صحيفة فرنسية تحرض ضد الإسلاميين.. لماذا تطالب بمواجهتهم في لندن وباريس؟
يرى أديب فرنسي من أصول جزائرية أن باريس ولندن تضمان أهم المراكز الإسلامية في العالم، وأن فيهما يحدد مستقبل العالم الإسلامي، محذرا من "خطورة ذلك".
وأجرت صحيفة "أتلانتيكو" الفرنسية حوارا مع الأديب بوعلام صنصال الذي يشتهر بمعارضته للحكومة الجزائرية، وكذلك بمواقفه المتطرفة ضد الإسلاميين.
ارتباط أجنبي
وتطرقت "أتلانتيكو" إلى عدم إدانة بعض الشخصيات السياسية الفرنسية ذات الخلفية الإسلامية أو العربية، هجوم حركة المقاومة الإسلامية حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 على مستوطنات غلاف غزة. وتساءلت عما إذا كان هذا الأمر "يعد سوء سلوك سياسي".
وفي إجابته، زعم صنصال أن "ممثلي المجتمعات الإسلامية لا يتصرفون بحرية، فهم جميعا مرتبطون بشكل أو آخر بمنظمات وطنية أو أجنبية، أو دول إسلامية أجنبية".
ولفت إلى أن "صمتهم يعني أنهم لم يحصلوا على تصريح بالتحدث، أو أنه طُلب منهم عدم التدخل بشكل مباشر في هذه القضية".
وأشار إلى التوتر الذي حدث بين عميد المسجد الكبير في باريس وأحد أئمته، حيث أثار شمس الدين حفيظ جدلا في أوساط المسلمين في فرنسا، وذلك لأن المسجد مدعوم ماليا وسياسيا من الجزائر.
وقد وصف حفيظ حركة حماس بـ "الإرهابية"، ورأى أن ما فعلته المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر (عملية طوفان الأقصى) "مجازر مروعة"، وفق زعمه.
ويقر صنصال بصعوبة اتخاذ موقف والتدخل في هذا النقاش العام، نظرا لتفجر الأوضاع وتوترها في الأصعدة كافة.
حتى إن الحكومة الفرنسية، بدءا بالرئيس إيمانويل ماكرون نفسه، تحاول التعبير عن المواقف بطريقة حذرة، وتقول الشيء وعكسه، رغبة في إرضاء الجميع وعدم إثارة الأوضاع، وفق تقديره.
وتساءلت الصحيفة الفرنسية عن هوية الشخصيات السياسية الإسلامية التي وصفها صنصال بأنها "مرتبطة بدول أجنبية"، وعن كيفية عقد مثل هذه الروابط وسببها.
وهنا ادعى أن "جميع أئمة فرنسا تقريبا على اتصال وثيق ودائم مع بلدانهم الأصلية؛ المغرب العربي ومصر وتركيا وغيرها".
وتابع ادعاءاته: "إنهم يتلقون التعليمات والمواقف والأموال، التي تمر عبر قنوات ليست دائما واضحة إلى حد كبير".
"مشهد متكرر"
ولفت إلى أن مسلمي هذه البلدان أنفسهم يحرصون على أن يكون لهم أئمة من بلدانهم بسبب التقارب الثقافي واللغوي، وأيضا لأنهم أكثر كفاءة وأفضل تدريبا من الأئمة الفرنسيين".
كما أنهم متأثرون للغاية بالإسلاميين، ومرتبطون بالتنظيمات الإسلامية الدولية؛ بعضها على صلة بالإخوان المسلمين، وبعضها بالجانب الإيراني، وغير ذلك، وفق قوله.
وأضاف أن "هؤلاء يكونون مرتبطين، في كثير من الأحيان، بأحزاب وجماعات محظورة في بلدانهم الأصلية، لكنهم أعادوا تشكيل أنفسهم في أماكن أخرى تحت أسماء مختلفة".
وضرب المثال بـ "الجبهة الإسلامية للإنقاذ"، التي حُلت في الجزائر، ومن ثم أعيد تشكيلها في جنيف وباريس ولندن تحت اسم "حركة رشاد"، وفقا لمزاعمه. ولفت إلى أن هذا مجرد مثال، وأن المشهد متكرر بكثرة في دول أوروبا.
وأردف: "البلدان الإسلامية التي لديها جالية كبيرة في فرنسا، مثل الجزائر والمغرب، قد أعدت نفسها بشكل تلقائي عبر إنشاء هياكل متعددة للإشراف على جالياتها في الخارج، والإبقاء على اهتمامهم ببلدانهم الأصلية، ومراقبة خصومهم ومعارضيهم في البلدان الأوروبية".
من زاوية أخرى، انتقد صنصال تعيين نجاة فالو بلقاسم ذات الأصول المغربية، عام 2014، وزيرة لحقوق المرأة، ثم وزيرة للتعليم، في فرنسا.
وتساءل مستنكرا: "من كانت تخدم عندما كانت في الوزارة؟ ما الهدف من سياسة التعريب التي انتهجها الحزب الاشتراكي في فرنسا؟ في حين أننا في المغرب، كما في الجزائر، نرفض رسميا كلا من باريس واللغة الفرنسية".
باريس ولندن
ويحرض بوعلام على المسلمين الموجودين في الغرب، حيث قال إن "الإسلام موجود في كل مكان بالعالم، ويهدف لأن يكون عالميا، بحكم تعريفه".
ولفت إلى أن باريس ولندن من أهم المراكز الإسلامية في العالم، وأن فيهما يحدد مستقبل العالم الإسلامي.
ورأى أن "ما يجرى فيهما يضع مستقبل الإسلام على المحك. فإما أن يغرق الإسلاميون فيهما في الإسلاموية والأفكار الجهادية، وإما أن يعلمنوا أنفسهم ويبدأوا في الإصلاح والانفتاح على اليهود والمثليين والاعتراف بالمساواة بين الرجل والمرأة"، وفق وصفه.
وحين سئل عن سبب اعتقاده بأن لندن وباريس هما مستقبل العالم الإسلامي، عزا ذلك إلى أن "المملكة المتحدة وفرنسا هما الدولتان الغربيتان اللتان تضمان أكبر مجتمعات إسلامية".
كما أن الإسلاميين هناك هم الأكثر عددا والأفضل تنظيما، ويملكون وسائل عمل مهمة في هذه الدول، لا يملكونها في أي مكان آخر في الدول العربية، أو موسكو أو بكين أو واشنطن، بحسب تقديره.
وتابع: "إذا استطاع الإسلاميون حشد هذه الموارد جميعا وأحسنوا استغلالها فستكون مكاسبهم كبيرة، وسيتغير ميزان القوى، وربما تحدث حرب أهلية تبعا لذلك".
وأردف: "ولكن إذا تمكنت فرنسا والمملكة المتحدة من إضعاف هذه الحركات والقضاء عليها، فإن ذلك سيمثل رصيدا هائلا في صد الإسلام السياسي في بقية أنحاء العالم".
وأكمل مزاعمه: "في الحالة الأولى، سيعاني الإسلام والمسلمون بشكل كبير، وفي الحالة الثانية، قد ينشأ الإسلام المتحرر من تأثير الإسلاموية، إذا قام بإصلاح وتحديث نفسه، هو إسلام السلام والتسامح الذي يدعو إليه كل الديمقراطيين".
واختتم: "ولهذا السبب أقول لكم إن مستقبل الإسلام والعالم الإسلامي يتم تحديده في باريس ولندن".