بعد تنفيذ تعليمات الإمارات باحتلال حضرموت جنوب اليمن.. ما التالي للمجلس الانتقالي؟

"أي تصعيد هو في جوهره عمل أميركي إسرائيلي تنفذه قوى وكيلة داخل اليمن"
شن المجلس الانتقالي الجنوبي المسؤول عن تنفيذ مخططات الإمارات في اليمن، عدوانا عسكريا في ديسمبر/ كانون الأول 2025، على محافظة حضرموت الغنية بالموارد والنفط، ليضيفها إلى مناطق أخرى يحتلها تشمل عدن.
وينظر موقع "سوهو" الصيني لهذه الخطوة على أنها "تطور قد يعيد تشكيل خريطة الحرب وتوازنات القوى بين دول الخليج".
حيث يرى أن هذا التحرك "يمثل تحولا كبيرا في موازين السلطة داخل اليمن الذي انقسم خلال سنوات الحرب إلى مناطق نفوذ متعددة رغم بقاء خطوط المواجهة مستقرة نسبيا لفترة طويلة". وتوقع أن "يؤدي هذا التغير إلى تداعيات إقليمية واسعة النطاق".

ضبط النفس
وأوضح الموقع أنه عقب تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي في عام 2017، تحالف المجلس في عام 2022 مع الحكومة المناهضة للحوثيين، المدعومة من السعودية والمعترف بها دوليا، والتي تتخذ من عدن مقرا لها، وعُين حينها رئيس المجلس، عيدروس الزبيدي، نائبا لرئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي.
واستدرك: "لكن التوتر ظل قائما بين الجانبين؛ فالمجلس الانتقالي الجنوبي يتبنى مشروعا ذا طابع انفصالي، بينما تسعى الفصائل المدعومة من السعودية إلى إعادة توحيد اليمن كاملا، بما في ذلك المناطق الشمالية الخاضعة لسيطرة الحوثيين".
في غضون ذلك، "فر رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي وعدد من أعضاء القيادة إلى السعودية قبل دخول قوات المجلس إلى العاصمة التاريخية لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية السابقة (جنوب اليمن)، رغم أن المجلس كان قد أصدر أوامر لهم بالبقاء".
من جهته، التقى مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ، في الرياض ممثلين عن السعودية والإمارات وأعضاء من مجلس الأمن الدولي.
ودعا غروندبرغ إلى خفض التصعيد عبر الحوار، وحثّ جميع الأطراف على التحلي بأقصى درجات ضبط النفس.
وحول تأثير هذه التحركات على علاقة الرياض وأبوظبي، توقع الموقع الصيني أن "تؤدي سيطرة الانتقالي الجنوبي إلى إضعاف النفوذ السعودي داخل اليمن، رغم أنه حتى الآن، لم تظهر بوادر توتر علني بين السعودية والإمارات على خلفية هذه التطورات".
"في الوقت ذاته، يسعى المجلس الانتقالي إلى احتواء المخاطر وطمأنة الجانب السعودي"، يقول الموقع.
ويتابع: "حيث عقد الزبيدي في التاسع من ديسمبر 2025 اجتماعا مع قيادات الانتقالي، أشاد خلاله بـ (الدعم الكبير) الذي قدمته السعودية والإمارات عبر التحالف المناهض للحوثيين. مؤكدًا جهود الدولتين العربيتين في (إرساء الأمن والاستقرار)".
في الوقت ذاته، قال الموقع إن مسؤولا إماراتيا أكد في الثامن من ديسمبر أن "موقف الإمارات من الملف اليمني يتطابق مع موقف السعودية، فكلاهما يدعم المسار السياسي".
وبناءً على ذلك، رجح الموقع أن "تبقى العلاقات بين الإمارات والسعودية مستقرة على الأقل في المدى القريب".
“غير أن تراجع النفوذ السعودي في جنوب اليمن قد يفتح الباب أمام توترات جديدة مستقبلا”. وفق تقديره.

أفضلية دفاعية للحوثيين
على الصعيد العسكري، يرى الموقع الصيني أن "الحوثيين لم يتأثروا بشكل يُذكر بالتطورات الأخيرة، فالحركة تسيطر على شمال اليمن".
وأضاف: "بالنسبة للحوثيين، لا فرق جوهريا بين خصومهم، سواء كانوا قوات مدعومة من السعودية أو الإمارات، أو قبائل ومجموعات مسلحة جنوبية، فجميعهم يُنظر إليهم ضمن سياق الحرب نفسها".
ومع ذلك، لفت إلى أن "أحد أهم أدوات الضغط على الحوثيين كان يتمثل في الغارات الجوية السعودية التي استهدفت بنيتهم التحتية، لا سيما في العاصمة صنعاء".
"إلا أن تراجع النفوذ السعودي في الجنوب قد يدفع الرياض إلى خفض أولوية المواجهة العسكرية مع الحوثيين خلال المرحلة المقبلة". بحسب قوله.
وحول فرص المواجهة بين الحوثيين والمجلس الانتقالي، قال الموقع: "يصعب شن هجمات برية تقليدية على الحوثيين؛ إذ تتمركز قواتهم في مناطق جبلية شاهقة لا تتوفر فيها سوى ممرات ضيقة، ما يمنحهم أفضلية دفاعية كبيرة في حال حاول المجلس الانتقالي الجنوبي التقدم شمالا".
من جانبهم، رأى الحوثيون أن سيطرة المجلس الانتقالي ستؤدي إلى "مزيد من الفوضى والانقسام"، موجهين الاتهام إلى الإمارات والسعودية.
وقال الحوثيون: إن "هؤلاء الصهاينة العرب يحاولون منع رفع علم اليمن، مضيفين أن أي "تصعيد" هو في جوهره عمل أميركي إسرائيلي تنفذه "قوى وكيلة" داخل اليمن.

"احتمال واقعي"
وحول مستقبل جنوب اليمن، ذكر الموقع الصيني أن عيدروس الزبيدي أكد خلال اجتماع له في الثامن من ديسمبر أن المرحلة المقبلة ستكون "مرحلة البناء المكثف لمؤسسات دولة جنوب الجزيرة العربية المستقبلية".
بالتوازي مع ذلك، أفاد الموقع بأن المجلس الانتقالي الجنوبي أعاد العمل بعلم دولة جنوب اليمن السابقة، ورفعه فوق المباني الحكومية والرسمية في مختلف المناطق.
كما أظهرت منشورات رسمية للمجلس على مواقع التواصل الاجتماعي خروج تجمعات شعبية واسعة تطالب بإقامة دولة جنوب اليمن المستقلة.
ومع ذلك، يرى الموقع أن "هذا لا يعني أن استقلال جنوب اليمن بات وشيكا، إذ ما زال المجلس الانتقالي بحاجة إلى تعزيز سيطرته على الأراضي التي يهيمن عليها، بما في ذلك القضاء على ما تبقى من عناصر تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذين ينشطون بشكل رئيس في محافظة حضرموت".
وتابع: "كما يتعين عليه تحسين علاقاته مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان الحصول على اعتراف دولي به كسلطة شرعية".
وبحسبه، "قد يكون هذا أحد الأسباب التي دفعت المجلس الانتقالي إلى مطالبة رشاد العليمي ومسؤولي مجلس القيادة الرئاسي بالبقاء في عدن؛ إذ إن مغادرتهم إلى السعودية قد يضعف صورة المجلس الانتقالي أمام شركائه ويؤثر على شرعيته".
ورغم ذلك، يقدر الموقع أن "امتلاك الجنوب لثروات نفطية كبيرة، إلى جانب الدعم الإماراتي واحتمال توسع الدعم الدولي، يجعل قيام دولة جنوب اليمن المستقلة احتمالا واقعيا على المدى القريب أو المتوسط".

حليف مهم لإسرائيل
فيما يتعلق بإسرائيل، قال الموقع: "لا يُتوقع أن تؤثر هذه التطورات مباشرة على التهديد الذي يشكله الحوثيون لإسرائيل -بما في ذلك إطلاق الصواريخ الباليستية نحو البحر الأحمر أو استهداف السفن- إذ إن مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران لم تشهد أي تغيير جوهري".
في الوقت ذاته، لفت إلى أن "الزبيدي كان قد صرح خلال مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول 2026 بأنه، في حال استقلال جنوب اليمن، سينضم إلى اتفاقيات أبراهام ويقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل".
وقال: إن المجلس الانتقالي كان "يدفع بقوة" نحو الانضمام إلى الاتفاقيات قبل اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس.
مضيفا: "عندما تكون لدينا دولتنا الجنوبية، سنتخذ قراراتنا بشكل مستقل. وأعتقد أننا سننضم إلى هذه الاتفاقيات"، مشيرا إلى أن ذلك قد يرتبط أيضا بقيام دولة فلسطينية مستقلة.
من جانبه، عقّب الموقع قائلا: "بشكل عام، فإن إعلان استقلال جنوب اليمن -إن حدث- قد يمنح إسرائيل حليفا إقليميا مهما، يعزز موقعها الإستراتيجي في خليج عدن، ويحدّ من نفوذ إيران على الحوثيين".
"كما يفتح الباب أمام تعاون أعمق مع شركاء عرب في مجالات الطاقة والموارد الطبيعية، خصوصا النفط والغاز والمعادن"، وفقا له.














