".

ووفقا لعلي شيخ فإن "الهند قلقة بشأن صادراتها، ذلك أن الأسواق الرئيسة لها تقع في أوروبا وإفريقيا وأميركا".

وأشار إلى أن "نيودلهي تسعى للبحث عن كل خيار ممكن لاستعادة أهميتها الإستراتيجية لدى دول العبور".

وأردف: "علاقات الهند مع سلطنة عمان ليست جديدة، وقد تقترب منها لتطوير شبه جزيرة مسندم، أمام مضيق هرمز مباشرة، لتصبح لاعبا فاعلا في هذه المنطقة المهمة".

من جانبه، قال المونيتور: "من خلال اتفاق الشراكة الاقتصادية الشاملة، ستعمل نيودلهي على تطوير العلاقات الاقتصادية مع عُمان بنفس الطريقة التي اتبعتها مع الإمارات".

وتعد مسقط ثالث أكبر مستورد للسلع الهندية في دول مجلس التعاون الخليجي، وتبلغ التجارة الثنائية السنوية بينهما حوالي 13 مليار دولار.

ومع ذلك، في الوقت الحالي، لا يزال أكثر من 80 بالمئة من الصادرات الهندية إلى عُمان خاضعة لرسوم استيراد بنسبة 5 بالمئة في المتوسط.

لكن توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة سيؤدي إلى إلغاء حوالي 3 مليارات دولار من الرسوم الجمركية على الصادرات الهندية إلى عُمان.

ويتضمن ذلك المنتجات المتعلقة بالزراعة والجلود والسيارات والأجهزة الطبية والمنسوجات والمنتجات الهندسية والأحجار الكريمة والمجوهرات.

في المقابل، ستخفّض الهند الرسوم الجمركية على الألومنيوم والنحاس والبتروكيماويات القادمة من عمان مع وضع حد أقصى لواردات هذه السلع.